الصراع بين البرلمانين الحالي والسابق في ليبيا ينتقل إلى الدستور والأمم المتحدة

مجلس النواب يطوق محاولة لإدانة قادة عملية «الكرامة» بقيادة حفتر

بناية مدمرة بعد أن كانت تستخدم كمقر عسكري في مدينة الزاوية إثر سيطرة قوات فجر ليبيا على المنطقة (غيتي)
بناية مدمرة بعد أن كانت تستخدم كمقر عسكري في مدينة الزاوية إثر سيطرة قوات فجر ليبيا على المنطقة (غيتي)
TT

الصراع بين البرلمانين الحالي والسابق في ليبيا ينتقل إلى الدستور والأمم المتحدة

بناية مدمرة بعد أن كانت تستخدم كمقر عسكري في مدينة الزاوية إثر سيطرة قوات فجر ليبيا على المنطقة (غيتي)
بناية مدمرة بعد أن كانت تستخدم كمقر عسكري في مدينة الزاوية إثر سيطرة قوات فجر ليبيا على المنطقة (غيتي)

في تصعيد جديد للأزمة السياسية في ليبيا، طلب المؤتمر الوطني العام (البرلمان السابق المنتهية ولايته)، من اللجنة المكلفة كتابة الدستور الجديد للبلاد موافاته بنتيجة عملها خلال الفترة الماضية، كما أعلن عن إقالة إبراهيم الدباشي، مندوب ليبيا الدائم لدى الأمم المتحدة، من منصبه، بينما رفض مجلس النواب والحكومة الانتقالية المنبثقة منه برئاسة عبد الله الثني هذا القرار.
ووجه أمس نوري أبو سهمين، رئيس المؤتمر الوطني، رسالة إلى علي الترهوني، رئيس الهيئة التأسيسية لصياغة مشروع الدستور، قال فيها: «امتثالا لحكم الدائرة الدستورية بالمحكمة العليا التي قضت بعدم دستورية الفقرة 11 من المادة 30 من التعديل الدستوري السابع، وما ترتب عليها من آثار، واطلاعا للرأي العام الليبي واستكمالا للاستحقاقات الدستورية للمرحلة الانتقالية، يؤمل من سيادتكم موافاتنا بما توصلتم إليه في إعداد مشروع الدستور حتى يتسنى لنا القيام بالمهام الدستورية المنوطة بنا».
وتمثل الرسالة تصعيدا جديدا للنزاع السياسي الدائر منذ بضعة أشهر بين البرلمانين السابق والحالي، لكنها تشكل أيضا تحديا جديدا أمام مجلس النواب المنتخب الذي يحظى بالاعتراف الدولي والمحلي.
وقال مسؤول حكومي لـ«الشرق الأوسط»، إن البرلمان السابق يحاول تصعيد المواجهة السياسية ضد الشرعية المعترف بها دوليا والممثلة في مجلس النواب وحكومة الثني، مشيرا إلى أن أي مخاطبة موجهة من رئيس البرلمان السابق إلى أي جهة ليبية لا يعتد بها. وأضاف أن «الإشراف على كتابة وصياغة الدستور الجديد للبلاد من مهام مجلس النواب المنتخب باعتباره الجهة الشرعية الوحيدة في البلاد».
لكن نفس المسؤول حذر هيئة الدستور من «الانسياق وراء جهات غير شرعية تتحدى إرادة الشعب الليبي بقوة السلاح».
من جهة أخرى، أعلن عمر حميدان، الناطق باسم البرلمان السابق، عقب جلسة عقدها أعضاء البرلمان برئاسة أبو سهمين أمس في العاصمة الليبية طرابلس، أن البرلمان السابق أصدر قرارا بإقالة الدباشي من منصبه، مشيرا إلى أن المؤتمر الوطني طالب من وزير خارجية حكومة عمر الحاسي تعيين رئيس مؤقت للبعثة من أفرادها الحاليين خلال أيام.
ولم يصدر على الفور أي تعليق رسمي من حكومة الثني أو مجلس النواب المنتخب اللذين يتخذان من مدينتي البيضاء وطبرق بأقصى الشرق الليبي مقرا لهما، لكن مصادر ليبية رسمية قالت في المقابل لـ«الشرق الأوسط»، إن هذا الإجراء الذي اتخذه البرلمان السابق لا يعني شيئا لأنه جهة غير شرعية ولا تحظى باعتراف الشعب الليبي أو المجتمع الدولي.
وتصدر موضوع إقالة الدباشي الذي لعب دورا بارزا كدبلوماسي خلال الثورة التي أطاحت بنظام حكم العقيد الراحل معمر القذافي عام 2011 بمساعدة حلف شمال الأطلنطي (الناتو)، جدول أعمال الاجتماع الذي عقده البرلمان السابق أمس.
ولفت أبو سهمين إلى ما وصفه بالظروف الصعبة التي يمر بها الشعب الليبي وما تتعرض له مدينة بنغازي في شرق البلاد من إبادة جماعية تحت مرأى ومسمع من العالم بأسره، على حد تعبيره. وقارن في كلمته أمام أعضاء البرلمان السابق بين تحرك مجلس الأمن والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية في حال تعرض الكيان الصهيوني لأي مشكلة، بينما تتعرض مدينة ككلة لإبادة جماعية دون تحريك أي ساكن.
ورأى أنه يجب على المؤتمر الوطني أن يتعهد بالتوقيع على ميثاق الشرف، والامتثال إلى مبادئ حاكمة تكون أولوياتها التعهد بالقطيعة التامة مع أركان النظام السابق، وتجريم عملية الكرامة التي دشنها الجيش الوطني الليبي بقيادة اللواء خليفة حفتر.
