اعتقال «داعشي» أميركي خطط للهجوم على الكونغرس

والده يدافع عنه: كان هادئا ومسالما منذ الصغر ومؤخرا اعتنق الإسلام وأطلق لحيته

باتريك كورنيل
باتريك كورنيل
TT

اعتقال «داعشي» أميركي خطط للهجوم على الكونغرس

باتريك كورنيل
باتريك كورنيل

دافع أمس جون كورنيل، موظف صغير في سينسيناتي (ولاية أوهايو) عن ابنه باتريك كورنيل، الذي اعتقل أول من أمس بتهمة التخطيط لمهاجمة الكونغرس باسم منظمة «داعش». وقال الوالد «صار ابني إرهابيا حسب كل شيء تسمعونه في وسائل الإعلام الآن. قالوا إنه نوع من أنواع الإرهابيين. قالوا إنه نوع من أنواع التطرف. لكن، ابني واحد من أكثر الناس حبا للسلام. وأنا متأكد من ذلك. أنا والده».
وشرح الوالد، في مقابلة في تلفزيون محلي في سينسيناتي، أن ابنه اعتنق الإسلام مؤخرا، وأنه ظل هادئا ومسالما منذ أن كان صغيرا. والآن، في العشرين من عمره، يهوى ألعاب الكومبيوتر، ويعيش مع والديه في شقة ليست كبيرة، في ضاحية غرين، على مسافة عشرة أميال من سينسيناتي. ويحب قطته «التي كانت أصدق أصدقائه». ويصفه والداه بأنه «ماما بوي» (أكثر قربا إلى والدته). وقال الوالد إن الابن كان يمشي إلى مدرسة «أوك هيلز» الثانوية القريبة. وكان في فريق المصارعة في المدرسة. ومؤخرا، صار يهتم بالإسلام، وأطلق لحيته، و«أظهر تعاطفا ناضجا مع المسلمين الذين يقتلون في الشرق الأوسط»، كما قال والده. وعندما كانا يتناقشان في هذا الموضوع، كان يقول لوالده «يا أبي، عليك أن تدع الناس يعتقدون ما يعتقدون. عندي معتقداتي، وكل واحد عنده معتقداته».
وفي مقابلة مع صحيفة «سينسيناتي إنكوايرر»، قال الوالد إنه لأول مرة شاهد، قبل شهرين تقريبا، ابنه يصلي، وإن ابنه، منذ ذلك الوقت «وجد السلام في الدين». وقالت الصحيفة إن باتريك كورنيل بدأ يستخدم اسم «رحيل محروس عبيدة» كاسم آخر له، وبدأ يدعو لتأييد تنظيم داعش. وأسس في موقع «تويتر» صفحة «آي إس بلاك فلاغز» (أعلام داعش السوداء)، وذلك تحت اسمه الإسلامي. وكان رمز الصفحة (التي حظرتها الشرطة) هو جندي يرفع علم «داعش».
وكانت وزارة العدل الأميركية أعلنت، أول من أمس، اعتقال وتوجيه اتهامات بالإرهاب إلى كورنيل. ووصفته بأنه من مؤيدي تنظيم داعش، وأنه خطط للهجوم على مبنى الكونغرس. واتهمته بمحاولة قتل رجال أمن تابعين لمكتب التحقيق الفيدرالي (إف بي آي)، وبالحصول على أسلحة بشكل غير شرعي لاستخدامها في ارتكاب جريمة.
وحسب معلومات «إف بي آي»، خطط كورنيل لوضع قنابل في المبنى، وإطلاق النار على أعضاء وموظفين في الكونغرس، وأعلن تأييده، على مواقع التواصل الاجتماعي، لتنظيم داعش. وعندما اعتقل كانت في حوزته «أسلحة نصف أوتوماتيكية، ونحو 600 قطعة ذخيرة، بهدف التوجه إلى واشنطن».
