الحكومة العراقية تتجاهل الأنباء عن قيادة قاسم سليماني معارك آمرلي وجرف الصخر

الإعلام الإيراني يؤكد أن الجنرال الإيراني قاد متطوعي «الحشد الشعبي» في معارك مهمة

صورة نشرها موقع جريدة «العصر» الإيرانية لقاسم سليماني مع قوات البيشمركة الكردية في الأراضي العراقية
صورة نشرها موقع جريدة «العصر» الإيرانية لقاسم سليماني مع قوات البيشمركة الكردية في الأراضي العراقية
TT

الحكومة العراقية تتجاهل الأنباء عن قيادة قاسم سليماني معارك آمرلي وجرف الصخر

صورة نشرها موقع جريدة «العصر» الإيرانية لقاسم سليماني مع قوات البيشمركة الكردية في الأراضي العراقية
صورة نشرها موقع جريدة «العصر» الإيرانية لقاسم سليماني مع قوات البيشمركة الكردية في الأراضي العراقية

رغم أن التدخل الإيراني في العراق كان طوال السنوات الـ10 الماضية موضع جدل بين الأطراف والقوى السياسية العراقية فإن الحرب مع داعش التي يخوضها العراق حاليا قلبت المعادلات السياسية إلى حد بعيد. ومن بين ما تم التلاعب به على صعيد هذه المعادلات هي البعد الديني والمذهبي وظهور الفتاوى الدينية من هذا الطرف أو ذاك والتي خلطت الأوراق بمن فيها أوراق التدخل في الشأن العراقي. ففي الوقت الذي كانت فيه القوى السياسية والدينية الشيعية في العراق تنظر إلى إيران بوصفها دولة مؤيدة للعملية السياسية في العراق بعد سقوط النظام العراقي السابق عام 2003 فإنها لا تعلق عادة على ما يقال: إن إيران تتدخل بالشأن العراقي وعلى كل المستويات. وفي مقابل ذلك فإن القوى والكتل السياسية السنية ظلت وحتى يومنا هذا تنظر إلى التدخل الإيراني في العراق على أنه تدخل سلبي. لكن ما بات ينشر الآن من صور بشأن ظهور الجنرال الإيراني قاسم سليماني قائد فيلق القدس الإيراني في العراق والذي قيل إنه تم استبداله قبل نحو شهرين في المعارك التي يخوضها الجيش العراقي ومتطوعو الحشد الشعبي خصوصا في المدن ذات الغالبية الشيعية مثل آمرلي بمحافظة صلاح الدين شمال شرقي بغداد وجرف الصخر جنوب بغداد وكأنه أحد القادة الميدانيين لهذه المعارك أعادت خلط الأوراق من جديد.
السياسي السني وعضو البرلمان العراقي حامد المطلك يعلق في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أنه «ليس هناك مفاجأة في أي أمر يتعلق بالدور الإيراني في العراق لأن هذا الدور موجود منذ بداية عملية التغيير عام 2003». ويرى المطلك أنه «في الوقت الذي يتمنى فيه العراق أن تكون له علاقات طبيعية مع كل دول الجوار إلا أن إيران أمرها مختلف تماما لأن تدخلها في الشأن العراقي يستند في جانب منه على مساعدة طرف ضد طرف آخر كما يستند في جانب آخر منه على تصفية الحسابات مع الولايات المتحدة الأميركية على الأرض العراقية». من جانبه أكد مسؤول عراقي طلب عدم الكشف عن اسمه في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أنه «لا يملك من الناحية الرسمية دليلا على ما تنشره مواقع ووكالات بشأن صور لسليماني مع مسؤولين عراقيين كبار» معتبرا أن «هذا وحده دليل على ضعف هذه الأدلة لأنه بات بالإمكان فبركة صور ونشرها». وردا على سؤال بشأن إعلان إيران رسميا عن دعمها للعراق في حربه ضد داعش وأن هذا الدعم مباشر قال المسؤول العراقي إن «علينا هنا التفريق بين الإجابة الرسمية لهذا السؤال