بعد نزاع علني مع الرئيس.. النواب يحجبون الثقة عن رئيس الوزراء في الصومال

قلق دولي على البلاد من خطر الحرب والمجاعة

بعد نزاع علني مع الرئيس.. النواب يحجبون الثقة عن رئيس الوزراء في الصومال
TT

بعد نزاع علني مع الرئيس.. النواب يحجبون الثقة عن رئيس الوزراء في الصومال

بعد نزاع علني مع الرئيس.. النواب يحجبون الثقة عن رئيس الوزراء في الصومال

تبنى النواب الصوماليون بأغلبية كبيرة مذكرة حجب الثقة عن رئيس الوزراء عبدي والي شيخ أحمد الذي خاض نزاعا علنيا مع الرئيس حسن شيخ محمود، كما أعلن رئيس مجلس النواب.
وقال رئيس مجلس النواب محمد عثمان جواري، أمس، إن «مذكرة حجب الثقة عن الحكومة اعتمدت» وحصلت على تأييد 153 نائبا مقابل معارضة 80 وامتناع اثنين عن التصويت، وهي تلزم رئيس الوزراء بالتنحي.
ونوه حسن شيخ محمود بتصويت النواب، لا سيما أن المؤسسات حسمت «الخلاف من دون تدخل خارجي». وقد انتقد في نوفمبر (تشرين الثاني) المجتمع الدولي بشأن الخلاف بينه وبين رئيس الوزراء، داعيا إلى «احترام سيادة الصومال».
وبعد أن شدد على أن عبدي والي شيخ أحمد وفريقه «جهدوا كثيرا» في الحكومة، دعا الرئيس الصومالي الشعب والمؤسسات إلى أن يخصوهم بـ«الاحترام الذي يستأهلون».
من جانبه، قال رئيس الوزراء إنه «قَبِل» التصويت، مدافعا في الوقت نفسه عن حصيلته في رئاسة الحكومة. وقال إن «إدارتي لم تتوقف عن مواصلة الإصلاحات، وإننا نترك أسسا متينة تحمل آمال وتطلعات كل الصوماليين». وأمام الرئيس مهلة 30 يوما لتعيين رئيس حكومة جديد، حسب وكالة الصحافة الفرنسية.
وقد هاجم حسن شيخ محمود نهاية أكتوبر (تشرين الأول) بشدة رئيس الوزراء واتهمه باتخاذ «قرارات فاضحة»، لأنه لم يستشره قبل القيام بتعديل وزاري. وكانت المصادقة على مذكرة حجب الثقة تهدد رئيس الحكومة الذي عين قبل سنة. وقد عين عبد الولي شيخ أحمد، وهو اقتصادي، رئيسا للوزراء في ديسمبر (كانون الأول) 2013. وحل محل عبدي فرح شيردون، الذي كان هو أيضا على خلاف مع الرئيس، وأُقيل إثر المصادقة على مذكرة بحجب الثقة عنه. وأعرب المجتمع الدولي، خلال الأسابيع الأخيرة، عن قلقه من النزاعات في قمة هرم الدولة الصومالية، معتبرا أنها تعرض للخطر الجهود الرامية إلى إحلال السلام في البلاد التي تعاني من حركة تمرد دامية تقودها حركة الشباب الإسلامية. ودعت واشنطن قادة البلاد إلى «تجاوز الخلافات السياسية التي تبعدهم عن العمل المهم المتمثل في إعادة توحيد البلاد».
من جانبه، دعا الموفد الخاص للاتحاد الأوروبي ألكسندر روندوس إلى «قيادة سياسية مسؤولة» بعدما ذكر بأن الصومال «في حاجة إلى سلام». والخلاف كان قائما بين الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود، ورئيس وزرائه عبد الولي شيخ أحمد، منذ عدة أشهر، حتى إن نوابا موالين للرئيس يريدون طرح مذكرة لحجب الثقة عن رئيس الحكومة. وأثار ذلك قلقا من معلومات تحدثت عن تلقي نواب رشى للتصويت على مذكرة حجب الثقة عن رئيس الوزراء.
وقد خيبت الحكومة الحالية المدعومة من المجتمع الدولي، الذي اعتبرها أفضل أمل في السلام والعودة إلى دولة فعلية بعد 20 سنة من الحرب الأهلية، بشكل كبير آمال أنصارها الذين أصبحوا ينددون، كما حصل مع الإدارات السابقة، بالفساد والصراع على السلطة.
وتبذل الحكومة التي تشكلت في 2012 جهودا لبسط نفوذها إلى أبعد من مقديشو ومحيطها، رغم الهزائم المتتالية التي كبدتها القوات الأفريقية لحركة الشباب الإسلامية في وسط وجنوب البلاد. خصوصا أن حركة الشباب الإسلامية تفسح، بعد انسحابها، من الكثير من المناطق، في المجال، أمام زعماء الحرب الذين يحاولون فرض نفوذهم.
وحذر الأمين العام للأمم المتحدة، بان كي مون، الأسبوع الماضي، من خطر مجاعة أخرى في البلاد بعد 3 سنوات من المجاعة الأخيرة التي لقي فيها أكثر من 250 ألف شخص مصرعهم بسبب الجوع.
والصومال محروم من سلطة مركزية حقيقية منذ سقوط نظام الرئيس سياد بري في 1991. ومنذ ذلك الوقت عمت فيه الفوضى وتُرك بين أيدي زعماء الحرب والجماعات الإسلامية المسلحة والعصابات.



