قطر تدخل رسميا على خط الوساطة لإطلاق الجنود اللبنانيين المحتجزين

«داعش» اتهم وفد الدوحة بـ«المراوغة».. و«النصرة» تهدد بأن الجنود «سيدفعون ثمن مشاركة حزب الله بسوريا»

جنود لبنانيون يفحصون بقايا جهاز تجسس فجرته  اسرائيل عن بعد في قرية عدلون  أمس (إ.ب.أ)
جنود لبنانيون يفحصون بقايا جهاز تجسس فجرته اسرائيل عن بعد في قرية عدلون أمس (إ.ب.أ)
TT

قطر تدخل رسميا على خط الوساطة لإطلاق الجنود اللبنانيين المحتجزين

جنود لبنانيون يفحصون بقايا جهاز تجسس فجرته  اسرائيل عن بعد في قرية عدلون  أمس (إ.ب.أ)
جنود لبنانيون يفحصون بقايا جهاز تجسس فجرته اسرائيل عن بعد في قرية عدلون أمس (إ.ب.أ)

دخلت دولة قطر رسميا، أمس، على خط التفاوض مع مجموعات متشددة تختطف عسكريين لبنانيين منذ مطلع الشهر الماضي، إذ دخل وفد قطري إلى تلال بلدة عرسال الحدودية مع سوريا، للقاء الخاطفين، غداة إعلان الحكومة اللبنانية رغبتها بالتفاوض «عبر قنوات دولية».
وأكدت مصادر ميدانية في البقاع (شرق لبنان) لـ«الشرق الأوسط» أن الوفد القطري «عَبَر من بلدة عرسال (شرق لبنان) إلى تلالها الحدودية مساء أول من أمس»، مرجحا أن يكون الوفد «انتقل إلى بلدات القلمون في الداخل السوري للقاء الخاطفين»، في حين ذكرت قناة «إل بي سي» التلفزيونية اللبنانية أن «شخصية سورية موفدة من قبل القطريين التقت بأبو مالك التلي أمير جبهة النصرة (فرع تنظيم القاعدة في بلاد الشام) وناقشت معه مسألة العسكريين المحتجزين».
وتابعت الحكومة اللبنانية ملف التفاوض مع الخاطفين، عبر انعقاد اجتماع لخلية الأزمة الوزارية، المخصصة لبحث قضية العسكريين المخطوفين، برئاسة رئيس الحكومة تمام سلام وغياب أهالي العسكريين. وقال وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق، قبيل انعقاد اجتماع لخلية الأزمة الوزارية الموسعة المكلفة متابعة ملف العسكريين المخطوفين في السراي: «لا جديد في موضوع التفاوض»، عادا في الوقت عينه أنه «إذا كان القطريون دخلوا فعلا خط التفاوض فهذا أمر جيد».
بدوره قال وزير العدل أشرف ريفي «الأمور تسير باتجاه إيجابي، ورئيس الحكومة تمام سلام يتواصل مع الوسيط القطري، بشأن العسكريين المخطوفين».
وجدد وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل، قبيل الجلسة تأكيده «مبدئي حصر التفاوض بالدول وعدم المقايضة فيما خص ملف العسكريين المخطوفين»، وهو الموقف الذي أجمع عليه مجلس الوزراء خلال الجلسة الأخيرة أوّل من أمس.
ولم ترد أي معلومات من الداخل السوري عن عملية التفاوض، في حين نقل موقع «النشرة» الإلكتروني عن مصادر قولها إنّ «الأمور لا تزال معقدة وهي ليست بهذه السهولة بسبب تعنت الجهات الخاطفة التي تنقسم إلى عدّة فصائل وليست عبارة عن جهة واحدة»، مشيرة إلى أنّ اللقاء مع «النصرة» كانت أجواؤه إيجابية، فيما الاجتماع الثاني كان مع «داعش» وقد وُصِفت أجواؤه بالمعقدة. وتكرس هذا الاعتقاد، بعد اتهام «داعش» للوفد القطري بالمراوغة، إذ كشف قيادي في تنظيم «داعش» في القلمون أن وفدا قطريا مفوضا من الحكومة اللبنانية موجود في منطقة عرسال على الحدود اللبنانية الشرقية مع سوريا منذ أمس (أول من أمس) «للتفاوض معنا» بشأن العسكريين اللبنانيين الأسرى لديه، لكنه اتهم الوفد، بأنه «يراوغ» وحمله المسؤولية عن «دماء العسكريين».
وأوضح «داعش» في بيان أصدره، أنه «تفاجأ لأن الوفد القطري المكلف يراوغ بمقابلة الجهات المختصة بالتفاوض من قبلنا»، موضحا أن ذلك جاء «بعد إعلاننا قبول المفاوضات غير المباشرة مع الحكومة اللبنانية بما يخص الأسرى العسكريين لدينا»، كما حمل البيان الوفد القطري «المسؤولية المباشرة عن عرقلة المفاوضات ودماء العسكريين».
ويحتفظ «داعش» بعشرة عسكريين أسرى لديه كلهم من عناصر الجيش اللبناني، بعد ذبح الرقيب علي السيد الأسبوع الماضي، في حين تحتفظ «جبهة النصرة» بـ18 عسكريا من جنود الجيش وعناصر القوى الأمنية، وهم أسرى منذ معارك عرسال التي اندلعت إثر اعتقال الجيش لعماد جمعة قائد لواء «فجر الإسلام» الذي بايع «داعش» قبل توقيفه.
ويأتي دخول قطر، رسميا، على خط التفاوض، غداة إعلان الحكومة اللبنانية أن موضوع تحرير المخطوفين «لا يمكن أن يكون موضع مقايضة، بل يمكن أن يكون موضع تفاوض، عبر قنوات دولية استعملت وستُستعمل من أجل تحرير المخطوفين». وأكد وزير الشؤون الاجتماعية رشيد درباس أن «زمام الأمور بيد الدولة وهي لا تتفاوض مع الإرهابيين»، مشيرا في حديث إذاعي إلى «أننا نمارس ضغطا دوليا» لتحرير الرهائن.
وعرفت قطر، في وقت سابق، بنجاح وساطتها لتحرير الزوار اللبنانيين الـ11 الذين كانوا محتجزين لدى «لواء عاصفة الشمال» في أعزاز بريف حلب الشمالي، كذلك نجاح وساطتها في الإفراج عن راهبات معلولا الـ13 اللاتي كن محتجزات لدى جبهة النصرة.
في غضون ذلك، وزعت «جبهة النصرة» شريط فيديو تظهر فيه تسعة عناصر من الجنود والدرك اللبنانيين المحتجزين لديها، وهددت بأنهم قد «يدفعون ثمن» تورط حزب الله بالنزاع في سوريا.
وتبلغ مدة الشريط نحو ثلاثين دقيقة ويظهر فيه المحتجزون جالسين بالقرب من علم لجبهة النصرة. ويسمع أحد الجنود يتساءل قائلا: «ما ذنبي أنا لأدفع ثمن تصرفات حزب الله» في إشارة إلى مشاركة حزب الله في القتال إلى جانب النظام في سوريا. ويسمع محتجز آخر يقول في الشريط بأنه في حال واصل حزب الله القتال في سوريا «ستكون قد وضعت دمنا في رقبتك» في إشارة إلى المحتجزين السبعة. وكانت جبهة النصرة وزعت شريط فيديو آخر في الثالث والعشرين من أغسطس (آب) يظهر فيه العناصر التسعة وهم يدعون حزب الله إلى الانسحاب من سوريا. وفي سياق متصل بمعارك عرسال، استجوب قاضي التحقيق العسكري عماد زين أمس سبعة موقوفين (لبناني و6 سوريين)، فيما بات يعرف بـ«ملف عماد جمعة» على خلفية أحداث عرسال الشهر الماضي، وأصدر مذكرات وجاهية بتوقيفهم، وبذلك يصبح عدد الموقوفين الصادر في حقهم مذكرات وجاهية حتى الآن 28 شخصا.



انقلابيو اليمن ينزفون جراء تصعيدهم الميداني

سور مستشفى حكومي في صنعاء حوّله الحوثيون إلى معرض لصور قتلاهم (الشرق الأوسط)
سور مستشفى حكومي في صنعاء حوّله الحوثيون إلى معرض لصور قتلاهم (الشرق الأوسط)
TT

انقلابيو اليمن ينزفون جراء تصعيدهم الميداني

سور مستشفى حكومي في صنعاء حوّله الحوثيون إلى معرض لصور قتلاهم (الشرق الأوسط)
سور مستشفى حكومي في صنعاء حوّله الحوثيون إلى معرض لصور قتلاهم (الشرق الأوسط)

شيّعت جماعة الحوثيين خلال الأسبوع الماضي 17 قتيلاً من عناصرها العسكريين، الذين سقطوا على خطوط التماس مع القوات الحكومية في جبهات الساحل الغربي ومأرب وتعز والضالع، منهم 8 عناصر سقطوا خلال 3 أيام، دون الكشف عن مكان وزمان مقتلهم.

