تضغط الخسائر المتلاحقة لشركات التأمين العاملة في السعودية، والتي وصلت بحسب مختصين إلى قرابة 50 في المائة من رأسمال للكثير من الشركات، على سياسة قطاع التأمين، للخروج من الأزمات المالية التي تلاحق هذه الشركات ومن ذلك رفع قيمة البوليصة في قطاعي المركبات والصحة إلى قرابة 25 في المائة، أو رفض طلبات التأمين الفردي مع طلع العام الجديد 2015، فيما رفعت شركات التأمين في القطاع الطبي أسعارها مع تجديد العقود المنتهية في العام الحالي.
وكان تقرير صادر عن مؤسسة النقد السعودي، أشار إلى أن شركات التأمين العاملة في المملكة واجهت في 2013 جملة من التحديات التي تعرض مسيرتها في السوق المحلية، ومنها انخفاض هامش الملاءة المالية لعدد من الشركات، فيما شرعت الكثير من الشركات بتعزيز احتياطاتها الفنية، المطلوبة من مؤسسة النقد، لتتوافق مع الأنظمة والتعليمات الرقابية، إذ يرتبط حجم هذه الاحتياطيات بحجم الشركة والمخاطر التي أمنت عليها، للتأكد من كفاية هذه الاحتياطيات لتغطية التزاماتها المستقبلية، وتعزيزها حال عدم كفايتها، لغرض حماية حملة الوثائق وضمان وجود موارد مالية كافية لتسوية المطالبات التأمينية المحتملة.
هذه الإجراءات وبحسب مختصين، سيدفع جميع شركات التأمين إلى إعادة النظر في تسعيرة البوليصة المقدمة للمستفيد، وأخذ أبعاد التأمين على الأفراد، وهو ما ذهب إليه عبد الكريم التميمي المختص في بقطاع التأمين، بأن حجم الخسائر كان كبيرا جدا على الشركات العاملة في هذا القطاع، وهذه الخسائر التي وصلت إلى الاحتياطي ستلزم الشركات باتخاذ خطوات أكثر دقة في السنوات المقبلة معتمدة على رفع الأسعار إلى أكثر من 25 في المائة عما هو عليه الآن.
وأرجع التميمي، هذه الزيادة إلى عدة عوامل تتمثل في ارتفاع أسعار قطاع الغيار بالنسبة لتأمين المركبات، خاصة مع ارتفاع نسبة الحوادث في البلاد والتي تشكل عائقا أمام استمرار هذه الشركات في تقديم خدماتها بأسعار تصل إلى 400 ريال، إضافة إلى ارتفاع تكلفة الإصلاح لجميع المركبات، فلا توجد عملية إصلاح لأي مركبة مؤمنة بأقل من 3 آلاف ريال، وهي قيمة لا تساوي سعر الخدمة المقدمة.
وأضاف عبد الكريم التميمي، أنه في السابق كان هناك خطأ فادح في طريقة احتساب أقساط التأمين على المركبات خاصة في التأمين الشامل، إذ كانت تتم العملية من خلال احتساب نسبة مئوية من قيمة المركبة لا تتجاوز 4 في المائة، وإذا كانت المركبة لا تساوي 50 ألف ريال، يعني أن قيمة قسط التأمين ألفا ريال، وهي قيمة ضئيلة جدا مقارنة مع ما تتحمله الشركة من تكاليف في حال وقوع حادث لهذه المركبة، لافتا إلى أن غالبية الشركات وفي الفترة المقبلة ستلجأ إلى رفع المركبات، ولن تقدم الخدمة للحالات الفردية مهما كان سعر البوليصة، لأنها تعتقد أن حجم الخسائر سيكون أكبر من قيمة الخدمة. ويؤكد هذا التوجه ما أظهرت آخر الإحصائيات الصادرة لمؤسسة النقد، للارتفاع الملحوظ في عدد المطالبات التي سويت بواسطة شركات التأمين والتي وصلت في نهاية 2013 قرابة 15.9 مليار ريال بزيادة بلغت 5 مليارات ريال عما كان عليه الوضع في عام 2012 والتي بلغت 10.9 مليار ريال، بارتفاع بنسبة 45.8 في المائة مقارنة بنسبة ارتفاع بلغت 30.3 في المائة من عام 2011 حتى 2012.
وأكد التميمي أنه لا توجد خيارات أخرى للشركات سوى رفع أسعار التأمين، ولن يكون هناك خروج للشركات من السوق المحلية إن سارعت في تصحيح أوضاعها، كما فعلت شركات التأمين الصحي التي سارعت برفع الأسعار وإن كان الحل مؤقتا.
من جهته، يرى مروان الشريف، الخبير الاقتصادي، أن بعض الشركات ما زالت تعاني جراء عدم تطبيق التسعير المناسب، في سنوات ماضية والذي سينعكس عليها، إذ إن أسعار ما بيع من وثائق لم يستند على معاير فنية واقتصادية إضافة إلى المعيار الإكتواري، وهذا تسبب في خسائر مالية كبيرة مع نهاية 2013، لذا يتوقع أن تعمل هذه الشركات على تلافي هذه الأسعار مع عمليات التجديد لبوليصة المستفيدين من الخدمة.
ولفت الشريف إلى أن هناك شركات طلبت منها مؤسسة النقد معالجة وضعها بعد أن وصلت إلى 75 في المائة، وهو الخط الأحمر الكبير الذي توقف عنده شركات التأمين وتصلح وضعها أم بالتوقف كاملا، أو رفع رأسمال الشركة للخروج من منطقة الخطر، وهو إجراء يسمح باستمرار هذه الشركات دون مخاطر في الفترة المقبلة.
السعودية: شركات التأمين تواجه «امتحانات صعبة»
تقديرات بخسائر مالية تصل إلى 50 % من رأسمال بعضها

السعودية: شركات التأمين تواجه «امتحانات صعبة»

لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة