السعودية: التنظيمات الإرهابية الجديدة مسؤولية دولية وهي خارج عملية المناصحة

«مناصحون»: ظهور «قاعدة اليمن» و«داعش» و«النصرة» رفع أعداد من عادوا إلى تطرفهم 12 %

مركز محمد بن نايف
مركز محمد بن نايف
TT

السعودية: التنظيمات الإرهابية الجديدة مسؤولية دولية وهي خارج عملية المناصحة

مركز محمد بن نايف
مركز محمد بن نايف

تتصدى السلطات الأمنية السعودية لجميع المؤثرات الخارجية التي تجري على الساحة العربية، من فتن، وحروب، واقتتال، بعد ظهور التنظيمات الإرهابية الجديدة التي تروج للفكر الضال، في عملية مناصحة المتطرفين عبر مركز محمد بن نايف للمناصحة والرعاية، وذلك لكل من تأثروا بالأفكار المنحرفة، وخصوصا من عادوا إلى أفكارهم المتطرفة، حيث ارتفعت النسبة خلال الفترة الماضية إلى 12 في المائة، وتحيل الأجهزة الأمنية كل من يعود إلى الفكر المنحرف إلى هيئة التحقيق والادعاء العام، تمهيدا لرفع قضية مستقلة عن القضايا السابقة لدى الجهات القضائية في المملكة.
وقد قام مركز محمد بن نايف للمناصحة والرعاية بمعالجة ظاهرة الإرهاب بالقوة الناعمة التي تمثلت في مواجهة الفكر بالفكر، والحوار، والمراجعة، والتقويم، وكان من أبرز اهتماماته التصدي للمؤثرات الخارجية، التي كانت سببا في مغادرة الشباب السعودي إلى مواطن الصراع وبؤر الفتن، والانضمام لتنظيمات إرهابية ظهرت أخيرا تروج للفكر المنحرف، لا سيما أن تركيزهم خلال هذه الفترة كان باتجاه السعودية، لجعلها طرفا في هذه الصراعات.
وأوضح الدكتور علي البكر، أستاذ علم النفس عضو مركز محمد بن نايف للمناصحة والرعاية، لـ«الشرق الأوسط»، أن المركز لا يتحكم في الأوضاع الدولية والإقليمية، مثلما يعرف بـ«الربيع العربي» أو القتال في العراق وسوريا، مشيرا إلى أن كل هذه العوامل لا تروج للفكر المتطرف، وتستقطب الشباب إليه فقط، بل تعمل على تجنيدهم لخدمته، حيث جرى إنشاء مركز محمد بن نايف للمناصحة والرعاية على أساس أنه يقدم رسالة ورؤية بنيت على التعامل مع إنسان له أبعاده الشخصية، والنفسية، والتربوية، والدينية.
وقال البكر، وكيل كلية عمادة شؤون الطلاب للتطوير والجودة في جامعة الملك سعود: «نعرف أن الإنسان يتفاعل من خلال زوايا أساسية هي تفكيره، وأحيانا مشاعر وانفعالات، وكذلك اضطرابات سلوكية، لأن بعض الشخصيات العدوانية تريد أن تشبع رغباتها من خلال ممارسات، وقد تكون تلك الممارسات من خلال بعض الفئات التي تحاول الانتماء إليها».
وأشار عضو مركز المناصحة والرعاية إلى أن كثيرا من الحالات يعانون بعض الأعراض النفسية والمشكلات السلوكية، ويتذمرون حتى من أنفسهم في التعامل مع هذه الحالات، إذ إن هؤلاء يفكرون حتى فيمن يخالفهم في الرأي بمجرد أن يناقشه بطريقة أو بأخرى بأنه كافر؛ لأنهم لا يعرفون في الحقيقة مبدأ كيف يحكمون على الناس، ونظرتهم ضيقة، صبغت وحيكت ونسجت من مخيلاتهم وكأنها الواقع.
وقد قال خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز، خلال استقباله عددا من السفراء المعتمدين لدى السعودية، الشهر الماضي: «أطلب منكم نقل هذه الرسالة إلى زعمائكم، وهي أنه ما يخفى عليكم الإرهاب في هذا الوقت، ولا بد من محاربة هذا الشر بالقوة والعقل والسرعة»، مضيفا: «الآن في الأمم المتحدة أول دفعة من البلاد عامة وهي من المملكة العربية السعودية لأخذ مكان لمحاربة الإرهاب، وأرجو من أصدقائي السفراء أن ينقلوا هذه الأمانة حرفيا إلى زعمائهم؛ لأن هذا الإرهاب ليس له إلا السرعة والإمكانية، وأنا شفت أن أغلبكم ما تكلم عنهم إلى الآن، وهذا لا يجوز أبدا في حقوق الإنسانية؛ لأن هؤلاء لا يعرفون الإنسانية، وأنتم تشاهدونهم قطعوا الرؤوس ومسّكوها الأطفال يمشون بها في الشارع، هل هذه ليست من القساوة والخشونة والخلاف لقول الرب عز وجل». ولفت الدكتور إبراهيم الميمن، وكيل جامعة الإمام عضو مركز محمد بن نايف للمناصحة والرعاية لـ«الشرق الأوسط»، إلى أن الفكر التكفيري الذي يستهدفه المركز في برامجه وفعالياته وأنشطته الموجهة، هو أخطر ما تواجهه المجتمعات الإسلامية والإنسانية؛ لأنه لا يقتصر على قناعات، ولا يمكن قبوله في هذه الإطار، فالعقلية التكفيرية إقصائية تسلطية، تعتمد على العنف والمواجهة، وتتحول إلى خطر يهدد أمن المجتمعات.
وذكر الميمن أن مركز المناصحة والرعاية، كان له جهد عظيم في تعرية هذا الفكر، وكشف أجنداته الخفية، وأدواته ومنظريه، من خلال عمله في هذا الإطار، وما من شك أن ظروف نشأة هذا الفكر وتصديره، والتأثير فيه مشكلات فكرية، يلبس بها على أنها صورة شرعية.
وأكد وكيل جامعة الإمام أنه من خلال هذه المنطلقات، نحن بحاجة ملحة لحضور قوي للعلماء والدعاة، لحماية شباب الوطن من هذه المتاهات الفكرية، ومواجهة الشبهات، وتحصين الشباب بالرؤية الوسطية، والخطاب الشرعي المعتمد على الكتاب والسنة بفهم سلف الأمة.
وأضاف: «المسألة الرئيسة في قضية الشباب المتأثرين بالفكر والتنظيمات الإرهابية الموقوفين وغيرهم مسألة فكر، ومعالجتها يجب أن تكون بالمنطق والقوة نفسها، واعتماد الأسباب والمنطلقات، ومراعاة الظروف، مع التقدير للتخصصات الأخرى التي لها أثر في فهم نفسية المتطرف، وتقديم الطرق المثلى للوصول إلى الدوافع والأسباب، ومن ثم المعالجات، لكن الشأن في البعد الشرعي الذي لا بد من إيصاله بشفافية وعمق، ليشكل مواجهة عميقة تستهدف الجذور الفكرية، وهو شأن وقع التقصير فيه».
وقال الميمن، إن بعض العلماء كان يتحاشى طرح الشبهة خوفا من الإعلام بها ونشرها، كما أن الخطاب العلمي كان محصورا على مجتمع النخب، مع أن الشبهات يجري تداولها وطرحها، ويجد الشباب في المصادر المجهولة وشبكات التواصل وغيرها ملجأ للمعرفة المشبوهة التي تكرس الشبهة وتقويها، ومن هنا فمسؤوليتنا عظيمة وكبيرة، في أن نتجاوز الأسلوب الوعظي أو العمومي إلى حوار ومناقشة في عاطفة تجذب شبابنا، وتجسر العلاقة بهم لتجاوز هذه المخاطر الفكرية.
وأوضح عضو مركز محمد بن نايف للمناصحة والرعاية أنه من المسؤولية كشف وتعرية الجماعات والتنظيمات الحزبية التي توظف الدين، وتستخدمه كوسيلة للوصول إلى مآربها، فالتنظيم السري والتحزب، والأساليب التي تستخدمها الجماعات جوانب فكرية، تسوق هذه الأفكار، ويدعى إليها الشباب بتلك الولاءات.
وأضاف: «لم يأتِ القرار الملكي المجرِّم لبعض الجماعات وتسميتها من فراغ، بل من استقراء للمخاطر الفكرية ومن يقف وراءها، وعلى رأس تلك الجماعات، الجماعة الأم لكثير من التنظيمات المعاصرة (الإخوان المسلمين)، فتاريخها وتفريعاتها وأدلجتها الفكرية، تجعل من له قراءة في أدبياتها وتحولاتها، يجزم بأنها أساس كل الانحرافات والأعمال الإرهابية».
وقد اعتمدت السعودية قائمة التيارات والجماعات - وما في حكمها - الدينية أو الفكرية المتطرفة أو المصنفة كمنظمات إرهابية داخليا أو إقليميا أو دوليا، وأكدت معاقبة كل من ينتمي إليها أو يؤيدها أو يتبنى فكرها، أو منهجها بأي صورة كانت، أو الإفصاح عن التعاطف معها بأي وسيلة كانت، أو تقديم أي من أشكال الدعم المادي أو المعنوي لها، أو التحريض على شيء من ذلك أو التشجيع عليه، أو الترويج له بالقول أو الكتابة بأي طريقة، وهي تضم «داعش»، و«النصرة»، و«الإخوان المسلمين»، و«حزب الله» السعودي»، و«الحوثيين»، وتنظيم القاعدة في جزيرة العرب، وتنظيم القاعدة في اليمن، وتنظيم القاعدة في العراق.
ولفت الدكتور حميد الشايجي، أستاذ علم الجريمة، عضو في مركز محمد بن نايف للتأهيل والرعاية لـ«الشرق الأوسط» إلى أن السجون في المملكة، نوعان، أحدهما خاصة بالقضايا الجنائية، وأخرى بالقضايا الأمنية، حيث يختلف مستوى جرم الموقوف في كل من هذين النوعين من السجن، ويعمل المركز على مناصحة وتأهيل ورعاية أصحاب القضايا الأمنية المودعين في سجون المباحث أو مركز الرعاية، ويصحح المشايخ من رجال الدين بعض المفاهيم الدينية والفكرية للموقوف.
وأضاف: «يجري العمل داخل السجون الأمنية من ناحية المناصحة، في مراحل علاجية ووقائية، حيث يجري داخل السجون مناصحة الموقوفين مباشرة، عن طريق جلسات فردية للموقوف، مع فريق مع المختصين في الشأن الديني والاجتماعي والنفسي، وتجري مناقشة الشبهات والأخطاء التي وقع فيها، والتعامل معه، ومن يصر على الاستمرار في تبني الفكر الضال تجرِ إحالته مرة أخرى إلى الإجراءات العدلية».
وقال الشايجي، إن الدراسات العلمية التي تناولت الجريمة، كشفت عن أن نسبة العودة إلى الجريمة تراوح بين 40 و60 في المائة، بينما النسبة في مركز المناصحة والرعاية وصلت نحو 12 في المائة، وذلك بعد أن قبض على 94 شخصا ممن أفرج عنهم، في وقت سابق، مما يعد مؤشرا على نجاح المركز.
وقد أعلن اللواء منصور التركي، المتحدث الأمني في وزارة الداخلية، في مارس (آذار) الماضي، القبض على 62 شخصا، شكّلوا تنظيما إرهابيا يتواصل عناصره في اليمن مع قرنائهم من أعضاء التنظيمات الضالة في سوريا، بتنسيق شامل مع العناصر الضالة داخل السعودية، ومن بينهم 35 من مطلقي السراح في قضايا أمنية وممن لا يزالون رهن المحاكمة، وبعد 4 أشهر، أعلن في بيان آخر القبض على 88 شخصا، يمثلون 10 خلايا إرهابية، تتبنى جميعها الفكر الضال وتؤيده، وتمجد الأعمال الإرهابية، ومعظمهم على تواصل مع التنظيمات الإرهابية خارج البلاد، من بينهم 59 شخصا سبق إيقافهم على خلفية قضايا إرهابية في الداخل.
وأشار أستاذ علم الجريمة، عضو لجنة المناصحة والرعاية، إلى أن السعودية تتعامل مع القضايا الخطرة الخاصة بالفكر، حيث يستحيل أن يكون كل برنامج تأهيلي ناجحا بنسبة 100 في المائة.
وأضاف: «الذين عادوا إلى جرمهم مرة أخرى بالقول أو الفعل مجموعتان، إحداهما من الذين كانوا موقوفين في سجن غوانتانامو، الذين تسلمتهم الحكومة السعودية من نظيرتها الأميركية، وعددهم 120 شخصا، حيث رجع منهم إلى الفكر المتطرف نحو 20 في المائة من إجمالي العائدين، والمجموعة الثانية من سجناء الداخل أو من الذين تسلمتهم السعودية من مناطق الصراع الأخرى، حيث رجع منهم إلى الفكر الضال نحو 12 في المائة، وقد يعزى ارتفاع النسبة بين العائدين من غوانتانامو إلى طبيعة المعاملة التي تعرضوا لها في المعتقل».
وذكر الشايجي، أن التنظيمات الإرهابية، خصوصا في اليمن، تحاول إبراز الأشخاص الذين تخرجوا في المركز، بل تدفعهم في مقاطعهم المرئية ليتحدثوا باسم التنظيم، وتصفهم بالقيادات، وتختار عددا منهم لتنفيذ عمليات إرهابية، مثلما حدث أخيرا في اقتحام منفذ الوديعة في محافظة شرورة، من أجل محاولة إضعاف جهود مركز المناصحة، وخلق فتنة بين أفراد المجتمع بأن عملية المناصحة في السعودية لا تؤدي أدوارها المفترضة.
وأوضح مصدر مطلع لـ«الشرق الأوسط» أن مركز محمد بن نايف للمناصحة والرعاية، يقدم دعوات لبعض رموز المجتمع لزيارة المركز، لإلقاء المحاضرات والالتقاء مع المستفيدين والإجابة عن تساؤلاتهم، حيث يكون بعضهم أشخاصا غير أعضاء في الهيئة التعليمية أو لجان المناصحة، إذ يلاحظ أن بعض المشايخ أو طلبة العلم يدّعي أنه عضو في لجان المناصحة، وهو ليس عضوا فيها، ويوجد في المركز الكثير من اللجان، مثل: اللجان الدينية، والنفسية، والأمنية، والاجتماعية، والتاريخية، والسياسية، فيما تقوم لجان أخرى نفسية واجتماعية بزيارات لمنازل المستفيدين والموقوفين، للوقوف على أحوالهم ومساعدتهم، كما تقام برامج وقائية في المحافظات والمراكز التابعة لها.
ويعمل مركز المناصحة والرعاية على إعادة علاقة المستفيد بأسرته بعد إطلاق سراحه، وخروجه من المركز، وهناك بعض الأسر التي ترفض استقبال أبنائها بعد خروجهم من السجن، حيث وقف الأعضاء على حالتين لأسرتين رفضتا استقبال ابنيهما بعد خروجهما من المركز، وبادروا بزيارة والدي المطلق سراحهما لشرح عملية الإفراج، حتى يكونوا على بينة بوضع أبنائهما، وكانت ردة فعل الأب أنه لا يريد إرهابيا في منزله، واستطاعوا لم شمل المستفيد مع أسرته.



