بايدن يحذر روسيا من عزلة إضافية ولا يرى «حلا عسكريا» لأزمة أوكرانيا

موسكو تقول إن تسليح واشنطن للقوات الأوكرانية سيفاقم الأزمة.. وكييف تحيي ذكرى الاحتجاجات

امرأة تضع باقة من الورود أمام صور أشخاص لقوا حتفهم في ساحة «ميدان» بكييف أمس في ذكرى الاحتجاجات التي أطاحت بالنظام السابق (أ.ف.ب)
امرأة تضع باقة من الورود أمام صور أشخاص لقوا حتفهم في ساحة «ميدان» بكييف أمس في ذكرى الاحتجاجات التي أطاحت بالنظام السابق (أ.ف.ب)
TT

بايدن يحذر روسيا من عزلة إضافية ولا يرى «حلا عسكريا» لأزمة أوكرانيا

امرأة تضع باقة من الورود أمام صور أشخاص لقوا حتفهم في ساحة «ميدان» بكييف أمس في ذكرى الاحتجاجات التي أطاحت بالنظام السابق (أ.ف.ب)
امرأة تضع باقة من الورود أمام صور أشخاص لقوا حتفهم في ساحة «ميدان» بكييف أمس في ذكرى الاحتجاجات التي أطاحت بالنظام السابق (أ.ف.ب)

حذر نائب الرئيس الأميركي جو بايدن أثناء زيارته كييف أمس، روسيا من مواجهة عزلة إضافية بسبب ما اعتبره تدخلا «غير مقبول» في أوكرانيا، وشدد على «عدم وجود حل عسكري للأزمة» الأوكرانية. وقال بايدن بعد لقائه الرئيس الأوكراني بيترو بوروشينكو «من غير المقبول في القرن الحادي والعشرين أن تحاول دول إعادة رسم حدود بالقوة لمجرد أنها تعارض قرارا اتخذته جارتها». وحذر من أنه في حال لم تلتزم روسيا بتعهداتها بموجب اتفاقات مينسك الموقعة في سبتمبر (أيلول) الماضي فإنها «ستدفع ثمنا أكبر، وستواجه المزيد من العزلة».
وتنفي روسيا تقديم دعم عسكري للانفصاليين في شرق أوكرانيا لكن الغرب يتهمها بالتدخل ما أدى إلى أسوا أزمة في العلاقات بين الطرفين منذ الحرب الباردة. وأمل قادة أوكرانيا أن يعلن بايدن خلال زيارته عن مساعدة عسكرية أميركية إضافية للقوات التي تشن عملية عسكرية في شرق البلاد، لكن الولايات المتحدة اكتفت بتقديم مساعدة بالتجهيزات غير القتالية. ولم يأت بايدن على ذكر زيادة المساعدة الأميركية بشكل مباشر خلال مؤتمره الصحافي. لكن بيانا من مكتبه أشار إلى أن البيت الأبيض يتعهد بتقديم 20 مليون دولار إضافية لدعم الإصلاحات في مجال تعزيز سلطة القانون والقضاء إلى جانب 3 ملايين دولار كحصص غذائية للنازحين. وبذلك تصل المساعدة الأميركية التي تعهدت بها الولايات المتحدة هذه السنة إلى نحو 320 مليون دولار.
وروسيا التي تنفي تقديم دعم عسكري للانفصاليين حذرت من أنه في حال قامت الولايات المتحدة بتسليح القوات الأوكرانية فإن النزاع في شرق أوكرانيا «سيتفاقم». وكان بايدن شدد في مقابلة مع صحيفة محلية أوكرانية نشرت أول من أمس، على «عدم وجود حل عسكري للأزمة»، واتهم روسيا «بالتدخل في شؤون دولة تحظى بالسيادة».
في غضون ذلك، تجمع عدد كبير من الأشخاص في ساحة «الاستقلال» المسماة أيضا «ميدان» في كييف إحياء لذكرى مائة شخص قتلوا في المظاهرات التي بدأت في 21 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي. وقوبل الرئيس بوروشينكو بصيحات استهجان لدى وصوله إلى الساحة لوضع باقة من الزهور في مكان سقوط معظم ضحايا المواجهات. وهتف العشرات من عائلات ضحايا قمع فبراير (شباط) الماضي «عار عليكم، لماذا لم يعاقب أحد؟»، قالوها في وجه الرئيس الأوكراني عندما وضع باقة زهور في شارع اينستيتوتسكا حيث سقط معظم الضحايا. ولم يخرج نائب الرئيس الأميركي الذي كان مقررا أن ينضم إلى بوروشينكو، من سيارته.
وقال المحتجون للرئيس الأوكراني «أنت تتولى هذا المنصب بفضل تضحيات أبنائنا». وكتبوا على إحدى اللافتات «بوروشينكو، أين هم قتلة أبنائنا؟». وتوقعت أولغا كالينيك الطالبة البالغة من العمر 20 عاما والتي شاركت في مظاهرات «ميدان» التي استمرت لأشهر اعتبارا من اليوم الأول، المزيد من الاحتجاجات فيما تحارب أوكرانيا من أجل تحقيق الوحدة. وقالت: «أعتقد أن هذه ليست النهاية لأنها كانت الثورة في الميدان، والآن أنها الحرب».
يذكر أن الاحتجاجات كانت اندلعت بعدما عدل الرئيس السابق فيكتور يانوكوفيتش فجأة عن توقيع اتفاق شراكة مع أوروبا ما أدى إلى الإطاحة به في فبراير الماضي ودفع بموسكو إلى الاستيلاء على شبه جزيرة القرم وضمها. وإثر ذلك بدأت أعمال العنف في الشرق الانفصالي وأدت إلى مقتل أكثر من 4300 شخص.
ميدانيا، قتل جندي أوكراني آخر ومدنيان في الشرق خلال اليومين الماضيين على الأقل، حسبما أعلن مسؤولون أمنيون أوكرانيون أمس. وكان سكرتير مجلس الأمن القومي الروسي نيكولاي باتروشيف حذر من أن النزاع في شرق أوكرانيا «سيتفاقم» في حال تقديم مساعدات أميركية عسكرية لكييف. وينفي الكرملين الاتهامات الغربية والأوكرانية بأنه يدعم المتمردين بمعدات عسكرية وعبر إرسال قوات، لكن العلاقات الدبلوماسية بين الطرفين وصلت إلى أدنى مستوياتها منذ الحرب الباردة بسبب النزاع الأوكراني. واتهمت كييف المدفعية الروسية أمس بإطلاق نيرانها على أراضيها.



