مفتي الأردن: على العلماء أن يجتمعوا على كلمة واحدة لمحاربة الفكر التكفيري

الشيخ الحصاونة قال إن التطرف مرض خبيث أصاب الأمة

د. عبد الكريم الحصاونة
د. عبد الكريم الحصاونة
TT

مفتي الأردن: على العلماء أن يجتمعوا على كلمة واحدة لمحاربة الفكر التكفيري

د. عبد الكريم الحصاونة
د. عبد الكريم الحصاونة

أكد الدكتور عبد الكريم الحصاونة مفتي ديار الأردن، أن «العالم العربي الآن يعاني من مشكلة الإرهاب الخطيرة التي لم تستثنِ بلدا من البلدان ولا شعبا من الشعوب.. وأن دعوة الأزهر لعقد مؤتمر عن (الإرهاب والتطرف) جاءت لتعالج هذا المرض الخبيث الذي أصاب الأمة وينتشر انتشار الأمراض المعدية، لذلك كان لا بد من تضافر الجهود من أجل أن يجتمع العلماء في الأزهر، ليظهروا الخطر الذي تتعرض له الأمة من هذا المرض المترامي الأطراف، ورسم الخطة التي يسير عليها كل العالم، خاصة العلماء أصحاب الفكر في بلدانهم»، لافتا إلى أنه على علماء الأمة أن يتصدوا للفكر المتطرف بمعالجة الأسباب الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والثقافية، ويحثوا المتطرفين على العودة إلى الفكر الإسلامي الصحيح.
وأضاف الشيخ الحصاونة خلال تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، في القاهرة، على هامش مشاركته في فعاليات مؤتمر الأزهر «الإرهاب والتطرف»، الذي عُقد أخيرا بمصر، أن «التطرف فكر منحرف؛ فهم يفكرون ويكفرون ثم يفجرون ويقتلون، والإسلام حارب التطرف، لأنه ليس من الإسلام بشيء، لمغالاته في كل الأمور وبه جهل وظلم»، لافتا إلى أن «المتطرفين يقتلون الأبرياء ويشوهون صورة الإسلام السمحة البيضاء النقية.. الصورة التي أنزلها الله سبحانه وتعالى على رسوله الكريم في اليسر واللين واللطف، والله تعالي وصف نبيه الكريم، فقال: (وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين).. فالمتطرفون نُزِعت منهم الرحمة، كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم: (لا تنزع الرحمة إلا من شقي)».
وعن الصورة التي يجب أن يكون عليها المسلمون في تعاملاتهم للقضاء على الفكر التكفيري، قال مفتي الأردن: «الله قال لنبيه: ( فبما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك).. هذه الصورة التي يجب أن يسير عليها المسلمون اليوم ليعطوا الصورة النقية عن الإسلام الذي انتصر بخلقه ورحمته ولينه، وهذا المعروف بكتاب الله وسنة رسوله عليه الصلاة والسلام، فعلى علماء المسلمين أن يجمعوا على كلمة واحدة ورأي واحد لمحاربة هذا الفكر الذي هو عبارة عن تشويه لصورة الإسلام السمحة وتغير صورته ناصعة البيضاء»، مطالبا بضرورة منح العلماء فرصة لظهورهم، لتوضيح الأفكار التكفيرية التي تهدم الأمة، مثلما يظهر هؤلاء حتى يكون هناك المساحة نفسها، وهنا لن يستطيع التكفيريون عمل مثل هذه الأحداث عندما يقوم العلماء بدورهم، خاصة أن العالم أصبح قرية صغيرة ومن السهل الوصول إليهم بلغاتهم عن طريق نقل الخبر بسرعة وتعريفهم بالإسلام الصحيح ومنهجه السديد.. والتشويه بين المسلمين لن يتم إلا إذا وُجدت يد خبيثة تساعده من خلفه.. والتقوى هي التي تدعو إلى التآلف والتعارف، ولا تدعو إلى التناحر والتقاتل، والمسلمون يجمّعون ولا يفرقون ويوحدون ولا يتنازعون»، موضحا: «هذا ما يريده أعداء المسلمين؛ الفشل والتنازع وتشويه صورة الإسلام وتفريق وحدتهم وتمزيقها حتى يسهل تملكهم، بتمليك أشباه العلماء الشاشات التي يظهرون عليها والسيطرة عليها ولا يبقى للإسلام قوة تذكر».
وأضاف مفتي الأردن: «الإسلام انتصر بالفكر النير، وأخذ الناس يدخلون في دين الله أفواجا، والمتطرفون يريدون أن يُشوه هذا الطريق وهذه الصورة والمنارة الطيبة التي عليها الإسلام، لكن الله تكفل بحفظه وحفظ الإسلام ودينه: (إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون)، الذكر القرآن، ولن يبقى إلا إذا كان هناك أمة قائمة تحفظ هذا الإسلام إلى قيام الساعة».
وحول رأيه في بعض العلماء والمشايخ الذين يظهرون في الفضائيات ويفتون بغير علم، قال مفتي الديار الأردنية، إن «الفتوى هي جواب عن حكم شرعي لمن سأل عنه، والمفتي من يجيب من كتاب الله وسنة رسوله.. ولا يجوز لأحد أن يفتي بغير علم»، لافتا إلى أنه «كان العلماء إذا سُئل أحدهم عن مسألة جمعوا أهل العلم حتى يجيبوا.. والحكم الشرعي يجب أن يظهر فيه الدليل حتى لا يستطيع إنسان أن يقول: هذا مخالف للقرآن والسنة أو إجماع الأمة ومصادر القياس».
وعن الضوابط من وجهة نظره لردع من يفتي بغير علم، قال الدكتور عبد الكريم الحصاونة: «العقاب الوحيد لهم هو انصراف الناس عنهم وعدم الاستماع لهم، وتحريك المجامع العلمية لاتخاذ ما يناسب جرمهم وما يقع على الناس من الأضرار بسببهم»، مشيرا إلى أن المجتمعات الإسلامية أصبحت على دراية كاملة؛ فهم لا يأخذون بالفتاوى فورا، وهناك من يسأل للتأكد من صحة هذه الفتوى، وعلى وسائل الأعلام أن توضح للناس ضرورة أخذ الفتاوى من أهلها، موضحا أنه في الأردن هناك مجلس فقهي لم يصدر عنه فتوى شاذة أو بها انحراف، والناس يعرفون أنه إذا أُخذت الفتوى من مصادرها وعلمائها فإنها تكون غير مشكوك بها، مضيفا: «من يتسلقون الفضائيات للعبور على جسر من جهنم في فتواهم الصادرة من دون علم، سينكبون على وجوهم في النار يوم القيامة».