الشراكة مع فرنسا تثير جدلاً واسعاً في نيجيريا

الرئيس الفرنسي ماكرون مستقبلاً مع عقيلته نظيره النيجيري تينوبو وعقيلته في باحة قصر الإليزيه 28 نوفمبر (إ.ب.أ)
الرئيس الفرنسي ماكرون مستقبلاً مع عقيلته نظيره النيجيري تينوبو وعقيلته في باحة قصر الإليزيه 28 نوفمبر (إ.ب.أ)
TT

الشراكة مع فرنسا تثير جدلاً واسعاً في نيجيريا

الرئيس الفرنسي ماكرون مستقبلاً مع عقيلته نظيره النيجيري تينوبو وعقيلته في باحة قصر الإليزيه 28 نوفمبر (إ.ب.أ)
الرئيس الفرنسي ماكرون مستقبلاً مع عقيلته نظيره النيجيري تينوبو وعقيلته في باحة قصر الإليزيه 28 نوفمبر (إ.ب.أ)

في وقت تسحب فرنسا قواتها من مراكز نفوذها التقليدي في الساحل وغرب أفريقيا، وتبحث عن شركاء «غير تقليديين»، يحتدمُ الجدل في نيجيريا حول السماح للفرنسيين بتشييد قاعدة عسكرية في البلد الأفريقي الغني بالنفط والغاز، ويعاني منذ سنوات من تصاعد وتيرة الإرهاب والجريمة المنظمة.

يأتي هذا الجدل في أعقاب زيارة الرئيس النيجيري بولا تينوبو نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي إلى فرنسا، والتي وصفت بأنها «تاريخية»، لكونها أول زيارة يقوم بها رئيس نيجيري إلى فرنسا منذ ربع قرن، ولكن أيضاً لأنها أسست لما سمّاه البلدان «شراكة استراتيجية» جديدة.

وتمثلت الشراكة في اتفاقيات تعاون هيمنت عليها ملفات الطاقة والاستثمار والمعادن، ولكنّ صحفاً محلية في نيجيريا تحدّثت عن اتفاقية تسمحُ للفرنسيين بإقامة قاعدة عسكرية داخل أراضي نيجيريا، وذلك بالتزامن مع انسحاب القوات الفرنسية من دول الساحل، خصوصاً تشاد والنيجر، البلدين المجاورين لنيجيريا.

لا قواعد أجنبية

ومع تصاعد وتيرة الجدل، تدخل الجيش النيجيري ليؤكد أن ما يجري تداوله بخصوص «قاعدة عسكرية» أجنبية فوق أراضي نيجيريا مجرد «شائعات»، نافياً وجود خطط للسماح لأي قوة أجنبية بإقامة قاعدة عسكرية في نيجيريا.

وتولّى قائد الجيش النيجيري، الجنرال كريستوفر موسى، بنفسه مهمة الرد، فأوضح أن «زيارة الرئيس بولا تينوبو الأخيرة إلى فرنسا، وُقِّعت خلالها عدد من الاتفاقيات الثنائية، لم تشمل السماح بإنشاء قواعد عسكرية أجنبية في نيجيريا».

وكان قائد الجيش يتحدّث خلال حفل عسكري بمقر وزارة الدفاع في العاصمة أبوجا، بمناسبة تغيير شعار القوات المسلحة النيجيرية، وقال إنه يوّد استغلال الفرصة لتوضيح ما جرى تداوله حول «قاعدة عسكرية أجنبية» في نيجيريا. وقال: «لقد أوضح الرئيس بشكل لا لبس فيه أن ما تم توقيعه هو اتفاقيات ثنائية تتعلق بالتجارة، والثقافة، والتقاليد، والتعاون، والاقتصاد، ولا وجود لأي شيء يتعلق بقاعدة عسكرية أجنبية».

وأوضح الجنرال موسى أن الرئيس تينوبو «يدرك تماماً عواقب مثل هذا القرار، ويعلم أن من واجبه حماية نيجيريا، ومن ثم، لن يسمح مطلقاً لأي قوة أجنبية بدخول نيجيريا»، ولكن قائد الجيش أكد: «سنستمر في التعاون بشكل ثنائي من خلال التدريب المشترك وإرسال ضباطنا كما هو معتاد، ولكن إنشاء قاعدة عسكرية أجنبية في نيجيريا ليس ضمن خطط الرئيس».

كراهية فرنسا

ورغم تصريحات قائد الجيش، فإن الجدل لم يتوقف؛ حيث عَبَّر «تحالف جماعات الشمال»، وهو هيئة سياسية ناشطة في نيجيريا، عن إدانته قرار السماح للعسكريين الفرنسيين بدخول أراضي نيجيريا، بل ذهب إلى أبعد من ذلك، حين انتقد بشكل لاذع عقد شراكة مع فرنسا.

وقال التحالف: «إن القرار يتعلق باتفاقية ثنائية جرى توقيعها بين نيجيريا وفرنسا تمنح الأخيرة وصولاً غير مقيد إلى الموارد المعدنية في نيجيريا»، وذلك في إشارة إلى اتفاقية وقعها البلدان للتعاون في مجال المعادن النادرة.

المنسق الوطني لتحالف جماعات الشمال، جميل علي تشارانشي، اتهم الرئيس تينوبو بالسعي نحو «تسليم سيادة نيجيريا إلى فرنسا، والتغطية على ذلك بمبررات مضللة»، ثم وصف ما يقوم به تينوبو بأنه «مناورة دبلوماسية مكشوفة».

الناشط السياسي كان يتحدث بلغة حادة تجاه فرنسا؛ حيث وصفها بأنها «دولة عدوانية؛ تدعم وتمول تفكيك المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا (إيكواس)»، قبل أن يحملها مسؤولية «جو الحرب الذي تعيشه منطقة غرب أفريقيا».

وخلُص الناشط السياسي إلى أنه مصدوم من «إمكانية أن تخضع نيجيريا، بتاريخها الفخور بالدفاع عن السيادة الأفريقية، لتأثير أجنبي، نحن نرفض ذلك، وسنعارضه بشدة»، على حد قوله.

شراكة مفيدة

الرئيس النيجيري بولا تينوبو لدى حضوره حفل تنصيب رئيس تشاد في ندامينا 23 مايو (رويترز)

في المقابل، ارتفعت أصوات في نيجيريا تدافع عن تعزيز التعاون والشراكة مع فرنسا، وعدّت الحديث عن «قاعدة عسكرية» محاولة للتشويش على الطموحات الاقتصادية للبلدين.

في هذا السياق، قال المحلل السياسي النيجيري، نيكسون أوكوارا: «إن العالم يتّجه بسرعة نحو نظام متعدد الأقطاب، وإعادة صياغة التحالفات التقليدية، وهذا الواقع الجديد يتطلب من نيجيريا الاصطفاف مع شركاء يقدمون فوائد استراتيجية دون التنازل عن سيادتها».

وأضاف المحلل السياسي أن «فرنسا، رغم تاريخها غير الجيد في أفريقيا، فإنها تمنح لنيجيريا فرصة إعادة التفاوض على العلاقات من موقع قوة؛ حيث تواجه فرنسا معضلة تراجع نفوذها بشكل مطرد في الساحل وغرب أفريقيا».

وشدّد المحلل السياسي على أن نيجيريا يمكنها أن تربح «مزايا اقتصادية كبيرة» من الشراكة مع فرنسا، كما أكّد أنّه «مع تصاعد التحديات الأمنية في منطقة الساحل، يمكن للخبرات والموارد العسكرية الفرنسية أن تكمل جهود نيجيريا لتحقيق الاستقرار في المنطقة».

تعاون عسكري

التعاون العسكري بين فرنسا ونيجيريا عرف صعوداً مهماً عام 2016، حين وقع البلدان اتفاقية للتعاون العسكري والأمني، خصوصاً في مجالات الاستخبارات، والتدريب والإعداد العملياتي.

في الفترة الأخيرة، بدأ الحديث عن رغبة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في تعزيز هذا التعاون، وهو الذي عمل لستة أشهر في السفارة الفرنسية في أبوجا، حين كان طالباً في المدرسة الوطنية للإدارة. وبوصفها خطوة لتطوير التعاون العسكري بين البلدين، أعلن الجنرال حسن أبو بكر، قائد القوات الجوية النيجيرية، الأسبوع الماضي، أن بلاده تستعد للاستحواذ على 12 طائرة من طراز «ألفاجيت» مستعملة من القوات الجوية الفرنسية، ستتم إعادة تشغيل 6 منها، في حين ستُستخدم الـ6 أخرى مصدراً لقطع الغيار.

ورغم أنه لم تعلن تفاصيل هذه الصفقة، فإن نيجيريا أصبحت خلال السنوات الأخيرة «زبوناً» مهماً للصناعات العسكرية الأوروبية، وسوقاً تتنافس عليها القوى المصنعة للأسلحة، خصوصاً سلاح الجو الذي تراهن عليه نيجيريا لمواجهة خطر الإرهاب في غابات حوض بحيرة تشاد، أقصى شمال شرقي البلاد.