رئيسة البرازيل: قلصنا الفقر.. والآن جاء دور التركيز على التعليم

روسيف تعهدت بمكافحة الفساد مع بدء فترتها الثانية

الرئيسة روسيف (يسار) تحيي الحشود أثناء توجهها لأداء القسم وتبدو ابنتها  باولا إلى جانبها داخل السيارة المكشوفة في برازيليا مساء أول من أمس (أ.ف.ب)
الرئيسة روسيف (يسار) تحيي الحشود أثناء توجهها لأداء القسم وتبدو ابنتها باولا إلى جانبها داخل السيارة المكشوفة في برازيليا مساء أول من أمس (أ.ف.ب)
TT

رئيسة البرازيل: قلصنا الفقر.. والآن جاء دور التركيز على التعليم

الرئيسة روسيف (يسار) تحيي الحشود أثناء توجهها لأداء القسم وتبدو ابنتها  باولا إلى جانبها داخل السيارة المكشوفة في برازيليا مساء أول من أمس (أ.ف.ب)
الرئيسة روسيف (يسار) تحيي الحشود أثناء توجهها لأداء القسم وتبدو ابنتها باولا إلى جانبها داخل السيارة المكشوفة في برازيليا مساء أول من أمس (أ.ف.ب)

بدأت الرئيسة البرازيلية ديلما روسيف فترتها الرئاسية الثانية أول من أمس بخطاب تعهدت فيه بمكافحة الفساد، وذلك في أوج فضيحة شركة «بتروبراس» النفطية الوطنية. كما أشارت إلى أن البلاد قطعت شوطا كبيرا في القضاء على الفقر وأن الأولوية المقبلة هي التعليم.
وقالت روسيف أمام البرلمان ورؤساء دول وحكومات 27 بلدا في خطاب استمر 40 دقيقة: «أعرف أكثر من أي شخص آخر أن البرازيل تحتاج إلى استئناف النمو. الخطوات الأولى على هذا الطريق تمر بإصلاح المالية العامة وزيادة التوفير وزيادة النمو وزيادة قدرة الاقتصاد الإنتاجية. سنفعل ذلك من دون أي تضحيات من قبل السكان وخصوصا الأكثر فقرا». وبعيد ذلك، ألقت روسيف خطابا عاما آخر في مقر القصر الرئاسي في برازيليا.
ووصل نحو 32 ألفا من ناشطي حزب العمال اليساري الحاكم، من جميع أنحاء البلاد إلى برازيليا في نحو 800 حافلة للمشاركة في حفل تنصيب الرئيسة والحد من تأثير تظاهرات قد تنظم ضدها، مع انتشار 4 آلاف رجل أمن. وكانت هذه المناضلة السابقة (67 عاما) التي تعرضت للتعذيب في عهد النظام الديكتاتوري والوفية للتقاليد، سارت قبل ذلك في سيارة الـ«رولز رويس» الرئاسية المكشوفة (موديل 1952) في ساحة الوزارات في برازيليا ومعها ناشطون من حزب العمال الذي تتزعمه (يسار) حملوا مظلات تقيهم أشعة الشمس. ولوحت الرئيسة البرازيلية للحشود وإلى جانبها ابنتها باولا، حتى وصولها إلى البرلمان حيث أدت اليمين.
وتعد روسيف أول امرأة تتولى الرئاسة في 2010 في هذا البلد الذي يبلغ عدد سكانه أكثر من مائتي مليون نسمة ويحتل المرتبة السابعة بين اقتصادات العالم والثانية بين الدول المنتجة للمواد الغذائية (بعد الولايات المتحدة). وهو يملك احتياطات هائلة من النفط. وأعيد انتخابها بفارق طفيف عن منافسها الاشتراكي الديمقراطي آيسيو نيفيس المدعوم من اليمين. وقد استفادت خصوصا من البرامج الاجتماعية التي اعتمدها حزب العمال الحاكم منذ 12 عاما وسمح بإخراج 40 مليون برازيلي من الفقر. وقالت روسيف أول من أمس: «لدينا اليوم أول جيل من البرازيليين الذين لم يعرفوا الجوع»، مؤكدة أن الأولوية في ولايتها الرئاسية الثانية ستعطى «للتعليم» من موارد النفط. وأضافت أن «الشعار الجديد لحكومتي سيكون البرازيل وطن للتعليم».
يتعين على روسيف أن تبذل جهودا كبيرة لإنعاش اقتصاد في حالة سيئة ومصداقية شوهتها فضيحة فساد مدوية داخل شركة النفط الوطنية بتروبراس. وخلال ولايتها الرئاسية الأولى كان الشق الاجتماعي يحتل أولوية لكنها أخفقت في إنعاش الاقتصاد. وبعد انتهاء سنة 2014 على نسبة نمو قريبة من الصفر، ستكون 2015 السنة الخامسة لنمو بطيء يقدر بنحو 0.5 في المائة.
لكن روسيف تواجه تحديات أخرى بمعزل عن مشكلة إنعاش الاقتصاد، وخصوصاً إعادة تنظيم الشركة النفطية العملاقة «بتروبراس» التي غرقت في فضيحة فساد طالت سياسيين من حزب العمال وأحزاب متحالفة معه. لكن لم تتم ملاحقة أي منهم حتى الآن. وقالت أمام البرلمان إن «الشعب البرازيلي يريد مزيدا من الشفافية ومزيدا من مكافحة كل الجنح وخصوصا الفساد ويريد العدالة للجميع ولا أخشى مواجهة هذه التحديات».
ووعدت بالتحقيق «بصرامة» في فضيحة «بتروبراس» وتقديم سلسلة أولى من الإجراءات لتعزيز قانون مكافحة الفساد إلى البرلمان في النصف الأول من 2015. إلا أنها قالت: «إن علينا التحقيق والمعاقبة لكن من دون إضعاف بتروبراس أو التقليل من أهميتها للحاضر والمستقبل. لا يمكن أن نسمح بأن تكون بتروبراس هدفا للمضاربات».
وكانت فضيحة الشركة النفطية بدأت بعيد إعادة انتخاب روسيف، وكشفت عملية «الغسل السريع» التي قامت بها الشرطة أن شبكة الفساد قامت بتبييض نحو 4 مليارات دولار خلال 10 سنوات. وتواجه بتروبراس شكاوى من مستثمرين دوليين ويمكن أن تخفض وكالات للتصنيف الائتماني علامتها مما قد يشكل ضربة قاسية لخططها الاستثمارية.
وأطلقت النيابة البرازيلية ملاحقات بتهمة الفساد وغسل الأموال وتشكيل عصابة أشرار ضد 39 شخصاً معظمهم من رجال الأعمال الذين كانوا يضخمون فواتير العقود الخاصة ببتروبراس لرشوة بعض مدرائها.
ومنذ الأربعاء الماضي عينت روسيف الوزراء الـ14 الأخيرين من أصل 39 تتألف منهم الحكومة. وأعلن الفريق الاقتصادي الجديد الذي يقوده جواكيم ليفي الذي يلقى تقديرا كبيرا في الأسواق، عن إصلاحات لزيادة التوفير العام مثل خفض تأمين البطالة وتعليق المساعدات الحكومية لتجنب زيادة أسعار الكهرباء.



ما دلالة تصنيف باراغواي «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً»؟

محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)
محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)
TT

ما دلالة تصنيف باراغواي «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً»؟

محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)
محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)

دفع تصنيف باراغواي «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً» إلى تساؤلات حول تأثير القرار على مستقبل التنظيم وعناصره. يأتي هذا في ظل تصاعد الصراع بين «قيادات (الإخوان) في الخارج» حول قيادة التنظيم. وقال باحثون في الحركات المتطرفة والإرهاب إن «قرار باراغواي أشار إلى ارتباط (الإخوان) بـ(تنظيمات الإرهاب)، وقد يدفع القرار دولاً أخرى إلى أن تتخذ قرارات مماثلة ضد التنظيم».
ووافقت اللجنة الدائمة بكونغرس باراغواي على «اعتبار (الإخوان) (تنظيماً إرهابياً) يهدد الأمن والاستقرار الدوليين، ويشكل انتهاكاً خطيراً لمقاصد ومبادئ الأمم المتحدة». جاء ذلك في مشروع قرار تقدمت به ليليان سامانيغو، رئيسة لجنة الشؤون الخارجية بالكونغرس المكوّن من 45 عضواً. وقال البرلمان في بيان نشره عبر موقعه الإلكتروني (مساء الخميس) إن «تنظيم (الإخوان) الذي تأسس في مصر عام 1928، يقدم المساعدة الآيديولوجية لمن يستخدم (العنف) ويهدد الاستقرار والأمن في كل من الشرق والغرب». وأضاف البيان أن «باراغواي ترفض رفضاً قاطعاً جميع الأعمال والأساليب والممارسات (الإرهابية)».
ووفق تقارير محلية في باراغواي، فإن باراغواي رأت في وقت سابق أن «(حزب الله)، و(القاعدة)، و(داعش) وغيرها، منظمات (إرهابية)، في إطار مشاركتها في الحرب على (الإرهاب)». وقالت التقارير إن «تصنيف (الإخوان) من شأنه أن يحدّ من قدرة هذه الجماعات على التخطيط لهجمات (إرهابية) وزعزعة استقرار الدول». كما تحدثت التقارير عن دول أخرى أقرت خطوات مماثلة ضد «الإخوان» من بينها، روسيا، والمملكة العربية السعودية، ومصر، والإمارات، والبحرين.
وتصنف دول عربية عدة «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً». وعدّت هيئة كبار العلماء في المملكة العربية السعودية التنظيم «جماعة إرهابية منحرفة» لا تمثل منهج الإسلام. وذكرت الهيئة في بيان لها، نوفمبر (تشرين الثاني) عام 2020، أن «(الإخوان) جماعة إرهابية لا تمثل منهج الإسلام وإنما تتبع أهدافها الحزبية المخالفة لهدي ديننا الحنيف، وتتستر بالدين وتمارس ما يخالفه من الفُرقة، وإثارة الفتنة، والعنف، والإرهاب». وحذّرت حينها من «الانتماء إلى (الإخوان) أو التعاطف مع التنظيم».
كذلك أكد مجلس الإمارات للإفتاء الشرعي أن كل مجموعة أو تنظيم يسعى للفتنة أو يمارس العنف أو يحرّض عليه، هو تنظيم إرهابي مهما كان اسمه أو دعوته، معتبراً «(الإخوان) تنظيماً (إرهابياً)».
