«لا عدل.. لا سلم» تنتقل من ميسوري إلى نيويورك

الولايات المتحدة تتأهب لتشييع الشاب الأميركي من أصول أفريقية اليوم

رجال شرطة يراقبون متظاهرين في فيرغسون ليل أول من أمس (أ.ف.ب)
رجال شرطة يراقبون متظاهرين في فيرغسون ليل أول من أمس (أ.ف.ب)
TT

«لا عدل.. لا سلم» تنتقل من ميسوري إلى نيويورك

رجال شرطة يراقبون متظاهرين في فيرغسون ليل أول من أمس (أ.ف.ب)
رجال شرطة يراقبون متظاهرين في فيرغسون ليل أول من أمس (أ.ف.ب)

بعد أن أصبح هتاف «لا عدل.. لا سلم» أبرز هتافات المتظاهرين في بلدة فيرغسون بولاية ميسوري خلال الأسبوعين الماضيين، انتقل الهتاف شرقا في الولايات المتحدة. وتشهد البلاد نقاشات محتدمة حول العنصرية ومستقبل العلاقات بين الأميركيين البيض والسود منذ مقتل الشاب الأميركي من أصول أفريقية في فيرغسون برصاص رجل شرطة أبيض في 9 أغسطس (آب) الحالي. وبعد هدوء نسبي في فيرغسون خلال اليوميين الماضيين، هناك مخاوف من اشتعال الاحتجاجات مجددا تزامنا مع تشييع براون اليوم. وتظاهر الآلاف، أول من أمس، على هتافات «لا عدل ولا سلم» في ستاتن آيلاند بنيويورك احتجاجا على وفاة إريك غارنر الأميركي الأسود الشهر الماضي بعد قيام الشرطة باعتقاله منتصف يوليو (تموز) الماضي.
وربطت لافتات عدة بينه وبين الشاب الأسود البالغ من العمر 18 سنة براون. وفي 17 يوليو الماضي، وأثناء اعتقاله، حاول إريك غارنر المشتبه في أنه كان يبيع السجائر بشكل غير مشروع، مقاومة الشرطة، فطرحه شرطيون بيض أرضا. وأظهر شريط فيديو صوره هاو أحد الشرطيين وهو يضغط على عنقه. وشكا غارنر مرارا أنه غير قادر على التنفس، ثم فقد وعيه وأعلنت وفاته في المستشفى.
كان غارنر بدينا ومصابا بالربو. وتوفي عن 43 سنة وترك أرملة وستة أولاد.
وهتف المتظاهرون الذين جاءوا بحافلات وعبارة إلى ستاتن آيلاند - إحدى دوائر نيويورك: «لا أستطيع التنفس». وكتب على لافتات «حياة السود مهمة»، فيما طالبت أخرى بـ«العدالة» لإريك غارنر ومايكل براون وغيرهم من «ضحايا» التعسف بين أوساط الشرطة، بالإضافة إلى المطالبة بتوقيف الشرطي دانييل بانتاليو الذي شد على عنق غارنر.
وجرت المظاهرة تلبية لدعوة «ناشيونال أكشن نتوورك» منظمة زعيم الحقوق المدنية آل شاربتون بشكل خاص. فالقس الأسود كان برفقة أرملة إريك غارنر وعدد من أولاده. ومن المتوقع أن يحضر آل شاربتون تشييع براون في ميسوري اليوم. وأعلن البيت الأبيض أمس حضور 3 مسؤولين من مكتب الرئيس الأميركي الجنازة، ولكن لن تكن الشخصيات على مستوى رفيع.
وردد المتظاهرون في نيويورك ليل أول من أمس، الذين جاء بعضهم مع عائلاتهم، شعارات سبق أن سمعوها أثناء اضطرابات فيرغسون في الأيام الأخيرة: «نرفع أيدينا، لا تطلقوا النار».
وساروا في هدوء من المكان الذي طرح فيه غارنر أرضا إلى مكتب المدعي العام لستاتن آيلاند. وقال أحد المتظاهرين لوكالة الصحافة الفرنسية: «أريد العدالة لابن عمي». وأضاف بغضب: «من المفترض أن تحمينا الشرطة، وهم يقتلوننا لماذا؟ لأننا سود؟ لم يفعل شيئا ولم يكن يحمل شيئا».
وأثار موت غارنر مشاعر التأثر والغضب في نيويورك، حيث جرت مظاهرات سلمية عدة في الأسابيع الأخيرة. وقالت تريسيا ماكمنبور التي جاءت من بروكلين: «لدي 3 أبناء، أعمارهم 15 و12 و6 سنوات. حضرت إلى هنا ليرى العالم ما يحدث هنا». ونددت بـ«وحشية الشرطة» و«بشرطيين أشرار لا يقومون بعملهم». وتابعت: «إن ذلك يحصل في كل الأوقات في مجموعتنا». وأضافت: «إن للجميع الحق في أن يشعر بالأمان»، عادة أنه يتوجب أيضا إعادة النظر في سياسة «النافذة المكسورة» التي تتمثل في نيويورك في التعامل بلا رحمة مع مرتكبي الجنح الصغيرة لتدارك جنح أخطر.
وسعت السلطات النيويوركية بكل قواها إلى تهدئة النفوس قبل المظاهرة التي نشرت قوات كبيرة من الشرطة حولها. وكان آل شاربتون كرر مرات عدة أنه لن يسمح بأي عنف. لكن بعض المحال التجارية على مسار الموكب فضلت إغلاق أبوابها تخوفا من احتمال وقوع حوادث.
وأعلن المدعي العام لستاتن آيلاند، دان دونوفان، الأسبوع الماضي، استدعاء هيئة محلفين كبرى في أكتوبر (تشرين الثاني) المقبل لتوجيه اتهامات محتملة. وأعيد الشرطي الذي ظهر في شريط الفيديو يضغط على عنق غارنر، بكل بساطة إلى العمل، وإن كان ما فعله يعد غير قانوني. وطالب آل شاربتون وعائلة إريك غارنر، بإجراء تحقيق فيدرالي، لكن من دون جدوى حتى الآن. وقد بدأت هيئة المحلفين بالنظر في قضية براون في ميسوري يوم الأربعاء الماضي، وسط تكتم حول مجرى التحقيقات.



ما دلالة تصنيف باراغواي «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً»؟

محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)
محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)
TT

ما دلالة تصنيف باراغواي «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً»؟

محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)
محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)

دفع تصنيف باراغواي «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً» إلى تساؤلات حول تأثير القرار على مستقبل التنظيم وعناصره. يأتي هذا في ظل تصاعد الصراع بين «قيادات (الإخوان) في الخارج» حول قيادة التنظيم. وقال باحثون في الحركات المتطرفة والإرهاب إن «قرار باراغواي أشار إلى ارتباط (الإخوان) بـ(تنظيمات الإرهاب)، وقد يدفع القرار دولاً أخرى إلى أن تتخذ قرارات مماثلة ضد التنظيم».
ووافقت اللجنة الدائمة بكونغرس باراغواي على «اعتبار (الإخوان) (تنظيماً إرهابياً) يهدد الأمن والاستقرار الدوليين، ويشكل انتهاكاً خطيراً لمقاصد ومبادئ الأمم المتحدة». جاء ذلك في مشروع قرار تقدمت به ليليان سامانيغو، رئيسة لجنة الشؤون الخارجية بالكونغرس المكوّن من 45 عضواً. وقال البرلمان في بيان نشره عبر موقعه الإلكتروني (مساء الخميس) إن «تنظيم (الإخوان) الذي تأسس في مصر عام 1928، يقدم المساعدة الآيديولوجية لمن يستخدم (العنف) ويهدد الاستقرار والأمن في كل من الشرق والغرب». وأضاف البيان أن «باراغواي ترفض رفضاً قاطعاً جميع الأعمال والأساليب والممارسات (الإرهابية)».
ووفق تقارير محلية في باراغواي، فإن باراغواي رأت في وقت سابق أن «(حزب الله)، و(القاعدة)، و(داعش) وغيرها، منظمات (إرهابية)، في إطار مشاركتها في الحرب على (الإرهاب)». وقالت التقارير إن «تصنيف (الإخوان) من شأنه أن يحدّ من قدرة هذه الجماعات على التخطيط لهجمات (إرهابية) وزعزعة استقرار الدول». كما تحدثت التقارير عن دول أخرى أقرت خطوات مماثلة ضد «الإخوان» من بينها، روسيا، والمملكة العربية السعودية، ومصر، والإمارات، والبحرين.
وتصنف دول عربية عدة «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً». وعدّت هيئة كبار العلماء في المملكة العربية السعودية التنظيم «جماعة إرهابية منحرفة» لا تمثل منهج الإسلام. وذكرت الهيئة في بيان لها، نوفمبر (تشرين الثاني) عام 2020، أن «(الإخوان) جماعة إرهابية لا تمثل منهج الإسلام وإنما تتبع أهدافها الحزبية المخالفة لهدي ديننا الحنيف، وتتستر بالدين وتمارس ما يخالفه من الفُرقة، وإثارة الفتنة، والعنف، والإرهاب». وحذّرت حينها من «الانتماء إلى (الإخوان) أو التعاطف مع التنظيم».
كذلك أكد مجلس الإمارات للإفتاء الشرعي أن كل مجموعة أو تنظيم يسعى للفتنة أو يمارس العنف أو يحرّض عليه، هو تنظيم إرهابي مهما كان اسمه أو دعوته، معتبراً «(الإخوان) تنظيماً (إرهابياً)».
وتحظر الحكومة المصرية «الإخوان» منذ عام 2014، وقد عدّته «تنظيماً إرهابياً». ويخضع مئات من قادة وأنصار التنظيم حالياً، وعلى رأسهم المرشد العام محمد بديع، لمحاكمات في قضايا يتعلق معظمها بـ«التحريض على العنف»، صدرت في بعضها أحكام بالإعدام، والسجن «المشدد والمؤبد».
وحسب الباحث المصري المتخصص في شؤون الحركات المتطرفة والإرهاب الدولي، منير أديب، فإن «تصنيف باراغواي (الإخوان) يؤكد الاتهامات التي توجَّه إلى التنظيم، بأن تنظيمات العنف خرجت من رحم (الإخوان)، أو أنها نهلت من أفكار التنظيم»، لافتاً إلى أن «قرار باراغواي أشار إلى أن (الإخوان) وفّر الحماية لتنظيمات التطرف التي نشأت في الشرق والغرب». وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن «قرار بعض الدول العربية في وقت سابق حظر (الإخوان) يعود إلى أمرين؛ الأول أن التنظيم مارس العنف، والآخر أن التنظيم وفّر الحماية لجماعات الإرهاب».
وفي وقت سابق أكدت وزارة الأوقاف المصرية «حُرمة الانضمام لـ(الإخوان)»، مشيرةً إلى أن التنظيم يمثل «الخطر الأكبر على الأمن القومي العربي». وفي فبراير (شباط) 2022 قالت دار الإفتاء المصرية إن «جميع الجماعات الإرهابية خرجت من عباءة (الإخوان)». وفي مايو (أيار) الماضي، قام مفتي مصر شوقي علام، بتوزيع تقرير «موثق» باللغة الإنجليزية على أعضاء البرلمان البريطاني يكشف منهج «الإخوان» منذ نشأة التنظيم وارتباطه بـ«التنظيمات الإرهابية». وقدم التقرير كثيراً من الأدلة على علاقة «الإخوان» بـ«داعش» و«القاعدة»، وانضمام عدد كبير من أعضاء «الإخوان» لصفوف «داعش» عقب عزل محمد مرسي عن السلطة في مصر عام 2013، كما لفت إلى أذرع «الإخوان» من الحركات المسلحة مثل «لواء الثورة» و«حسم».
وحول تأثير قرار تصنيف باراغواي «الإخوان» على «قيادات التنظيم في الخارج»، أكد الباحث المصري المتخصص في شؤون الحركات المتطرفة والإرهاب الدولي، أن «قرار باراغواي سوف يؤثر بالقطع على عناصر التنظيم في الخارج، لأن التنظيم يزعم أنه ينتشر في دول كثيرة حول العالم، ومثل هذا القرار يؤثر على عناصر (الإخوان) الموجودة في باراغواي وفي الدول المجاورة لها، كما أن القرار قد يدفع دولاً أخرى إلى اتخاذ قرار مماثل ضد (الإخوان)».
يأتي قرار باراغواي في وقت يتواصل الصراع بين «قيادات الإخوان في الخارج» حول منصب القائم بأعمال مرشد التنظيم. ويرى مراقبون أن «محاولات الصلح بين جبهتي (لندن) و(إسطنبول) لحسم الخلافات لم تنجح لعدم وجود توافق حول ملامح مستقبل التنظيم». والصراع بين جبهتي «لندن» و«إسطنبول» على منصب القائم بأعمال المرشد، سبقته خلافات كثيرة خلال الأشهر الماضية، عقب قيام إبراهيم منير، القائم بأعمال مرشد «الإخوان» السابق، بحلّ المكتب الإداري لشؤون التنظيم في تركيا، وقيامه بتشكيل «هيئة عليا» بديلة عن «مكتب إرشاد الإخوان». وتبع ذلك تشكيل «جبهة لندن»، «مجلس شورى» جديداً، وإعفاء أعضاء «مجلس شورى إسطنبول» الستة، ومحمود حسين (الذي يقود «جبهة إسطنبول»)، من مناصبهم.