شاشة الناقد: 5 جيوش.. واحد منها غائب!

لقطة من «ذا هوبيت: معركة الجيوش الخمسة»
لقطة من «ذا هوبيت: معركة الجيوش الخمسة»
TT

شاشة الناقد: 5 جيوش.. واحد منها غائب!

لقطة من «ذا هوبيت: معركة الجيوش الخمسة»
لقطة من «ذا هوبيت: معركة الجيوش الخمسة»

The Hobbit‪:‬ The Battle of the Five Armies
«ذا هوبيت: معركة
الجيوش الـ5»

القارئ محمد الجليطي من الرياض، بالسعودية، كان أوّل من لفت نظري إلى أن عدد الجيوش التي في فيلم بيتر جاكسون الجديد هو 4 وليس 5. الفارق كان بضع ساعات قبل أن أتابع الفيلم وأحصي عدد الجيوش المتلاحمة: جيش الأقزام الذي يدافع عن جبل الذهب، جيش الفارس (لوك إيفانز) الذي يقود أهل البلدة للمطالبة بنصيب من ذلك الذهب، جيش قبيلة الملك ثراندويل (لي بايس) الذي يركب حيوان المها الكبير، وجيش الوحوش المسماة بـ«أوركس» تبعا للكلمة التي تعني مخلوقات آدمية الشكل متوحشة الطباع قيل إنها عاشت في قرون مضت.
إذن هي 4 وليست 5 لكن القليل توقّف عند هذه الناحية إلا إذا اعتبرنا أن الجيش الخامس لم يصل إلى المعركة في الوقت المناسب ولم يشترك فيها. «معركة الجيوش الـ5» (حسب تعداد الفيلم) هو ثالث الثلاثية التي قدّمها المخرج بيتر جاكسون تحت عنوان «ذا هوبيت» وذلك تبعا لرواية المغامرات الفانتازية التي وضعها ر ر ج تولكاين. وهي رواية تقع أحداثها قبل روايته الضخمة المعروفة بـ«سيد الخواتم» Lord of Rings التي قام المخرج ذاته بنقلها في ثلاثية رائعة في مطلع العشرية الأولى من هذا القرن وحتى عام 2004.
المشكلة الأخرى هنا هي أن المنطق يقول إن شخصية مثل شخصية غاندالف العجوز (يؤديها إيان ماكيلين) ومثل شخصية ليغولاس (أورلاندو بلوم) يجب أن تكون أكثر شبابا في ثلاثية «ذا هوبيت» منها في «سيد الخواتم» بما أن حكايات «ذا هوبيت» تأتي أولا حسب الرواية. في سلسلة «ستار وورز» التي عرضت أحداثا متوالية في الثلاثية الأولى ثم انتقلت إلى ما قبلها في ثلاثية ثانية، لم يكن ذلك الأمر مهمّا لأن المخرج - المنتج جورج لوكاس قام، ببساطة، بتغيير الممثلين. أما هنا فإن المقارنة تبدي أن غاندالف، مثلا، هو أكثر شيخوخة في أحداث ما قبل «سيد الخواتم» مما كان عليه في تلك الثلاثية.
ناهيك عن كل هذا، يبدأ الفيلم جيّدا. التنين الطائر الذي كان هدد أهل الجزيرة القريبة من جبل الذهب بالإبادة يحلّق فوق الجزيرة ومدينتها «الوحيدة» ويغير عليها نافثا ناره التي تحرق كل شيء. فوضى شديدة تجتاح أهالي الجزيرة المتراكضين في كل اتجاه ما يدفع ببارد (لوك إيفانز) للتصدي للتنين بواسطة القوس والسهم ويصيبه إصابة قاتلة في آخر الدقائق الـ12 المخصصة لهذا الفصل. بعد ذلك ننتقل إلى فصل جديد يقوده ملك الأقزام ثورين (رتشارد أرميتاج) الذي بات الذهب ملكه فأثر على طباعه وشهامته التي كان عليها في الجزأين السابقين. الآن لن يرغب في الوفاء بوعده ومنح أهل الجزيرة الذين وقفوا إلى جانبه بعض ذهبه وسيواجههم وجيش تراندويل (لي بايس) من داخل الجبل كما من خارجه. هذا قبل أن تتغيّر القواعد ويسود القتال فإذا بالجميع ضد تلك المخلوقات التي تحارب الجميع أيضا.
من الممكن القول إن الفيلم يحاول الجمع بين مشاهد القتال كعنصر إثاري ومشاهد من الدراما النفسية، لكن هذه الأخيرة تصبح مألوفة لا ينقذها أي تمثيل. والفيلم يفتقد الحرارة على كثرة ما لديه من معارك. كل شيء تحت رحمة المؤثرات وبالكاد لدى الممثل الواحد مدى من الانخراط في الشخصية التي يؤديها على نحو جيّد.



8 أفلام عن أزمات الإنسان والوطن المُمزّق

«من المسافة صفر» (مشهراوي فَنْد)‬
«من المسافة صفر» (مشهراوي فَنْد)‬
TT

8 أفلام عن أزمات الإنسان والوطن المُمزّق

«من المسافة صفر» (مشهراوي فَنْد)‬
«من المسافة صفر» (مشهراوي فَنْد)‬

تُحرّك جوائز «الأوسكار» آمال العاملين في جوانب العمل السينمائي المختلفة، وتجذبهم إلى أمنية واحدة هي، صعود منصّة حفل «الأوسكار» وتسلُّم الجائزة وإلقاء ما تيسَّر له من تعابير فرحٍ وثناء.

لا يختلف وضع العام الحالي عن الوضع في كل عام، فجميع آمال العاملين في هذه الصّناعة الفنية المبهرة يقفون على أطراف أصابعهم ينتظرون إعلان ترشيحات «الأوسكار» الأولى هذا الشهر. وحال إعلانها سيتراجع الأمل لدى من لا يجد اسمه في قائمة الترشيحات، وترتفع آمال أولئك الذين سترِد أسماؤهم فيها.

يتجلّى هذا الوضع في كل مسابقات «الأوسكار» من دون تمييز، لكنه أكثر تجلّياً في مجال الأفلام الأجنبية التي تتقدّم بها نحو 80 دولة كل سنة، تأمل كل واحدة منها أن يكون فيلمها أحد الأفلام الخمسة التي ستصل إلى الترشيحات النهائية ومنها إلى الفوز.

«ما زلت هنا» لوولتر ساليس (ڤيديو فيلمز)

من المسافة صفر

لا يختلف العام الحالي في شكل التنافس وقيمته بل بأفلامه. لدينا للمناسبة الـ97 من «الأوسكار» 89 دولة، كلّ واحدة منها سبق أن تنافست سابقاً في هذا المضمار. لكن المختلف هو بالطبع الأفلام نفسها. بعض ما شُوهد منها يستحق التقدير، والفرق شاسع بين ما يستحق التقدير وبين ما يستحق الترشيح والوصول إلى التّصفية.

الحلمُ في تحقيق هذه النقلة يسيطر على المخرجين والمنتجين العرب الذين نفّذوا أعمالهم الجديدة خلال هذه السنة وسارعوا لتقديمها.

من بينهم المخرج الفلسطيني رشيد مشهراوي، الذي وفّر خلال العام الحالي فيلمين، واحدٌ من إخراجه بعنوان «أحلام عابرة»، والثاني بتوقيع 22 مخرجاً ومخرجة أشرف مشهراوي على جمع أفلامهم في فيلم طويل واحد بعنوان «من المسافة صفر»، وجميعها تتحدّث عن غزة، وما حدث فيها في الأسابيع الأولى لما يُعرف بـ«طوفان الأقصى». بعض تلك الحكايا مؤثرٌ وبعضها الآخر توليفٌ روائي على تسجيلي متوقع، لكنها جميعها تكشف عن مواهب لو قُدِّر لها أن تعيش في حاضنة طبيعية لكان بعضها أنجز ما يستحق عروضاً عالمية.

لا ينحصر الوضع المؤلم في الأحداث الفلسطينية بل نجده في فيلم دانيس تانوفيتش الجديد (My Late Summer) «صيفي المتأخر». يقدم تانوفيتش فيلمه باسم البوسنة والهرسك، كما كان فعل سنة 2002 عندما فاز بـ«الأوسكار» بصفته أفضل فيلم أجنبي عن «الأرض المحايدة» (No Man‪’‬s Land). يفتح الفيلم الجديد صفحات من تاريخ الحرب التي دارت هناك وتأثيرها على شخصية بطلته.

«صيفي الأخير» لدانيس تانوفيتش (بروبيلر فيلمز)

مجازر كمبودية

تختلف المسألة بالنسبة للاشتراك الصّربي المتمثّل في «قنصل روسي» (Russian Consul) للمخرج ميروسلاڤ ليكيتش. في عام 1973 عندما كانت يوغوسلاڤيا ما زالت بلداً واحداً، عاقبت السلطات الشيوعية هناك طبيباً إثر موت مريض كان يعالجه، وأرسلته إلى كوسوڤو حيث وجد نفسه وسط تيارات انفصالية مبكرة ونزاع حول الهوية الفعلية للصرب. حسب الفيلم (الاشتراك الثاني لمخرجه للأوسكار) تنبأت الأحداث حينها بانهيار الاتحاد السوفياتي و«عودة روسيا كروسيا» وفق قول الفيلم.

التاريخ يعود مجدداً في فيلم البرازيلي والتر ساليس المعنون «ما زلت هنا» (I‪’‬m Still Here) وبطلته، أيضاً، ما زالت تحمل آلاماً مبرحة منذ أن اختفى زوجها في سجون الحقبة الدكتاتورية في برازيل السبعينات.

في الإطار نفسه يعود بنا الاشتراك الكمبودي (التمويل بغالبيته فرنسي) «اجتماع مع بُل بوت» (Meeting with Pol Pot) إلى حقبة السبعينات التي شهدت مجازرعلى يد الشيوعيين الحاكمين في البلاد، ذهب ضحيتها ما بين مليون ونصف ومليوني إنسان.

وفي «أمواج» (Waves) للتشيكي ييري مادل، حكاية أخرى عن كيف ترك حكمٌ سابقٌ آثاره على ضحاياه ومن خلفهم. يدور حول دور الإعلام في الكشف عن الحقائق التي تنوي السلطة (في السبعينات كذلك) طمسها.

تبعات الحرب الأهلية في لبنان ليست خافية في فيلم ميرا شعيب «أرزة»، الذي يدور حول أم وابنها يبحثان عن سارق دراجة نارية ويتقمصان، في سبيل ذلك، شخصيات تنتمي إلى الطائفة التي قد تكون مسؤولة عن السرقة. هما سنّيان هنا وشيعيان هناك ومسيحيان أو درزيان في مواقع أخرى وذلك للتأكيد على أن التربة الطائفية ما زالت تنبض حية.

حتى كوريا الجنوبية ما زالت تحوم حول الانقلاب (وهي تعيش اليوم حالة مشابهة) الذي وقع في مثل هذا الشهر من سنة 1979 عندما اغتيل الرئيس بارك على يد رئيس شعبة الدفاع لي تايدو-غوانغ (أُلقي القبض عليه لاحقاً وأُعدم). هذا هو ثالث فيلم شاهده الناقد كاتب هذه الكلمات حول الموضوع نفسه.