وبين مستوى التلفيق فيما ينشر من صور أو أخبار عن سليماني بما يجعله وكأنه هو القائد الفعلي فمن الناحية الرسمية هناك يوجد مستشارون غربيون في العراق وفي المقدمة منهم مستشارون أميركيون وهو ما يتم الإعلان عنه رسميا ويأتي في سياقين الأول هو الاتفاقية الموقعة بين العراق والولايات المتحدة والتحالف الدولي والثاني هو عدم ممانعة العراق من أي دعم يتلقاه من أي طرف دولي شريطة أن يكون معلنا وواضحا بدليل أن العراق مثلا أعلن رفضه التدخل البري وبالتالي لا يوجد أحد من دول التحالف الدولي أرسلت قطعات عسكرية برية لأن العراق يرفض ذلك» موضحا أن «من بين من أرسلتهم إيران إلى العراق هم مستشارون أيضا وهو ما أعلنته المصادر الرسمية العراقية لأنه يجيء في إطار اتفاق بين البلدين».
على صعيد متصل أكد الأكاديمي ورجل الدين الشيعي العراقي عبد الحسين الساعدي في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أنه «طبقا لفتوى المرجعية الدينية في الجهاد الكفائي فإن هذه الفتوى ملزمة للفرد الشيعي بعيدا عن الانتماء القومي طالما أن تنظيم داعش كان قد أفتى أثناء دخوله إلى العراق بجواز هدم المراقد الشيعية المقدسة في كل من سامراء وبغداد وكربلاء والنجف وبالتالي أصبح واجب الدفاع عنها واجبا على كل من يؤمن بالمرجعية». وأوضح أنه «في الوقت الذي لم يصل فيه الأمر طبقا لفتوى السيد السيستاني إلى حد أن يكون الدفاع فرض عين بل هو جهاد كفائي لكنه من الممكن تبريره لأي شيعي سواء كان عراقيا أو لبنانيا أو باكستانيا أو إيرانيا وبالتالي يمكن النظر إلى وجود سليماني في حال كان ذلك صحيحا من هذه الزاوية المذهبية بصرف النظر إن كان ينظر إلى هذا الأمر على أنه تدخل سياسي أم لا».
يذكر أن وكالة «فارس» الإيرانية شبه الرسمية والمقربة من الحرس الثوري، كانت قد ذكرت في تقرير لها، أن ما وصفته بـ«التحالف المزعوم» ضد داعش بدأ «يضمحل تحت راية قائد ميداني تربع في قلوب شرفاء العراق باسم سليماني» على حد تعبيرها.
ولمحت الوكالة إلى أن سليماني هو القائد الفعلي للعمليات العسكرية العراقية ضد داعش قائلة إن الجنرال الذي اختارته أميركا لإدارة شؤون التحالف بأحدث الأسلحة «لم يكن يتصور أن يهمش دوره في ظل الانتصارات التي حققها الجيش العراقي مدعوما بالحشد الشعبي تحت إمرة قائد محبوب لا يمتلك سوى إمكانيات عسكرية محدودة».
وأشارت الوكالة إلى أن التحالف الدولي «لم يحقق أي شيء سوى مساعدة كردستان وتحرير سد الموصل خدمة للأكراد الذين يحلمون بالانفصال عن العراق في دولة مستقلة». مضيفة: «بالنسبة إلى حضور الجمهورية الإسلامية في هكذا تحالف فالحديث يطول حوله، واليوم أصبح جليا للجميع أن الشعب العراقي بجميع طوائفه ومكوناته لا يثق إلا بالجمهورية الإسلامية».
وتابعت بالقول إن «فيلق القدس الباسل المدافع عن الإنسانية» على حد قولها قدم «الدعم الاستشاري واللوجستي لحماية العراق من الانهيار» وإن سليماني الذي وصفته بـ«البطل المغوار» أصبح «حديث الساعة بين أبناء الشعب العراقي الشرفاء وبات بطل تحرير لكل المستضعفين والتحرريين لدرجة أن وسائل الإعلام الغربية والعربية الموالية للغرب أذعنت بأن قواته هي التي قدمت يد العون لتحرير المناطق العراقية».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».