«المدارس الأجنبية» تنتشر في أميركا بعد انتشارها حول العالم

تهدف لمساعدة صغار المهاجرين إلى الولايات المتحدة

«المدارس الأجنبية» تنتشر في أميركا بعد انتشارها حول العالم
TT

«المدارس الأجنبية» تنتشر في أميركا بعد انتشارها حول العالم

«المدارس الأجنبية» تنتشر في أميركا بعد انتشارها حول العالم

في الشهر الماضي، أعلنت ولاية ماريلاند (المجاورة لواشنطن العاصمة) أنها ستستثمر في مجال «إنترناشونال سكولز» (المدارس الدولية، أو المدارس الأجنبية) لمساعدة صغار المهاجرين، خصوصا من دول أميركا اللاتينية، وذلك بسبب نجاح مدارس مماثلة في ولايات أخرى، كجزء من نجاح هذا النوع من المدارس حول العالم.
وستكون ولاية ماريلاند الولاية الأميركية، هي الـ18 التي تنتهج هذا النهج، بالإضافة إلى مدرستين خاصتين في واشنطن العاصمة (أغلب تلاميذها وتلميذاتها ينتمون لأجانب في السفارات والمؤسسات العالمية، مثل صندوق النقد العالمي، والبنك الدولي).
غير أن الاهتمام الأميركي بالمدارس الدولية يختلف أساسا لأنه ليس استثمارا تجاريا أو خاصا، بل هو جهود حكومية لمواجهة مشكلة من نوع جديد تواجهها أميركا. عن هذا قال كيفين ماكسويل، مدير تعليم ولاية ماريلاند: «هذا نوع جديد من المدارس بالنسبة لنا. لكن، نريد مواجهة حقيقة زيادة أعداد المهاجرين الصغار. بل حتى العراقيل التي تواجه الجيل الجديد (المولودين في أميركا».
وأشار إلى تقارير تعليمية أوضحت أن عدم الإلمام باللغة الإنجليزية يعرقل حياة المهاجرين الجدد. وأحيانا، يعرق حياة أبنائهم وبناتهم. وأن عدم الإلمام بالثقافة الأميركية يعرقل أيضا. لهذا، يهتم هذا النوع من المدارس الدولية في أميركا بما تهتم به المدارس الدولية حول العالم: اللغة الإنجليزية، ومبادئ الثقافة الغربية.
ومن المعروف أن هدف المدارس الدولية حول العالم هو تسهيل حياة الطلاب الذين سيلتحقون بمدارس أميركية أو أوروبية. ولكن هدف المدارس الدولية في أميركا هو تسهيل حياة هؤلاء ليواصلوا تعليمهم وحياتهم في أميركا.
وحسب معلومات ولاية ماريلاند، فإن 30 في المائة من تلاميذها وتلميذاتها هاجروا من دول أخرى. و60 في المائة من خريجي مدارسها الثانوية يحصلون على درجات أقل من المتوسط (بسبب اللغة وعوامل الثقافة).
لهذا، تبدو المدارس الدولية في أميركا مثل «المدارس الأجنبية» في الدول الأخرى، لأنها تقدم مقررات «أجنبية».
وحسب تقرير أصدره مجلس المدارس الدولية في إيثاكا (ولاية نيويورك، حيث جامعة كورنيل)، فإن أغلبية المدارس الدولية حول العالم مدارس تجارية. وأوضح التقرير الآتي:
أولا: كل عام، يصرف الآباء والأمهات حول العالم أكثر من 40 مليار دولار لإرسال أولادهم وبناتهم إلى مدارس دولية (أجنبية).
ثانيا: يتلخص هدف هؤلاء في «ضمان فرص للحصول على التعليم الغربي».
ثالثا: وصل عدد هذه المداس إلى قرابة عشرة آلاف مدرسة، ويزيد بسرعة كبيرة.
رابعا: وصل عدد المدرسين والمدرسات «الدوليين» إلى أكثر من مائة ألف.
خامسا: وصل عدد الطلاب إلى قربة أربعة ملايين (بزيادة سنوية تبلغ عشرة في المائة).
