أكثر من 100 أميركي يقاتلون في صفوف «داعش»

بيتر بيرغن كشف لـ {الشرق الأوسط} عن إدانة 8 أميركيين بتهمة القتال في سوريا

بيتر بيرغن
بيتر بيرغن
TT

أكثر من 100 أميركي يقاتلون في صفوف «داعش»

بيتر بيرغن
بيتر بيرغن

قال بيتر بيرغن محلل الشؤون الأمنية وقضايا الإرهاب لدى «سي إن إن» بأن الغرب والولايات المتحدة يشعران بقلق حيال قدرات تنظيم «داعش» نظرا لوجود أكثر من 12 ألف مقاتل أجنبي على الأقل بصفوف التنظيم منذ بدء النزاع في سوريا، مضيفا أن الاستخبارات الغربية لا تمتلك على الأرض ما يسمح لها بالتعرف على مخططاته لتحديد ما إذا كان يعتزم استهداف الغرب، إلا أنه قال: «يشعر المسؤولون الأميركيون بالقلق، وفي رأيي إنه قلق أكبر من المستحق». وبيتر بيرغن صحافي وأكاديمي ومستشار «هيئة أميركان فونيشن» وخبير حقيقي في مكافحة الإرهاب، وأول صحافي غربي يلتقي أسامة بن لادن في جبال تورا بورا عام 1997. وفي تلك المقابلة أعلن بن لادن وسط رجاله وحراسه الحرب على أميركا.
وقال بيرغن ردا على أسئلة: «الشرق الأوسط» حول الأسباب التي تجعل داعش تنظيما شديد الخطورة على أميركا والغرب: «سبب الخطر هو عدد الأوروبيين المقاتلين في صفوف التنظيم، ما يعطي التنظيم الإمكانية لتقديم الخبرات العسكرية لأولئك المقاتلين وتدريبهم على الهجمات وصناعة المتفجرات». وعن عدد الأميركيين في صفوف «داعش» أو جبهة النصرة الذين ذهبوا إلى هناك على خطى أبو هريرة الأميركي، أول انتحاري يقوم بعملية تفجيرية في سوريا، قال بيرغن: «إن أكثر من 100 أميركي قاتلوا في سوريا أو حاولوا ذلك»، بل انضم بعضهم إلى جماعات جهادية أخرى. وتمت إدانة ثمانية أميركيين حتى الآن بتورطهم في القتال مع «داعش» أو «النصرة» أو السعي إلى ذلك.
وبالنسبة لحجم المعلومات التي تعرفها الاستخبارات البريطانية عن قاتل جيمس فولي الصحافي الأميركي، قال حقيقة «لا أعلم». وعن عدد البريطانيين أو الأوروبيين الذين سافروا للقتال في سوريا، ومدى قدرة الاستخبارات الغربية على معرفة من يكونون؟ وهل ستتمكن من منعهم من العودة، قال المحلل الأميركي: «يوجد 450 بريطانيا و700 فرنسي و270 ألمانيا. وكانت الاستخبارات الغربية تتبعهم بحرص ولكنهم كثيرون بدرجة تجعل من الصعب تعقبهم جميعا. وتوجه هؤلاء الأجانب إلى سوريا للانضمام إلى جماعات متطرفة منها تنظيم داعش، الذي يقاتل نظام بشار الأسد في سوريا وتوسع إلى العراق المجاور حيث احتل مناطق شاسعة. ولم يتمكن المسؤولون الأميركيون من رصد شبكات تجنيد منظمة تستهدف المواطنين الأميركيين، كما هو الحال في أوروبا». وأعلنت واشنطن أن المقاتلين الغربيين يطرحون تهديدا على قدر خاص من الخطورة ولا سيما عند عودتهم إلى بلدانهم.
وحول إن كان «داعش» قد يسعى إلى شن هجمات ضد أوروبا أو أميركا في المستقبل.. وهل لدى التنظيم الرغبة في فعل ذلك أو القدرة عليه؟، قال بيرغن: «ربما يملك التنظيم الرغبة ولكن ليس من الواضح إن كان يمتلك القدرة». وأضاف الخبير الأميركي: «على أي حال لم ينجح تنظيم القاعدة في شن أي هجوم في الولايات المتحدة منذ عام هجمات سبتمبر (أيلول) 2001. أو في أي مكان في الغرب منذ تفجيرات لندن في عام 2005.
وفي الشهر الحالي، انتقد السيناتور جون ماكين، الجمهوري من ولاية أريزونا، الغارات الجوية التي أمر الرئيس باراك أوباما بشنها ضد داعش واصفا إياها بالمحدودة، وصرح لكاندي كرولي من شبكة (سي إن إن) قائلا: «إنه أسلوب مركز وضيق للغاية يعالج مشكلة تتفاقم بينما نحن نتحدث. كان هناك شخص في سوريا في الشهر الماضي، عاد إلى الولايات المتحدة، وذهب ثانية وقام بتفجير نفسه. نحن نتعقب 100 أميركي موجودين هناك يقاتلون مع داعش، الذي يجتذب العناصر المتطرفة من جميع أنحاء العالم، ناهيك عن العالم العربي، فماذا فعلنا حيال ذلك؟».
ويقول بيرغن: «تتعلق القضية التي أشار إليها ماكين بمنير محمد أبو صالحة (أبو هريرة الأميركي)، الذي نشأ في فيرو بيتش بفلوريدا، ونفذ عملية انتحارية في سوريا في شهر مايو (أيار) باسم جبهة النصرة، الفرع التابع لـ«القاعدة» في سوريا. ووفقا لمصادر صحافية عاد أبو صالحة إلى الولايات المتحدة بعد أن تلقى تدريبه على يد جبهة النصرة ثم عاد من جديد إلى سوريا لتنفيذ العملية الانتحارية التي لقي مصرعه فيها.
وأكد ماكين لـ«سي إن إن» على أن 100 أميركي يقاتلون مع داعش. في الواقع، وفقا لما ذكره مسؤولون أميركيون، هذا الرقم هو إجمالي عدد الأميركيين الذين من المعتقد أنهم يقاتلون أو يسعون إلى القتال مع أي من الجماعات المسلحة المتعددة في سوريا، والتي يتسم بعضها بأنه أكثر تشددا من غيره، بل إن بعضها منحاز إلى الولايات المتحدة.
ووفقا لإحصائية صدرت عن مؤسسة «أميركا الجديدة»، تمت إدانة ثمانية أشخاص من الولايات المتحدة بارتكاب جرائم تتعلق بمحاولة الانضمام إلى داعش أو جبهة النصرة. (في المقابل، أدين 240 من المواطنين الأميركيين والمقيمين في الولايات المتحدة أو تم توجيه اتهامات ضدهم بارتكاب جرائم تتعلق بالإرهاب الجهادي منذ أحداث 11-9).
وقال بيرغن: «لا تعد العملية الانتحارية التي قام بها أبو صالحة (أبو هريرة الأميركي) غير عادية. ولكن ما يجذب الانتباه هو هوية المنفذ، إذ أنه أميركي. وهو أول انتحاري أميركي يقتل في سوريا. ونشرت الجماعة التابعة لـ«القاعدة» في سوريا مقطع فيديو مدته نصف ساعة يظهر فيه أبو صالحة وهو يوضح سبب تنفيذه للمهمة الانتحارية.
يعد هذا الفيديو نافذة مهمة على رؤية مقاتل غربي مجند في صفوف «القاعدة» ومشارك في الحرب الأهلية السورية التي دخلت عامها الرابع. يساعد الفيديو أيضا في إلقاء الضوء على أساليب التجنيد التي يتبعها التنظيم في جذب الغربيين إلى الصراع.



ما دلالة تصنيف باراغواي «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً»؟

محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)
محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)
TT

ما دلالة تصنيف باراغواي «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً»؟

محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)
محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)

دفع تصنيف باراغواي «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً» إلى تساؤلات حول تأثير القرار على مستقبل التنظيم وعناصره. يأتي هذا في ظل تصاعد الصراع بين «قيادات (الإخوان) في الخارج» حول قيادة التنظيم. وقال باحثون في الحركات المتطرفة والإرهاب إن «قرار باراغواي أشار إلى ارتباط (الإخوان) بـ(تنظيمات الإرهاب)، وقد يدفع القرار دولاً أخرى إلى أن تتخذ قرارات مماثلة ضد التنظيم».
ووافقت اللجنة الدائمة بكونغرس باراغواي على «اعتبار (الإخوان) (تنظيماً إرهابياً) يهدد الأمن والاستقرار الدوليين، ويشكل انتهاكاً خطيراً لمقاصد ومبادئ الأمم المتحدة». جاء ذلك في مشروع قرار تقدمت به ليليان سامانيغو، رئيسة لجنة الشؤون الخارجية بالكونغرس المكوّن من 45 عضواً. وقال البرلمان في بيان نشره عبر موقعه الإلكتروني (مساء الخميس) إن «تنظيم (الإخوان) الذي تأسس في مصر عام 1928، يقدم المساعدة الآيديولوجية لمن يستخدم (العنف) ويهدد الاستقرار والأمن في كل من الشرق والغرب». وأضاف البيان أن «باراغواي ترفض رفضاً قاطعاً جميع الأعمال والأساليب والممارسات (الإرهابية)».
ووفق تقارير محلية في باراغواي، فإن باراغواي رأت في وقت سابق أن «(حزب الله)، و(القاعدة)، و(داعش) وغيرها، منظمات (إرهابية)، في إطار مشاركتها في الحرب على (الإرهاب)». وقالت التقارير إن «تصنيف (الإخوان) من شأنه أن يحدّ من قدرة هذه الجماعات على التخطيط لهجمات (إرهابية) وزعزعة استقرار الدول». كما تحدثت التقارير عن دول أخرى أقرت خطوات مماثلة ضد «الإخوان» من بينها، روسيا، والمملكة العربية السعودية، ومصر، والإمارات، والبحرين.
وتصنف دول عربية عدة «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً». وعدّت هيئة كبار العلماء في المملكة العربية السعودية التنظيم «جماعة إرهابية منحرفة» لا تمثل منهج الإسلام. وذكرت الهيئة في بيان لها، نوفمبر (تشرين الثاني) عام 2020، أن «(الإخوان) جماعة إرهابية لا تمثل منهج الإسلام وإنما تتبع أهدافها الحزبية المخالفة لهدي ديننا الحنيف، وتتستر بالدين وتمارس ما يخالفه من الفُرقة، وإثارة الفتنة، والعنف، والإرهاب». وحذّرت حينها من «الانتماء إلى (الإخوان) أو التعاطف مع التنظيم».
كذلك أكد مجلس الإمارات للإفتاء الشرعي أن كل مجموعة أو تنظيم يسعى للفتنة أو يمارس العنف أو يحرّض عليه، هو تنظيم إرهابي مهما كان اسمه أو دعوته، معتبراً «(الإخوان) تنظيماً (إرهابياً)».
وتحظر الحكومة المصرية «الإخوان» منذ عام 2014، وقد عدّته «تنظيماً إرهابياً». ويخضع مئات من قادة وأنصار التنظيم حالياً، وعلى رأسهم المرشد العام محمد بديع، لمحاكمات في قضايا يتعلق معظمها بـ«التحريض على العنف»، صدرت في بعضها أحكام بالإعدام، والسجن «المشدد والمؤبد».
وحسب الباحث المصري المتخصص في شؤون الحركات المتطرفة والإرهاب الدولي، منير أديب، فإن «تصنيف باراغواي (الإخوان) يؤكد الاتهامات التي توجَّه إلى التنظيم، بأن تنظيمات العنف خرجت من رحم (الإخوان)، أو أنها نهلت من أفكار التنظيم»، لافتاً إلى أن «قرار باراغواي أشار إلى أن (الإخوان) وفّر الحماية لتنظيمات التطرف التي نشأت في الشرق والغرب». وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن «قرار بعض الدول العربية في وقت سابق حظر (الإخوان) يعود إلى أمرين؛ الأول أن التنظيم مارس العنف، والآخر أن التنظيم وفّر الحماية لجماعات الإرهاب».
وفي وقت سابق أكدت وزارة الأوقاف المصرية «حُرمة الانضمام لـ(الإخوان)»، مشيرةً إلى أن التنظيم يمثل «الخطر الأكبر على الأمن القومي العربي». وفي فبراير (شباط) 2022 قالت دار الإفتاء المصرية إن «جميع الجماعات الإرهابية خرجت من عباءة (الإخوان)». وفي مايو (أيار) الماضي، قام مفتي مصر شوقي علام، بتوزيع تقرير «موثق» باللغة الإنجليزية على أعضاء البرلمان البريطاني يكشف منهج «الإخوان» منذ نشأة التنظيم وارتباطه بـ«التنظيمات الإرهابية». وقدم التقرير كثيراً من الأدلة على علاقة «الإخوان» بـ«داعش» و«القاعدة»، وانضمام عدد كبير من أعضاء «الإخوان» لصفوف «داعش» عقب عزل محمد مرسي عن السلطة في مصر عام 2013، كما لفت إلى أذرع «الإخوان» من الحركات المسلحة مثل «لواء الثورة» و«حسم».
وحول تأثير قرار تصنيف باراغواي «الإخوان» على «قيادات التنظيم في الخارج»، أكد الباحث المصري المتخصص في شؤون الحركات المتطرفة والإرهاب الدولي، أن «قرار باراغواي سوف يؤثر بالقطع على عناصر التنظيم في الخارج، لأن التنظيم يزعم أنه ينتشر في دول كثيرة حول العالم، ومثل هذا القرار يؤثر على عناصر (الإخوان) الموجودة في باراغواي وفي الدول المجاورة لها، كما أن القرار قد يدفع دولاً أخرى إلى اتخاذ قرار مماثل ضد (الإخوان)».
يأتي قرار باراغواي في وقت يتواصل الصراع بين «قيادات الإخوان في الخارج» حول منصب القائم بأعمال مرشد التنظيم. ويرى مراقبون أن «محاولات الصلح بين جبهتي (لندن) و(إسطنبول) لحسم الخلافات لم تنجح لعدم وجود توافق حول ملامح مستقبل التنظيم». والصراع بين جبهتي «لندن» و«إسطنبول» على منصب القائم بأعمال المرشد، سبقته خلافات كثيرة خلال الأشهر الماضية، عقب قيام إبراهيم منير، القائم بأعمال مرشد «الإخوان» السابق، بحلّ المكتب الإداري لشؤون التنظيم في تركيا، وقيامه بتشكيل «هيئة عليا» بديلة عن «مكتب إرشاد الإخوان». وتبع ذلك تشكيل «جبهة لندن»، «مجلس شورى» جديداً، وإعفاء أعضاء «مجلس شورى إسطنبول» الستة، ومحمود حسين (الذي يقود «جبهة إسطنبول»)، من مناصبهم.