ما دلالة تصنيف باراغواي «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً»؟

محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)
محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)
TT

ما دلالة تصنيف باراغواي «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً»؟

محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)
محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)

دفع تصنيف باراغواي «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً» إلى تساؤلات حول تأثير القرار على مستقبل التنظيم وعناصره. يأتي هذا في ظل تصاعد الصراع بين «قيادات (الإخوان) في الخارج» حول قيادة التنظيم. وقال باحثون في الحركات المتطرفة والإرهاب إن «قرار باراغواي أشار إلى ارتباط (الإخوان) بـ(تنظيمات الإرهاب)، وقد يدفع القرار دولاً أخرى إلى أن تتخذ قرارات مماثلة ضد التنظيم».
ووافقت اللجنة الدائمة بكونغرس باراغواي على «اعتبار (الإخوان) (تنظيماً إرهابياً) يهدد الأمن والاستقرار الدوليين، ويشكل انتهاكاً خطيراً لمقاصد ومبادئ الأمم المتحدة». جاء ذلك في مشروع قرار تقدمت به ليليان سامانيغو، رئيسة لجنة الشؤون الخارجية بالكونغرس المكوّن من 45 عضواً. وقال البرلمان في بيان نشره عبر موقعه الإلكتروني (مساء الخميس) إن «تنظيم (الإخوان) الذي تأسس في مصر عام 1928، يقدم المساعدة الآيديولوجية لمن يستخدم (العنف) ويهدد الاستقرار والأمن في كل من الشرق والغرب». وأضاف البيان أن «باراغواي ترفض رفضاً قاطعاً جميع الأعمال والأساليب والممارسات (الإرهابية)».
ووفق تقارير محلية في باراغواي، فإن باراغواي رأت في وقت سابق أن «(حزب الله)، و(القاعدة)، و(داعش) وغيرها، منظمات (إرهابية)، في إطار مشاركتها في الحرب على (الإرهاب)». وقالت التقارير إن «تصنيف (الإخوان) من شأنه أن يحدّ من قدرة هذه الجماعات على التخطيط لهجمات (إرهابية) وزعزعة استقرار الدول». كما تحدثت التقارير عن دول أخرى أقرت خطوات مماثلة ضد «الإخوان» من بينها، روسيا، والمملكة العربية السعودية، ومصر، والإمارات، والبحرين.
وتصنف دول عربية عدة «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً». وعدّت هيئة كبار العلماء في المملكة العربية السعودية التنظيم «جماعة إرهابية منحرفة» لا تمثل منهج الإسلام. وذكرت الهيئة في بيان لها، نوفمبر (تشرين الثاني) عام 2020، أن «(الإخوان) جماعة إرهابية لا تمثل منهج الإسلام وإنما تتبع أهدافها الحزبية المخالفة لهدي ديننا الحنيف، وتتستر بالدين وتمارس ما يخالفه من الفُرقة، وإثارة الفتنة، والعنف، والإرهاب». وحذّرت حينها من «الانتماء إلى (الإخوان) أو التعاطف مع التنظيم».
كذلك أكد مجلس الإمارات للإفتاء الشرعي أن كل مجموعة أو تنظيم يسعى للفتنة أو يمارس العنف أو يحرّض عليه، هو تنظيم إرهابي مهما كان اسمه أو دعوته، معتبراً «(الإخوان) تنظيماً (إرهابياً)».
وتحظر الحكومة المصرية «الإخوان» منذ عام 2014، وقد عدّته «تنظيماً إرهابياً». ويخضع مئات من قادة وأنصار التنظيم حالياً، وعلى رأسهم المرشد العام محمد بديع، لمحاكمات في قضايا يتعلق معظمها بـ«التحريض على العنف»، صدرت في بعضها أحكام بالإعدام، والسجن «المشدد والمؤبد».
وحسب الباحث المصري المتخصص في شؤون الحركات المتطرفة والإرهاب الدولي، منير أديب، فإن «تصنيف باراغواي (الإخوان) يؤكد الاتهامات التي توجَّه إلى التنظيم، بأن تنظيمات العنف خرجت من رحم (الإخوان)، أو أنها نهلت من أفكار التنظيم»، لافتاً إلى أن «قرار باراغواي أشار إلى أن (الإخوان) وفّر الحماية لتنظيمات التطرف التي نشأت في الشرق والغرب». وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن «قرار بعض الدول العربية في وقت سابق حظر (الإخوان) يعود إلى أمرين؛ الأول أن التنظيم مارس العنف، والآخر أن التنظيم وفّر الحماية لجماعات الإرهاب».
وفي وقت سابق أكدت وزارة الأوقاف المصرية «حُرمة الانضمام لـ(الإخوان)»، مشيرةً إلى أن التنظيم يمثل «الخطر الأكبر على الأمن القومي العربي». وفي فبراير (شباط) 2022 قالت دار الإفتاء المصرية إن «جميع الجماعات الإرهابية خرجت من عباءة (الإخوان)». وفي مايو (أيار) الماضي، قام مفتي مصر شوقي علام، بتوزيع تقرير «موثق» باللغة الإنجليزية على أعضاء البرلمان البريطاني يكشف منهج «الإخوان» منذ نشأة التنظيم وارتباطه بـ«التنظيمات الإرهابية». وقدم التقرير كثيراً من الأدلة على علاقة «الإخوان» بـ«داعش» و«القاعدة»، وانضمام عدد كبير من أعضاء «الإخوان» لصفوف «داعش» عقب عزل محمد مرسي عن السلطة في مصر عام 2013، كما لفت إلى أذرع «الإخوان» من الحركات المسلحة مثل «لواء الثورة» و«حسم».
وحول تأثير قرار تصنيف باراغواي «الإخوان» على «قيادات التنظيم في الخارج»، أكد الباحث المصري المتخصص في شؤون الحركات المتطرفة والإرهاب الدولي، أن «قرار باراغواي سوف يؤثر بالقطع على عناصر التنظيم في الخارج، لأن التنظيم يزعم أنه ينتشر في دول كثيرة حول العالم، ومثل هذا القرار يؤثر على عناصر (الإخوان) الموجودة في باراغواي وفي الدول المجاورة لها، كما أن القرار قد يدفع دولاً أخرى إلى اتخاذ قرار مماثل ضد (الإخوان)».
يأتي قرار باراغواي في وقت يتواصل الصراع بين «قيادات الإخوان في الخارج» حول منصب القائم بأعمال مرشد التنظيم. ويرى مراقبون أن «محاولات الصلح بين جبهتي (لندن) و(إسطنبول) لحسم الخلافات لم تنجح لعدم وجود توافق حول ملامح مستقبل التنظيم». والصراع بين جبهتي «لندن» و«إسطنبول» على منصب القائم بأعمال المرشد، سبقته خلافات كثيرة خلال الأشهر الماضية، عقب قيام إبراهيم منير، القائم بأعمال مرشد «الإخوان» السابق، بحلّ المكتب الإداري لشؤون التنظيم في تركيا، وقيامه بتشكيل «هيئة عليا» بديلة عن «مكتب إرشاد الإخوان». وتبع ذلك تشكيل «جبهة لندن»، «مجلس شورى» جديداً، وإعفاء أعضاء «مجلس شورى إسطنبول» الستة، ومحمود حسين (الذي يقود «جبهة إسطنبول»)، من مناصبهم.