انتخاب طعمة لرئاسة الحكومة يهدد وحدة الائتلاف

رئيس اللجنة القانونية: لن نخضع لأي وصاية.. والخلافات ستحلّ بوزارات جامعة تعمل من الداخل

طفلة كردية في ساحة مسجد بالمناطق الحدودية التركية أمس بعد أن لجأت عائلتها إليها هروبا من «داعش» (أ.ب)
طفلة كردية في ساحة مسجد بالمناطق الحدودية التركية أمس بعد أن لجأت عائلتها إليها هروبا من «داعش» (أ.ب)
TT

انتخاب طعمة لرئاسة الحكومة يهدد وحدة الائتلاف

طفلة كردية في ساحة مسجد بالمناطق الحدودية التركية أمس بعد أن لجأت عائلتها إليها هروبا من «داعش» (أ.ب)
طفلة كردية في ساحة مسجد بالمناطق الحدودية التركية أمس بعد أن لجأت عائلتها إليها هروبا من «داعش» (أ.ب)

تهدّد إعادة انتخاب أحمد طعمة لتولي رئاسة الحكومة المؤقتة وحدة الائتلاف، رغم تأكيد الرئيس المنتخب والمؤيدين له أن كل المشكلات ستحّل من خلال تشكيل حكومة جامعة ووطنية تعمل من الداخل السوري. ويأتي ذلك بعد إصرار «الإخوان» على إجراء الانتخابات التي انتهت بفوز طعمة المحسوب عليها والمقرب من قطر بعد خمسة أيام من الاجتماعات في إسطنبول والتي سيطر عليها التوتر الناجم عن التجاذب السياسي، وأدّت إلى انسحاب عدد من الأعضاء، على رأسهم «الكتلة الديمقراطية» وبينهم رئيس الائتلاف هادي البحرة. وقد لوّحت الكتلة بالانسحاب من الائتلاف في حال استمر «الإخوان» في سياساتهم التعنتية التي لا تخدم مصلحة الائتلاف والسوريين، وفق ما جاء في بيان لها، معتبرة أن إعادة انتخاب طعمة تحد سياسي وأخلاقي لموقف أكثرية الائتلاف الوطني والتشكيلات المكونة له والتي كانت قد أقالته بالاجماع قبل شهرين.
وذكر بيان صادر عن الائتلاف أن طعمة حصل على أصوات 63 عضوا في الهيئة العامة من أصل 65 شاركوا في عملية التصويت في ساعة متأخرة من الثلاثاء، من أصل 110 أعضاء، علما بأن النصاب القانوني المفترض تأمينه هو 56 عضوا.
وكانت الهيئة السياسية قد وافقت على قائمة للمرشحين المتنافسين على رئاسة الحكومة، مؤلفة من 13 اسما، من أصل 50 شخصية تقدموا بطلبات الترشيح، لكن المنافسة رست في مراحلها الأخيرة بين طعمة ووزير الزراعة والبنى التحتية في الحكومة المؤقتة وليد الزعبي، بعدما انسحب الآخرون بناء على وعود تلقوها بحصولهم على مقاعد في حكومة طعمة الجديدة.
وكان من المفترض أن تتم عملية انتخاب رئيس جديد للحكومة المؤقتة التي أقيلت في يوليو (تموز) الماضي، الأحد الماضي، في ختام اجتماعات الهيئة العامة، لكن الخلافات حالت دون ذلك ودفعت نحو تمديد الاجتماعات. وفيما قال مشاركون في هذه الاجتماعات لوكالة الصحافة الفرنسية إن «قطر أبلغت المشاركين بأنه إذا لم يتم انتخاب أحمد طعمة فإنها لن تقدم أي دعم مالي جديد للائتلاف»، أكد رئيس اللجنة القانونية في الائتلاف هشام مروة أن هذا الكلام لا أساس له من الصحة، قائلا في حديثه لـ«الشرق الأوسط»: «لم ولن نخضع لوصاية أو ضغط من أحد». ورأى مروة أن انتخاب رئيس للحكومة وتشكيل الحكومة أمر ضروري في هذه المرحلة الدقيقة بحيث من شأنها أن تشجّع الجهود الدولية باتجاه بدء العمل على إنشاء منطقة آمنة في الداخل السوري لتكون مقدمة لإنهاء معاناة الشعب السوري، وحيث من المفترض أن تبدأ الحكومة عملها من هناك»، مضيفا «هذا ما يتوافق مع عمل الائتلاف وما سبق أن أكّد عليه رئيسه هادي البحرة، لا سيّما أن الحكومة هي الذراع التنفيذية للائتلاف». واعتبر مروة أنه إذا لم تعمل الحكومة من الداخل فلن يكون مصيرها مختلفا عن مصير الحكومة السابقة.
وقلّل مروة من أهمية المشكلات بين أعضاء الائتلاف، قائلا «بدأنا بالتواصل مع الجميع، وستعقد لقاءات جامعة خلال الساعات القليلة، وسيحلّ الموضوع من خلال توزيع الوزارات الذي سيشمل كل الأطراف، ويعلن عن الحكومة الوطنية الجامعة في مهلة أقصاها 10 أيام ببيان وزاري يرضي الجميع». وفيما شكّك البعض في قانونية الانتخابات انطلاقا من مشاركة ممثلي مجلس القيادة العسكرية الذي كان قد أصدر البحرة قرارا بحلّه، أوضح مروة أن قرار البحرة يتعارض مع النظام الداخلي للائتلاف الذي ينص على أنّ هذا الأمر ليس من صلاحية رئيس الائتلاف بل الهيئة العامة وبالتالي ينقض القرار.
وهو الأمر الذي أشار إليه بيان «الكتلة الديمقراطية» التي قالت إنّها وحلفاءها والعديد من مكونات الائتلاف الوطني السوري ومنها المجلس الوطني الكردي وإعلان دمشق والعديد من الشخصيات المستقلة رفضوا ويرفضون استيلاء الإخوان وتحالفهم الجديد على الائتلاف والمؤسسات التابعة له خاصة في ظل الظروف الصعبة التي تمر بها القضية السورية. وأكّدت أنّ «المطلوب خطوات عملية توقف هذا النهج الضار والمدمر للعلاقات السياسية والوطنية»، من خلال «وقف العملية الانتخابية والتراجع عن الإجراءات غير الشرعية في ما يتعلق بالمجلس العسكري وكتلة الأركان، وفتح حوار جدي لإصلاح الائتلاف ووضعه على قاعدة التشاركية بدل سياسة الاستيلاء والفرض».
والى جانب انتخاب رئيس جديد للحكومة، بحثت الهيئة العامة العلاقة القانونية والناظمة بين الائتلاف المعارض والحكومة المؤقتة التي تعتبر ذراع الائتلاف التنفيذية في المدن السورية، إضافة إلى الموقف من التحالف الدولي ضد تنظيم داعش.
وكانت الهيئة العامة للائتلاف الوطني السوري أقالت حكومة طعمة في 22 يوليو (تموز)، والمؤلفة من 12 وزيرا، بأغلبية 66 صوتا مقابل 35 صوتا مؤيدا لبقائه، في محاولة لتقليص نفوذ «الإخوان المسلمين» في المعارضة السورية. وفي هذا الإطار لفت مروة إلى أنّ الأخطاء التي ارتكبتها الحكومة السابقة لم تكن من مسؤولية طعمة.
وبينما كان يفترض أنّ تنتخب الهيئة العامة رئيسا جديدا للحكومة في مدّة أقصاها 22 أغسطس (آب) الماضي، أجّل الموعد مرتين لعدم التوافق على شخصية لتولي المنصب. وحسب القانون الداخلي للائتلاف، تستمر الحكومة في تصريف الأعمال إلى أن ينتخب الائتلاف رئيس الوزراء الجديد ويشكل حكومته وتطرح على التصويت وتمنح الثقة.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.