مفتي مصر يدعو إلى التعاون الدولي لمكافحة الإرهاب

قال إنه يبدأ بالفكر والثقافة.. ورفض التدخل

الدكتور شوقي علام مفتي مصر
الدكتور شوقي علام مفتي مصر
TT

مفتي مصر يدعو إلى التعاون الدولي لمكافحة الإرهاب

الدكتور شوقي علام مفتي مصر
الدكتور شوقي علام مفتي مصر

دعا الدكتور شوقي علام مفتي مصر إلى التعاون الدولي على كل المستويات، ليبدأ بالتعاون الفكري والثقافي من أجل مكافحة الإرهاب والجماعات الإرهابية، حيث إن هذه الجماعات نشأت في بيئات غير مستقرة فكريا واجتماعيا، مشيرا إلى أن مصر بفضل الأزهر الشريف بتاريخه المجيد الذي يزيد عن ألف سنة لم تشهد الفكر المتشدد إلا في بدايات القرن الـ20 بعد ظهور بعض الجماعات المتشددة، والتي بدأت في تغيير الفكر وكانت بعيدة عن المنهج الأزهري الذي حاربها طوال هذه السنوات الماضية وما زال يحاربها إلى الآن.
وأكد علام، في تصريحات صحافية أمس، أنه لا يجوز تحت ذريعة الإرهاب التدخل في شأن الدولة وإهدار مبدأ سيادة الدول، فغالب هذه الحركات الإرهابية هي من فعل من يريدون التدخل في شأن المنطقة العربية ومن صنيعتهم، مشددا على أن الأمن الفكري جزء كبير من تحقيق الاستقرار في المجتمع، وهو لن يتأتى إلا عن طريق القضاء على الإرهاب والتطرف.
وقال مفتي مصر إن «الإسلام دين يسر وسماحة، وهناك الكثير من الآيات التي تؤكد أن الدين يسر»، لافتا إلى أن «هذه المنظومة القيمية ودلالاتها تؤكد أن الإسلام لا يمكن أن يكون إلا في منطقة وسط لا تميل إلى التشدد ولا ترغب فيه، بل ينهى عنه، وفي المقابل لا يرضى عن التفلت من الأحكام الدينية والقيم الأخلاقية».
وعن تنظيم «داعش» الإرهابي وتسميته بـ«الدولة الإسلامية»، شدد علام على أنه لا يجوز أن يطلق على مثل هذه التنظيمات الإرهابية الدموية صفة «الدولة الإسلامية»، لأن الإسلام بريء من أفعالهم، ولأن في هذا تدليسا على الناس وإيهاما لهم بأن أفعالهم هذه من الإسلام، والمسلمون جميعا يستنكرون أفعال «داعش» وغيرها من التنظيمات الإرهابية التي تدمر البلاد والعباد.
ووجه مفتي مصر رسالة إلى المسلمين في الغرب، حثهم فيها على الاندماج في مجتمعهم مع الحفاظ على الثوابت الدينية، وألا يحدثوا استقلالية يخالفون بها النظام المجتمعي، ويزعزعون بها المجتمعات هناك، لكي نعمر الحضارة الإنسانية.
وناشد الإعلام الغربي بضرورة تصحيح المصطلحات التي يستخدمونها عند التحدث عن الجماعات الإرهابية مثل «داعش» وغيرها، والتوقف عن وصفها بالإسلامية، وأن يكونوا أكثر حرصا في ذلك، وكذلك نبذ أفكارهم وتوخي الدقة عند نقل الأخبار، وأن يركزوا على أهل الاختصاص عند الحديث في موضوع معين، فلا يستضيفوا من يتحدث في الدين من غير المتخصصين فيثيروا بذلك الفتن والفوضى وينشروا التطرف والإرهاب.
وأوضح علام أن دار الإفتاء المصرية منذ القدم وهي تحارب التشدد وتسعى إلى مواجهته بالفكر، وليس أدل على ذلك من فتاوى دار الإفتاء التي صدرت عبر تاريخها، مؤكدا أن الدار أنشأت مرصدا لرصد الفتاوى المتشددة والتكفيرية والرد عليها بمنهجية علمية منضبطة عن طريق متابعة مختلف وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي على مدار 24 ساعة، ثم إحالتها إلى لجان شرعية للرد عليها وتفكيك ما فيها من أفكار متطرفة وبيان الحكم الصحيح فيها.
وشدد المفتي على أن المؤسسة الدينية في مصر لا تسعى للوصاية على السلطة أو الشعب، ولكن تريد الاحتكام إلى الشرع الشريف بتفعيل منظومة القيم الأخلاقية الإسلامية بغض النظر عمن يطبقها، شريطة أن يكون كفؤا في إدارة شؤون الدولة وفق الدستور المصري لعام 2014 الذي أقره الشعب. وجدد علام تأكيده على ضرورة احترام مبدأ سيادة القانون وأحكام القضاء وعدم التعليق عليها، حتى لا يحدث بلبلة في المجتمع، مشيرا إلى أن القانون المصري يعطي الكثير من الضمانات للمتهم خلال مراحل التقاضي المختلفة خاصة في قضايا الإعدام، ويقرر في قاعدة كبيرة أن الشك يفسر لصالح المتهم، وهو ما لا يوجد في كثير من قوانين الدول الغربية.
وأوضح أن المحكمة عندما ترى أن الذي أمامها بعد محاكمته والتحقيق معه يستحق الإعدام، فإنها تحيل أوراق القضية إلى المفتي لاستبيان رأيه الشرعي، والذي بدوره يرسل إليها مذكرة بالرأي الشرعي بعد دراسة أوراق القضية دراسة متأنية ودقيقة، على الرغم من أن رأي المفتي استشاري وليس ملزما، وهو ما يعد ضمانة للمتهم.
وقال علام: «إنه إذا حكمت المحكمة على المتهم بالإعدام فإنه يحق له الطعن على الحكم ليتم إعادة محاكمته أمام دائرة جديدة وقاض آخر، وهذا بمثابة ضمانة أخرى للمتهم، فإذا رأت الدائرة الجديدة الحكم بالإعدام، فإنها تعيد أوراق القضية مرة أخرى إلى المفتي والذي يرد بدوره بمذكرة فيها بيان الحكم الشرعي على ما عرض عليه من أوراق للقضية، ولا يتم تنفيذ حكم الإعدام في النهاية إلا بعد تصديق الرئيس على الحكم».
وحول كثرة أحكام الإعدام التي صدرت في الفترة الأخيرة، قال مفتي مصر إنه «ينبغي النظر إلى الجرم الذي تم ارتكابه، وهو جريمة القتل، قبل النظر إلى العقوبة»، لافتا إلى أنه «إذا نظرنا إلى أن هناك نفسا قتلت بغير حق، وثبت ذلك على الجاني، فنجد أن القصاص عقوبة مناسبة. ولو كان القاتل جماعة من الناس وليس فردا واحدا، فكثرة قضايا القتل التي يغيب عنها القصاص هي السبب في تكرار هذا الجرم».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».