أميركا تسلم أوروغواي 4 سوريين وفلسطينيا وتونسيا كانوا معتقلين في غوانتانامو

في أحدث خطوة ضمن جهود إدارة أوباما لإغلاق السجن

أميركا تسلم أوروغواي 4 سوريين وفلسطينيا وتونسيا كانوا معتقلين في غوانتانامو
TT

أميركا تسلم أوروغواي 4 سوريين وفلسطينيا وتونسيا كانوا معتقلين في غوانتانامو

أميركا تسلم أوروغواي 4 سوريين وفلسطينيا وتونسيا كانوا معتقلين في غوانتانامو

تسلمت أوروغواي ستة من معتقلي غوانتانامو، هم أربعة سوريين وفلسطيني وتونسي، في تسارع لافت لعملية النقل من المعتقل العسكري الأميركي الذي ما زال فيه 136 معتقلا، كما أعلنت وزارة الدفاع الأميركية أمس.
وغادر الرجال الستة، الذين تلقوا جميعا مسبقا «الموافقة على نقلهم» من السلطات الأميركية، قاعدة غوانتانامو الأميركية في كوبا، على متن طائرة تابعة لسلاح الجو الأميركي منتصف الليلة قبل الماضية، كما قال المتحدث باسم البنتاغون مايلز كاغينز لوكالة الصحافة الفرنسية.
وأطلقت أميركا سراح هؤلاء لإعادة توطينهم، وذلك في أحدث خطوة ضمن جهود إدارة الرئيس باراك أوباما لإغلاق السجن. وفي المجموع، جرى تسليم 19 معتقلا إلى بلادهم أو إلى بلدان أخرى منذ بداية السنة في خطوة واضحة من إدارة الرئيس أوباما تهدف إلى الإسراع في الإفراج عنهم لإخلاء المعتقل وغلقه لاحقا كما وعد أوباما مرارا. ومن المعتقلين الـ779 الذين كانوا في المعتقل منذ نحو 13 سنة، ما زال 136 سجينا في غوانتانامو، معظمهم لم يحاكموا ولم توجه إليهم تهمة. وقد أعلنت إدارتا جورج بوش وأوباما المتتاليتان «إمكانية الإفراج» عن 67 منهم.
وتتراوح أعمار الرجال الستة الذين تسلمتهم أوروغواي حيث وعد الرئيس خوسيه موخيكا بأنهم سيكونون أحرارا، بين الثلاثين والأربعين سنة، وقد وصلوا إلى غوانتانامو من بين الأوائل في 2002، وهم آخر أربعة سوريين (أحمد عدنان عجم وعلي حسين شعبان وعمر محمود فرج وجهاد دياب) والفلسطيني محمد طهمطان، والتونسي عبد الله بن محمد أورغي، وفق الأسماء التي جاءت في بيان البنتاغون.
وتبلغ الكونغرس الأميركي رسميا بعملية التسليم الجماعية هذه التي تأتي بعد سبع عمليات إفراج في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، في حين وعد الرئيس أوباما مرارا بغلق المعتقل المثير للجدل قبل نهاية ولايته في 2017، لكن قائد المعتقل العقيد ديفيد هيث اعتبر أنه من «غير الواقعي» إغلاق غوانتانامو بعد سنتين. وصرح الموفد الخاص لباراك أوباما كليف سلون، المكلف بإغلاق غوانتانامو في وزارة الخارجية، لوكالة الصحافة الفرنسية «نحن ممتنون لأوروغواي لهذه العملية الإنسانية المهمة، وإلى الرئيس موخيكا لدوره الحاسم في استقبال هؤلاء الأشخاص الذين لا يستطيعون العودة إلى بلدانهم». وأضاف في رسالة إلكترونية أن «الدعم الذي نتلقاه من أصدقائنا وحلفائنا حاسم لتحقيق هدفنا المشترك وإغلاق غوانتانامو، وهذا التسليم مرحلة كبيرة في جهودنا من أجل إغلاق هذه المؤسسة».
من جانبه، قال نظيره الناطق باسم البنتاغون بول ليويس إن «وزارة الدفاع تعمل بسرعة من أجل تسليم المعتقلين المعنيين من غوانتانامو»، موضحا أنه ينتقل باستمرار إلى البلدان التي قد تستقبلهم. وأضاف أن «الأمن لا يزال يشكل أكبر أولوية قبل أي قرار تسليم، وتجري إعادة النظر في (حالة) كل معتقل بعناية من طرف الوكالات الحكومية الست قبل إعلان تسليمه». ومن بين المعتقلين الستة السوري جهاد دياب الذي أضرب طويلا عن الطعام وطلب بلا جدوى من القاضية الفيدرالية بواشنطن أن تأمر سلطات غوانتانامو بالكف عن إطعامه قسرا. وأمرت القاضية غلاديس كيسلر حكومة أوباما بنشر تسجيلات فيديو لعملية إطعامه قسرا التي ظلت سرية لكن السلطات الأميركية رفضت نشرها وتنوي استئناف القضية.
ولا يغير رحيل دياب شيئا، كما أعلن المحامي ديفيد شولتز الذي يمثل 16 وسيلة إعلام حصلت على الحق في نشر تلك التسجيلات. وصرح المحامي لصحيفة «ميامي هيرالد» بأن «القاضية كيسلر شددت على أنه ليس هناك مبرر مقنع لإبقاء أشرطة الفيديو تلك في السرية».
وقد وافق الرئيس موخيكا الذي كان مقاتلا من اليسار المتطرف والذي تنتهي ولايته في مارس (آذار) المقبل، وسيخلفه تاباريه فاسكيس من حزبه، على استقبال المعتقلين كلاجئين. لكن عملية التسليم هذه التي تأخرت لأسباب سياسية في أوروغواي والتي كانت مقررة في أغسطس (آب) الماضي، جرت في النهاية بعد أسبوع من الانتخابات الرئاسية في أوروغواي. وحاول موخيكا خلال الحملة الانتخابية التي انتهت الأحد الماضي بانتخاب حليفه تاباريه فاسكيس تهدئة الجدل حول هذا الموضوع، مؤكدا أنه سيجري النقاش حوله مع الحكومة المقبلة.



ما دلالة تصنيف باراغواي «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً»؟

محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)
محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)
TT

ما دلالة تصنيف باراغواي «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً»؟

محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)
محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)

دفع تصنيف باراغواي «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً» إلى تساؤلات حول تأثير القرار على مستقبل التنظيم وعناصره. يأتي هذا في ظل تصاعد الصراع بين «قيادات (الإخوان) في الخارج» حول قيادة التنظيم. وقال باحثون في الحركات المتطرفة والإرهاب إن «قرار باراغواي أشار إلى ارتباط (الإخوان) بـ(تنظيمات الإرهاب)، وقد يدفع القرار دولاً أخرى إلى أن تتخذ قرارات مماثلة ضد التنظيم».
ووافقت اللجنة الدائمة بكونغرس باراغواي على «اعتبار (الإخوان) (تنظيماً إرهابياً) يهدد الأمن والاستقرار الدوليين، ويشكل انتهاكاً خطيراً لمقاصد ومبادئ الأمم المتحدة». جاء ذلك في مشروع قرار تقدمت به ليليان سامانيغو، رئيسة لجنة الشؤون الخارجية بالكونغرس المكوّن من 45 عضواً. وقال البرلمان في بيان نشره عبر موقعه الإلكتروني (مساء الخميس) إن «تنظيم (الإخوان) الذي تأسس في مصر عام 1928، يقدم المساعدة الآيديولوجية لمن يستخدم (العنف) ويهدد الاستقرار والأمن في كل من الشرق والغرب». وأضاف البيان أن «باراغواي ترفض رفضاً قاطعاً جميع الأعمال والأساليب والممارسات (الإرهابية)».
ووفق تقارير محلية في باراغواي، فإن باراغواي رأت في وقت سابق أن «(حزب الله)، و(القاعدة)، و(داعش) وغيرها، منظمات (إرهابية)، في إطار مشاركتها في الحرب على (الإرهاب)». وقالت التقارير إن «تصنيف (الإخوان) من شأنه أن يحدّ من قدرة هذه الجماعات على التخطيط لهجمات (إرهابية) وزعزعة استقرار الدول». كما تحدثت التقارير عن دول أخرى أقرت خطوات مماثلة ضد «الإخوان» من بينها، روسيا، والمملكة العربية السعودية، ومصر، والإمارات، والبحرين.
وتصنف دول عربية عدة «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً». وعدّت هيئة كبار العلماء في المملكة العربية السعودية التنظيم «جماعة إرهابية منحرفة» لا تمثل منهج الإسلام. وذكرت الهيئة في بيان لها، نوفمبر (تشرين الثاني) عام 2020، أن «(الإخوان) جماعة إرهابية لا تمثل منهج الإسلام وإنما تتبع أهدافها الحزبية المخالفة لهدي ديننا الحنيف، وتتستر بالدين وتمارس ما يخالفه من الفُرقة، وإثارة الفتنة، والعنف، والإرهاب». وحذّرت حينها من «الانتماء إلى (الإخوان) أو التعاطف مع التنظيم».
كذلك أكد مجلس الإمارات للإفتاء الشرعي أن كل مجموعة أو تنظيم يسعى للفتنة أو يمارس العنف أو يحرّض عليه، هو تنظيم إرهابي مهما كان اسمه أو دعوته، معتبراً «(الإخوان) تنظيماً (إرهابياً)».
وتحظر الحكومة المصرية «الإخوان» منذ عام 2014، وقد عدّته «تنظيماً إرهابياً». ويخضع مئات من قادة وأنصار التنظيم حالياً، وعلى رأسهم المرشد العام محمد بديع، لمحاكمات في قضايا يتعلق معظمها بـ«التحريض على العنف»، صدرت في بعضها أحكام بالإعدام، والسجن «المشدد والمؤبد».
وحسب الباحث المصري المتخصص في شؤون الحركات المتطرفة والإرهاب الدولي، منير أديب، فإن «تصنيف باراغواي (الإخوان) يؤكد الاتهامات التي توجَّه إلى التنظيم، بأن تنظيمات العنف خرجت من رحم (الإخوان)، أو أنها نهلت من أفكار التنظيم»، لافتاً إلى أن «قرار باراغواي أشار إلى أن (الإخوان) وفّر الحماية لتنظيمات التطرف التي نشأت في الشرق والغرب». وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن «قرار بعض الدول العربية في وقت سابق حظر (الإخوان) يعود إلى أمرين؛ الأول أن التنظيم مارس العنف، والآخر أن التنظيم وفّر الحماية لجماعات الإرهاب».
وفي وقت سابق أكدت وزارة الأوقاف المصرية «حُرمة الانضمام لـ(الإخوان)»، مشيرةً إلى أن التنظيم يمثل «الخطر الأكبر على الأمن القومي العربي». وفي فبراير (شباط) 2022 قالت دار الإفتاء المصرية إن «جميع الجماعات الإرهابية خرجت من عباءة (الإخوان)». وفي مايو (أيار) الماضي، قام مفتي مصر شوقي علام، بتوزيع تقرير «موثق» باللغة الإنجليزية على أعضاء البرلمان البريطاني يكشف منهج «الإخوان» منذ نشأة التنظيم وارتباطه بـ«التنظيمات الإرهابية». وقدم التقرير كثيراً من الأدلة على علاقة «الإخوان» بـ«داعش» و«القاعدة»، وانضمام عدد كبير من أعضاء «الإخوان» لصفوف «داعش» عقب عزل محمد مرسي عن السلطة في مصر عام 2013، كما لفت إلى أذرع «الإخوان» من الحركات المسلحة مثل «لواء الثورة» و«حسم».
وحول تأثير قرار تصنيف باراغواي «الإخوان» على «قيادات التنظيم في الخارج»، أكد الباحث المصري المتخصص في شؤون الحركات المتطرفة والإرهاب الدولي، أن «قرار باراغواي سوف يؤثر بالقطع على عناصر التنظيم في الخارج، لأن التنظيم يزعم أنه ينتشر في دول كثيرة حول العالم، ومثل هذا القرار يؤثر على عناصر (الإخوان) الموجودة في باراغواي وفي الدول المجاورة لها، كما أن القرار قد يدفع دولاً أخرى إلى اتخاذ قرار مماثل ضد (الإخوان)».
يأتي قرار باراغواي في وقت يتواصل الصراع بين «قيادات الإخوان في الخارج» حول منصب القائم بأعمال مرشد التنظيم. ويرى مراقبون أن «محاولات الصلح بين جبهتي (لندن) و(إسطنبول) لحسم الخلافات لم تنجح لعدم وجود توافق حول ملامح مستقبل التنظيم». والصراع بين جبهتي «لندن» و«إسطنبول» على منصب القائم بأعمال المرشد، سبقته خلافات كثيرة خلال الأشهر الماضية، عقب قيام إبراهيم منير، القائم بأعمال مرشد «الإخوان» السابق، بحلّ المكتب الإداري لشؤون التنظيم في تركيا، وقيامه بتشكيل «هيئة عليا» بديلة عن «مكتب إرشاد الإخوان». وتبع ذلك تشكيل «جبهة لندن»، «مجلس شورى» جديداً، وإعفاء أعضاء «مجلس شورى إسطنبول» الستة، ومحمود حسين (الذي يقود «جبهة إسطنبول»)، من مناصبهم.