مدارس لبنانية تفتح أبوابها للتلاميذ لتلقي العلم وسط النازحين

المدارس الحكومية في عمشيت تستأنف مهمتها التعليمية (رويترز)
المدارس الحكومية في عمشيت تستأنف مهمتها التعليمية (رويترز)
TT

مدارس لبنانية تفتح أبوابها للتلاميذ لتلقي العلم وسط النازحين

المدارس الحكومية في عمشيت تستأنف مهمتها التعليمية (رويترز)
المدارس الحكومية في عمشيت تستأنف مهمتها التعليمية (رويترز)

في بلدة عمشيت الساحلية الهادئة التي تبعد 45 دقيقة بالسيارة شمالي بيروت، استأنفت المدارس الحكومية أخيراً مهمتها التعليمية وسط عشرات الآلاف من النازحين الذين اتخذوا من بعض المدارس مأوى مؤقتاً.

وحسب «رويترز»، قال مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية إنه مع تصاعد الصراع بين إسرائيل و«حزب الله» في سبتمبر (أيلول) لحق الدمار بمئات المدارس في لبنان أو اضطرت لغلق أبوابها بسبب الأضرار أو المخاوف الأمنية.

وقالت وزارة التربية والتعليم العالي اللبنانية إنه تم تحويل 505 مدارس من بين نحو 1250 مدرسة حكومية في لبنان إلى ملاجئ مؤقتة لبعض النازحين الذين يبلغ عددهم 840 ألف شخص.

وبدأت الوزارة، الشهر الماضي، إعادة فتح المدارس على مراحل، مما سمح بعودة 175 ألف طالب منهم 38 ألف نازح إلى بيئة تعليمية لا تزال بعيدةً عن وضعها الطبيعي.

وفي مدرسة عمشيت الثانوية الحكومية، التي تضم الآن 300 طالب مسجل ويُتوقع انضمام المزيد منهم مع استمرار وصول العائلات النازحة، تحولت المساحات المألوفة ذات يوم إلى مكان مخصص لاستيعاب الواقع الجديد.

وقال مدير المدرسة، أنطوان عبد الله زخيا، إنه قبل شهرين ونصف الشهر اختيرت المدرسة كملجأ.

واليوم، تتدلى الملابس المغسولة من نوافذ الفصول الدراسية، وتملأ السيارات ساحة اللعب التي كانت ذات يوم منطقةً صاخبة، والممرات التي كان يتردد فيها صوت ضحكات التلاميذ أصبحت الآن استراحةً للعائلات التي تبحث عن ملجأ.

وأعربت فادية يحفوفي، وهي نازحة تعيش مؤقتاً في المدرسة، عن امتنانها الممزوج بالشوق. وقالت: «بالطبع، نتمنى العودة إلى منازلنا. لا أحد يشعر بالراحة إلا في المنزل».

كما أعربت زينة شكر، وهي أم نازحة أخرى، عن قلقها على تعليم أطفالها.

وقالت: «كان هذا العام غير عادل. بعض الأطفال يدرسون بينما لا يدرس آخرون. إما أن يدرس الجميع، أو يجب تأجيل العام الدراسي».

التعليم لن يتوقف

قال مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية إن الخطة المرحلية لاستئناف الدراسة ستشمل تسجيل 175 ألف طالب من بينهم 38 ألف طفل نازح في 350 مدرسة عامة غير مستخدمة كملاجئ. وقال وزير التربية والتعليم العالي، عباس الحلبي، لـ«رويترز»: «العملية التعليمية هي أحد مظاهر مقاومة العدوان الذي يواجهه لبنان». وأضاف الحلبي أن قرار استئناف العام الدراسي كان صعباً لأن العديد من الطلاب والمدرسين النازحين لم يكونوا مستعدين نفسياً للعودة إلى المدرسة. وفي مبنى مجاور في مدرسة عمشيت الثانوية الرسمية، يتأقلم المعلمون والطلاب مع أسبوع مضغوط مدته 3 أيام ويشمل كل يوم 7 حصص دراسية لزيادة وقت التعلم إلى أقصى حد.

ولا تزال نور قزحيا (16 عاماً)، وهي من سكان عمشيت، متفائلة. وقالت: «لبنان في حالة حرب، لكن التعليم لن يتوقف. سنواصل السعي لتحقيق أحلامنا». ويتأقلم المعلمون مع الظروف الصعبة. وقال باتريك صقر وهو مدرس فيزياء (38 عاماً): «الجميع مرهقون ذهنياً... في نهاية المطاف، هذه الحرب تطولنا جميعاً». وبالنسبة لأحمد علي الحاج حسن (17 عاماً) النازح من منطقة البقاع، يمثل الأسبوع الدراسي الذي يدوم 3 أيام تحدياً لكنه ليس عائقاً. وقال: «هذه هي الظروف. يمكننا أن ندرس رغم وجودها».