هياكل خارجية ترفع إنتاجية العمال 27 ضعفا

تصميمها يسهل عليهم صعود السلالم والجلوس

هياكل خارجية ترفع  إنتاجية العمال 27 ضعفا
TT

هياكل خارجية ترفع إنتاجية العمال 27 ضعفا

هياكل خارجية ترفع  إنتاجية العمال 27 ضعفا

المهام العسكرية تتطلب جهدا جسديا، ونحن لا نتحدث هنا عن جنود في ساحة المعركة، لأن ثمة مواقع وأوضاعا تتطلب فعلا قوة وجهدا ومهارة. ولنأخذ البحرية الأميركية على سبيل المثال، التي تحتاج طبعا إلى سفن وبوارج، فضلا عن بنائها وصيانتها. وهو عمل مرهق ابتداء من عمليات السفع الرملي، والبرشمة، وجرش المعادن الزائدة. وأحيانا قد يتطلب الأمر حمل معدات يزيد وزنها على 30 رطلا (الرطل يساوي 453 غراما تقريبا). ثم هنالك الكثير من التآكل بفعل الاستعمال الطويل، كما يقول الأدميرال أدم ميلر مدير المبادرات الجديدة في شركة «لوكهيد مارتن»، «فالعمال الماهرون يمكنهم القيام بهذا العمل لمدة 3 إلى 4 دقائق ثم يحتاجون إلى الخلود إلى الراحة».
وكان ميلر خلال السنتين الماضيتين يقود فريقا من المهندسين والمصممين لإنتاج 1 من الهياكل الخارجية لأغراض الاستخدام الصناعي يدعى «فورتيس» FORTIS القادر على تحمل عدد وأدوات تبلغ زنتها 36 رطلا، ونقلها من أيادي العمال إلى الأرض. والهدف من وراء ذلك تخفيف العبء على العمال، وجعلهم أكثر إنتاجية في أعمالهم. وكانت البحرية الأميركية قد اشترت 2 من هذه الهياكل لغرض تجربتهما خلال الستة أشهر المقبلة للتأكد من كيفية استخدامهما في الأغراض الصناعية.

* هيكل بسيط
* يعد «فورتيس» هيكلا بسيطا مقارنة بما بشبه «تالوس» TALOS التي تعني اختصارا «بزة التشغيل الهجومية التكتيكية الخفيفة»، التي هي عبارة عن هيكل خارجي يعمل بالكومبيوتر المراد منه تحويل المقاتل إلى رجل حديدي،. ويزن هذا الهيكل المصنوع من الألمنيوم المؤند والألياف الكاربونية 30 رطلا. وهو مزود بمفاصل تقع عند مفاصل جسد الإنسان، مع القدرة على الانثناء عند الخصر. ويقول ميلر إن الهيكل هذا مصمم للبيئات المعقدة، مما يمكن العامل أو الجندي صعود السلالم، والقرفصاء، والقيام بالأعمال المعتادة. أما العدد والأدوات التي يحملها «فورتيس» أمامه، فيجري توجيهها عبر المفاصل لدى الورك نزولا إلى الأرض، لتخفيف الجهد عن كامل الجسم، بما في ذلك القدمان والكاحلان.
وكان التصميم قد بدأ عن طريق مراقبة الإنسان وهو يسير «والنظر إلى الآليات البيولوجية للشخص أثناء وقوفه وسيره»، وفقا إلى ميلر. وقد صمم «فورتيس» بحيث يمكنه الوصول إلى حذاء العامل، وهذا أمر مهم لكون القدم هي أول من تؤشر إلى التعب والإرهاق أشبه بالعدو بحذاءين من النوع الرديء، مما يؤثر على الجسم برمته. والكثير من الهياكل الخارجية تنقل الوزن إلى أخمص القدم، وتلك مشكلة بحد ذاتها، لأن الوزن يتركز هناك، كما يقول ميلر، مما يساهم في عدم الراحة والثبات. لذا يستخدم «فورتيس» معززا مرتبطا بالأخمص، لإراحة القدم وجعلها تستقر على الأرض كالمعتاد.
وأظهرت الاختبارات الأولية أن الهيكل الخارجي زاد من إنتاجية العمل بين ضعفين إلى 27 ضعفا، وفقا إلى طبيعته، وأتاح للمشغلين العمل مدة 30 دقيقة بصورة متواصلة، أو أطول من دون فترات راحة.
وتقوم «لوكهيد مارتن» بتطوير مثل هذه الهياكل وتقنياتها منذ 5 سنوات. أما الأنواع الأخرى من هذه الهياكل مثل «هلك» HULC، فهي هيدرولية يمكنها دعم 200 رطل. و«هلك» مصمم للاستخدام في ساحات المعارك. وقد جرى التقليل من قدرات «فورتيس»، لكن التركيز على حركيته، يعني إمكانية استخدامه في الصناعات الأخرى، كالبناء والتنقيب عن المعادن، أو في البيئات المعقدة، وفقا إلى ميلر.



«مرايا» الذكاء الاصطناعي تعكس دواخلها «مع كل التحيزات»

«بوابة السحاب» مرآة تعكس الحياة وتشوهاتها
«بوابة السحاب» مرآة تعكس الحياة وتشوهاتها
TT

«مرايا» الذكاء الاصطناعي تعكس دواخلها «مع كل التحيزات»

«بوابة السحاب» مرآة تعكس الحياة وتشوهاتها
«بوابة السحاب» مرآة تعكس الحياة وتشوهاتها

قبل بضع سنوات، وجدت شانون فالور نفسها أمام تمثال «بوابة السحاب (Cloud Gate)»، الضخم المُصمَّم على شكل قطرة زئبقية من تصميم أنيش كابور، في حديقة الألفية في شيكاغو. وبينما كانت تحدق في سطحه اللامع المرآتي، لاحظت شيئاً، كما كتب أليكس باستيرناك (*).

وتتذكر قائلة: «كنت أرى كيف أنه لا يعكس أشكال الأفراد فحسب، بل والحشود الكبيرة، وحتى الهياكل البشرية الأكبر مثل أفق شيكاغو... ولكن أيضاً كانت هذه الهياكل مشوَّهة؛ بعضها مُكبَّر، وبعضها الآخر منكمش أو ملتوٍ».

الفيلسوفة البريطانية شانون فالور

تشويهات التعلم الآلي

بالنسبة لفالور، أستاذة الفلسفة في جامعة أدنبره، كان هذا يذكِّرنا بالتعلم الآلي، «الذي يعكس الأنماط الموجودة في بياناتنا، ولكن بطرق ليست محايدة أو موضوعية أبداً»، كما تقول. أصبحت الاستعارة جزءاً شائعاً من محاضراتها، ومع ظهور نماذج اللغة الكبيرة (والأدوات الكثيرة للذكاء الاصطناعي التي تعمل بها)، اكتسبت مزيداً من القوة.

مرايا الذكاء الاصطناعي مثل البشر

تبدو «مرايا» الذكاء الاصطناعي مثلنا كثيراً؛ لأنها تعكس مدخلاتها وبيانات التدريب، مع كل التحيزات والخصائص التي يستلزمها ذلك. وبينما قد تنقل القياسات الأخرى للذكاء الاصطناعي شعوراً بالذكاء الحي، فإن «المرآة» تعبير أكثر ملاءمة، كما تقول فالور: «الذكاء الاصطناعي ليس واعياً، بل مجرد سطح مسطح خامل، يأسرنا بأوهامه المرحة بالعمق».

غلاف كتاب «مرايا الذكاء الاصطناعي»

النرجسية تبحث عن صورتها

كتابها الأخير «مرآة الذكاء الاصطناعي (The AI Mirror)»، هو نقد حاد وذكي يحطِّم عدداً من الأوهام السائدة التي لدينا حول الآلات «الذكية». يوجه بعض الاهتمام الثمين إلينا نحن البشر. في الحكايات عن لقاءاتنا المبكرة مع برامج الدردشة الآلية، تسمع أصداء نرجس، الصياد في الأساطير اليونانية الذي وقع في حب الوجه الجميل الذي رآه عندما نظر في بركة من الماء، معتقداً بأنه شخص آخر. تقول فالور، مثله، «إن إنسانيتنا مُعرَّضة للتضحية من أجل هذا الانعكاس».

تقول الفيلسوفة إنها ليست ضد الذكاء الاصطناعي، لكي نكون واضحين. وسواء بشكل فردي، أو بصفتها المديرة المشارِكة لمنظمة «BRAID»، غير الربحية في جميع أنحاء المملكة المتحدة المكرسة لدمج التكنولوجيا والعلوم الإنسانية، قدَّمت فالور المشورة لشركات وادي السيليكون بشأن الذكاء الاصطناعي المسؤول.

نماذج «مسؤولة» ومختبرة

وهي ترى بعض القيمة في «نماذج الذكاء الاصطناعي المستهدفة بشكل ضيق والآمنة والمختبرة جيداً والمبررة أخلاقياً وبيئياً» لمعالجة المشكلات الصحية والبيئية الصعبة. ولكن بينما كانت تراقب صعود الخوارزميات، من وسائل التواصل الاجتماعي إلى رفاق الذكاء الاصطناعي، تعترف بأن ارتباطها بالتكنولوجيا كان مؤخراً «أشبه بالوجود في علاقة تحوَّلت ببطء إلى علاقة سيئة. أنك لا تملك خيار الانفصال».

فضائل وقيم إنسانية

بالنسبة لفالور، إحدى الطرق للتنقل وإرشاد علاقاتنا المتزايدة عدم اليقين بالتكنولوجيا الرقمية، هي الاستفادة من فضائلنا وقيمنا، مثل العدالة والحكمة العملية. وتشير إلى أن الفضيلة لا تتعلق بمَن نحن، بل بما نفعله، وهذا جزء من «صراع» صنع الذات، بينما نختبر العالم، في علاقة مع أشخاص آخرين. من ناحية أخرى، قد تعكس أنظمة الذكاء الاصطناعي صورة للسلوك أو القيم البشرية، ولكن كما كتبت في كتابها، فإنها «لا تعرف عن التجربة الحية للتفكير والشعور أكثر مما تعرف مرايا غرف نومنا آلامنا وأوجاعنا الداخلية».

الخوارزميات والعنصرية وعدم المساواة

في الوقت نفسه تعمل الخوارزميات المدربة على البيانات التاريخية، بهدوء، على تقييد مستقبلنا بالتفكير نفسه الذي ترك العالم «مليئاً بالعنصرية والفقر، وعدم المساواة، والتمييز، وكارثة المناخ».

«كيف سنتعامل مع تلك المشكلات الناشئة التي ليست لها سابقة؟»، تتساءل فالور، وتشير: «مرايانا الرقمية الجديدة تشير إلى الوراء».

الاعتماد على السمات البشرية المفيدة

مع اعتمادنا بشكل أكبر على الآلات، وتحسينها وفقاً لمعايير معينة مثل الكفاءة والربح، تخشى فالور أننا نخاطر بإضعاف عضلاتنا الأخلاقية أيضاً، وفقدان المسار للقيم التي تجعل الحياة تستحق العناء.

مع اكتشافنا لما يمكن أن يفعله الذكاء الاصطناعي، سنحتاج إلى التركيز على الاستفادة من السمات البشرية الفريدة أيضاً، مثل التفكير القائم على السياق والحكم الأخلاقي، وعلى تنمية قدراتنا البشرية المتميزة. كما تعلمون. وهي تقول: «لسنا بحاجة إلى هزيمة الذكاء الاصطناعي. نحن بحاجة إلى عدم هزيمة أنفسنا».

* مجلة «فاست كومباني» - خدمات «تريبيون ميديا»

اقرأ أيضاً