استمرت، أمس، عمليات الكر والفر بين قوات الجيش الوطني الليبي بقيادة اللواء خليفة حفتر ضد الجماعات المتطرفة في مدينة بنغازي بشرق ليبيا، لليوم الرابع على التوالي، بينما توعد تنظيم أنصار الشريعة المتشدد بالانتقام من مساندي حفتر، بالتزامن مع إطلاق الأمم المتحدة مبادرة مثيرة للجدل لوقف القتال في غرب البلاد.
وهدأت حدة المعارك في معظم ضواحي بنغازي مساء أمس، لكن أصوات الانفجارات وقذائف الهاون كان يمكن للسكان المحليين سماعها بشكل متقطع ما بين حين وآخر.
وقالت مصادر عسكرية لـ«الشرق الأوسط» إن الجيش الليبي أحبط هجومين انتحاريين على الأقل للجماعات المتطرفة في بنغازي ضد قواته، عقب عملية انتحارية أسفرت عن مقتل 4 جنود في منطقة بوهديمة أول من أمس.
ورأت المصادر التي طلبت عدم تعريفها أن المتطرفين بدأوا في تنفيذ خطتهم البديلة، عبر تصعيد العمليات الانتحارية ضد قوات الجيش، بعدما شعروا بأنهم يخسرون في المواجهات الدائرة بين الطرفين منذ 4 أيام ودون توقف.
وتقدمت القوات الخاصة التابعة للجيش الليبي، التي يقودها العقيد ونيس بوخمادة، بالعزاء، عبر صفحتها الرسمية على موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك»، لأسر الشهداء في منطقة الماجوري، وأيضا لأسر الشهداء الذين لقوا حتفهم ممن وصفتهم بأيادي الغدر، في هجوم إرهابي على منطقة بوهديمة. في المقابل، توعد تنظيم أنصار الشريعة المصنف محليا ودوليا بأنه منظمة إرهابية، بالثأر من قوات الجيش. وقال في بيان أصدره مساء أول من أمس: «والله لنثأرن ولو بعد حين، وسترون من التنكيل بكم ما الله به عليم».
ودعا التنظيم من سماهم «المجاهدين» لقتال «مؤيدي عملية الكرامة»، مضيفا: «كونوا أشدة على الكافرين الظالمين المعتدين، وإن قتالهم فرض عين، وإن المتخلف عنه من الآثمين». يُشار إلى أن «أنصار الشريعة» الذي يسيطر على بعض المناطق بمدينة بنغازي أصبحت عناصره وقياداته تتحرك بصورة علنية في الآونة الأخيرة، حتى بعد أن جرى إعلانها رسميا مجموعة إرهابية، بقرار من مجلس النواب الليبي المنتخب. في غضون ذلك، تقدمت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا بمبادرة مثيرة للجدل للوقف الفوري للعمليات العسكرية في كل من مناطق ككلة والقلعة في غرب ليبيا، لتسهيل تقديم المساعدات الإنسانية، على أن يبدأ تنفيذ هذه المبادرة ابتداء من منتصف ليلة أمس، ولمدة لا تقل عن 4 أيام.
وقالت البعثة في بيان لها تلقت «الشرق الأوسط» نسخة منه، إن الأمم المتحدة استبقت هذه المبادرة بتوجيه رسائل في هذا الخصوص إلى المجالس البلدية، في كل من مدن الزنتان وغريان وككلة.
وقالت البعثة إن مبادرتها التي تحظى بدعم الحكومة الإيطالية تدعو جميع الأطراف المتنازعة في المنطقة للوقف الفوري للعمليات العسكرية وإنهاء أي حصار مفروض على الأرض، ووقف تحركات العناصر والعتاد العسكري والسلاح والذخائر. وأعلنت أنها تقوم بدراسة إمكانية تقديم طائرة لإجلاء الجرحى من الطرفين، بعد التأكد من تنفيذ المبادرة، لافتة إلى أنها طالبت في عدة مناسبات بوقف فوري لإطلاق النار في جميع أنحاء ليبيا، والشروع في حوار سياسي لحل الأزمة التي تمر بها البلاد. وشددت البعثة الدولية على أنها مستمرة دون توقف في جهودها من أجل التوصل إلى وقف إطلاق نار شامل، والمضي قدما في عملية الحوار.
لكن عبد الله الثني رئيس الحكومة الانتقالية فجّر مفاجأة من العيار الثقيل، ونفى علمه بمبادرة الأمم المتحدة، وقال إنه لم يتلق أي شيء في هذا الخصوص. وأضاف، في تصريحات لوكالة الصحافة الفرنسية، أنه إذا كانت للأمم المتحدة مبادرة «فكان عليها أن تعرضها أولا على السلطات الشرعية».
وأعلن الثني أن قوات الزنتان أصبحت تعمل تحت قيادة السلطات الليبية، وانضمت إليها وحدات أخرى موالية للحكومة، مشيرا إلى أن حكومته أقامت مركز قيادة في منطقة بئر الغنم (89 كيلومترا جنوب غربي طرابلس) لإدارة العمليات العسكرية في الغرب، بالتنسيق مع قيادة الأركان. وشدد الثني على أن «جميع القوى تعمل تحت قيادة الجيش لتحرير طرابلس». وقال الثني إن حكومته كانت دعت مرارا إلى وقف المعارك بعد هجوم ميليشيات فجر ليبيا على طرابلس، الصيف الماضي، لكن بلا جدوى، مؤكدا أن «الطرف الآخر هو الذي رفض وقف المعارك وليس نحن».
وأعلنت غرفة عمليات الزنتان عن أسر ما يقارب 30 شخصا من ميليشيات «فجر ليبيا» بمدينة ككلة، بعد محاولتهم للقيام بعملية نوعية ضد قوات الجيش، مشيرة في بيان لها إلى أن قوات الجيش تتحرك بكل ارتياح في مناطق الجبل.
ونفى المكتب الإعلامي لعملية فجر ليبيا نفيا قاطعا الأنباء التي تحدثت عن دخول جيش القبائل لمدينة غريان، وقرب وصولهم لتحرير طرابلس.
وكانت ميليشيات الزنتان شنت، بالتعاون مع حلفاء لها، خلال الأسبوع الماضي، هجوما على المدينتين اللتين تبعدان 60 كيلومترا جنوب العاصمة الليبية طرابلس، وتدعمان ميليشيات فجر ليبيا المنافسة. وكانت ميليشيات فجر ليبيا، وهي تحالف غير متجانس من الميليشيات المتطرفة ومسلحي مدينة مصراتة، طردت ميليشيات الزنتان من طرابلس في شهر أغسطس (آب) الماضي، بعد معارك دامية استمرت أسابيع، حيث تدور منذ مدة مواجهات يومية بين الطرفين على عدد من الجبهات، رغم النداءات المتكررة للأمم المتحدة لوقف إطلاق النار.
ومنذ سقوط نظام حكم العقيد الراحل معمر القذافي في عام 2011 بعد نزاع استمر 8 أشهر، تفرض الميليشيات التي أسقطته قانونها في البلاد الغارقة في الفوضى.
ليبيا: المتطرفون يصعدون العمليات الانتحارية.. ويتوعدون أنصار حفتر
رئيس الحكومة: مكافحة الميليشيات تحت سيطرة الدولة
ليبيا: المتطرفون يصعدون العمليات الانتحارية.. ويتوعدون أنصار حفتر
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة