دعا خبير سعودي في مجال البيئة والمياه إلى ضرورة اتخاذ الإجراءات اللازمة للحد من مخاطر السيول الجارفة التي تصاحب تساقط الأمطار الغزيرة، بسبب تغيرات مناخية كشفت عنها تقارير مراكز بحوث علمية أميركية، وستؤدي إلى تكوين جيوب من المنخفضات الجوية الدافئة التي تشكل السحب، وتزيد من كمية هطول الأمطار في مختلف دول العالم ومنها المملكة.
وقال الدكتور عبد الملك آل الشيخ المشرف على معهد الأمير سلطان لأبحاث البيئة والمياه والصحراء في جامعة الملك سعود، إن «مراكز البحوث في جامعة ستانفورد، ووكالة ناسا، ومجموعة آل جور الأميركية، أصدرت تقريرا عن التغيرات المناخية المتوقعة في العالم حتى عام 2066م، وجاء من ضمنه أن جيوب المنخفضات الجوية الدافئة التي تقع في أحزمة الضغط العالي الواقعة جنوب وشمال خط الاستواء أي ما بين خطي 15 و35 درجة قد تتسبب في تكون السحب الممطرة بشكل غزير»، مبينا أن السعودية تقع في منطقة يسود عليها حزام الضغط العالي الواقع بين 15 و30 درجة شمال خط الاستواء.
وحذر الدكتور آل الشيخ، من ظاهرة تراكم الرسوبيات في أحواض السدود بسبب تجمع كميات الأمطار التي تهطل، كونها تقلل كمية المياه المحتجزة في الأحواض والطاقة الاستيعابية لها، كما حدث في وادي العمارية (شمال غربي الرياض) الذي نفذ فيه المعهد مشروعا علميا عام 1425هـ تبين من خلاله أنه عرضة للسيول القوية التي قد تتسبب في انجراف التربة وارتفاع منسوب المياه فيه، على الرغم من وجود سد المزيرعة وسد المطيرفة اللذين تبلغ طاقتهما الاستيعابية أكثر من 3 ملايين متر مكعب.
وأفاد بأن سد المزيرعة الذي تم بناؤه عام 1406هـ صمم ليرتفع فيه منسوب المياه في حوضه إلى 4 أمتار. وقد بلغ ارتفاع الرسوبيات التي تراكمت في حوض السد منذ إنشائه إلى ما قبل العام الماضي مترا واحدا. إلا أن الزيادة في ارتفاع هذه الرسوبيات في الموسم المطري للعام الماضي فقط وصلت إلى متر ونصف المتر، ولم يتبق منه لحجز المياه سوى أقل من متر ونصف، بسبب غزارة الأمطار التي هطلت العام الماضي مما يعني أن قدرته على الحماية من تدفق السيول ستنخفض.
وأرجع الدكتور آل الشيخ تجمع الرسوبيات في حوض سد المزيرعة إلى: سعة مساحة المساقط التي تتجمع فيها، وكثرة الروافد التي تشتهر بسعتها وامتداداتها إلى عشرات الكيلومترات التي تصل مياهها إلى هذا السد، وخلو المساقط والروافد من العوائق والحفر المحتوية لكمية مياه السيول قبل وصولها للسد.
وقدم اقتراحات علمية للحد من مخاطر السيول الجارفة في وادي العمارية وتراكم الرواسب في سد المزيرعة والسدود المشابهة، تتمثل في إزالة الطمي، والاستفادة منه في المواد المفيدة لنمو النبات بطريقة منتظمة غير مضرة بالسد، مع إقامة سدود صغيرة على الروافد التي تغذي مجاري الأودية للحد من غزارة السيول.
واقترح كذلك إجراء دراسة تفصيلية دقيقة لمجرى وادي العمارية للحد من مخاطر السيول الجارفة وتراكم الطمي في سد المزيرعة، من خلال الاستعانة بصور الأقمار الاصطناعية ونماذج الارتفاعات الرقمية والوسائل البحثية الأخرى لمجرى الوادي والروافد التي تصب فيه، لتحديد المواقع المناسبة لإنشاء سدود ترابية متعددة تمنع سرعة تدفق مياه السيول، وتخفف من جرفها للرواسب وانتقالها إلى حوض السد.
وأكد في ذلك الصدد، على أهمية حفر آبار التغذية الاصطناعية لحقن المياه الجوفية في أحواض السدود الصغيرة التي يتم إنشاؤها على الروافد في الوادي لتخزين المياه والاستفادة منها في رفع مستوى المياه الجوفية في الوادي وتحسين نوعيتها بتقليل ملوحتها.
يأتي ذلك فيما يعمل معهد الأمير سلطان لأبحاث البيئة والمياه والصحراء حاليا على تنفيذ دراسات ومشروعات بيئية في السعودية، كتعميم مشروع الملك فهد لحصد وتخزين مياه الأمطار والسيول الذي بدأ العمل فيه عام 1425هـ على مختلف المناطق، ومشروع نظم المعلومات الجغرافية، ودراسات مقاومة التصحر، والتغيرات المناخية في المناطق الصحراوية، وإنشاء «الهيئة العليا لأشجار للنخيل والعناية بشؤونها».
وأشار الدكتور عبد الملك آل الشيخ إلى أن خطة تنفيذ مشروع الملك فهد لحصد مياه الأمطار تمت على مرحلتين: الأولى تجريبية، والثانية، تعميمها على مختلف المناطق باستخدام أسلوبين رئيسيين هما: إنشاء غدران اصطناعية كبيرة لتحويل جزء من مياه السيول المتدفقة في الأودية نحو الغدران، والثاني: حفر آبار التغذية الاصطناعية في أحواض السدود ومجاري الأودية لتغذية الطبقات الجوفية بمياه الأمطار والسيول.
السعودية: تحذيرات من تراكم رسوبات الأمطار على الطاقة الاستيعابة للسدود
مراكز بحوث عالمية تتوقع زيادة السحب الممطرة في الأعوام المقبلة على المملكة
السعودية: تحذيرات من تراكم رسوبات الأمطار على الطاقة الاستيعابة للسدود
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة