إيران تقر بالرد على خطابات أوباما إلى المرشد الأعلى

شمخاني أكد أن بلاده سمحت للمفتشين الدوليين بدخول مواقع عسكرية

إيران تقر بالرد على خطابات  أوباما إلى المرشد الأعلى
TT

إيران تقر بالرد على خطابات أوباما إلى المرشد الأعلى

إيران تقر بالرد على خطابات  أوباما إلى المرشد الأعلى

أكد الجنرال علي شمخاني، أمين المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني، أمس، أن بلاده ردت على خطابات الرئيس الأميركي باراك أوباما إلى المرشد الأعلى الإيراني آية الله علي خامنئي. وخلال لقاء مع أعضاء المجلس الأعلى للأمن القومي، شدد شمخاني على سياسة إيران حيال الأزمة النووية والإقليمية، معتبرا أن «سياسة الولايات المتحدة الكارثية في منطقة الشرق الأوسط» هي أصل «كل المشكلات».
وعقب 3 أيام شهدت مفاوضات مكثفة بين محمد جواد ظريف وزير الخارجية الإيراني مع نظيره الأميركي جون كيري في مسقط، تعكف القيادة الإيرانية حاليا على دراسة تفاصيل العرض الأميركي إزاء إغلاق الملف النووي الإيراني. ومن المعلوم سلفا استعداد الولايات المتحدة لتقبل احتفاظ إيران بقدرات تخصيب اليورانيوم لديها شريطة خضوعها لتدابير رقابية جدا صارمة. ومن المقرر أن تبقى تلك القدرات أدنى من المستوى الإيراني المقصود لامتلاك أجهزة الطرد المركزية، وعلى الرغم من ذلك فهي تعد خطوة إلى الأمام على سبيل التسوية من قبل الولايات المتحدة لعقد الصفقة مع إيران.
وبشأن المفاوضات النووية، اعتبر شمخاني أن بلاده تعاونت مع الدول الدائمة العضوية في مجلس الأمن وألمانيا، مضيفا أن طهران سمحت للوكالة الدولية للطاقة الذرية بأن تفتش المواقع النووية بالإضافة إلى مواقع عسكرية، بحسب موقع «الدبلوماسية الإيرانية». وهذه تعتبر المرة الأولى التي يقر فيها مسؤول إيراني رفيع المستوى بالسماح لمفتشين دوليين بزيارة مواقع عسكرية.
وشمخاني، المعروف عنه صلته الوثيقة بكل من الرئيس الإيراني حسن روحاني وكذلك الرئيس السابق هاشمي رفسنجاني، وفي نبرة نادرة سُمعت منه، كان منتقدا للسياسة الخارجية الأميركية المتسمة بالتناقض في المنطقة وكذلك حيال إيران. وقد اعترف شمخاني أيضا بالقدر العميق من التعاون الذي أبدته إيران مع مجموعة (5+1) ومع الوكالة الدولية للطاقة الذرية من خلال السماح بالوصول إلى منشآتها النووية، فضلا عن العسكرية منها، وذلك لدحض أي شكوك تثار حول النوايا النووية الإيرانية. ولأول مرة في التاريخ، يقر مسؤول إيراني بارز بالسماح بالدخول إلى القواعد العسكرية الإيرانية.
وبدوره، سخر علي لاريجاني، الرجل المحافظ والرئيس الحالي للبرلمان الإيراني، من كتابة أوباما خطابا موجها إلى خامنئي، حيث قال: «حينما يكتب أحدهم خطابا عاطفيا، لا ينبغي لأفعاله أن تتسم بالبلطجة كذلك».
ومن المفارقات الآنية، فالحكومة الإيرانية تحت قيادة الرئيس حسن روحاني تقوم مقام الوسيط فيما بين القوى الغربية والفصيل الإيراني المحافظ القوي وثيق العلاقة وقريب الصلة بالمرشد الأعلى آية الله علي خامنئي.
وصرح روحاني أمس بأن السياسة الداخلية يجب ألا تؤثر في المفاوضات النووية بين إيران والدول العظمى، في إشارة إلى الفوز الأخير للجمهوريين في مجلس الشيوخ الأميركي. وقال روحاني، على هامش اجتماع لمجلس الوزراء نقله التلفزيون: «إذا كان لإحدى الدول الأعضاء في مجموعة (5+1) مشكلة داخلية أو أنها كسبت أو خسرت انتخابات، فهذا لا يعنينا، وعلى كل دولة معالجة مشكلاتها محليا». وأضاف: «إنه أمر غير منطقي.. أن تبرز هذه المشكلة على مستوى المفاوضات».
هذا وقد كُلف الوزير ظريف وفريقه الخاص إجراء المفاوضات مع مجموعة «5+1»، وعلى الأخص مع حكومة الولايات المتحدة تحقيقا لهدفين واضحين؛ أولهما المحافظة على المنشآت النووية الإيرانية، وثانيهما رفع كل العقوبات الاقتصادية التي أخضعت الاقتصاد الإيراني لحالة من الضغط المرهق الشديد.
وأوضح مسوؤل إيراني - طلب من «الشرق الأوسط» عدم الكشف عن هويته - أن «إيران حريصة على التوصل إلى اتفاق مباشر وواضح مع إيران حول الملف النووي مقابل رفع منطقي للعقوبات، ولكن إيران أيضا تسعى إلى الدخول في مفاوضات إقليمية مع دول إقليمية حول القضايا الأمنية المتعددة بعد (إبرام) الاتفاق النووي».



بعد ضرباتها في سوريا... إسرائيل تفترض «السيناريو الأسوأ»

دبابات إسرائيلية تتنقل بين السياجين داخل المنطقة العازلة بين إسرائيل وسوريا (إ.ب.أ)
دبابات إسرائيلية تتنقل بين السياجين داخل المنطقة العازلة بين إسرائيل وسوريا (إ.ب.أ)
TT

بعد ضرباتها في سوريا... إسرائيل تفترض «السيناريو الأسوأ»

دبابات إسرائيلية تتنقل بين السياجين داخل المنطقة العازلة بين إسرائيل وسوريا (إ.ب.أ)
دبابات إسرائيلية تتنقل بين السياجين داخل المنطقة العازلة بين إسرائيل وسوريا (إ.ب.أ)

يرى محللون أن إسرائيل بتنفيذها ضربات واسعة على أهداف عسكرية سورية، وسيطرتها على المنطقة العازلة الخاضعة لمراقبة الأمم المتحدة في مرتفعات الجولان، تسعى إلى «تجنّب الأسوأ» بعد سقوط حكم آل الأسد.

وقال يوسي ميكيلبرغ، المتخصص في شؤون الشرق الأوسط في معهد تشاتام هاوس في لندن، إن «الحكومة الإسرائيلية... تتصرف على أساس أسوأ السيناريوهات»، وفقاً لـ«وكالة الصحافة الفرنسية».

وأشار محللون إلى أن بقاء بشار الأسد في السلطة كان أهون الشرور بالنسبة إلى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، رغم تحالفه مع إيران، العدو اللدود للدولة العبرية، وحليفها «حزب الله» اللبناني، وذلك خوفاً من أن تؤدي إطاحته إلى فوضى.

وبُعيد سقوط الأسد، الأحد، شنّت إسرائيل خلال 48 ساعة مئات الضربات من الجو والبحر، قالت إنها طالت «أغلبية مخزونات الأسلحة الاستراتيجية في سوريا؛ خشية سقوطها بيد عناصر إرهابية».

واحتلت إسرائيل معظم هضبة الجولان السورية خلال حرب يونيو (حزيران) عام 1967. وبعد حرب أكتوبر (تشرين الأول) 1973، أُقيمت منطقة عازلة منزوعة السلاح تحت سيطرة الأمم المتحدة، عقب اتفاق لفض الاشتباك بين القوات الإسرائيلية والسورية عام 1974. وضمت إسرائيل القسم المحتل من الجولان عام 1981، في خطوة لم يعترف بها المجتمع الدولي باستثناء الولايات المتحدة.

ومنذ اتفاق فض الاشتباك، لم تشهد جبهة الجولان أي تحرك عسكري من جانب سوريا.

والآن، يبدو أن القادة الإسرائيليين يخشون أن تكون الفوضى قد حلّت في سوريا أصلاً، ويتصّرفون وفقاً لذلك.

وفي يوم سقوط الأسد، أعلن نتنياهو أن اتفاق 1974 انهار، وأمر قواته بالسيطرة على المنطقة العازلة.

وقالت الولايات المتحدة، الداعم الرئيسي للدولة العبرية، إن انتشار القوات الإسرائيلية في المنطقة العازلة يجب أن يكون «مؤقتاً»، بعدما قالت الأمم المتحدة إن إسرائيل تنتهك اتفاق الهدنة عام 1974.

ومذاك، شن الجيش الإسرائيلي مئات الضربات ضد أصول عسكرية سورية، مستهدفاً خصوصاً مخازن أسلحة كيميائية ودفاعات جوية تابعة للبحرية السورية؛ لإبعادها عن أيدي المقاتلين.

وقد دعا مبعوث الأمم المتحدة إلى سوريا غير بيدرسن إلى وقف فوري لعمليات القصف الإسرائيلية.

من جهته، قال المحلّل داني سيترينوفيتش، من معهد دراسات الأمن القومي في تل أبيب، إنه يتوقع أن توسّع إسرائيل ضرباتها، موضحاً: «كل شيء استراتيجي في سوريا (...) الصواريخ والطائرات، وكذلك مركز البحوث العلمية (التابع لوزارة الدفاع)، كل شيء سيقصف».

وأضاف: «لا نعرف من سيتصدى لنا من الجانب السوري، سواء كان تنظيم (القاعدة) أو (داعش) أو أي تنظيم آخر، لذلك علينا أن نكون مستعدين لحماية مدنيينا».

وقال وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، إنه مع رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، أصدر تعليمات للجيش «بإقامة منطقة خالية تماماً من السلاح والتهديدات الإرهابية في جنوب سوريا من دون وجود إسرائيلي دائم».

وقال أفيف أوريغ، المحلل في مركز المعلومات مئير عميت، إن مصدر القلق الرئيسي على المدى القصير بالنسبة إلى إسرائيل هو المخزونات المتبقية من الأسلحة الكيميائية، وغيرها من الأسلحة الاستراتيجية.

وذكّر بالماضي الجهادي لبعض فصائل المعارضة السورية، موضحاً: «إذا وقعت هذه الأسلحة بين أيديهم فمن يدري ماذا سيفعلون بها؟».

لكنّ ميكلبرغ رأى أن تلك الطريقة «ليست الأفضل لبناء الجسور مع الحكومة الجديدة»، لافتاً إلى كثافة الضربات الإسرائيلية وحجمها.

الأكراد والدروز

وفي وقت يسود فيه تفاؤل في سوريا بشأن مستقبل البلاد، يتوقع بعض المحللين الإسرائيليين أن تكون البلاد مجزأة.

وقال إيال بينكو، وهو ضابط بحري متقاعد وخبير أمني، إنه يتوقع أن تنقسم سوريا إلى مجموعات إثنية - دينية، موضحاً: «أعتقد أنه لن تعود هناك سوريا».

من هذا المنطلق، يمكن لإسرائيل أن تختار مجموعات دون أخرى للعمل معها.

والاثنين، قال وزير الخارجية جدعون ساعر إن أكراد سوريا الذين وصفهم بأنهم «قوة الاستقرار»، يجب أن يتمتعوا بحماية المجتمع الدولي، فيما تحدث سابقاً عن العمل مع الأكراد في شمال شرقي البلاد والدروز في الجنوب.

وقال بينكو: «لا أعتقد أنهم سيحكمون سوريا... لكن إسرائيل ستحاول الدخول في سلام مع من يرغب فيه».

من جهته، رأى ميكيلبرغ أن العمل العسكري في الجولان، وتفضيل مجموعات على أخرى، سيشكلان خطأ من شأنه أن يضر بأي علاقة مستقبلية.

محادثات نووية

على مدى عقود، كانت سوريا حليفاً وثيقاً لطهران، والركيزة الأساسية للجسر البري الذي كانت تصل عبره الأسلحة الإيرانية إلى «حزب الله».

وبعدما تضرر بشدّة خلال حربه الأخيرة مع إسرائيل، قد يجد «حزب الله» الآن صعوبة في إعادة تسليحه دون روابط بسوريا.

وقال سيترينوفيتش إن سوريا «أساسية» بالنسبة إلى «حزب الله»، «وأنا أقول إنه دون سوريا تحت تأثير إيران، فلن يكون هناك في الواقع محور مقاومة».

وأيّده بينكو في ذلك قائلاً: «الخطر المرتبط بالمحور، (حزب الله) وسوريا وإيران والميليشيات العراقية أيضاً، أقل بكثير» الآن.

لكن السؤال الأهم هو: كيف يمكن لإيران أن ترد بينما أصبح موقفها أضعف؟ وقال سيترينوفيتش إن طهران قد «تسارع لإنتاج قنبلة (نووية)».

وهو ما قاله أيضاً أوريغ، مشيراً إلى أن ذلك يشكّل مصدر القلق الاستراتيجي الرئيسي لإسرائيل؛ «لأنه عندما تتعامل مع إيران مسلّحة نووياً، فإن الأمر سيكون مختلفاً تماماً».

إذا بدأت إيران تصنيع أسلحة ذرية، فقد تقرر إسرائيل القيام بعمل عسكري كما يتوقع البعض، لكنّ آخرين قدموا فرضية بديلة، وهي أنه يمكن جعل إيران تتفاوض بعدما أُضعفت الآن.