وفقاً للنسخة الحوثية من وكالة «سبأ»، شيّعت الجماعة في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء كلاً من: ملازم أول رشاد محمد الرشيدي، وملازم ثانٍ هاشم الهجوه، وملازم ثانٍ محمد الحاكم.

تشييع قتلى حوثيين في ضواحي صنعاء (إعلام حوثي)

وسبق ذلك تشييع الجماعة 5 من عناصرها، وهم العقيد صالح محمد مطر، والنقيب هيمان سعيد الدرين، والمساعد أحمد علي العدار، والرائد هلال الحداد، وملازم أول ناجي دورم.

تأتي هذه الخسائر متوازية مع إقرار الجماعة خلال الشهر الماضي بخسائر كبيرة في صفوف عناصرها، ينتحل أغلبهم رتباً عسكرية مختلفة، وذلك جراء خروقها الميدانية وهجماتها المتكررة ضد مواقع القوات الحكومية في عدة جبهات.

وطبقاً لإحصائية يمنية أعدّها ونشرها موقع «يمن فيوتشر»، فقد خسرت الجماعة خلال نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، 31 من مقاتليها، أغلبهم ضباط، سقطوا في مواجهات مع القوات الحكومية.

وشيّع الانقلابيون الحوثيون جثامين هؤلاء المقاتلين في صنعاء ومحافظة حجة، دون تحديد مكان وزمان مصرعهم.

وأكدت الإحصائية أن قتلى الجماعة خلال نوفمبر يُمثل انخفاضاً بنسبة 6 في المائة، مقارنة بالشهر السابق الذي شهد سقوط 33 مقاتلاً، ولفتت إلى أن ما نسبته 94 في المائة من إجمالي قتلى الجماعة الذين سقطوا خلال الشهر ذاته هم من القيادات الميدانية، ويحملون رتباً رفيعة، بينهم ضابط برتبة عميد، وآخر برتبة مقدم، و6 برتبة رائد، و3 برتبة نقيب، و 13 برتبة ملازم، و5 مساعدين، واثنان بلا رتب.

وكشفت الإحصائية عن أن إجمالي عدد قتلى الجماعة في 11 شهراً ماضياً بلغ 539 مقاتلاً، بينهم 494 سقطوا في مواجهات مباشرة مع القوات الحكومية، بينما قضى 45 آخرون في غارات جوية غربية.

152 قتيلاً

وتقدر مصادر عسكرية يمنية أن أكثر من 152 مقاتلاً حوثياً لقوا مصرعهم على أيدي القوات الحكومية بمختلف الجبهات خلال سبتمبر (أيلول) وأكتوبر (تشرين الأول) الماضيين، منهم 85 قيادياً وعنصراً قُتلوا بضربات أميركية.

وشهد سبتمبر المنصرم تسجيل رابع أعلى معدل لقتلى الجماعة في الجبهات منذ بداية العام الحالي، إذ بلغ عددهم، وفق إحصائية محلية، نحو 46 عنصراً، معظمهم من حاملي الرتب العالية.

الحوثيون استغلوا الحرب في غزة لتجنيد عشرات الآلاف من المقاتلين (إكس)

وبحسب المصادر، تُحِيط الجماعة الحوثية خسائرها البشرية بمزيد من التكتم، خشية أن يؤدي إشاعة ذلك إلى إحجام المجندين الجدد عن الالتحاق بصفوفها.

ونتيجة سقوط مزيد من عناصر الجماعة، تشير المصادر إلى مواصلة الجماعة تعزيز جبهاتها بمقاتلين جُدد جرى استقطابهم عبر برامج التعبئة الأخيرة ذات المنحى الطائفي والدورات العسكرية، تحت مزاعم مناصرة «القضية الفلسطينية».

وكان زعيم الجماعة الحوثية أقرّ في وقت سابق بسقوط ما يزيد عن 73 قتيلاً، وإصابة 181 آخرين، بجروح منذ بدء الهجمات التي تزعم الجماعة أنها داعمة للشعب الفلسطيني.

وسبق أن رصدت تقارير يمنية مقتل نحو 917 عنصراً حوثياً في عدة جبهات خلال العام المنصرم، أغلبهم ينتحلون رتباً عسكرية متنوعة، في مواجهات مع القوات الحكومية.