سادسا: يبلغ متوسط المصروفات السنوية لكل طالب عشرة آلاف دولار تقريبا.
سابعا: تتبع نصف هذه المدارس تقريبا المنهج التعليمي البريطاني، لكن تزيد فرص المنهج التعليمي الأميركي. وتوجد مدارس (خاصة بالنسبة لأولاد وبنات الدبلوماسيين والخبراء الأجانب) تستعمل مناهج فرنسية، أو ألمانية، أو غيرها.
وركز التقرير على أن أغلبية هذا المدارس (عدا مدارس أبناء وبنات الدبلوماسيين والخبراء الأجانب) استثمارات تجارية. ولاحظ التقرير أن أكثر الدول التي فيها هذه المدارس الدولية تقع في دول الخليج وجنوب آسيا.
وأشار التقرير إلى زيادة اهتمام الصينيين بالمدارس الدولية. كما أن نمو هذا النوع من المدارس في الصين يزيد على نموه في دول آسيوية أخرى اشتهرت برغبتها في مدارس على المنهج الغربي (مثل: اليابان، وكوريا الجنوبية، والفلبين، وماليزيا).
وأشار التقرير إلى زيادة اهتمام المدارس والمؤسسات التعليمية الأميركية بتأسيس مدارس في دول أخرى، أحيانا باتفاقيات مع حكومات، وأحيانا مع مستثمرين عالميين، أو محليين. ويدفع هذا رغبات وسط كثير من أبناء وبنات الجيل الجديد للبحث عن «روح المغامرة، والرغبة في مهنة تعليمية عالمية، وتعلم ثقافات أجنبية، ومعارف، وانفتاح».
ويرى التقرير أن المدارس الدولية تساعد على ما تحقيق ما سماه «غلوبال سيتزين» (المواطن العالمي). ووصفه كالآتي:
أولا: أخلاقيا: مناقشة تكوين الشخصية ومبادئها من خلال تجارب عالمية مختلفة ومتنوعة.
ثانيا: اجتماعيا: اختلاط التلاميذ والتلميذات يساعد على التعددية والتنوع.
ثالثا: سياسيا: تفهم وجهات نظر الآخرين. وفي مواضيع غير سياسية أيضا، مثل البيئة، والصحة، والتنمية.
رابعا: قياديا: تعلم القيادة وسط التلاميذ والتلميذات بطريقة أكثر إثراء بسبب تنوع ثقافات وخلفيات هؤلاء.
وأشار التقرير إلى أن زيادة عدد المدارس الدولية في دول ذات لغات وثقافات مختلفة لا يخلو من مشكلات، خصوصا عدم التزام بعض المدارس بالمقررات التي تعد بها الآباء والأمهات. ودعا الآباء والأمهات إلى التأكد من التزام المدارس بما سماه التقرير «قانون الأخلاق». وفيه: «تقديم مقررات واضحة، والتعهد بتنفيذها. تحاشي تقديم معلومات مبهمة أو غير موثقة. الالتزام بخصوصية تلاميذها وتلميذاتها، وآبائهم وأمهاتهم».
وأخيرا، زامن هذا التقرير تقرير آخر لمجلس المدارس الدولية (إي إس سي) البريطاني الذي أوضح أن مدارس بريطانية مشهورة، مثل «إيتون» و«هارو» و«ويلنغتون» انتبهت إلى رغبة كثير من الأجانب في تعليم أولادهم وبناتهم تعليما غربيا. وأسست مراكز في دول أجنبية. خاصة في دول خليجية.
وحسب التقرير البريطاني:
أولا: توجد قرابة ألف مدرسة دولية في الخليج.
ثانيا: تأتي الإمارات في المرتبة الأولى، بنحو 500 مدرسة تقريبا.
ثالثا: في السعودية قرابة 200 مدرسة.
رابعا: في قطر 100 مدرسة تقريبا.
خامسا: جملة تلاميذ وتلميذات المدارس الخليجية يمثلون نحو مليون طالب.
سادسا: جملة المصروفات المدرسية السنوية ستة مليارات دولار (ما بين ستة وعشرة آلاف دولار للواحد).



كلية الطب في بيروت... 150 عاماً من النجاحات

كلية الطب في بيروت... 150 عاماً من النجاحات
TT

كلية الطب في بيروت... 150 عاماً من النجاحات

كلية الطب في بيروت... 150 عاماً من النجاحات

التحدث عن كلية الطب في «الجامعة الأميركية» وما حققته من إنجازات وتطورات منذ تأسيسها عام 1867 لا يمكن تلخيصه بمقال؛ فهذه الكلية التي تحتل اليوم المركز الأول في عالم الطب والأبحاث في العالم العربي والمرتبة 250 بين دول العالم بالاعتماد على QS Ranking، استطاعت أن تسبق زمنها من خلال رؤيا مستقبلية وضعها القيمون عليها، وفي مقدمتهم الدكتور محمد صايغ نائب الرئيس التنفيذي لشؤون الطب والاستراتيجية الدولية وعميد كلية الطب في الجامعة الأميركية، الذي أطلق في عام 2010 «رؤيا (2020)»، وهي بمثابة خطة طموحة أسهمت في نقل الكلية والمركز الطبي إلى المقدمة ووضعهما في المركز الأول على مستوى المنطقة.

رؤية 2025

اليوم ومع مرور 150 عاماً على تأسيسها (احتفلت به أخيراً) ما زالت كلية الطب في «الجامعة الأميركية» تسابق عصرها من خلال إنجازات قيمة تعمل على تحقيقها بين اليوم والغد خوّلتها منافسة جامعات عالمية كـ«هارفرد» و«هوبكينز» وغيرهما. وقد وضعت الجامعة رؤيا جديدة لها منذ يوليو (تموز) في عام 2017 حملت عنوان «رؤية 2025»، وهي لا تقتصر فقط على تحسين مجالات التعليم والطبابة والتمريض بل تطال أيضاً الناحية الإنسانية.
«هي خطة بدأنا في تحقيقها أخيراً بحيث نستبق العلاج قبل وقوع المريض في براثن المرض، وبذلك نستطيع أن نؤمن صحة مجتمع بأكمله». يقول الدكتور محمد صايغ. ويضيف خلال حديثه لـ«الشرق الأوسط»: «لا نريد أن ننتظر وصول وفود المرضى إلى مركزنا الطبي كي نهتم بهم، بل إننا نعنى بتوعية المريض قبل إصابته بالمرض وحمايته منه من خلال حملات توعوية تطال جميع شرائح المجتمع. كما أننا نطمح إلى إيصال هذه الخطة إلى خارج لبنان لنغطي أكبر مساحات ممكنة من مجتمعنا العربي».
تأسَّسَت كلية الطب في الجامعة الأميركية في بيروت عام 1867، وتعمل وفقاً لميثاق صادر من ولاية نيويورك بالولايات المتحدة الأميركية، ويقوم على إدارتها مجلس أمناء خاص ومستقل.
وتسعى الكلية لإيجاد الفرص التي تمكن طلبتها من تنمية روح المبادرة، وتطوير قدراتهم الإبداعية واكتساب مهارات القيادة المهنية، وذلك من خلال المشاركة في الندوات العلمية والتطبيقات الكلينيكية العملية مما يُسهِم في تعليم وتدريب وتخريج أطباء اختصاصيين.
وملحَق بكلية الطب في الجامعة الأميركية في بيروت مركز طبي يضم أقساماً للأمراض الباطنية والجراحة والأطفال وأمراض النساء والتوليد ‏والطب النفسي. كما يقدم المركز الطبي خدمات الرعاية الصحية المتكاملة في كثير من مجالات الاختصاص، وبرامج للتدريب على التمريض وغيرها ‏من المهن المرتبطة بالطب.

اعتمادات دولية

منذ عام 1902، دأب المركز الطبي في الجامعة الأميركية في بيروت على توفير أعلى معايير الرعاية للمرضى في مختلف أنحاء لبنان والمنطقة. وهو أيضاً المركز الطبي التعليمي التابع لكلية الطب في الجامعة الأميركية في بيروت التي درّبت أجيالاً من طلاب الطب وخريجيها المنتشرين في المؤسسات الرائدة في كل أنحاء العالم. المركز الطبي في الجامعة الأميركية في بيروت هو المؤسسة الطبية الوحيدة في الشرق الأوسط التي حازت على خمس شهادات اعتماد دولية وهي JCI)، وMagnet، وCAP، وACGME - I و(JACIE مما يشكّل دليلاً على اعتماد المركز أعلى معايير الرعاية الصحية المتمحورة حول المريض والتمريض وعلم الأمراض والخدمات المخبرية والتعليم الطبي والدراسات العليا. وقد خرَّجَت كلية الطب أكثر من أربعة آلاف طالب وطبيب. وتقدم مدرسة رفيق الحريري للتمريض تعليماً متميزاً للعاملين في مجال التمريض، ويلبي المركز الطبي احتياجات الرعاية الصحية لأكثر من 360 ألف مريض سنوياً.
ويتألف المركز من عدد من مراكز الامتياز كمركز سرطان الأطفال التابع لمستشفى «سانت جود» البحثي في ولايتي ممفيس وتينيسي. كما تتضمن برنامج باسيل لأورام البالغين وفيه وحدة لزرع نخاع العظام، إضافة إلى مراكز طب الأعصاب المختلفة وأمراض القلب والأوعية الدموية ومركز للرعاية الصحية للنساء.
«هناك استثمارات تلامس نحو 400 مليون دولار رصدت من أجل بناء البنية التحتية اللازمة للمركز الطبي مع مشروع افتتاح عدة مبانٍ وأقسام جديدة خاصة بأمراض السرطان وأخرى تتعلق بالأطفال، إضافة إلى نقلة نوعية من خلال زيادة عدد الأسرة لتلبية الحاجات الصحية المختلفة لمرضانا»، كما أوضح د. صايغ في سياق حديثه.

تبرعات للمحتاجين

يعمل المركز الطبي على تأمين العلاج المجاني لأمراض مستعصية من خلال تأسيس صناديق تبرُّع للمحتاجين، هدفها تأمين العلاج لذوي الدخل المحدود. وهي تخصص سنوياً مبلغ 10 ملايين دولار لمساعدة هذه الشريحة من الناس التي تفتقر إلى الإمكانيات المادية اللازمة للعلاج.
وينظم المركز الطبي مؤتمراً سنوياً ودورات وورش عمل (MEMA) تتناول مواضيع مختلفة كطب الصراعات ومواضيع أخرى كصحة المرأة، والصحة العقلية، وعبء السرطان وغسل الكلى أثناء الصراع وتدريب وتثقيف المهنيين الصحيين للتعامل مع تحديات العناية بأفراد المجتمع.
تُعدّ كلية الطب في الجامعة الأميركية السباقة إلى تأمين برنامج تعليمي أكاديمي مباشر لطلابها، بحيث يطبقون ما يدرسونه مباشرة على الأرض في أروقة المركز الطبي التابع لها.
ويرى الدكتور محمد صايغ أن عودة نحو 180 طبيباً لبنانياً عالمياً من خريجيها إلى أحضانها بعد مسيرة غنية لهم في جامعات ومراكز علاج ومستشفيات عالمية هو إنجاز بحد ذاته. «ليس هناك من مؤسسة في لبنان استطاعت أن تقوم بهذا الإنجاز من قبل بحيث أعدنا هذا العدد من الأطباء إلى حرم الكلية وأنا من بينهم، إذ عملت نحو 25 عاماً في جامعة (هارفرد)، ولم أتردد في العودة إلى وطني للمشاركة في نهضته في عالم الطب». يوضح دكتور محمد صايغ لـ«الشرق الأوسط».

رائدة في المنطقة

أبهرت كلية الطب في الجامعة الأميركية العالم بإنجازاتها على الصعيدين التعليمي والعلاجي، ففي عام 1925. تخرجت فيها أول امرأة في علم الصيدلة (سارة ليفي) في العالم العربي، وبعد سنوات قليلة (1931) كان موعدها مع تخريج أول امرأة في عالم الطب (ادما أبو شديد). وبين عامي 1975 و1991 لعبت دوراً أساسياً في معالجة ضحايا الحرب اللبنانية فعالج قسم الطوارئ لديها في ظرف عام واحد (1976 - 1977) أكثر من 8000 جريح. وفي عام 2014 تلقت إحدى أضخم التبرعات المالية (32 مليون دولار) لدعم المركز الطبي فيها وتوسيعه.
كما لمع اسمها في إنجازات طبية كثيرة، لا سيما في أمراض القلب، فكان أحد أطبائها (دكتور إبراهيم داغر) أول من قام بعملية القلب المفتوح في العالم العربي، في عام 1958. وفي عام 2009، أجرت أولى عمليات زرع قلب اصطناعي في لبنان، وفي عام 2017 أحرز فريقها الطبي أول إنجاز من نوعه عربياً في أمراض القلب للأطفال، عندما نجح في زرع قلب طبيعي لطفل.
كما تصدرت المركز الأول عربياً في عالم الطب لثلاث سنوات متتالية (2014 - 2017) وحازت على جوائز كثيرة بينها «الجائزة الدولية في طب الطوارئ» و«جائزة عبد الحميد شومان» عن الأبحاث العربية، و«جائزة حمدان لأفضل كلية طبية في العالم العربي» لدورها في التعليم الطبي لعامي 2001 – 2002.