يواجه مئات الآلاف من أطفال العراق في إقليم كردستان الشمالي أزمة في التعليم بعد أن أجبروا على ترك منازلهم وتحويل مئات المدارس إلى مأوى للعائلات المهجرة، حسب تقرير أوردته وكالة الصحافة الفرنسية.
وتقول حكومة إقليم كردستان إن المدارس ستفتح أبوابها كما هو مخطط الأربعاء المقبل، لكن التحدي الأكبر هو إلى أين سينقل النازحون الذين يعيشون حاليا في هذه المدارس. وتقول برندا هيبليك، وهي خبيرة في التعليم من منظمة اليونيسيف: «إنها كارثة كبرى للأطفال». وتضيف أن «التعليم هو ملاذ الحياة، فالتعليم يعطي فرصة للطفل أو الطفلة الفرصة للمضي قدما، وبخلاف ذلك، فإن المستقبل قاتم».
وتقول الأمم المتحدة إن أكثر من 1.8 مليون عراقي هجروا منذ يناير (كانون الثاني) 2014، بينهم 850 ألف لاجئ في محافظات إقليم كردستان الثلاث.
ووقعت مساحات واسعة من الأراضي العراقية بيد مسلحي تنظيم «داعش» المتطرف، وتوسعت المساحة خصوصا بعد الهجوم الكبير الذي شنه التنظيم في 10 يونيو (حزيران) الماضي، مما تسبب بموجة نزوح كبيرة بحثا عن ملاذات آمنة. ومع نقص شديد في المخيمات وازدياد أعداد النازحين من مناطق شمال العراق، وجد آلاف منهم المدارس مأوى للعيش فيها. وتعد محافظة دهوك أكثر المحافظات تضررا، حيث اتخذت العائلات المهجرة من 600 مدرسة مأوى لها. وتقول هيبليك لوكالة الصحافة الفرنسية: «نحن نواجه أزمة تعليم طارئة توثر على المهجرين داخليا، وكذلك 200 ألف نازح سوري في إقليم كردستان إضافة إلى الأطفال المحليين على حد سواء».
من جانبه، قال وزير التربية في إقليم كردستان بشتيوان صادق، إن العام الدراسي لأطفال السكان المحليين سيبدأ كما هو مخطط له في كل مكان، باستثناء محافظة دهوك التي تقول الأمم المتحدة إنها تضم نحو 64 في المائة من اللاجئين. وأوضح صادق لوكالة الصحافة الفرنسية: «حالما يجري تمكين هذه الأسر النازحة من منازل تؤويهم، فسنكون قادرين على تغطية حاجاتهم التعليمية». وأقر الوزير بأن السلطات تكافح من أجل توفير مأوى لهؤلاء النازحين. وقال بهذا الصدد إن «حكومة كردستان ليست لديها البنى التحتية الكافية لتوفير ملاجئ للمهجرين، والمساعدات من المجتمع الدولي بطيئة الوصول».
ومع اقتراب موعد بدء العام الدراسي الجديد، لا تزال المدارس في مدينة أربيل، كبرى مدن كردستان، مأوى لآلاف النازحين، بواقع 4 أسر في كل صف دراسي».
ويقول نؤيل جميل، الذي يتقاسم مع أسرته المكونة من 11 فردا فصلا دراسيا في إحدى مدارس عين كاوة الواقعة في ضواحي أربيل: «لا نعرف ماذا يخبئ لنا المستقبل».
وأضاف جميل، المدرس الذي أجبرت أسرته على مغادرة بلدة قرقوش قبل عدة أسابيع: «إذا ما بدأ العام الدراسي، فعلينا أن نغادر المدرسة والذهاب إلى مخيم.. إلى مكان آخر، لا نعرف إلى أين نذهب». وأضاف جميل: «لا نعرف أيضا متى ستتسنى لأطفالنا فرصة العودة إلى الفصل».
بدورها، أبدت أحلام كامل (45 عاما) وهي أم لأربع فتيات صغار يعشن في خيمة في الفناء الخلفي بإحدى المدارس، المخاوف نفسها.
وتقول كامل فيما تسيل الدموع من عيني ابنتها صبا (12 عاما): «التعليم كل شي بالنسبة لنا، إنه ضمان لمستقبل أطفالنا، والكلمات تعجز عن وصف المعاناة التي نكابد». وقالت هيبليك المسؤولة في اليونيسيف إن العقدة في الأزمة الإنسانية بالإضافة إلى نقص التمويل، ضاعفت صعوبة إمكانية فتح أبواب المدارس في الأسبوع المقبل وإعادة دمج جميع الأطفال المشردين في مدرسة لتلبية احتياجاتهم. وأوضحت: «آمل أن تفتح بعض المدارس أبوابها في الوقت المحدد، لكن لا يزال هناك الكثير أمامنا لفعله»، مضيفة أن «الأمم المتحدة تعمل مع السلطات المحلية على إيجاد بدائل كالمدارس في المباني غير المكتملة والقريبة من المخيمات». وأضافت: «لكن هناك كثير من مشكلات الحماية (..)، وهذا يتطلب كثيرا من التنسيق، وحاجات التمويل لذلك هائلة».
والمشكلة ذاتها، تنطبق على وسط العراق وجنوبه، بحسب هيبليك، خصوصا أن القتال الجاري في البلاد يعني أن عددا غير معروف من الأطفال علقوا في مناطق العنف مما يجعل من المستحيل توفير التعليم لهم. وقالت هيبليك إن الأمر «يكسر قلوبنا»، مضيفة: «نحن ندرك أن الأزمة في دهوك والمناطق الأخرى غيض من فيض.. إنه وضع مروع».
أطفال كردستان العراق يعانون من أزمة طارئة مع اقتراب العام الدراسي
خبيرة في التعليم من «اليونيسيف»: «إنها كارثة كبرى» لأن التعليم ملاذ الحياة
أطفال كردستان العراق يعانون من أزمة طارئة مع اقتراب العام الدراسي
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة