قائد السبسي يتصدر نتائج الانتخابات الرئاسية.. والنهضة قد تغير موقفها لصالح المرزوقي

الهمامي والرياحي يعلنان دعمهما لزعيم حركة نداء تونس في الجولة الثانية من الاقتراع

إعلان نتائج الدورة الأولى من الانتخابات التونسية أمس (أ.ف.ب)
إعلان نتائج الدورة الأولى من الانتخابات التونسية أمس (أ.ف.ب)
TT

قائد السبسي يتصدر نتائج الانتخابات الرئاسية.. والنهضة قد تغير موقفها لصالح المرزوقي

إعلان نتائج الدورة الأولى من الانتخابات التونسية أمس (أ.ف.ب)
إعلان نتائج الدورة الأولى من الانتخابات التونسية أمس (أ.ف.ب)

تأهل الباجي قائد السبسي مؤسس ورئيس حزب نداء تونس العلماني الفائز بالانتخابات التشريعية الأخيرة ومحمد المنصف المرزوقي الرئيس المنتهية ولايته، إلى الدورة الثانية للانتخابات الرئاسية بعدما حلا على التوالي في المركزين الأول والثاني في الدورة الأولى التي جرت الأحد، وأعلنت نتائجها الرسمية الأولية أمس.
وقال شفيق صرصار رئيس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات، في مؤتمر صحافي إن «قائد السبسي حصل على 39.46 في المائة من إجمالي أصوات الناخبين (مليون و289 ألف صوت) والمرزوقي على 33.43 في المائة (مليون و92 ألف صوت)، وأنهما سيتنافسان في دورة ثانية». ويرى القانون الانتخابي التونسي أنه في حال عدم حصول أي من المرشحين على «الأغلبية المطلقة» من أصوات الناخبين (50 في المائة زائد واحد) في الدورة الأولى، يجري تنظيم دورة ثانية بين المرشحين الحائزين على المرتبة الأولى والثانية في أجل أقصاه 31 ديسمبر (كانون الأول) المقبل.
وفي حال حصول المرزوقي 69 عاما وقائد السبسي (87 عاما) على أصوات متساوية في الدورة الثانية، فإنه بمقتضى القانون، يجري إعلان فوز المترشح «الأكبر سنا».
وتوقع صرصار، أن تجري الانتخابات الرئاسية في دورتها الثانية بعد أسبوعين في حال عدم وجود طعون قانونية ولكنها في كل الحالات لن تتجاوز حدود يوم 28 ديسمبر (كانون الأول) المقبل.
وتنافس في الانتخابات الرئاسية التي أجريت الأحد 27 مرشحا بينهم 5 انسحبوا. وحل حمة الهمامي مرشح الجبهة الشعبية (ائتلاف أحزاب يسارية وراديكالية) في المركز الثالث (7.82 في المائة) فيما حل الهاشمي الحامدي مؤسس ورئيس حزب تيار المحبة المحسوب على الإسلاميين والمقيم في لندن في المركز الرابع (5.75 في المائة)، وسليم الرياحي رجل الأعمال الثري ورئيس النادي الأفريقي التونسي لكرة القدم في المركز الخامس (5.55 في المائة).
وقال صرصار إن «نسبة المشاركة في الانتخابات التي دعي إليها نحو 5.3 مليون ناخب بلغت 62.9 في المائة». وأشادت بعثة مراقبي الاتحاد الأوروبي للانتخابات الرئاسية التونسية بهذه الانتخابات وباستقلالية الهيئة المكلفة تنظيمها.
وقالت البعثة في بيان نشرته أمس «تشيد نيتس أوتربروك رئيسة بعثة الاتحاد الأوروبي لمراقبة الانتخابات بأول انتخابات رئاسية تعددية وشفافة، جدد من خلالها الشعب التونسي تمسكه بالقيم الديمقراطية وذلك في جو هادئ». وأضافت «أثبتت الهيئة العليا المستقلة للانتخابات مجددا استقلاليتها وحياديتها وكفاءتها».
وفي أول ردود الفعل على النتائج التي أعلنتها الهيئة العليا للانتخابات، أعلنت عدة أطراف سياسية عن اصطفافها إلى جانب أحد المرشحين للدور الثاني: قائد السبسي والمرزوقي.
فقد أعلن حمة الهمامي زعيم تحالف الجبهة الشعبية الحائز على المرتبة الرابعة في الانتخابات البرلمانية (15 مقعدا برلمانيا) عن دعمه قائد السبسي. وقال في تصريح لوسائل الإعلام إن «الجبهة ستنحاز إلى قائد السبسي في الدور الثاني من الانتخابات». وعزا هذا الاختيار إلى عدم قدرة الجبهة على التصويت للمرزوقي الذي تحمله وتحالف الترويكا مسؤولية إهمال ملف اغتيال شكري بلعيد ومحمد البراهمي.
وفي السياق ذاته، أشار سليم الرياحي رئيس حزب الاتحاد الوطني الحر الحاصل على المرتبة الثالثة في الانتخابات البرلمانية (16مقعدا) إلى أن الخلاف «انتهى مع نداء تونس بعد الدور الأول من الانتخابات الرئاسية». وأضاف في مؤتمر صحافي عقده أول من أمس أن حزبه سيتحالف في الدور الثاني مع المرشح الذي يشترك معه في نفس المبادئ، ملاحظا أن النسبة التي حصل عليها المرزوقي جاءت على خلفية تمتعه بأصوات قواعد حركة النهضة.
وتتجه الأنظار نحو من سيقدم الدعم للمرزوقي في الدور الثاني وخصوصا حركة النهضة التي فضلت عدم مساندة أي مرشح في الدور الأول من الانتخابات. ووفق تصريحات راشد الغنوشي فإن الحركة قد تغير موقفها لصالح المرزوقي. وقال سمير ديلو القيادي في حركة النهضة في برنامج إذاعي أمس إن «حزبه لم يتخذ موقفا محددا تجاه من سيدعم من بين المرشحين للدور الثاني»، وأضاف أن حسم الأمر يرجع إلى هياكل الحركة التي ستجتمع لاحقا لتحديد موقفها النهائي، كما عبر حزب التحرير الذي ينادي بعودة الخلافة عن دعمه الضمني للمرزوقي.
ولم تقدم حركة النهضة، التي حكمت تونس منذ نهاية 2011 وحتى مطلع 2014 وحلت الثانية في الانتخابات التشريعية التي أجريت في 26 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، مرشحا للانتخابات الرئاسية، وأعلنت أنها تركت لأنصارها حرية انتخاب رئيس «يشكل ضمانة للديمقراطية». لكن خصمها العلماني نداء تونس الذي أسسه قائد السبسي في 2012، يتهمها بدعم المرزوقي بشكل غير معلن وهو أمر تنفيه الحركة.
وتلتقي عدة تحاليل سياسية حول إمكانية انتقال عدوى التجاذب السياسي الذي عرفته الساحة السياسية التونسية وانقسامها إلى علمانيين وإسلاميين، لتظهر تلك العدوى من جديد خلال الدور الثاني من الانتخابات الرئاسية بعد أن لاحت بوادر الانجذاب إلى شقين الأول يشمل الإسلاميين، والثاني يضم التيارات العلمانية والليبرالية.
وفي هذا السياق، أشار المولدي الرياحي القيادي في حزب التكتل الديمقراطي من أجل العمل والحريات، إلى أن التكتل سيدعم ترشح المرزوقي لتميزه بالنضال ضد منظومة القمع والفساد والاستبداد في العهد السابق.
وفي معرض تقييمه للنتائج المسجلة سواء في الانتخابات البرلمانية بعد عدم التمكن من دخول البرلمان، أو الرئاسية بعد فشل مصطفى بن جعفر في المرور إلى الدور الثاني، قال إنها مخيبة للآمال ولكنها لن تؤدي إلي انسحاب الحزب من المشهد السياسي.
وأول من أمس، قال الباجي قائد السبسي في تصريح لإذاعة «آر إم سي» الفرنسية إن «كل الإسلاميين اصطفوا وراءه (المرزوقي)» في انتخابات الأحد.
وأضاف «من صوتوا للمرزوقي هم الإسلاميون.. يعني إطارات (حزب حركة) النهضة والسلفيون الجهاديون ورابطات حماية الثورة».
وتوقع قائد السبسي أن تنقسم تونس خلال الدورة الثانية من الانتخابات الرئاسية إلى «شقين اثنين: الإسلاميون من ناحية وكل الديمقراطيين وغير الإسلاميين من ناحية أخرى». وقال في تصريح أدلى به أمس لقناة «فرانس 24» إن «على حركة النهضة أن تحدد موقفها بصفة علنية ونهائية. إن كانوا يريدون تأييد المرزوقي فليتفضلوا. نحن لم نطلب منهم تأييدنا».
وخلال الحملة الانتخابية، قدم المرزوقي نفسه كضمانة للحريات التي اكتسبها التونسيون بعد الثورة، ولعدم انتكاسة البلاد نحو «الاستبداد» الذي كان سائدا في عهد الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».