بين الخطأ والصواب

بين الخطأ والصواب
TT

بين الخطأ والصواب

بين الخطأ والصواب

* «إنفلونزا المعدة»
من العادات الشائعة إعطاء الطفل الذي يعاني من القيء والإسهال المشروبات الغازية، الزنجبيل، عصير الليمون أو عصير الفاكهة على الفور للمساعدة في «تهدئة آلام البطن». إنه خطأ يقع فيه كثير من الآباء والأمهات ويسيئون بذلك إلى صحة أطفالهم، ويتسببون في زيادة حدة مرضهم، وهو اعتقاد خاطئ بأن المشروبات السكرية سوف تخفف النوبات الناتجة من التهاب المعدة والأمعاء.
إن الصواب هنا أن يُعطى الطفل المريض، تحت سن الخامسة، محلول الجفاف والإرواء، فنصف الأطفال في هذا العمر يتعرضون للقيء والإسهال على مدار العام، ويمكن تجنب بعض الحالات الأكثر خطورة إذا اتبع الوالدان النصائح والتعليمات الطبية.
في الولايات المتحدة، يوجد أكثر من 3.5 مليون طفل يعانون من التهاب المعدة والأمعاء الفيروسي الحاد - المعروف أيضا باسم «إنفلونزا المعدة» viral gastroenteritis ينتج عنه، كل عام، أكثر من 500 ألف زيارة للأطباء، و55 ألف تنويم بالمستشفيات، و30 حالة وفاة. وفي جميع أنحاء العالم، يُعدّ التهاب المعدة والأمعاء المتسبب الرئيسي للوفاة بين الرضع.
«إنفلونزا المعدة» مرض شائع يتسبب عن الإصابة بعدد من الفيروسات المختلفة وتكون أعراضه الرئيسية: القيء والإسهال، ومن أكثر هذه الكائنات شيوعا ما يلي:
* فيروس الروتا Rotavirus. تشير التقديرات إلى أنه يسبب من 30 في المائة إلى 50 في المائة من جميع حالات الإسهال الشديد.
* النوروفيروس Noroviruses. وهي مجموعة من الفيروسات ذات الصلة التي تمثل أكثر من 90 في المائة من تفشي إنفلونزا المعدة في الولايات المتحدة كل عام.
ويمكن لأي شخص أن يُصاب بإنفلونزا المعدة؛ المرض شديد العدوى الذي ينتقل بسهولة بين الأدوات من مكان لآخر، ثم يصل إلى جسم الإنسان عندما تلامس يداه جسما تلوث بهذه الفيروسات ثم يلمس بهما فمه وعينيه أو أنفه. تظهر الأعراض غالبا مباشرة وعلى الفور، وتشمل عادة: الإسهال المائي، القيء والغثيان، الصداع، الحمى، تقلصات البطن (آلام المعدة)، السعال، سيلان الأنف.
ووفقا لتقارير المعهد الوطني الأميركي للصحة والتفوق السريري، وُجد أن استخدام المشروبات السكرية لعلاج القيء والإسهال تصرف مُضرّ، حيث إن تناول المحتوى العالي من السكر يمكن أن يؤدي إلى ندهور الحالة لا تحسنها.
ورغم شدة هذه الأمراض، فإن هذا المرض عادة ما يكون شفاؤه ذاتيا خلال 1 إلى 10 أيام حسب الحالة الصحية للمريض. ومن المهم التأكد من عدم حدوث الجفاف، ومكافحته إذا حصل. ولحسن الحظ، هناك بعض الطرق البسيطة التي تساعد في تخفيف الأعراض التي تنتج عن الإصابة بفيروس المعدة. وللوقاية يجب اتباع الآتي:
* محاولة عدم لمس العينين والفم أو الأنف (وهي الفتحات التي يدخل الفيروس عن طريقها).
* تجنب مشاركة الآخرين الأواني والمناشف وغيرها.
* التأكد من عدم حدوث الجفاف، لأنه يمكن أن يسبب مشاكل خطيرة، حتى الموت.
* غسل اليدين (وأيدي الأطفال) بالصابون والماء بعد العودة من الأماكن العامة، وقبل تناول الطعام.

* منع تشوهات الأسنان
من الأخطاء الشائعة عند معظم الأمهات الاستمرار في إعطاء الطفل المصاصة أو «اللهاية» الخاصة بالمواليد واستخدامها لفترة طويلة، وقد تفشل الواحدة منهن في إيقاف صغيرها عن استخدامها أمام إصراره وبكائه كي ترضخ الأم لتلبية رغبته في استخدام المصاصة. والبعض الآخر من الأمهات يمنحن الطفل المصاصة طواعية كي يرتحن من إزعاج الطفل وبكائه.
إن هؤلاء الأمهات لا يدركن مساوئ استخدام الطفل للمصاصة على المدى الطويل من نموه، وما تتسبب في حدوثه للطفل عندما يكبر، من مشاكل متنوعة في أسنانه مثل تزاحم الأسنان وتشوهاتها والاضطرار إلى خلعها مبكرا، إضافة إلى مضاعفات ذلك على الفكين، مثل ضيق الفك العلوي وبروزه إلى الأمام. وهاتان الحالتان تؤديان إلى مشاكل أخرى ومن نوع آخر تتعلق بتغذية الطفل وإصابته بأعراض سوء التغذية بسبب الخلل الذي يصيب ترتيب الأسنان ويحول دون الانطباق السليم ويؤدي إلى العضة غير المتوازنة.
إن ما قيل عن مضاعفات استخدام المصاصة لفترة طويلة ينطبق تماما على مشكلة مصّ الأصابع بشكل مستمر قد يمتد عند بعض الأطفال حتى سن العاشرة وما بعدها، كما يمتد بنسبة ضئيلة حتى سن المراهقة والشباب. ومن الأطفال من لا يستطيع النوم إلا بممارسة مص الأصابع حتى أثناء النوم، وإلا فسيصبح عصبي المزاج قلقا وعدوانيا. هذا إضافة إلى ما يصيب الأسنان من تشوهات كبيرة تعوق وظائف الفم للأكل والمضغ وحتى التأثير على الكلام الواضح ومخارج الحروف الشفوية والسنية.
والصواب هنا أن تعي الأم أن المصاصة أو اللهاية من أدوات المواليد لا الأطفال الكبار، ويجب أن توقف تدريجيا منذ الصغر قبل أن يتعود الطفل على استخدامها وعدم الاستغناء عنها.
أما عن مصّ الأصابع فهي عادة مزعجة للوالدين وكل من يشاهد الطفل، خاصة إذا تعدى عمره الـ5 سنوات، إنها مشكلة اجتماعية وصحية معا.
إن تشوهات الأسنان تتطلب تدخلا علاجيا يشرف عليه اختصاصي تقويم الأسنان، يكون في غالب الحالات باستخدام وسائل وأجهزة التقويم المناسبة، وفي بعض الحالات يتم بخلع بعض الأسنان أولا خاصة إذا كان الفك صغيرا والأسنان متزاحمة، وبعضها بزغ في غير مكانه.
إن تقويم الأسنان عملية دقيقة تستغرق من سنة إلى 18 شهرا وتحتاج إلى صبر وتعاون كبيرين من والدي الطفل والطبيب المعالج، وسيظل المريض زبونا دائما لطبيب تقويم الأسنان حتى بعد انتهاء مرحلة تقويم الأسنان حيث يستخدم المريض جهازا يسمى retainer يُصنع من سلك أو بلاستيك قوي. إن من أهم أسباب نجاح العلاج وتفادي المضاعفات التي قد تحدث خلاله تعاون المريض وذويه مع الاختصاصي باتباع التعليمات والانتظام في مواعيد الزيارة الدورية.
استشاري في طب المجتمع
مدير مركز المساعدية التخصصي ـ مستشفى الملك فهد بجدة
[email protected]



التعرُّف على اضطرابات الدماغ من شبكية العين

العمليات الحيوية في شبكية العين والدماغ متشابهة جداً (ماكس بلانك)
العمليات الحيوية في شبكية العين والدماغ متشابهة جداً (ماكس بلانك)
TT

التعرُّف على اضطرابات الدماغ من شبكية العين

العمليات الحيوية في شبكية العين والدماغ متشابهة جداً (ماكس بلانك)
العمليات الحيوية في شبكية العين والدماغ متشابهة جداً (ماكس بلانك)

أظهرت دراسة جديدة أجراها باحثون من معهد ماكس بلانك للطب النفسي بألمانيا، أنّ الشبكية بمنزلة امتداد خارجي للدماغ وتشترك في الجينات عينها، ما يجعلها طريقة سهلة للعلماء للوصول إلى دراسة اضطرابات الدماغ بمستويات أعلى من الدقة.

وأفادت النتائج بأنّ العمليات الحيوية في شبكية العين والدماغ متشابهة جداً، وهذا من شأنه جعل الشبكية بديلاً رائعاً لدراسة الاضطرابات العصبية وبطريقة فائقة السهولة؛ «لأننا نستطيع فحص شبكية العين لدى المرضى بدقة أعلى بكثير من الدماغ»، وفق الباحثين. وهم أكدوا على أن فهم الآليات البيولوجية حول هذا الأمر من شأنه مساعدتهم على تطوير خيارات علاجية أكثر فاعلية وأكثر شخصية.

وحلَّل باحثو الدراسة المنشورة في دورية «جاما سيكاتري»، الارتباط الجيني بين خلايا الشبكية وعدد من الاضطرابات العصبية النفسية. ومن خلال الجمع بين البيانات المختلفة، وجدوا أنّ جينات خطر الفصام كانت مرتبطة بخلايا عصبية محدّدة في شبكية العين.

وتشير جينات الخطر المعنيّة هذه إلى ضعف بيولوجيا المشابك العصبية، وبالتالي ضعف قدرة الخلايا العصبية على التواصل مع بعضها البعض. ويرجح الباحثون أن يكون هذا الضعف موجوداً أيضاً في أدمغة مرضى الفصام.

وبناءً على تلك الفرضية، أظهر الباحثون أنّ الاتصال العصبي يبدو معوقاً في شبكية العين لدى مرضى الفصام بالفعل.

وأوضحوا، في بيان، الجمعة أنّ «العثور على هذا الخلل في العين يشير إلى أنّ العمليات في الشبكية والدماغ متشابهة جداً؛ وهذا من شأنه جعل الشبكية بديلاً رائعاً لدراسة الاضطرابات العصبية، لأننا نستطيع فحص شبكية العين لدى المرضى بدقة أعلى بكثير من الدماغ».

في دراستهم السابقة، وجد باحثو معهد ماكس بلانك للطب النفسي، برئاسة فلوريان رابي، تغيّرات في شبكية العين لدى مرضى الفصام أصبحت أكثر حدّة مع زيادة المخاطر الجينية. وبناءً على ذلك، اشتبهوا في أنّ التغيرات الشبكية ليست نتيجة لأمراض مصاحبة شائعة مثل السمنة أو مرض السكري فحسب، وإنما قد تكون ناجمة عن آليات أمراض مدفوعة بالفصام بشكل مباشر.

إذا كانت هذه هي الحال، فإنّ معرفة مزيد عن هذه التغيّرات قد تساعد الباحثين على فهم الآليات البيولوجية وراء الاضطراب. وبالإضافة إلى الفصام، لوحظت تغيرات في الشبكية لدى مرضى الاضطراب ثنائي القطب والاكتئاب والتصلّب المتعدّد ومرض ألزهايمر ومرض باركنسون والسكتة الدماغية.

باستخدام بيانات من دراسات كبيرة سابقة، دمج رابي والمؤلّف الأول إيمانويل بودريوت من معهد ماكس بلانك للطب النفسي وجامعة لودفيغ ماكسيميليان ميونيخ في ألمانيا، بيانات المخاطر الجينية من الاضطرابات العصبية النفسية مع بيانات تسلسل الحمض النووي الريبي للشبكية.

أظهرت النتائج أنّ جينات المخاطر كانت مرتبطة بخلايا شبكية مختلفة في الاضطرابات المذكورة أعلاه.

كما ارتبط الخطر الجيني للإصابة بالتصلّب المتعدّد بخلايا المناعة في الشبكية، بما يتماشى مع الطبيعة المناعية الذاتية للاضطراب. وكذلك ارتبطت جينات الخطر للإصابة بالفصام بفئة محددة من الخلايا العصبية الشبكية تشارك في الوظيفة المشبكية، وتحدّد قدرة الخلايا العصبية على التواصل مع بعضها البعض.