وتحظر الحكومة المصرية «الإخوان» منذ عام 2014، وقد عدّته «تنظيماً إرهابياً». ويخضع مئات من قادة وأنصار التنظيم حالياً، وعلى رأسهم المرشد العام محمد بديع، لمحاكمات في قضايا يتعلق معظمها بـ«التحريض على العنف»، صدرت في بعضها أحكام بالإعدام، والسجن «المشدد والمؤبد».
وحسب الباحث المصري المتخصص في شؤون الحركات المتطرفة والإرهاب الدولي، منير أديب، فإن «تصنيف باراغواي (الإخوان) يؤكد الاتهامات التي توجَّه إلى التنظيم، بأن تنظيمات العنف خرجت من رحم (الإخوان)، أو أنها نهلت من أفكار التنظيم»، لافتاً إلى أن «قرار باراغواي أشار إلى أن (الإخوان) وفّر الحماية لتنظيمات التطرف التي نشأت في الشرق والغرب». وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن «قرار بعض الدول العربية في وقت سابق حظر (الإخوان) يعود إلى أمرين؛ الأول أن التنظيم مارس العنف، والآخر أن التنظيم وفّر الحماية لجماعات الإرهاب».
وفي وقت سابق أكدت وزارة الأوقاف المصرية «حُرمة الانضمام لـ(الإخوان)»، مشيرةً إلى أن التنظيم يمثل «الخطر الأكبر على الأمن القومي العربي». وفي فبراير (شباط) 2022 قالت دار الإفتاء المصرية إن «جميع الجماعات الإرهابية خرجت من عباءة (الإخوان)». وفي مايو (أيار) الماضي، قام مفتي مصر شوقي علام، بتوزيع تقرير «موثق» باللغة الإنجليزية على أعضاء البرلمان البريطاني يكشف منهج «الإخوان» منذ نشأة التنظيم وارتباطه بـ«التنظيمات الإرهابية». وقدم التقرير كثيراً من الأدلة على علاقة «الإخوان» بـ«داعش» و«القاعدة»، وانضمام عدد كبير من أعضاء «الإخوان» لصفوف «داعش» عقب عزل محمد مرسي عن السلطة في مصر عام 2013، كما لفت إلى أذرع «الإخوان» من الحركات المسلحة مثل «لواء الثورة» و«حسم».
وحول تأثير قرار تصنيف باراغواي «الإخوان» على «قيادات التنظيم في الخارج»، أكد الباحث المصري المتخصص في شؤون الحركات المتطرفة والإرهاب الدولي، أن «قرار باراغواي سوف يؤثر بالقطع على عناصر التنظيم في الخارج، لأن التنظيم يزعم أنه ينتشر في دول كثيرة حول العالم، ومثل هذا القرار يؤثر على عناصر (الإخوان) الموجودة في باراغواي وفي الدول المجاورة لها، كما أن القرار قد يدفع دولاً أخرى إلى اتخاذ قرار مماثل ضد (الإخوان)».
يأتي قرار باراغواي في وقت يتواصل الصراع بين «قيادات الإخوان في الخارج» حول منصب القائم بأعمال مرشد التنظيم. ويرى مراقبون أن «محاولات الصلح بين جبهتي (لندن) و(إسطنبول) لحسم الخلافات لم تنجح لعدم وجود توافق حول ملامح مستقبل التنظيم». والصراع بين جبهتي «لندن» و«إسطنبول» على منصب القائم بأعمال المرشد، سبقته خلافات كثيرة خلال الأشهر الماضية، عقب قيام إبراهيم منير، القائم بأعمال مرشد «الإخوان» السابق، بحلّ المكتب الإداري لشؤون التنظيم في تركيا، وقيامه بتشكيل «هيئة عليا» بديلة عن «مكتب إرشاد الإخوان». وتبع ذلك تشكيل «جبهة لندن»، «مجلس شورى» جديداً، وإعفاء أعضاء «مجلس شورى إسطنبول» الستة، ومحمود حسين (الذي يقود «جبهة إسطنبول»)، من مناصبهم.