وبسبب تزامن اعتقال كورنيل مع عمليات القتل في فرنسا، ومع وضع إجراءات احتياطية في واشنطن، خاصة حول الكونغرس والبيت الأبيض، تصدر خبر اعتقال كورنيل نشرات الأخبار وصفحات الصحف الرئيسية. وأشاد مايكل ماكول (جمهوري)، رئيس اللجنة الأمنية في مجلس النواب، بجهود «إف بي آي»، وأعلن بداية تحقيقات حول «دوميستك تيروريزم» (الإرهاب في الداخل)، ودراسة طرق مكافحة الحكومة للتهديدات الآتية من الداخل، و«الثغرات في أنظمتنا الدفاعية لإبقاء الإرهابيين بعيدا عن الولايات المتحدة». وقال ماكول، في تصريحات لوكالة الصحافة الفرنسية، إن «هؤلاء الإرهابيين مصممون على مهاجمة بلدنا، ويحاولون إقناع أميركيين بتبني عقيدة التطرف، وبالانضمام إلى رؤيتهم الملتوية للعالم، وبارتكاب أعمال عنف».
وقال مدير المحل الذي اشترى منه كورنيل الأسلحة والذخيرة لصحيفة «واشنطن بوست» إن كورنيل «بدا خجولا، رغم أنه لم يكن هناك أي شيء خارج عن المألوف عنه. دخل بعينيه الداكنتين وبلحيته، وبشعره الطويل، ووقف في هدوء، واشترى اثنين من الأسلحة نصف الأوتوماتيكية، و600 طلقة ذخيرة».
وحسب معلومات «إف بي آي»، في أكتوبر (تشرين الأول)، التقى كورنيل مع مخبر تابع لمكتب «إف بي أي» في سينسيناتي. وتحدث معه عن أنه يريد «التحرك» للانضمام للجماعات المتطرفة في شهر ديسمبر (كانون الأول). لكنه قال إنه لم يكن على استعداد للكشف عن خطته.. ثم فتح كمبيوتره المحمول، وأظهر فيديو فيه تعليمات لبناء قنابل أنبوبية، وللبحث عن أهداف في واشنطن العاصمة.
وحسب معلومات «إف بي آي»، خلال فصل الخريف، بدأ مخبر يعمل مع «إف بي آي» البحث في الإنترنت في قضية جنائية لا علاقة لها بالموضوع. ولاحظ اسم «رحيل محروس عبيدة». ووجد المخبر في الصفحة رسائل عن أنه «ينبغي لنا القتال بموجب أوامر خاصة بنا، والتخطيط لهجمات، ووضع اعتبارات لكل شيء».. وأيضا، «وصلتنا، فعلا، معلومات ممتازة من (الإخوان) هناك، وعن أنور العولقي قبل استشهاده، وغيرها من المعلومات الكثيرة». يشير هذا إلى الأميركي المولد، وقائد تنظيم القاعدة في اليمن، والذي قتل في غارة طائرة «درون» (من دون طيار) أميركية في عام 2011.
وحسب معلومات «إف بي آي» قبل وقت الغداء يوم الأربعاء الماضي، احتشدت شرطة «إف بي آي»، بصورة سرية، وخطط لها مسبقا، داخل وحول محل بيع الأسلحة في سينسيناتي. وعندما وصل كورنيل فحص موظف في المحل خلفيته، حسب القانون، ثم باع له الأسلحة. وبمجرد مغادرته المحل جاء عدد كبير من رجال الشرطة، وتصدوا له في موقف للسيارات، واقتادوه إلى مكتب الشرطة، وسط حراسة مشددة.