السعودية تدين قصف إسرائيل مخيم النصيرات وسط غزة

فلسطينية تسير بين أنقاض مبانٍ دمرتها الغارات الإسرائيلية على مخيم النصيرات (إ.ب.أ)
فلسطينية تسير بين أنقاض مبانٍ دمرتها الغارات الإسرائيلية على مخيم النصيرات (إ.ب.أ)
TT

السعودية تدين قصف إسرائيل مخيم النصيرات وسط غزة

فلسطينية تسير بين أنقاض مبانٍ دمرتها الغارات الإسرائيلية على مخيم النصيرات (إ.ب.أ)
فلسطينية تسير بين أنقاض مبانٍ دمرتها الغارات الإسرائيلية على مخيم النصيرات (إ.ب.أ)

أعربت السعودية، الجمعة، عن إدانتها واستنكارها قصف قوات الاحتلال الإسرائيلية لمخيم النصيرات وسط قطاع غزة.

وأكدت في بيان لوزارة خارجيتها، أن إمعان قوات الاحتلال في انتهاكاتها المتكررة للقانون الدولي والإنساني، واستهدافاتها المستمرة للمدنيين الأبرياء «ما هي إلا نتيجة حتمية لغياب تفعيل آليات المحاسبة الدولية».

وجدّدت السعودية مطالبتها للمجتمع الدولي بضرورة التحرك الجاد والفعّال لوضع حد لهذه الانتهاكات الصارخة والمتكررة «حفاظاً على أرواح المدنيين، وما تبقى من مصداقية الشرعية الدولية».