الحوثيون يكثفون حصار دماج.. وقتال في صنعاء ومحافظات أخرى

اليمن تطالب الولايات المتحدة بإيضاحات حول إدراج رجل أعمال يمني في قائمة الإرهاب

عبد الوهاب الحميقاني السكرتير العام لاتحاد الرشاد السلفي اليمني يحضر مع أعضاء من حزبه تجمعا في العاصمة صنعاء أمس (أ.ف.ب)
عبد الوهاب الحميقاني السكرتير العام لاتحاد الرشاد السلفي اليمني يحضر مع أعضاء من حزبه تجمعا في العاصمة صنعاء أمس (أ.ف.ب)
TT

الحوثيون يكثفون حصار دماج.. وقتال في صنعاء ومحافظات أخرى

عبد الوهاب الحميقاني السكرتير العام لاتحاد الرشاد السلفي اليمني يحضر مع أعضاء من حزبه تجمعا في العاصمة صنعاء أمس (أ.ف.ب)
عبد الوهاب الحميقاني السكرتير العام لاتحاد الرشاد السلفي اليمني يحضر مع أعضاء من حزبه تجمعا في العاصمة صنعاء أمس (أ.ف.ب)

كثفت جماعة الحوثي المسلحة، في شمال اليمن، من قتالها للجماعة السلفية في محافظة صعدة، إضافة إلى قتالها في محافظات مجاورة للعاصمة صنعاء مع قرب انتهاء مؤتمر الحوار الوطني، الذي ناقش تقرير فريق العدالة الانتقالية الخاصة بفترات الحروب والصراعات السابقة والتعويضات.
وقالت محليون لـ«الشرق الأوسط»: «بالتزامن مع نهاية الحوار الوطني؛ تزايدت هجمات الحوثيين في الجوف وعمران وحجة وصعدة وبعض مديريات محافظة صنعاء»، دون أن تشير المصادر إلى أهداف هذه الخطوة، لكن مصادر حوثية تحدثت عن ضرورة وقف الصراعات والاقتتال في جميع المناطق من دون استثناء، في مطالبتهم بوقف الحرب التي تشنها الجماعة المسلحة على منطقة دماج في محافظة صعدة ذات الوجود السلفي.
من ناحية ثانية، واصل مؤتمر الحوار الوطني جلساته الختامية في صنعاء، حيث جرى استكمال مناقشة تقرير فريق العدالة الانتقالية من المواد 45 إلى 126. وجرى إعادة مادة خاصة تتعلق بتعويض المتضررين في المناطق الوسطى جراء الحروب التي شهدتها في سبعينات وثمانيات القرن الماضي، وحسب وكالة الأنباء اليمنية (سبأ)، فإن المواد التي جرت مناقشتها شملت مواضيع «استرداد الأموال والأراضي المنهوبة الخاصة والعامة في الداخل والخارج بسبب سوء استخدام السلطة في محور قضايا ذات بعد وطني، قرارات تقضي بإلزام الدولة نزع واستعادة الأسلحة والمعدات العسكرية كافة التي فقدت أو نهبت أو استولي عليها خلال فترات الصراعات المختلفة من كل الأطراف والجماعات والأحزاب والأفراد، فضلا عن استكمال المعالجات لآثار قانون التأميم بشكل عادل، إلى جانب تأكيد أن قضايا الأموال والأراضي المنهوبة لا تسقط بالتقادم».
وأكدت المواد في تقرير العدالة الانتقالية ضرورة وأهمية «التزام الدولة إزالة الظلم الواقع على أبناء تهامة ورد الحقوق ورفع الضرر عن كاهلهم، في إطار جبر الضرر الجماعي وإعطائهم اهتماما مستقبليا خاصا في خطط وبرامج التنمية الاقتصادية والاجتماعية والتعليمية والخدمية وإنصافهم، والعناية بالتراث الوطني النضالي والثقافي والإنساني لمناطق السهل التهامي، لما من شأنه تحسين الأوضاع الحياتية لأبناء تهامة، وبما يحقق شراكتهم الحقيقية في السلطة والثروة ورفع المظالم عن كاهلهم التي ما زالوا يعانونها منذ عقود»، إضافة إلى أن المخرجات في التقرير شملت «جبر الضرر الجماعي موجهات تشدد على ضرورة إيلاء كل من محافظة مأرب والجوف والمهرة وأرخبيل سقطرى والجزر المأهولة عناية أكبر من خلال نشر التعليم وتحسين الأوضاع الصحية وتمكين السكان من الخدمات العامة ورفع مستواهم المعيشي وبناء مؤسسات الدولة واستثمار الموارد الطبيعية والثقافية لهذه المحافظات، بما في ذلك العناية بالآثار والتراث، لما من شأنه تحقيق وتجسيد الشراكة الوطنية في السلطة والثروة وضمان عدالة التوزيع في برامج وخطط التنمية الاقتصادية والاجتماعية».