ما دلالة تصنيف باراغواي «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً»؟

محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)
محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)
TT

ما دلالة تصنيف باراغواي «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً»؟

محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)
محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)

دفع تصنيف باراغواي «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً» إلى تساؤلات حول تأثير القرار على مستقبل التنظيم وعناصره. يأتي هذا في ظل تصاعد الصراع بين «قيادات (الإخوان) في الخارج» حول قيادة التنظيم. وقال باحثون في الحركات المتطرفة والإرهاب إن «قرار باراغواي أشار إلى ارتباط (الإخوان) بـ(تنظيمات الإرهاب)، وقد يدفع القرار دولاً أخرى إلى أن تتخذ قرارات مماثلة ضد التنظيم».
ووافقت اللجنة الدائمة بكونغرس باراغواي على «اعتبار (الإخوان) (تنظيماً إرهابياً) يهدد الأمن والاستقرار الدوليين، ويشكل انتهاكاً خطيراً لمقاصد ومبادئ الأمم المتحدة». جاء ذلك في مشروع قرار تقدمت به ليليان سامانيغو، رئيسة لجنة الشؤون الخارجية بالكونغرس المكوّن من 45 عضواً. وقال البرلمان في بيان نشره عبر موقعه الإلكتروني (مساء الخميس) إن «تنظيم (الإخوان) الذي تأسس في مصر عام 1928، يقدم المساعدة الآيديولوجية لمن يستخدم (العنف) ويهدد الاستقرار والأمن في كل من الشرق والغرب». وأضاف البيان أن «باراغواي ترفض رفضاً قاطعاً جميع الأعمال والأساليب والممارسات (الإرهابية)».
ووفق تقارير محلية في باراغواي، فإن باراغواي رأت في وقت سابق أن «(حزب الله)، و(القاعدة)، و(داعش) وغيرها، منظمات (إرهابية)، في إطار مشاركتها في الحرب على (الإرهاب)». وقالت التقارير إن «تصنيف (الإخوان) من شأنه أن يحدّ من قدرة هذه الجماعات على التخطيط لهجمات (إرهابية) وزعزعة استقرار الدول». كما تحدثت التقارير عن دول أخرى أقرت خطوات مماثلة ضد «الإخوان» من بينها، روسيا، والمملكة العربية السعودية، ومصر، والإمارات، والبحرين.
وتصنف دول عربية عدة «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً». وعدّت هيئة كبار العلماء في المملكة العربية السعودية التنظيم «جماعة إرهابية منحرفة» لا تمثل منهج الإسلام. وذكرت الهيئة في بيان لها، نوفمبر (تشرين الثاني) عام 2020، أن «(الإخوان) جماعة إرهابية لا تمثل منهج الإسلام وإنما تتبع أهدافها الحزبية المخالفة لهدي ديننا الحنيف، وتتستر بالدين وتمارس ما يخالفه من الفُرقة، وإثارة الفتنة، والعنف، والإرهاب». وحذّرت حينها من «الانتماء إلى (الإخوان) أو التعاطف مع التنظيم».
كذلك أكد مجلس الإمارات للإفتاء الشرعي أن كل مجموعة أو تنظيم يسعى للفتنة أو يمارس العنف أو يحرّض عليه، هو تنظيم إرهابي مهما كان اسمه أو دعوته، معتبراً «(الإخوان) تنظيماً (إرهابياً)».
وتحظر الحكومة المصرية «الإخوان» منذ عام 2014، وقد عدّته «تنظيماً إرهابياً». ويخضع مئات من قادة وأنصار التنظيم حالياً، وعلى رأسهم المرشد العام محمد بديع، لمحاكمات في قضايا يتعلق معظمها بـ«التحريض على العنف»، صدرت في بعضها أحكام بالإعدام، والسجن «المشدد والمؤبد».
وحسب الباحث المصري المتخصص في شؤون الحركات المتطرفة والإرهاب الدولي، منير أديب، فإن «تصنيف باراغواي (الإخوان) يؤكد الاتهامات التي توجَّه إلى التنظيم، بأن تنظيمات العنف خرجت من رحم (الإخوان)، أو أنها نهلت من أفكار التنظيم»، لافتاً إلى أن «قرار باراغواي أشار إلى أن (الإخوان) وفّر الحماية لتنظيمات التطرف التي نشأت في الشرق والغرب». وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن «قرار بعض الدول العربية في وقت سابق حظر (الإخوان) يعود إلى أمرين؛ الأول أن التنظيم مارس العنف، والآخر أن التنظيم وفّر الحماية لجماعات الإرهاب».
وفي وقت سابق أكدت وزارة الأوقاف المصرية «حُرمة الانضمام لـ(الإخوان)»، مشيرةً إلى أن التنظيم يمثل «الخطر الأكبر على الأمن القومي العربي». وفي فبراير (شباط) 2022 قالت دار الإفتاء المصرية إن «جميع الجماعات الإرهابية خرجت من عباءة (الإخوان)». وفي مايو (أيار) الماضي، قام مفتي مصر شوقي علام، بتوزيع تقرير «موثق» باللغة الإنجليزية على أعضاء البرلمان البريطاني يكشف منهج «الإخوان» منذ نشأة التنظيم وارتباطه بـ«التنظيمات الإرهابية». وقدم التقرير كثيراً من الأدلة على علاقة «الإخوان» بـ«داعش» و«القاعدة»، وانضمام عدد كبير من أعضاء «الإخوان» لصفوف «داعش» عقب عزل محمد مرسي عن السلطة في مصر عام 2013، كما لفت إلى أذرع «الإخوان» من الحركات المسلحة مثل «لواء الثورة» و«حسم».
وحول تأثير قرار تصنيف باراغواي «الإخوان» على «قيادات التنظيم في الخارج»، أكد الباحث المصري المتخصص في شؤون الحركات المتطرفة والإرهاب الدولي، أن «قرار باراغواي سوف يؤثر بالقطع على عناصر التنظيم في الخارج، لأن التنظيم يزعم أنه ينتشر في دول كثيرة حول العالم، ومثل هذا القرار يؤثر على عناصر (الإخوان) الموجودة في باراغواي وفي الدول المجاورة لها، كما أن القرار قد يدفع دولاً أخرى إلى اتخاذ قرار مماثل ضد (الإخوان)».
يأتي قرار باراغواي في وقت يتواصل الصراع بين «قيادات الإخوان في الخارج» حول منصب القائم بأعمال مرشد التنظيم. ويرى مراقبون أن «محاولات الصلح بين جبهتي (لندن) و(إسطنبول) لحسم الخلافات لم تنجح لعدم وجود توافق حول ملامح مستقبل التنظيم». والصراع بين جبهتي «لندن» و«إسطنبول» على منصب القائم بأعمال المرشد، سبقته خلافات كثيرة خلال الأشهر الماضية، عقب قيام إبراهيم منير، القائم بأعمال مرشد «الإخوان» السابق، بحلّ المكتب الإداري لشؤون التنظيم في تركيا، وقيامه بتشكيل «هيئة عليا» بديلة عن «مكتب إرشاد الإخوان». وتبع ذلك تشكيل «جبهة لندن»، «مجلس شورى» جديداً، وإعفاء أعضاء «مجلس شورى إسطنبول» الستة، ومحمود حسين (الذي يقود «جبهة إسطنبول»)، من مناصبهم.