وبدا أن هذه التصريحات هي بمثابة رد على بيان أصدره مجلس النواب المنتخب بمقره في طبرق وأعلن فيه دعمه المطلق للجيش ورئاسة الأركان المنتخبة في الحرب ضد الجماعات الإرهابية في ليبيا.
وخشية تضمينهم في قوائم الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي ومحكمة الجنايات الدولية ضمن «مجرمي الحرب التي تشملهم العقوبات والملاحقات القانونية»، أكد البرلمان في بيانه أن «عملية الكرامة وقادتها، عملية عسكرية شرعية تابعة لرئاسة الأركان العامة للجيش والحكومة الليبية المؤقتة، وأنها استمدت شرعيتها وتستمدها من الشعب الليبي».
وأكد أن «مجلس النواب اختار مدينة طبرق مقرا له حتى لا يكون مسلوب الإرادة أو مقيدا أو مجبرا تحت أي ضغوط كانت شعبية أم عسكرية»، مشيرا إلى أن «الجيش الوطني الليبي يخوض مع الشعب كتفا بكتف الحرب على الإرهاب ليس نيابة عن الشعب الليبي فقط، بل عن العالم الحر والقيم الإنسانية ومبادئ الدين الحنيف».
وتظاهر المئات من المواطنين الداعمين لحفتر وعملية الكرامة في مدينة طبرق لمطالبة مجلس النواب بإنشاء مجلس عسكري للبلد بقيادة حفتر، وإلغاء قرار أصدره البرلمان السابق بتقاعد عدد من كبار ضباط الجيش من بينهم حفتر وقائد سلاحه الجوي العميد صقر الجروشي.
في المقابل، دعا أبو سهمين إلى «تجريم كل من دعا ويدعو إلى الاستعانة بالأجنبي، وكل من وصف الثوار بالإرهابيين، وكل من ساند عصابات الصواعق والقعقاع، وما يسمى جيش القبائل، ومن اعتدى على ممتلكات الدولة من موانئ وحقول نفطية، ووقع اتفاقيات ضيع بها سيادة الدولة وأموالها»، كما دعا إلى «التمسك بالشريعة الإسلامية ونبذ التطرف والإرهاب، والإسراع ببناء مؤسستي الجيش والشرطة والمؤسسات الأمنية اللازمة التي يكون ولاؤها لله ثم للوطن».
وقال إن هناك أموالا ضخمة نهبت من خزينة الشعب الليبي تقدر بالمليارات منذ بداية التحرير وأيام المجلس الانتقالي والحكومات السابقة والمكتب التنفيذي والمؤتمر الوطني، مشيرا إلى أن وزير الخارجية الأميركي أبلغه على هامش مؤتمر روما، بحضور مسؤولين حكوميين ليبيين، بأن لدى الولايات المتحدة 60 مليار دولار على هيئة ودائع ليبية.
ويسعى أنصار التيار المتطرف الذي يسيطر على العاصمة الليبية منذ شهر يوليو (تموز) الماضي بقوة السلاح تحت ما يسمى عملية فجر ليبيا، إلى إقالة مبعوث الأمم المتحدة الخاص إلى ليبيا برناندينو ليون، بعد اتهامه بعدم الحيادية في الصراع السياسي الدائر في البلاد.
ونظم هؤلاء وقفة احتجاجية أمام مقر بعثة الأمم المتحدة بمنطقة جنزور بالعاصمة طرابلس، سلموا خلالها إلى المنسق المقيم التابع للبعثة رسالة يطالبونه فيها بالوقوف على نفس المسافة أمام كل الأطراف السياسية الليبية والعمل بكل حياد.
وفي وقت سابق، شكا المكتب الإعلامي لعملية فجر ليبيا من أن بعثة الأمم المتحدة في طرابلس رفضت تسلم المذكرة التي تطالب الأمين العام للأمم المتحدة بضرورة تغيير ليون، لما وصفه بـ«موقفه المتآمر على ليبيا».
وقال المكتب في بيان بثه عبر صفحته الرسمية على موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك»: «فوجئنا برفض أعضاء المكتب قبولهم هذه المذكرة وعدم تسلمها من مؤسسات المجتمع المدني»، معتبرا أن هذه الحادثة هي أيضا سابقة لم تحصل أبدا في تاريخ الأمم المتحدة ومكاتبها الداعمة، على حد قوله.
واتهمت الحكومة الليبية المؤقتة قوات فجر ليبيا بـ«قمع الحراك الشعبي» خلال الذكرى الأولى لأحداث غرغور، وقالت في بيان لها، إن «الحراك السلمي الذي شهدته طرابلس خلال اليومين الماضيين تعرض لقمع دموي من قبل المجموعات المسلحة المنضوية تحت قوات فجر ليبيا بقوة السلاح».
وبعدما أدانت عمليات القمع التي تمارسها هذه المجموعات، اعتبرت أن «هذه الجرائم لن تسقط بالتقادم»، كما تعهدت بأن «تنال هذه المجموعات الخارجة عن الشرعية جزاءها العادل».
وتعاني ليبيا من أزمة سياسية خانقة متمثلة في صراع بين جهتين تشريعيتين لكل منهما حكومتها وجيشها، إضافة إلى الأزمة العسكرية المتمثلة في الصراع المسلح في معظم المدن الليبية، ولا سيما أكبرها طرابلس وبنغازي.
وتسيطر قوات فجر ليبيا على طرابلس بعد اشتباكات استمرت أكثر من 45 يوما بمحيط مطار طرابلس الدولي مع قوات الزنتان، أدت إلى مقتل أكثر من 250 وإصابة أكثر من ألف آخرين.



مصر: «حماس» ستطلق سراح 33 محتجزاً مقابل 1890 فلسطينياً في المرحلة الأولى للاتفاق

طفل يحمل العلم الفلسطيني فوق كومة من الأنقاض في وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)
طفل يحمل العلم الفلسطيني فوق كومة من الأنقاض في وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)
TT

مصر: «حماس» ستطلق سراح 33 محتجزاً مقابل 1890 فلسطينياً في المرحلة الأولى للاتفاق

طفل يحمل العلم الفلسطيني فوق كومة من الأنقاض في وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)
طفل يحمل العلم الفلسطيني فوق كومة من الأنقاض في وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)

أعلنت وزارة الخارجية المصرية، السبت، أن المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار في غزة ستشهد إطلاق حركة «حماس» سراح 33 محتجزاً إسرائيلياً مقابل 1890 فلسطينياً.

وعبرت الوزارة، في بيان، عن أملها في أن يكون الاتفاق البداية لمسار يتطلب تكاتف الجهود الإقليمية والدولية لتخفيف معاناة الشعب الفلسطيني.

ودعت مصر المجتمع الدولي، خاصة الولايات المتحدة، لدعم وتثبيت الاتفاق والوقف الدائم لإطلاق النار، كما حثت المجتمع الدولي على تقديم كافة المساعدات الإنسانية للشعب الفلسطيني، ووضع خطة عاجلة لإعادة إعمار غزة.

وشدد البيان على «أهمية الإسراع بوضع خارطة طريق لإعادة بناء الثقة بين الجانبين، تمهيداً لعودتهما لطاولة المفاوضات، وتسوية القضية الفلسطينية، في إطار حل الدولتين، وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على خطوط الرابع من يونيو (حزيران) 1967 وعاصمتها القدس».

وأشارت الخارجية المصرية إلى التزامها بالتنسيق مع الشركاء: قطر والولايات المتحدة، للعمل على التنفيذ الكامل لبنود اتفاق وقف إطلاق النار من خلال غرفة العمليات المشتركة، ومقرها مصر؛ لمتابعة تبادل المحتجزين والأسرى، ودخول المساعدات الإنسانية وحركة الأفراد بعد استئناف العمل في معبر رفح.

وكانت قطر التي أدت مع مصر والولايات المتحدة وساطة في التوصل لاتفاق وقف إطلاق النار، أعلنت أن 33 رهينة محتجزين في غزة سيتم الإفراج عنهم في إطار المرحلة الأولى من الاتفاق.

وكانت وزارة العدل الإسرائيلية أعلنت أن 737 معتقلا فلسطينيا سيُطلق سراحهم، إنما ليس قبل الساعة 14,00 ت غ من يوم الأحد.

ووقف إطلاق النار المفترض أن يبدأ سريانه الأحد هو الثاني فقط خلال 15 شهرا من الحرب في قطاع غزة. وقُتل أكثر من 46899 فلسطينيا، معظمهم مدنيون من النساء والأطفال، في الحملة العسكرية الإسرائيلية في غزة، وفق بيانات صادرة عن وزارة الصحة التي تديرها حماس وتعتبرها الأمم المتحدة موثوقا بها.

وأعربت الخارجية المصرية في البيان عن «شكرها لدولة قطر على تعاونها المثمر»، كما ثمّنت «الدور المحوري الذي لعبته الإدارة الأميركية الجديدة بقيادة الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب لإنهاء الأزمة إلى جانب الرئيس الأميركي جو بايدن».