الحكومة الفرنسية الجديدة.. ضيق في القاعدة السياسية ورهان على إصلاح الاقتصاد

تبرز عدم التوجه إلى تغيير السياسة المالية والاجتماعية التي كانت سببا للأزمة

الحكومة الفرنسية الجديدة.. ضيق في القاعدة السياسية ورهان على إصلاح الاقتصاد
TT

الحكومة الفرنسية الجديدة.. ضيق في القاعدة السياسية ورهان على إصلاح الاقتصاد

الحكومة الفرنسية الجديدة.. ضيق في القاعدة السياسية ورهان على إصلاح الاقتصاد

باستثناء استبدال الوزراء الثلاثة الذين «تمردوا» على حكومة مانويل فالس الأولى، لم يتغير الشيء الكثير في حكومة رئيس الوزراء الثانية التي أعلن عن تشكيلتها مساء أول من أمس، بعد 24 ساعة فقط من استقالته وإعادة تكليفه، ذلك أن الوزراء السياديين (الخارجية، الدفاع، العدل، والداخلية) بقوا في مناصبهم إلى جانب وزير المالية. لكن المفاجأة جاءت في شخصية البدلاء غير المتوقعة أساسا، والتي «فاجأت» نوعا ما الطبقة السياسية يمينا ويسارا، في الوزارات الثلاث التي «طهرت» من أصحابها السابقين، وهم وزير الاقتصاد أرنو مونتبورغ، ووزير التربية والتعليم العالي بونوا هامون، ووزيرة الثقافة أوريلي فيليبيتي.
وتوقف السياسيون والمعلقون والصحافة الفرنسية بشكل عام عند ثلاث ملاحظات أساسية، يسود الظن أنها سيكون لها تأثير كبير على أداء الحكومة وعلى مستقبل اليسار في السلطة، وكذا مستقبل الرئيس فرنسوا هولاند ورئيس حكومته. وتسلط الملاحظة الأولى الضوء على ضيق القاعدة السياسية التي تستند إليها الحكومة الجديدة. فرئيسها لم ينجح في اجتذاب الخضر وإرضائهم بمقاعد وزارية، على اعتبار أن هؤلاء اعتبروا أن الشروط التي وضعوها لعودتهم إلى السلطة «لم تتوافر». وبالإضافة إلى بقاء الخضر خارج الحكومة، فإن الجناح اليساري داخل الحزب الاشتراكي أخرج من المعادلة، الأمر الذي سيزيد من صعوبات فالس في ضمان أكثرية في البرلمان، تمكنه من الحكم وتمرير القوانين والإصلاحات التي يريدها. ومن المؤشرات أيضا على قلق الحكم أن فالس اقترح طرح الثقة في حكومته في البرلمان، لكن في شهر أكتوبر (تشرين الأول) المقبل، مما يعني أنه يريد «تحقيق نتيجة ما» قبل أن يعمد لمبادرة كهذه، باعتبار أن فشلها لن يترك أمام هولاند سوى مخرج ضيق، وهو حل البرلمان، والدعوة لانتخابات تشريعية مسبقة. لكن المشكلة أن كل المؤشرات واستطلاعات الرأي تبين أن اليسار سيخسرها كما خسر الانتخابات الأوروبية والبلدية.
وتبين الملاحظة الثانية أن رئيسي الجمهورية والحكومة عازمان على الإمساك بالفريق الجديد بيد من حديد، حيث لم يعد ثمة مجال للانتقاد والتحفظ، الأمر الذي ينهي حالة التململ وتضارب الآراء داخل الصف الحكومي. وأمس، رسم هولاند صورة المرحلة المقبلة، مشددا على الحاجة إلى الالتزام بما تقرره الحكومة داخل مجلس الوزراء. وكان واضحا أن رأسي السلطة التنفيذية استخدما تمرد مونتبورغ لإعطاء درس للآخرين باعتبار أن فقدان الانسجام الحكومي يفقد السلطة التنفيذية مصداقيتها لدى الفرنسيين، ويزيد من النقمة الشعبية عليها، علما بأن استطلاعات الرأي تبين أن الثقة في العمل الحكومي تدهورت إلى المستويات الدنيا.
ويستشف من التشكيلة الحكومية ملاحظة ثالثة، وهي أن هولاند وفالس لا ينويان تغيير السياسة الاقتصادية والاجتماعية التي كان استمرار العمل بها سببا للأزمة التي تفجرت داخل الحكومة، ودفعت الوزراء الثلاثة إلى توجيه انتقادات لاذعة لها. وبالإضافة إلى تأكيد المسؤولين على ذلك، فإن شخصية خليفة مونتبورغ في وزارة الاقتصاد تأتي بدليل قاطع يؤكد أن الحكومة لن تتخلى عن خطة ما يسمى بـ«ميثاق المسؤولية»، التي تعكس الخط الاقتصادي للحكومة، القائم على دعم العرض من خلال تخفيف الأعباء الضريبية عن الشركات بمقدار أربعين مليار يورو، وتقليص الإنفاق العام بمقدار خمسين مليار يورو حتى عام 2017. ويصف المعارضون هذه السياسة بالتقشفية، ويعدونها خضوعا تاما لأوامر المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، وتخليا عن الوعود التي أطلقها هولاند، والتي انتخب على أساسها رئيسا للجمهورية.
ويشكل وزير الاقتصاد الجديد إيمانويل ماكرون البرهان الساطع على الخط الحكومي. فالوزير الشاب الجديد، الذي كان يشغل منصب أمين عام الرئاسة، جاء إلى السياسة من عالم المال والمصارف، حيث عمل في مصرف الأعمال روتشيلد سابقا. وقد جاءت صدمة يسار الحزب الاشتراكي والشيوعيين واليسار المتطرف بشكل عام في كون هولاند، الذي اعتبر في السابق أن «عدوه الأول» هو عالم المال، وضع مصير الاقتصاد الفرنسي بأيدي مصرفي. وخلال السنتين الماضيتين، كانت للوزير الجديد اليد الطولى في إقرار توجهات هولاند الاقتصادية القائمة على خفض الإنفاق ومحاربة عجز الميزانية، وكان بشكل ما صلة الوصل بينه وبين هيئة أرباب العمل. كما أنه كان ناقل مطالب هؤلاء إلى الرئيس الفرنسي.
وإلى جانب إيمانويل ماكرون، تبرز وزيرة التربية الجديدة نجاة فالو بلقاسم، ووزيرة الثقافة الجديدة فلور بيرلان، وكلتاهما كانت تشغل مراكز أقل أهمية في الحكومة السابقة. لكن الوضع الاقتصادي المتدهور، وغياب النمو، واستمرار تصاعد أرقام البطالة، يجعل الأضواء مسلطة بالدرجة الأولى على وزير الاقتصاد الجديد علّ الانسجام الحكومي المنتظر يساعد السلطة التنفيذية على استعادة بعض المصداقية المفقودة، بانتظار أن تحقق التدابير والبرامج الإصلاحية الغرض الذي أقرت من أجله، أي إعادة وضع الاقتصاد الفرنسي على سكة النمو والتخفيف من وطأة البطالة.



ستارمر: بريطانيا وفرنسا تعملان على خطة «لوقف القتال» في أوكرانيا

رئيس الوزراء البريطاني خلال لقائه على قناة «بي بي سي» في لندن (أ.ف.ب)
رئيس الوزراء البريطاني خلال لقائه على قناة «بي بي سي» في لندن (أ.ف.ب)
TT

ستارمر: بريطانيا وفرنسا تعملان على خطة «لوقف القتال» في أوكرانيا

رئيس الوزراء البريطاني خلال لقائه على قناة «بي بي سي» في لندن (أ.ف.ب)
رئيس الوزراء البريطاني خلال لقائه على قناة «بي بي سي» في لندن (أ.ف.ب)

أكد رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر، الأحد، أن بلاده وفرنسا تعملان معاً على «خطة لوقف القتال» بين أوكرانيا وروسيا، قبل ساعات من عقد قمة حاسمة في لندن مع عشرات المسؤولين الأوروبيين.

وقال ستارمر لهيئة «بي بي سي»: «ستعمل المملكة المتحدة إلى جانب فرنسا وربما دولة أو دولتين أخريين، مع أوكرانيا على خطة لوقف القتال، وبعد ذلك سنناقش هذه الخطة مع الولايات المتحدة».

وأكد: «لا أحد يرغب في رؤية» مشاهد الصدام بين الرئيسين في البيت الأبيض، «وواضح في ذهني أنه (ترمب) يريد سلاماً دائماً».

ويقدم رئيس الوزراء نفسه بوصفه جسراً بين الولايات المتحدة وأوروبا، وقد التقى ترمب في واشنطن، الخميس.

وقال ستارمر: «علينا أن نجد طريقة يمكننا من خلالها العمل معاً؛ لأننا في النهاية شهدنا صراعاً دموياً متواصلاً منذ 3 سنوات، والآن نحتاج إلى الوصول إلى هذا السلام الدائم».

وأوضح: «بالنسبة لي، فإن مكونات السلام الدائم هي أوكرانيا قوية يمكنها الدفاع عن نفسها، إذا لزم الأمر، لتكون في موقع قوة والتفاوض على عنصر أوروبي في الضمانات الأمنية... ودعم أميركي».

ورأى رئيس الوزراء البريطاني أن «ثمة خطراً من أن (الرئيس الروسي فلاديمير) بوتين سيعود مرة أخرى إذا أتيحت له الفرصة للقيام بذلك... لهذا السبب ركزت بشكل مركزي على ماهية الضمانة. كيف ندافع عن الخط إذا تم الاتفاق على خط ما».

وقال ستارمر إن مكان هذا الخط المادي مسألة «مطروحة للناقش».

وفي سياق متصل، قال ستارمر إن الدول الأوروبية بحاجة إلى ضمان أمني أو دعم من الولايات المتحدة لردع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين عن غزو أوكرانيا مرة أخرى إذا تم التوصل لاتفاق سلام. ويقول ستارمر منذ فترة طويلة إن قوة حفظ السلام الأوروبية المحتملة ستحتاج إلى ضمان أمني من الرئيس الأمريكي دونالد ترمب لكي ينجح أي اتفاق سلام في أوكرانيا. وقال لهيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي): «لقد كنت واضحاً دائماً أن هذا سيتطلب وجود دعم أمريكي؛ لأنني لا أعتقد أن الضمان سيتحقق دون ذلك الأمر».

ويستضيف ستارمر، الأحد، في لندن نحو 15 من قادة الدول الحليفة لأوكرانيا في إطار قمة حاسمة للبحث في مسألة الضمانات الأمنية الجديدة في أوروبا إزاء المخاوف من تخلي واشنطن عنها.