بغداد ترد على «داعش» بافتتاح مهرجانها الدولي السادس للسينما

750 فيلما من 45 دولة معظمها تعرض للمرة الأولى

الفنانة المسرحية ليلى محمد (وسط) وإلى جانبها المخرج المسرحي يوسف رشيد في حفل افتتاح المهرجان («الشرق الأوسط»)
الفنانة المسرحية ليلى محمد (وسط) وإلى جانبها المخرج المسرحي يوسف رشيد في حفل افتتاح المهرجان («الشرق الأوسط»)
TT

بغداد ترد على «داعش» بافتتاح مهرجانها الدولي السادس للسينما

الفنانة المسرحية ليلى محمد (وسط) وإلى جانبها المخرج المسرحي يوسف رشيد في حفل افتتاح المهرجان («الشرق الأوسط»)
الفنانة المسرحية ليلى محمد (وسط) وإلى جانبها المخرج المسرحي يوسف رشيد في حفل افتتاح المهرجان («الشرق الأوسط»)

رغم اضطراب الأوضاع الأمنية في عموم العراق، وورود شائعات عن اقتراب قوات تنظيم «داعش» الإرهابي من حدود بغداد، فقد انطلقت عصر أول من أمس فعاليات مهرجان بغداد السينمائي الدولي السادس، بمشاركة (750) فيلما من (45) دولة سيعرض 112 منها ضمن المسابقات الرسمية الـ6 المقررة للمهرجان، وأبرز مفاجآت المهرجان هذه المرة أن غالبية الأفلام المشاركة تعرض للمرة الأولى في العراق والعالم العربي.
اللافت في الموضوع أن بغداد ومنذ أكثر من 10 سنوات تشكو غياب صالات العرض السينمائي، تلك الصالات التي كانت ومنذ الثلاثينات من القرن الماضي تشكل العصب الاجتماعي والثقافي للعاصمة العراقية، حيث لم يكن أي شارع رئيس يخلو من أكثر من صالة للعرض السينمائي، خاصة في شارع الرشيد الذي كان يعد، بالإضافة إلى كونه أول شارع، أهم شوارع العاصمة العراقية، وكذلك في ساحة التحرير.
وسرعان ما ازدهرت هذه الصالات وتنوعت عروضها السينمائية، فكانت صالة سينما النصر بشارع السعدون مخصصة لأفلام العوائل، وكانت الأسر الراقية تشتري مقصوراتها لتواصل حضورها لروائع الأفلام المصرية وقتذاك، وهناك صالة سينما سميراميس للأفلام الراقية، الغربية خاصة، أما صالتا سينما غرناطة وبابل فكانتا متخصصتين لحضور المثقفين العراقيين لطبيعة الأفلام التي كانت تعرض هناك، بينما تخصصت صالة سينما السندباد للأفلام الهندية، وصالة سينما الخيام لأفلام (الأكشن) في الغالب، وسينما المنصور لأفلام الشباب، وهكذا.
إلا أن الظاهرة التي ميزت بغداد هي وجود صالات صيفية لعرض الأفلام، وهي صالات مفتوحة على الهواء الطلق وتعرض أفلامها للعوائل ليلا، مثل صالة سينما روكسي الصيفية الشهيرة.
لكن وللأسف بدأت هذه الصالات بالانحسار والاختفاء، حيث زحف الخراب والحريق على صالات شارع الرشيد ومن ثم شارع السعدون، وقد أسهم الحصار الذي فرض على العراق منذ بداية تسعينات القرن الماضي بإطلاق رصاصة الرحمة على صالات العروض السينمائية بسبب عدم وجود أفلام سينمائية جديدة، كما أسهمت الظروف الاقتصادية والسياسية بوضع نهاية عصر مجد السينما في بغداد فتحولت هذه الصالات لدور عرض أفلام فيديو منتجة محليا أو مستوردة بواسطة جهاز (البراجكتور) أو صالات لعرض أعمال تهريجية سطحية سميت بالمسرح الكوميدي، قبل أن تتحول غالبية الصالات إلى مخازن ومحلات تجارية.
ويشكو صناع السينما في العراق من الإغفال والإهمال المتعمدين للجهات الحكومية فيها للشروع بتأهيل صالات العرض السينمائية في بغداد طيلة أكثر من 11 عاما، والاكتفاء بالوعود أو التحجج بعدم وجود الميزانية اللازمة.
لكن من يقف وراء هذا المهرجان يصرون على مواصلة فعالياتهم رغم كل هذه الظروف التي كان على الحكومة العراقية الاهتمام بها، فصالتا سينما بابل والمنصور من أملاك الدولة، الأولى مخربة والثانية مغلقة بحكم موقعها في ساحة الاحتفالات.
منظمو مهرجان بغداد السينمائي السادس، الذي سيواصل على مدى 5 أيام وحتى 19 من الشهر الجاري، عزموا، أيضا، على الرد الفعلي لمخاوف تثيرها الماكينة الإعلامية المعادية باقتراب دخول تنظيم داعش الإرهابي إلى بغداد، وقرروا أن يضيئوا سماء بغداد بالمئات من الأفلام السينمائية ويشغلوا لياليها بالأمسيات الثقافية والفنية في تجربة أراد لها مؤسسوها دعم الإنتاج الفيلمي في العراق وتشجيع سينما الشباب وكذلك سينما المحترفين ودعم سينما المرأة في العراق والعالم العربي والوقوف مع قيم التحضر والتطور والمدنية، تمهيدا للنهوض بالواقع الثقافي والسينمائي في البلاد، إضافة للسعي إلى احتضان سينمائي عراقي، عربي، دولي يجمع السينمائيين من كل أنحاء العالم.
مدير المهرجان الدكتور طاهر علوان قال في حديثه لـ«الشرق الأوسط»: «استغرق التحضير للمهرجان عاما كاملا، وهي الدورة الأضخم بين دورات المهرجان، آثرنا أن يكون فيلم الافتتاح عراقيا، وهو من أفلام تظاهرة بغداد عاصمة الثقافة العربية، يحمل عنوان (الحاج نجم) الذي سيعرض للمرة الأولى في العراق والوطن العربي وهو من الأفلام الضخمة واشتركت فيه عناصر فنية من فرنسا وبريطانيا، سيناريو وحوار سلام حربة، وموسيقى أحمد الشواك، وتصوير توماس سيشاوا، وإخراجي، وتدور أحداث الفيلم عام 1918 حيث المقاومة ضد المحتل البريطاني.. ونجم البقال يؤديه ببراعة الفنان الكبير سامي قفطان، علما بأن الفيلم سبق أن شارك في مهرجان (مالمو) للسينما العربية في السويد للفترة ما بين 26 إلى 30 من شهر سبتمبر (أيلول) الماضي».
وأضاف: «تراوحت أفلام المسابقات المشاركة ما بين الروائي الطويل والروائي القصير والوثائقي وأفلام حقوق الإنسان فضلا عن أفلام المخرجات العربيات والأفلام العراقية مع مشاركة عربية واسعة في جميع المسابقات تقريبا، وأهم ما سيحمله هذا العام هو إزاحة الستار عن مجموعة من الأفلام العراقية التي أنتجت لحساب مشروع بغداد عاصمة للثقافة العربية العام الماضي، يليها تنظيم ندوة نقاشية تتضمن لقاء مع مخرجي تلك الأفلام، إضافة إلى ندوات تتناول واقع ومستقبل صناعة السينما في العراق بمشاركة نخبة من السينمائيين العراقيين».
أما بقية الأفلام العراقية المشاركة فهي فيلم (اغتيال مع وقف التنفيذ) وهو شريط روائي قصير للمخرج الراحل فاروق القيسي، وفيلم (دمعة رجل) للمخرجة دينا القباني وهو من الأفلام الروائية القصيرة، وكذلك الفيلم الروائي القصير تحت عنوان «صبر المفاتيح» قصة وسيناريو وحوار وإخراج الفنان سامي قفطان، بالإضافة إلى فيلم وثائقي للمخرج سعد الهلالي.
الفنان العراقي سامي قفطان أكد أن مشاركته تمثل محطة مهمة لأجل التواصل مع قضايا الوطن ومشاركته همومه بالفن والكلمة مثلما كان في كل المحن التي سارت عليه. وعن دوره في فيلم الافتتاح، قال في حديثه لـ«الشرق الأوسط»: «في ظل ما يحدث الآن في العراق من قتل على الهوية واحتراب طائفي، صار لازما علينا تأكيد اللحمة الوطنية والمواطنة، والفيلم دعوة للرجوع إلى التاريخ، وبالتحديد عام 1918، ومقارنتها مع ما يعيشه العراق بعد سقوط النظام السابق ودخول القوات الأميركية، مدة الفيلم ساعة و34 دقيقة وهو ناطق باللغتين العربية والإنجليزية وهناك نسخة مترجمة إلى الفرنسية».
ما يذكر أن مهرجان بغداد السينمائي الدولي، تأسس في العام 2004 مع تأسيس جمعية «سينمائيون عراقيون بلا حدود» وهي جمعية مستقلة وغير حكومية مسجلة رسميا وتعمل ضمن قانون منظمات المجتمع المدني وأقيمت دورته الأولى في ديسمبر (كانون الأول) عام 2005. وقد تم تسجيل المهرجان في قائمة المهرجانات الدولية وذلك في المؤتمر الدولي لرؤساء المهرجانات الذي انعقد في أواخر شهر نوفمبر (تشرين الثاني) 2012 في جمهورية التشيك فضلا عن الثقة العالمية التي حظي بها المهرجان من خلال اتفاقيات التعاون والشراكة مع الكثير من المهرجانات العالمية المرموقة مثل مهرجان سياتل الدولي في الولايات المتحدة ومهرجان كليرمون فيران في فرنسا ومهرجان أمستردام في هولندا ومع برنامج الأمم المتحدة العالمي لماذا الفقر، والمركز القومي للسينما في جمهورية مصر العربية ومهرجان جيهلافا في جمهورية التشيك وغيرها من المهرجانات العالمية.



«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
TT

«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما

في مسعى لتمكين جيل جديد من المحترفين، وإتاحة الفرصة لرسم مسارهم المهني ببراعة واحترافية؛ وعبر إحدى أكبر وأبرز أسواق ومنصات السينما في العالم، عقدت «معامل البحر الأحمر» التابعة لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» شراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»، للمشاركة في إطلاق الدورة الافتتاحية لبرنامج «صنّاع كان»، وتمكين عدد من المواهب السعودية في قطاع السينما، للاستفادة من فرصة ذهبية تتيحها المدينة الفرنسية ضمن مهرجانها الممتد من 16 إلى 27 مايو (أيار) الحالي.
في هذا السياق، اعتبر الرئيس التنفيذي لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» محمد التركي، أنّ الشراكة الثنائية تدخل في إطار «مواصلة دعم جيل من رواة القصص وتدريب المواهب السعودية في قطاع الفن السابع، ومدّ جسور للعلاقة المتينة بينهم وبين مجتمع الخبراء والكفاءات النوعية حول العالم»، معبّراً عن بهجته بتدشين هذه الشراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»؛ التي تعد من أكبر وأبرز أسواق السينما العالمية.
وأكّد التركي أنّ برنامج «صنّاع كان» يساهم في تحقيق أهداف «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» ودعم جيل جديد من المواهب السعودية والاحتفاء بقدراتها وتسويقها خارجياً، وتعزيز وجود القطاع السينمائي السعودي ومساعيه في تسريع وإنضاج عملية التطوّر التي يضطلع بها صنّاع الأفلام في المملكة، مضيفاً: «فخور بحضور ثلاثة من صنّاع الأفلام السعوديين ضمن قائمة الاختيار في هذا البرنامج الذي يمثّل فرصة مثالية لهم للنمو والتعاون مع صانعي الأفلام وخبراء الصناعة من أنحاء العالم».
وفي البرنامج الذي يقام طوال ثلاثة أيام ضمن «سوق الأفلام»، وقع اختيار «صنّاع كان» على ثمانية مشاركين من العالم من بين أكثر من 250 طلباً من 65 دولة، فيما حصل ثلاثة مشاركين من صنّاع الأفلام في السعودية على فرصة الانخراط بهذا التجمّع الدولي، وجرى اختيارهم من بين محترفين شباب في صناعة السينما؛ بالإضافة إلى طلاب أو متدرّبين تقلّ أعمارهم عن 30 عاماً.
ووقع اختيار «معامل البحر الأحمر»، بوصفها منصة تستهدف دعم صانعي الأفلام في تحقيق رؤاهم وإتمام مشروعاتهم من المراحل الأولية وصولاً للإنتاج.
علي رغد باجبع وشهد أبو نامي ومروان الشافعي، من المواهب السعودية والعربية المقيمة في المملكة، لتحقيق الهدف من الشراكة وتمكين جيل جديد من المحترفين الباحثين عن تدريب شخصي يساعد في تنظيم مسارهم المهني، بدءاً من مرحلة مبكرة، مع تعزيز فرصهم في التواصل وتطوير مهاراتهم المهنية والتركيز خصوصاً على مرحلة البيع الدولي.
ويتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما عبر تعزيز التعاون الدولي وربط المشاركين بخبراء الصناعة المخضرمين ودفعهم إلى تحقيق الازدهار في عالم الصناعة السينمائية. وسيُتاح للمشاركين التفاعل الحي مع أصحاب التخصصّات المختلفة، من بيع الأفلام وإطلاقها وتوزيعها، علما بأن ذلك يشمل كل مراحل صناعة الفيلم، من الكتابة والتطوير إلى الإنتاج فالعرض النهائي للجمهور. كما يتناول البرنامج مختلف القضايا المؤثرة في الصناعة، بينها التنوع وصناعة الرأي العام والدعاية والاستدامة.
وبالتزامن مع «مهرجان كان»، يلتئم جميع المشاركين ضمن جلسة ثانية من «صنّاع كان» كجزء من برنامج «معامل البحر الأحمر» عبر الدورة الثالثة من «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» في جدة، ضمن الفترة من 30 نوفمبر (تشرين الثاني) حتى 9 ديسمبر (كانون الأول) المقبلين في المدينة المذكورة، وستركز الدورة المنتظرة على مرحلة البيع الدولي، مع الاهتمام بشكل خاص بمنطقة الشرق الأوسط.