وأضاف تقرير العدالة الانتقالية مؤكدا أهمية أن «تلتزم الدولة الاعتذار وجبر الضرر والتعويض العادل لمن تضرروا وانتهكت حقوقهم خلال أي حروب وتلتزم معالجة أوضاع المبعدين والمفصولين من وظائفهم المدنية والعسكرية، وكذا رد الاعتبار لمطار وميناء عدن واستعادة موقعهما السيادي والدولي، إلى جانب تأكيد التزام الدولة معالجة بعض تسميات المنشآت والميادين العامة والشوارع التي جرى تغييرها في المحافظات الجنوبية».
من جهة أخرى، لقي مسؤول في الجيش اليمني مصرعه في عملية عسكرية نفذتها وحدات من الجيش ضد مهاجمي منشآت النفط والطاقة في محافظة مأرب، شرق البلاد.
وقالت وزارة الدفاع اليمنية في بيان أمس إن «أركان كتيبة المدفعية باللواء 14 مدرع العقيد عبد الغني قاسم محمد الصبري لقي حتفه في مواجهة المخربين والإرهابيين، في وادي عبيدة بمأرب أول من أمس».
ونفذت وحدات من الجيش اليمني عمليات عسكرية ضد مفجري أنبوب النفط ومخربي أبراج الكهرباء في محافظة مأرب.
من ناحية أخرى طلبت صنعاء رسميا من واشنطن توضيحات حول سبب إدراج الخزانة الأميركية اسم القيادي السلفي اليمني عبد الوهاب الحميقاني على قائمة داعمي تنظيم القاعدة، الشهر الماضي.
وذكرت وكالة الأنباء اليمنية أن «الجمهورية اليمنية تقدمت بطلب رسمي إلى السلطات المختصة في الولايات المتحدة لموافاتها بالحيثيات التي استندت عليها في إصدار قرارات بفرض عقوبات مالية على مواطنين يمنيين، بتهم تمويل المنظمات الإرهابية أو تلقي دعم مالي من التنظيمات المحظورة دوليا المعلن عنهم، وغير المعلن، وآخرهم الدكتور عبد الوهاب الحميقاني».
وسلم الطلب القائم بأعمال سفارة اليمن في واشنطن عادل علي السنيني إلى نائب مساعد وزير الخزانة لشؤون مكافحة جرائم غسل الأموال وتمويل الإرهاب.
وبحسب الوكالة، فقد أكد الدبلوماسي اليمني لمحادثه الأميركي أن «الحكومة اليمنية لا تتبنى القرارات التي تتعارض مع الدستور والقوانين اليمنية»، معبرا «عن الأمل في أن يزود الجانب الأميركي الحكومة اليمنية بمعلومات شاملة حول المواطنين اليمنيين الذين شملتهم قرارات وزارة الخزانة الأميركية بفرض العقوبات ضدهم، بتهم تمويل المنظمات الإرهابية أو تلقي دعم مالي من التنظيمات المحظورة دوليا».
وأكد السنيني استعداد صنعاء مستعدة لملاحقة أي شخص يثبت تورطه في دعم الإرهاب.
وكانت الخزانة الأميركية أعلنت في ديسمبر (كانون الأول) إدراج اسمي الناشط الحقوقي القطري عبد الرحمن النعيمي، والسياسي اليمني عبد الوهاب الحميقاني، على قائمة داعمي تنظيم القاعدة ماليا، ونفى كلاهما هذه التهمة.
يشار إلى أن الحميقاني يشغل منصب الأمين العام لحزب اتحاد الرشاد السلفي اليمني، وهو من السياسيين المعروفين في اليمن.



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.