لم ينه رئيس الوزراء العراقي المكلف حيدر العبادي مهمته، المتمثلة بتشكيل الحكومة خلفا لنوري المالكي الذي لم تجدد له الكتل السياسية لولاية ثالثة، حتى بادرت إيران بعدم التجديد للجنرال قاسم سليماني، قائد «فيلق القدس» للحرس الثوري ومسؤول الملف العراقي، لولاية ثالثة أيضا.
الأمر بدا مترابطا بين الحالتين، لكنه من وجهة نظر النائب العراقي السابق والمفكر المعروف والخبير في الشؤون الإيرانية حسن العلوي مرتبط بآليات خاصة بصنع القرار في إيران.
طوال السنوات الماضية كان قاسم سليماني شخصية غامضة بالعراق، لكنه يقوم بأكثر الأدوار وضوحا وهو ما يعبر عنه بالتدخل الإيراني في الشؤون العراقية. وبينما كان الشيعة يتهمون دولا أخرى بأنها هي من تتدخل في الشأن العراقي، مثل تركيا والسعودية وقطر، فإن السنة كانوا - ولا يزالون - يكيلون التهم لإيران بهذا التدخل.
هذه المسألة حسمها عضو البرلمان العراقي عن «ائتلاف الوطنية» حامد المطلك (نائب سني عن محافظة الأنبار)، في حديثه لـ«الشرق الأوسط»، بقوله إن «تدخل الآخرين في الشأن العراقي تنقصه الأدلة، بينما لا يحتاج التدخل الإيراني إلى أي أدلة، إذ إن وجود قاسم سليماني وتحركاته، التي وإن كانت غامضة قبل سنوات لكنها الآن بدت واضحة، هي الدليل الأكيد». ويضيف المطلك أن «أدوار سليماني في العراق كبيرة خلال السنوات الماضية وتعدت ما هو أمني إلى ما هو سياسي، وهو أمر باتت تعترف به أطراف (التحالف الوطني)، لا سيما بعد أن رمت إيران بثقلها إلى جانب المالكي خلال السنوات الماضية وهو ما أدى إلى أن يتخذ الصدريون و(المجلس الأعلى الإسلامي) موقفا من هذا الموضوع، مما يعني أن سليماني كان يؤيد المالكي».
وفيما يبدو سليماني شخصية غامضة إلى الحد الذي انشغلت بتغييره وسائل الإعلام في الداخل والخارج مثلما انشغلت بتنحي المالكي، فإنه ولدى طرح هذا السؤال على النائب السابق والمفكر حسن العلوي، قال في حديثه لـ«الشرق الأوسط» إن «الرأي العام يقوم بشكل تلقائي بنفخ الأسماء المعروفة إلى الحد الذي تبدو فيه أكبر من حجمها، لكن مع ذلك فإن هذا النفخ لا يأتي من فراغ دائما، بل حتى الأسطورة أو الإشاعة تقوم على قاعدة معينة»، مضيفا أن «سليماني هو رئيس وزراء الخارج المسلح في إيران الذي يقوم بمهمات خطيرة، حيث إن كل سلطة فيها داخل وخارج، ومن ثم فإن دوره أخطر من دور وزير الخارجية الأعزل». ويرى العلوي أن «هناك سمات كثيرة لسليماني، لعل في المقدمة منها وأهمها هي أنه، وأقصد هنا دوره العراقي، يقرر ولا يفاوض، بينما وزير الخارجية الإيراني جواد ظريف يقوم بدور التبليغ لا القرار». ويمضي العلوي في توصيف الدور الإيراني من خلال شخصيات طهران المهمة في الشأن العراقي، أن «زيارة ظريف الحالية للعراق ولقاءه المسؤولين وقادة الكتل إنما هي توزيع أسماء الوزراء الذين ترغب فيهم إيران سواء كانوا من الشيعة أو السنة، إذ إن إيران تعرف الخريطة وتراعيها، فهو إذن حامل حقيبة الأسماء الوزارية التي قيل بعدها إنها ستعلن خلال 72 ساعة ثم أجروا تعديلا فقالوا المقصود هو البرنامج الحكومي». وأبدى العلوي استغرابه من «عدم قيام ظريف بلقاء كل من زعيمي التيار الصدري (مقتدى الصدر) والمجلس الأعلى الإسلامي (عمار الحكيم) وهو ما يعني أن إيران ليست راضية عنهما، مع أنه هما من قادا المعارضة الشيعية لتغيير رئيس الوزراء».
وردا على سؤال بشأن الأدوار التي قام بها سليماني في العراق من السر إلى العلن، قال العلوي إن «السياسة الإيرانية تقوم على مرحلتين هما: المباطنة والمكاشفة»، مبينا أن «المباطنة قد تستمر فترة طويلة من الزمن، ومن ثم تبدأ مرحلة المكاشفة».
وحول التغيير الذي بدا مفاجئا للأوساط السياسية والذي شمل تنحية سليماني والمجيء بحسين همداني ليتسلم الملف العراقي، قال العلوي إن «الأمر ربما يكون في جانب منه تحسين سمعة من جانب إيران، خصوصا أن مرحلة سليماني التي ارتبطت إلى حد كبير بحقبة المالكي لم يعد مرحبا بها من قبل العراقيين، ثم إن همداني ليس بعيدا عن الملف العراقي فهو على ما يبدو جزء منه، لكن إيران تعمل وفق سياسة تعدد المحاور مع الشيعة ومع السنة ومع الأكراد ومع كل طرف لها دور ومسؤولية حياله»، مستبعدا «إلغاء دور سليماني فهو إما يكلف ملفا آخر أو ربما يحرم من الأضواء لفترة ومن ثم يعود لدور أكبر أو بالعكس».
وإضافة إلى همداني، هناك تكهنات بأن علي شمخاني، الأمين العام للمجلس الأعلى للأمن الوطني الإيراني، يقوم بدور أكبر في ملف العراق. وحسب موقع «المونيتور» الإخباري، فإنه بسبب إخفاقات حقبة المالكي وارتباط سليماني بها، فإن القيادة الإيرانية تريد الاستفادة من سياسي محنك في إدارة ملف العراق الحيوي بالنسبة لإيران. يذكر أن شمخاني عربي، وله علاقات أفضل مع قادة المنطقة قياسا ببقية الساسة الإيرانيين.
يذكر أن الأسابيع الماضية شهدت تعرض الأقليات الدينية والعرقية لعمليات قتل وسبي ونهب من قبل «داعش» بعد أن سيطر مسلحوه على مناطق واسعة من محافظة نينوى بالعراق قبيل تنحي المالكي، وورد في حينه أن حمل رسالة إلى المالكي، مفادها أنها مع تغييره.
قاسم سليماني.. شخصية غامضة ومهمات واضحة
سياسي عراقي: كان يقرر ولا يفاوض وارتبط بحقبة المالكي
قاسم سليماني.. شخصية غامضة ومهمات واضحة
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة