مظاهرات حاشدة مناوئة للحوثيين في صنعاء.. والمتمردون يبدأون المرحلة الثانية لحملتهم

مسؤول العلاقات السياسية للجماعة لـ {الشرق الأوسط} : أنصار «الاشتراكي» و«المؤتمر» يشاركون في الاحتجاجات

مؤيدون لجماعة الحوثيين يتظاهرون ضد الحكومة اليمنية في العاصمة صنعاء أمس (رويترز)
مؤيدون لجماعة الحوثيين يتظاهرون ضد الحكومة اليمنية في العاصمة صنعاء أمس (رويترز)
TT

مظاهرات حاشدة مناوئة للحوثيين في صنعاء.. والمتمردون يبدأون المرحلة الثانية لحملتهم

مؤيدون لجماعة الحوثيين يتظاهرون ضد الحكومة اليمنية في العاصمة صنعاء أمس (رويترز)
مؤيدون لجماعة الحوثيين يتظاهرون ضد الحكومة اليمنية في العاصمة صنعاء أمس (رويترز)

شهدت العاصمة اليمنية عصر أمس مظاهرات ضخمة مناهضة لجماعة الحوثيين الشيعية، بمشاركة مئات الآلاف من اليمنيين، للمطالبة بتنفيذ مخرجات الحوار الوطني ورفضا للعنف والجماعات المسلحة، بالتزامن مع استمرار الحوثيين في حشد أنصارها ومسلحيها داخل صنعاء ومحيطها، وهو ما قد يزيد من تصعيد الأوضاع نحو العنف والمصادمات مع الدولة.
وقال قيادي في هيئة الاصطفاف الشعبي، وهي هيئة شعبية جرى تشكيلها مؤخرا، «إن هذه المظاهرات ليست موجهة ضد أحد»، وأوضح يحيى العرشي «إن فعاليات الاصطفاف لا تعني أنها ضد طرف مطلقا، لأن هدفها خلق قاسم مشترك بين كل الأطراف ومحاولة لامتصاص أي فعل ورد فعل بغية المحافظة على وحدتنا الوطنية خالية من كل ما يوجد الفرقة والخلاف الذي لا معنى له» بحسب ما نقلته وكالة الأنباء الحكومية. وأكدت الهيئة أن دعوتها لهذه المظاهرات «جاءت بعد أن وصلت الأوضاع إلى مرحلة لا يمكن الصمت إزاءها في ظل تطويق العاصمة صنعاء وإغلاق مداخلها بمخيمات للمسلحين تحت مبررات واهية ومحاولات لاستغلال معاناة الشعب وقضاياه لتحقيق مكاسب سياسية غير وطنية».
وقال مشاركون في المظاهرات التي اكتست بالأعلام الوطنية، إنهم خرجوا في مسيرات سلمية تدعو للشراكة لبناء اليمن، والحفاظ عليها من الجماعات المسلحة. وشاركت في المظاهرات الناشطة الحاصلة على جائزة نوبل توكل كرمان، وعدت هذه المظاهرات «من أجل الجمهورية ورفضا للعنف، وليس لتأييد الجرعة أو أي سياسات خاطئة ترتكبها الحكومة»، واتهمت كرمان في تصريحات صحافية جماعة الحوثي بقيادة «ثورة مضادة ضد لثورة 11 فبراير 2011، والتي أطاحت بالرئيس السابق علي عبد الله صالح، وضد ثورة 26 سبتمبر 1962، التي قضت على حكم حميد الدين الإمامي». وأوضحت كرمان «إن مشاركة أبناء اليمن وسكان العاصمة صنعاء هو رفضا لمحاولات التمرد على مخرجات الحوار الوطني وجر البلاد إلى أتون الفوضى والصراع الدموي».
وتوقفت حركة السير في شارع الزبيري الذي ينسب لأحد قادة ثورة 26 سبتمبر 1962، (محمد محمود الزبيري)، ووصف عبد الغني الماوري المظاهرات بأنها مليونية، ولم تشهد اليمن مثلها من قبل، ورفع المشاركون شعارات «نزع سلاح الحوثي ضرورة وطنية»، و«لا للمذهبية.. لا للإمامة.. لا للسلالة»، و«صنعاء عاصمة اليمنيين سنحميها بأرواحنا». كما شارك فيها المتضررون من حروب الحوثيين في صعدة وعمران والذين جرى تهجيرهم قسرا من مناطقهم.
ولفت أمين عام مجلس شباب الثورة السلمية، عبد الغني الماوري، إلى أنهم يدركون أن السلطة والحكومة، قد تستغل هذه المظاهرات والقول إنها تتمتع بتأييد شعبي لسياساتها الخاطئة والفاشلة والفاسدة، ويتابع «نحن تظاهرنا من أجل الوطن، وليس من أجل الرئيس هادي أو الحكومة، ولن نمنح السلطة وسياساتها الفاسدة والفاشلة أي شرعية ولن نسكت عنها».
على صعيد متصل استمرت جماعة الحوثيين فيما سمته المرحلة الثانية من حركتها الاحتجاجية، وتوافد المئات من إلى مخيمات الاعتصام المحيطة بالعاصمة صنعاء، مدججين بالأسلحة الرشاشة والقذائف الصاروخية، وقال سكان محليون في محافظة عمران لـ«الشرق الأوسط»، إنهم شاهدوا عشرات المسلحين مقبلين من صعدة، ومن عمران في اتجاه صنعاء، ويحملون أسلحة رشاشة، وقذائف «آر بي جي».
ومنذ سبعة أيام بدء الحوثيون حركتهم ضد الحكومة، بعد دعوه زعيمهم عبد الملك الحوثي، وأقاموا نهاية الأسبوع الماضي مخيمات جديدة، بجوار وزارات ومؤسسات حكومية حساسة، وزارة الداخلية ووزارة الاتصالات في منطقة الحصبة شمال العاصمة. كما أقيمت مخيمات اعتصام كبيرة في 5 مواقع بينها ثلاثة رئيسة على مداخل للعاصمة صنعاء، في منطقة الصباحة (غرب)، وحزيز (جنوب)، والرحبة جوار المطار الدولي، كما توجد مخيمات في بيت انعم في همدان (شمال غرب)، والأزرقين (شمال).
وبحسب بيان اللجنة الأمنية العليا فقد انتشر عشرات المسلحين على التباب والمناطق المطلة على الطرق التي تربط العاصمة صنعاء بمختلف المحافظات، وتقع هذه المناطق على بعد أقل من كيلومترين من وسط صنعاء. وتعد الأحياء الشمالية لصنعاء المعقل الرئيس للحوثيين، في منطقة الجراف شمالا، وهي قريبة من مطار صنعاء الدولي، ويقع فيها مقر مجلسهم السياسي، الذراع السياسي لهذه الجماعة.
واتهم مسؤول العلاقات السياسية لجماعة الحوثيين (أنصار الله) حسين العزي في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، اللجنة الرئاسية بالوصول إلى طريق مسدود في المفاوضات التي أجريت في صعدة خلال الثلاثة الأيام الماضية. وقال العزي «هذه لجنة حكومية وليست لجنة رئاسية وقد تعمدت ألا تصل إلى أي نتيجة مع أنصار الله في صعدة»، مشيرا إلى أن «اللجنة غادرت بشكل مفاجئ صعدة وعادت إلى صنعاء، رغم أنه كان بيننا معهم لقاء ظهر أمس، لتسلم رؤيتنا للرئيس عبد ربه منصور هادي وكان يجب على اللجنة أن تحمل هذه الرسالة».
وعن الخطوات المقبلة لحركة الاحتجاجات يوضح العزي أن التصعيد الثورة هو أمر مرتبط باللجنة التنظيمية التي تدير هذه الثورة الشعبية، التي تضم جميع المكونات السياسية والاجتماعية. ولفت إلى أن جماعته «جزء فاعل فيها ومكون أساسي من الثورة وهذا شيء طبيعي لأننا مع شعبنا أينما كان». وأكد العزي مشاركة أعضاء من حزب المؤتمر الشعبي العام والحزب الاشتراكي في هذه الحركة، وقال «هذه ثورة حقيقية وهي فوق أي خلافات حزبية ضيقة.. وفيها من المؤتمر الشعبي ومن الاشتراكي ومن كل فئات الشعب».
وأضاف «هي ثورة جمعت من حولها جميع فئات الشعب ضد القوى النافذة». وعن تمويل مخيمات الاعتصام قال مسؤول العلاقات السياسية لجماعة الحوثيين (أنصار الله) «التمويل ليس مشكلة، ولا يصعب على شعب تمويل المخيمات». وهاجم العزي المظاهرات التي خرجت ضدهم أمس بأنها «مظاهرات للقوى النافذة التي لم تتأثر من الجرعة، وهم الذين استأثروا بالسلطة والثروة طوال عقود».



أحداث سوريا تدفع الحوثيين لإطلاق مجاميع من المعتقلين

الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
TT

أحداث سوريا تدفع الحوثيين لإطلاق مجاميع من المعتقلين

الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)

دفعت الأحداث المتسارعة التي شهدتها سوريا الحوثيين إلى إطلاق العشرات من المعتقلين على ذمة التخطيط للاحتفال بالذكرى السنوية لإسقاط أسلافهم في شمال اليمن، في خطوة تؤكد المصادر أنها تهدف إلى امتصاص النقمة الشعبية ومواجهة الدعوات لاستنساخ التجربة السورية في تحرير صنعاء.

وذكرت مصادر سياسية في إب وصنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن الحوثيين أطلقوا دفعة جديدة من المعتقلين المنحدرين من محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) بعد مضي ثلاثة أشهر على اعتقالهم بتهمة الدعوة للاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بنظام حكم الإمامة في شمال البلاد عام 1962.

الكثيري والحذيفي بعد ساعات من إطلاق سراحهما من المعتقل الحوثي (إعلام محلي)

وبيّنت المصادر أن معتقلين آخرين من صنعاء تم إطلاق سراحهم أيضاً، ورأت أن هذه الخطوة تهدف إلى امتصاص النقمة الشعبية على إثر انكشاف حجم الجرائم التي ظهرت في سجون النظام السوري، الذي كان حليفاً للحوثيين.

وبحسب هذه المصادر، تم إطلاق سراح محمد الكثيري، وهو أول المعتقلين في محافظة إب، ومعه الناشط الحوثي سابقاً رداد الحذيفي، كما أُطلق سراح المراهق أمجد مرعي، والكاتب سعيد الحيمي، والطيار الحربي مقبل الكوكباني، مع مجموعة من المعتقلين الذين تم نقلهم إلى السجون السرية لمخابرات الحوثيين في صنعاء.

وتوقعت المصادر أن يقوم الحوثيون خلال الأيام المقبلة بإطلاق دفعة من قيادات حزب «المؤتمر الشعبي» الذين اعتقلوا للأسباب ذاتها.

امتصاص النقمة

كان الحوثيون، وفقاً للمصادر السياسية، يرفضون حتى وقت قريب إطلاق سراح المعتقلين الذين يُقدر عددهم بالمئات، وأغلبهم من محافظة إب، ومن بينهم قيادات في جناح حزب «المؤتمر الشعبي»، أمضوا أكثر من ثلاثة أشهر في المعتقل واتُهموا بالتخطيط لإشاعة الفوضى في مناطق حكم الجماعة من خلال دعوة السكان للاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم الإمامة.

تعنت حوثي بشأن إطلاق سراح قيادات حزب «المؤتمر الشعبي» (إعلام محلي)

وبيّنت المصادر أن الجهود التي بذلتها قيادة جناح حزب «المؤتمر» المتحالف شكليّاً مع الحوثيين، وكذلك الناشطون والمثقفون والشخصيات الاجتماعية، وصلت إلى طريق مسدود بسبب رفض مخابرات الحوثيين الاستجابة لطلب إطلاق سراح هؤلاء المعتقلين، على الرغم أنه لا يوجد نص قانوني يجرم الاحتفال بذكرى الثورة (26 سبتمبر 1962) أو رفع العلم الوطني، فضلاً عن أن الجماعة فشلت في إثبات أي تهمة على المعتقلين عدا منشورات على مواقع التواصل الاجتماعي تدعو للاحتفال بالمناسبة ورفع الأعلام.

وتذكر المصادر أنه عقب الإطاحة بنظام الرئيس السوري بشار الأسد وانكشاف حجم الانتهاكات والجرائم التي كانت تُمارس في سجونه، ووسط دعوات من أنصار الحكومة المعترف بها دولياً لإسقاط حكم الحوثيين على غرار ما حدث في سوريا وتفكك المحور الإيراني في المنطقة، سارعت الجماعة إلى ترتيب إطلاق الدفعات الجديدة من المعتقلين من خلال تكليف محافظي المحافظات باستلامهم والالتزام نيابة عنهم بعدم الاحتفال بذكرى الإطاحة بالإمامة أو رفع العلم الوطني، في مسعى لامتصاص النقمة الشعبية وتحسين صورتها أمام الرأي العام.

مراهق أمضى 3 أشهر في المعتقل الحوثي بسبب رفع العلم اليمني (إعلام محلي)

ورغم انقسام اليمنيين بشأن التوجهات الدينية للحكام الجدد في سوريا، أجمعت النخب اليمنية على المطالبة بتكرار سيناريو سقوط دمشق في بلادهم، وانتزاع العاصمة المختطفة صنعاء من يد الحوثيين، بوصفهم أحد مكونات المحور التابع لإيران.

وخلافاً لحالة التوجس التي يعيشها الحوثيون ومخاوفهم من أن يكونوا الهدف المقبل، أظهر قطاع عريض من اليمنيين، سواء في الشوارع أو على مواقع التواصل الاجتماعي، ارتياحاً للإطاحة بنظام الحكم في سوريا، ورأوا أن ذلك يزيد من الآمال بقرب إنهاء سيطرة الحوثيين على أجزاء من شمال البلاد، ودعوا الحكومة إلى استغلال هذا المناخ والتفاعل الشعبي للهجوم على مناطق سيطرة الحوثيين.