قائد عسكري عراقي لـ «الشرق الأوسط»: بغداد آمنة.. وبدأنا بإعادة النازحين من حزامها

شيخ عشيرة يشير إلى أن المشكلة هي في أطراف العاصمة خاصة الغربية

امرأة عراقية تبدو متأثرة وهي تمر أمام حطام سيارات في موقع انفجار بمدينة الشعلة شمال بغداد أمس (أ.ب)
امرأة عراقية تبدو متأثرة وهي تمر أمام حطام سيارات في موقع انفجار بمدينة الشعلة شمال بغداد أمس (أ.ب)
TT

قائد عسكري عراقي لـ «الشرق الأوسط»: بغداد آمنة.. وبدأنا بإعادة النازحين من حزامها

امرأة عراقية تبدو متأثرة وهي تمر أمام حطام سيارات في موقع انفجار بمدينة الشعلة شمال بغداد أمس (أ.ب)
امرأة عراقية تبدو متأثرة وهي تمر أمام حطام سيارات في موقع انفجار بمدينة الشعلة شمال بغداد أمس (أ.ب)

شكك قائد عسكري عراقي في تقارير الصحافة الغربية التي كثيرا ما ترسم صورة قاتمة عن الأوضاع الأمنية في بغداد. وفي حين فرّق رئيس رابطة شيوخ حزام بغداد بين حزام بغداد وأطرافها فإن القائد العسكري الذي يوجد مع قواته على بعد 15 عن العاصمة أبلغ «الشرق الأوسط» شريطة عدم الإشارة إلى اسمه أو هويته بأن «القطعات العسكرية التي تحيط ببغداد تمسك بزمام الأمور بشكل جيد إلى الحد الذي أستطيع فيه القول إننا مثلا وبعد أن قمنا بتحرير منطقة صدر اليوسفية جنوب غربي بغداد والتي كانت من أهم معاقل تنظيم داعش وتؤثر تأثيرا مباشرا على ناحية جرف الصخر فإننا اليوم بدأنا بإعادة العوائل النازحة من تلك المنطقة، لا سيما منطقة الكراغول، إلى مساكنها كما جرى تأمين الطرق المؤدية إلى هناك بعد أن كانت تحت سيطرة (داعش)».
وأضاف القائد العسكري العراقي، أن «تأمين تلك المنطقة كان له تأثير مباشر على المناطق الأخرى بدءا من جنوب غربي بغداد وبالذات من صدر اليوسفية وصولا إلى شمال غربي بغداد إلى التاجي، مرورا بمنطقة أبو غريب وهي الأقرب إلى بغداد من جهة عامرية الفلوجة التي يحاول مسلحو (داعش) الاقتراب منها لكي يؤثروا معنويا من منطلق أنها الأقرب مسافة إلى بغداد». وأوضح أن «كل قائد عسكري يتحدث عن المنطقة التي يتولى حمايتها ومدى قدرته على ذلك وفي الوقت الذي نسمع فيه أخبارا عن مناطق أخرى تدور فيها المعارك كرا وفرا فإنه بالنسبة لنا أستطيع القول إن وضعنا العسكري جيد سواء كقطعات عسكرية أو قوات حشد شعبي ومتطوعين، إذ هناك تنسيق بيننا وبينهم كما يوجد تنسيق عالي المستوى مع أبناء المناطق سواء في صدر اليوسفية التي أصبحت آمنة أو أبو غريب التي تحتشد فيها المزيد من القوات لغرض تأمينها».
من جانبه، يرى إياد الجبوري، رئيس رابطة شيوخ حزام بغداد والقيادي في كتلة ائتلاف العراق، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «من الضروري التفريق بين مناطق حزام بغداد وبين مناطق الأطراف، إذ نستطيع القول إن مناطق حزام بغداد بدءا من قاطع أبو غريب والتاجي وصولا إلى الحسينية والطارمية والمدائن وصدر اليوسفية والرضوانية تعد جيدة، حيث إن التنسيق قائم بين القوات العسكرية والصحوات العشائرية وقوات الحشد الشعبي في هذه المناطق وشيوخ وأبناء هذه المناطق لذلك تجد أنها آمنة وطرقها سالكة وهي كلها تشكل حزاما طبيعيا حول مدينة بغداد التي هي لمن لا يعرفها مدينة مترامية الأطراف جدا، حيث يبلغ طولها أكثر من 60 كم ويقطنها نحو 6 ملايين نسمة وتحيط بها نحو 4 فرق عسكرية وفرقتان من الشرطة الاتحادية، بالإضافة إلى عشرات الآلاف من قوات الصحوة العشائرية ومئات آلاف متطوعي الحشد الشعبي». ومضى الجبوري قائلا، إن «هناك مشكلات في مناطق أطراف بغداد وهي الأقرب إلى أماكن التماس مع (داعش) لا سيما لجهة الأنبار ونستطيع القول إن هناك إرباكا أمنيا واضحا في تلك المناطق بدءا من عامرية الفلوجة (جنوب غرب) وحتى أطراف التاجي فذراع دجلة إلى المناطق الزراعية من الحسينية والطارمية، فضلا عن الرضوانية الشرقية، لكن مع ذلك هناك حائط صد قوي يصعب اختراقه من قبل أي جهة تسعى إلى العبث بأمن العاصمة».
في سياق ذلك، أكد عميد كلية الإعلام بجامعة بغداد الدكتور هاشم حسن في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «علينا التمييز بين نوعين من الحرب التي تصب جام غضبها على بغداد وهي الحرب النفسية التي هي جزء من استراتيجية العدو والحرب الحقيقية التي يشنها بالفعل هنا وهناك والتي تمكن بموجبها من احتلال مدن ومحافظات عراقية بالكامل». وأضاف حسن أنه «في الوقت الذي يتوجب فيه مواجهة الحرب النفسية فإن المشكلة هي أن الحرب الحقيقية يبدو أنها على الأبواب وذلك من خلال ما يجري على الأرض، حيث يبدو وضعنا الآن في غاية الخطورة ونحن لا نملك شيئا أمام ما بات يجري تداوله من خرائط تقسيم جديدة يمكن تجعلنا في مرحلة لاحقة نحن إلى اتفاقية سايكس - بيكو لأن ما يجري التخطيط له هو تقسيم حتى المدن والقصبات، وبالتالي لا ينبغي أن نفهم الأمور من منطلق أن هذا المكان آمن وذاك خطر أو أن هذه حرب نفسية يراد منها الترويع، بينما ما يبدو خلف الكواليس هو أخطر مما يجري أمامنا على أرض الواقع». ووجه عميد كلية الإعلام نقدا قاسيا إلى الكتل السياسية العراقية والحكومة العراقية «التي لا تملك بوصلة واضحة في رؤية ما تريد، فضلا عن ضعف الأجهزة الأمنية وعدم وجود إرادة حقيقية لدى الجميع في أن يتوصلوا إلى أي حل بما في ذلك فشلهم حتى في اختيار وزيرين للدفاع والداخلية مع أن هذا يفترض أن يكون من أولويات أي حكومة في حالة حرب».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.