الدولار يرتفع أمام الجنيه المصري في «السوق السوداء» إلى 7.7 جنيه

وصل إلى أعلى مستوياته في 19 شهرا

الدولار يرتفع أمام الجنيه المصري في «السوق السوداء» إلى 7.7 جنيه
TT

الدولار يرتفع أمام الجنيه المصري في «السوق السوداء» إلى 7.7 جنيه

الدولار يرتفع أمام الجنيه المصري في «السوق السوداء» إلى 7.7 جنيه

ارتفع الدولار الأميركي مقابل الجنية المصري بالسوق السوداء أمس إلى أعلى مستوياته في 19 شهرا، وهو ما عزاه المحللون إلى تسوية المراكز المالية للشركات الأجنبية الكبرى التي تستعد لتحويل أرباحها مع نهاية العام واقتراب موعد سداد وديعة قطرية بنحو 2.5 مليار دولار.
ولامس الدولار أمس بالسوق الموازية (الغير رسمية) مستوى 7.7 جنيه للبيع و7.65 جنيه للشراء، وهو أعلى مستوى له منذ أبريل (نيسان) من العام الماضي.
وعزا محللون أيضا التراجع الكبير في قيمة الجنيه إلى زيادة أوامر الاستيراد للشركات قبيل موسم العطلات الرسمية الذي يبدأ في أواخر ديسمبر (كانون الأول) المقبل، بالإضافة إلى هبوط إيرادات السياحة نتيجة الاضطرابات الأمنية خلال الأعوام الأخيرة في أكبر بلد عربي من حيث عدد السكان.
وقال محمد الصيرفي، مدير بإحدى شركات الصرافة، في وسط العاصمة المصرية القاهرة، إن «ارتفاع الطلب على الدولار في مثل هذا التوقيت من كل عام شيء مألوف وهو ما يؤدي بالتبعية إلى انخفاض قيمة الجنيه في مواجهة الدولار القوي». وأضاف الصيرفي أن «الطلب على الدولار مرتفع بشدة هذه الأيام مع تناقص واضح في المعروض منه، هناك طلبات لدينا حتى آخر العام لا نعرف تحديدا كيفية تلبيتها».
وتعاني مصر منذ ثورة 25 يناير (كانون الثاني) 2011 من أزمة اقتصادية تآكل معها احتياطي النقد الأجنبي في البلاد، من 36 مليار دولار بنهاية عام 2010 إلى 16.9 مليار دولار بنهاية الشهر الماضي. ومنذ يونيو (حزيران) 2012 وحتى الآن، قفز سعر الدولار مقابل الجنيه بنحو 115 قرشا، حيث كان الجنيه يتداول حينها عند مستوى 6.04 جنيه للشراء و6.07 جنيه للبيع.
وفي السوق الرسمية، يتداول الدولار مقابل 7.14 جنيه للشراء و7.17 جنيه للبيع، وفقا للبيانات المستقاة من موقع البنك المركزي المصري. وتابع الصيرفي: «قد يكون إغلاق عدد كبير من شركات الصيرفة سببا في تراجع المعروض من الدولار، وبالتالي يزيد الإقبال عليه في السوق السوداء».
وكان البنك المركزي قد قرر الأسبوع الجاري إيقاف أكثر من 10 شركات صرافة بسبب مخالفتها لقواعد البنك المتعلقة بالاتجار في النقد خلال الفترة الماضية، بعد يومين فقط من تصريحات لمحافظ البنك هشام رامز بشن حملة على السوق السوداء للدولار. وقال أحد المتعاملين في السوق السوداء للدولار، رافضا الكشف عن هويته مع تجريم القانون لتلك المعاملات: «الإقبال المرتفع على الدولار تغذيه أسواق المضاربات والرهانات على انخفاض قيمة الجنيه بعد أن تسترد قطر وديعتها». وتابع: «أعتقد أن الفترة المقبلة قد تشهد ارتفاعا كبيرا للدولار الذي ينتظر أن يتخطى حاجز الـ8 جنيهات».
وينتظر أن تسدد مصر لقطر خلال الشهر الجاري سندات قيمتها نحو 2.5 مليار دولار اقترضتها القاهرة إبان حكم الإخوان المسلمين يضاف إليها نحو 650 مليون دولار تستحق في يناير المقبل لخدمة الديون الخارجية لمصـر في إطار اتفاق نادي باريس.
ولكن محافظ البنك المركزي المصري قلل في تصريحات صحافية من احتمالية تأثير رد الوديعة القطرية على أسعار الصرف.
وقال رامز في مؤتمر صحافي بالعاصمة المصرية الأسبوع الماضي: «لن يكون هناك تأثير كبير على الاحتياطات الأجنبية في ظل تحسن ملحوظ لموارد النقد الأجنبي. نسعى للسيطرة على السوق السوداء في خلال عام من الآن».
وتابع رامز: «هناك مصادر أخرى ستعوض رد هذه الوديعة»، مؤكدا أنه «سيتم سد الفجوة التي سيحدثها رد هذه الوديعة من مصادر أخرى، من بينها المنحة الكويتية التي وصلت بالفعل».
وحصلت مصر على دعم من دول الخليج قدره الرئيس المصري في تصريحات بنحو 20 مليار دولار. وفي مطلع الشهر الجاري، تسلمت مصر من الكويت فعليا مبلغ مليار دولار كمنحة من الحكومة.
وقالت علياء المبيض، الخبيرة المصرفية لدى باركليز كابيتال، لـ«الشرق الأوسط»: «من الممكن أن نرى البنك المركزي يتحرك بقوة لدعم الدولار من خلال مجموعة من العطاءات الاستثنائية، والتي من شأنها أن ترفع نسبة المعروض من الدولار، بما يعد ضربة قاسية للسوق السوداء للعملة».
واستحدث البنك المركزي في أواخر عام 2012 نظاما جديدا لتوفير السيولة الدولارية للبنوك المحلية، وذلك من خلال آلية العطاءات.
ويطرح البنك نحو 3 عطاءات أسبوعية بشكل منتظم، بالإضافة إلى العطاءات الاستثنائية. وتجرى هذه العطاءات بنظام المزايدة من أجل الوصول إلى قيمة عادلة للجنيه أمام الدولار.
وتبلغ قيمة العطاءات الدولارية التي طرحها البنك المركزي 8.16 مليار دولار حتى نهاية أبريل الماضي، وفقا للبيانات المستقاة من موقع البنك المركزي المصري، إضافة إلى عطاءات استثنائية بقيمة 4.2 مليار دولار.
وقال هاني عمارة، اقتصادي أول لدى «سي.اي فايننشال سرفيس» إن «ما يشهده الجنيه من ضعف هذه الأيام يرجع إلى هبوط في إيرادات العملة الصعبة فيما يتعلق بالسياحة وتحويلات المصريين من الخارج، إضافة إلى استعداد الشركات الأجنبية العاملة بالسوق لتحويل أرباحها وتسوية مراكزها المالية».
* الوحدة الاقتصادية لـ«الشرق الأوسط»



«الفيدرالي» على وشك خفض الفائدة مجدداً يوم الأربعاء

مبنى «الاحتياطي الفيدرالي» في واشنطن (رويترز)
مبنى «الاحتياطي الفيدرالي» في واشنطن (رويترز)
TT

«الفيدرالي» على وشك خفض الفائدة مجدداً يوم الأربعاء

مبنى «الاحتياطي الفيدرالي» في واشنطن (رويترز)
مبنى «الاحتياطي الفيدرالي» في واشنطن (رويترز)

من المتوقع على نطاق واسع أن يخفض بنك الاحتياطي الفيدرالي تكاليف الاقتراض خلال اجتماعه، يوم الأربعاء المقبل، مع احتمال أن يسلط المسؤولون الضوء على كيفية تأثير البيانات الاقتصادية الأخيرة على قراراتهم بشأن أسعار الفائدة في العام المقبل.

وتضع الأسواق المالية في الحسبان احتمالات بنسبة 97 في المائة أن يخفض بنك الاحتياطي الفيدرالي سعر الفائدة على الأموال الفيدرالية بمقدار ربع نقطة مئوية، ليصبح النطاق بين 4.25 في المائة و4.5 في المائة، وفقاً لأداة «فيد ووتش».

ومع ذلك، تضاءل مبرر بنك الاحتياطي الفيدرالي لخفض الفائدة مؤخراً بعد التقارير التي تشير إلى أن التضخم لا يزال مرتفعاً بشكل مستمر مقارنةً بالهدف السنوي لـ«الفيدرالي» البالغ 2 في المائة، في حين أن سوق العمل لا تزال قوية نسبياً. وكان البنك قد خفض أسعار الفائدة في سبتمبر (أيلول) ونوفمبر (تشرين الثاني) بعد أن أبقاها عند أعلى مستوى في عقدين طوال أكثر من عام، في محاولة للحد من التضخم المرتفع بعد الوباء.

ويؤثر سعر الأموال الفيدرالية بشكل مباشر على أسعار الفائدة المرتبطة ببطاقات الائتمان، وقروض السيارات، وقروض الأعمال. ومن المتوقع أن تكون أسعار الفائدة المرتفعة في الوقت الحالي عقبة أمام النشاط الاقتصادي، من خلال تقليص الاقتراض، مما يؤدي إلى تباطؤ الاقتصاد لتخفيف الضغوط التضخمية والحفاظ على الاستقرار المالي.

لكن مهمة بنك الاحتياطي الفيدرالي لا تقتصر فقط على مكافحة التضخم، بل تشمل أيضاً الحد من البطالة الشديدة. وفي وقت سابق من هذا الخريف، أدى تباطؤ سوق العمل إلى زيادة قلق مسؤولي البنك بشأن هذا الجزء من مهمتهم المزدوجة، مما دفعهم إلى خفض أسعار الفائدة بمقدار 50 نقطة أساس في سبتمبر. ورغم ذلك، تباطأ التوظيف، فيما تجنب أصحاب العمل تسريح العمال على نطاق واسع.

توقعات الخبراء بتخفيضات أقل في 2025

تدور الأسئلة المفتوحة في اجتماع الأربعاء حول كيفية موازنة بنك الاحتياطي الفيدرالي بين أولويتيه في مكافحة التضخم والحفاظ على سوق العمل، وكذلك ما سيقوله رئيس البنك جيروم باول، عن التوقعات المستقبلية في المؤتمر الصحفي الذي سيعقب الاجتماع. وبينما تبدو التحركات المتعلقة بأسعار الفائدة في الأسبوع المقبل شبه مؤكدة، فإن التخفيضات المستقبلية لا تزال غير واضحة.

وعندما قدم صناع السياسات في بنك الاحتياطي الفيدرالي آخر توقعاتهم الاقتصادية في سبتمبر، توقعوا خفض المعدل إلى نطاق يتراوح بين 3.25 في المائة و4.5 في المائة بحلول نهاية عام 2025، أي بتقليص بنسبة نقطة مئوية كاملة عن المستوى المتوقع في نهاية هذا العام.

وتوقع خبراء الاقتصاد في «ويلز فارغو» أن التوقعات الجديدة ستُظهر ثلاثة تخفيضات ربع نقطة فقط في عام 2025 بدلاً من أربعة، في حين توقع خبراء «دويتشه بنك» أن البنك سيُبقي على أسعار الفائدة ثابتة دون خفضها لمدة عام على الأقل. فيما تتوقع شركة «موديز أناليتيكس» خفض أسعار الفائدة مرتين في العام المقبل.

التغيير الرئاسي وتأثير التعريفات الجمركية

يشكّل التغيير في الإدارة الرئاسية تحدياً كبيراً في التنبؤ بمستقبل الاقتصاد، حيث يعتمد مسار التضخم والنمو الاقتصادي بشكل كبير على السياسات الاقتصادية للرئيس المقبل دونالد ترمب، خصوصاً فيما يتعلق بالتعريفات الجمركية الثقيلة التي تعهَّد بفرضها على الشركاء التجاريين للولايات المتحدة في أول يوم من رئاسته.

وتختلف توقعات خبراء الاقتصاد بشأن شدة تأثير هذه التعريفات، سواء كانت مجرد تكتيك تفاوضي أم ستؤدي إلى تأثيرات اقتصادية كبيرة. ويعتقد عديد من الخبراء أن التضخم قد يرتفع نتيجة لنقل التجار تكلفة التعريفات إلى المستهلكين.

من جهة أخرى، قد تتسبب التعريفات الجمركية في إضعاف الشركات الأميركية والنمو الاقتصادي، مما قد يضطر بنك الاحتياطي الفيدرالي إلى خفض أسعار الفائدة لدعم الشركات والحفاظ على سوق العمل. كما يواجه البنك تحدياً في فصل تأثيرات التعريفات الجمركية عن العوامل الأخرى التي تؤثر في التوظيف والتضخم.

وتزداد هذه القضايا غير المحسومة وتزيد من تعقيد حسابات بنك الاحتياطي الفيدرالي، مما قد يدفعه إلى اتباع نهج أكثر حذراً بشأن تخفيضات أسعار الفائدة في المستقبل. كما أشار مات كوليار من «موديز أناليتيكس» إلى أن التغيرات المحتملة في السياسة التجارية والمحلية تحت إدارة ترمب قد تضيف طبقة إضافية من عدم اليقين، مما يدعم الحاجة إلى نهج الانتظار والترقب من لجنة السوق المفتوحة الفيدرالية.