السيسي يختتم زيارة روسيا باتفاقات طموحة

الرئيس المصري عاد بقمح ومناطق صناعية وتجارة حرة.. وتنسيقات نووية وفضائية

عبد الفتاح السيسي
عبد الفتاح السيسي
TT

السيسي يختتم زيارة روسيا باتفاقات طموحة

عبد الفتاح السيسي
عبد الفتاح السيسي

في خطوة يرى مراقبون أنها ستوسع آفاق التعاون وتعزيز العلاقات التاريخية بين البلدين، اتفق الرئيسان الروسي فلاديمير بوتين، والمصري عبد الفتاح السيسي أثناء مباحثاتهما المكثفة على مجموعة من الخطوات لتعزيز العلاقات الاقتصادية والتجارية بين مصر وروسيا، منها إنشاء منطقة صناعية روسية كجزء من مشروع قناة السويس الجديدة، ودراسة إنشاء منطقة تجارة حرة بين مصر ودولة الاتحاد الجمركي الذي تتزعمه روسيا ويضم كازاخستان وبيلاروسيا.
كما اتفق الرئيسان بوتين والسيسي على مواصلة التعاون العسكري الفني بين البلدين، إضافة إلى التعاون في مجال الطاقة النووية السلمية والأقمار الاصطناعية، إلى جانب زيادة صادرات السلع الغذائية المصرية إلى روسيا، وزيادة توريدات القمح الروسي إلى مصر، حيث تورد موسكو إلى القاهرة ما لا يقل عن خمسة ملايين طن من القمح هذا العام. في الوقت نفسه، بحث الرئيسان باستفاضة الوضع الإقليمي في سوريا والعراق وليبيا وقطاع غزة، بالإضافة إلى تنسيق المواقف في مكافحة الإرهاب.
وتعد مصر أكبر مستوردي الحبوب من روسيا، حيث تبلغ حصة الصادرات الروسية من الحبوب إلى مصر ما بين 20 و30 في المائة سنويا من إجمالي الصادرات. كما تشكل الصادرات الروسية نحو 40 في المائة من الحبوب التي تستهلكها مصر.
وكان الرئيس بوتين قد أكد في أثناء المؤتمر الصحافي الذي عقده مساء أول من أمس في سوتشي مع الرئيس السيسي على أن روسيا تشاطر مصر موقفها من مكافحة الإرهاب وتؤيد الخطوات والإجراءات المصرية في هذا الشأن. وقال بوتين إن «روسيا ومصر لاعبان كبيران في مجال الغاز والنفط وهناك فرص استثمار واعدة».
وعاد الرئيس السيسي أمس إلى القاهرة بعد زيارة رسمية لروسيا استغرقت يومين، أجرى خلالها مباحثات ناجحة حسب الأوساط السياسية والإعلامية المصرية والروسية مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين.
وحول الزيارة ذكرت صحيفة «إزفيستيا» الروسية في عددها الصادر أمس، أن الرئيس السيسي أبلغ الرئيس الروسي بوتين استعداد مصر لزيادة صادراتها من المنتجات الزراعية إلى روسيا بـ30 في المائة.
وفي تعليقها على الزيارة الرسمية للسيسي إلى روسيا ومباحثاته مع بوتين، لفتت الصحيفة إلى أن استقبال الرئيس المصري كان حارا واتسم بالحفاوة الكبيرة.. وقالت: «إن هذا تجلى بشكل كبير أثناء الاستقبال في مطار (أدلر) بمدينة سوتشي وفي جولة الرئيسين بالمنشآت الأولمبية في سوتشي، وأثناء المباحثات بين الرئيسين»، وأشارت «إزفيستيا» إلى أنه أثناء المباحثات الرسمية بحث الرئيسان التعاون في المجال العسكري التقني، وتحديث المشروعات التي شيدها الاتحاد السوفياتي في مصر، بجانب الوضع في سوريا وليبيا والعراق وقطاع غزة.
وقالت الصحيفة إن «أهم اتفاق، من وجهة نظرها، هو استعداد مصر لزيادة تصدير منتجاتها الزراعية إلى روسيا بنسبة 30 في المائة في ظل الحظر الذي فرضته موسكو على استيراد المنتجات الغذائية والزراعية من دول الاتحاد الأوروبي».
وأضافت: «لقد بحث الرئيسان أيضا إمكانية إنشاء مركز لوجيستي مصري على البحر الأسود ومركز آخر في مصر»، وتسوق الصحيفة تصريحات الرئيس بوتين، التي قال فيها، إنه «سيعطي الأوامر للجهات الروسية المعنية لتبسيط وتسهيل دخول المنتجات الزراعية المصرية إلى السوق الروسية».
ويرى مراقبون أن الاستقبال غير التقليدي الذي حظي به السيسي في سوتشي من قبل الرئيس بوتين، ينم عن نظرة أكبر من مجرد استقبال رئيس دولة والترحيب به. وأكد هؤلاء لـ«الشرق الأوسط» أن تحليلهم للأمر يصب في جهة أن بوتين يتطلع إلى حليف وشريك مركزي قوي بمنطقة الشرق الأوسط، وليس مجرد علاقات تعاون أو استثمار. وهو ما يأتي بدوره في وقت تتطلع فيه البلدان، روسيا ومصر، إلى إعادة رسم ملامح علاقتهما الدولية مع مختلف القوى العالمية.
وحول صدى الزيارة على مستقبل العلاقات بين مصر والولايات المتحدة، أكدت نائبة المتحدثة باسم الخارجية الأميركية ماري هارف فجر أمس أن مصر حرة في إقامة علاقات مع أي جهة تريدها. وأضافت هارف في تصريحات للصحافيين تعليقا على زيارة السيسي لروسيا أن «الولايات المتحدة لديها علاقات استراتيجية قوية مع مصر».
وكان الرئيس عبد الفتاح السياسي والرئيس فلاديمير بوتين زار مساء أول من أمس (الثلاثاء) الطراد الصاروخي «موسكفا»، الذي يرابط في ميناء سوتشي البحري... وصعد الرئيسان إلى الطراد، الذي يحمل على متنه المنظومة الصاروخية المضادة للجو «إس - 300»، حيث تفقد الرئيس السيسي الطراد ومكوناته. ورحب أفراد طاقم الطراد وقائده العقيد البحري سيرغي ترونيف بالرئيسين السيسي وبوتين، وعزف النشيدان الوطنيان المصري والروسي تكريما لهما. بعد ذلك رافق قائد الطراد الرئيسين لدى مشاهدة السفينة وحدثهما عن المهام القتالية التي يمكن أن يقوم بها الطراد.
وقال العقيد ترونيف في تصريحات نقلتها وكالة أنباء «إيتار تاس»، إن «الطراد (موسكفا) مخصص لتوفير الاستقرار القتالي للسفن الموجودة في المنطقة المحيط، وكذلك لتدمير حاملات الطائرات الضاربة المعادية».
وأطلع ترونيف الرئيسين السيسي وبوتين على وحدات إطلاق صواريخ «بازلت» والصواريخ المجنحة «فولكان» القادرة على تدمير أهداف تبعد مسافة حتى 550 كيلومترا. وقال قائد الطراد مخاطبا الرئيسين: إن «الصاروخ الواحد يستطيع حمل قذيفة خاصة بوزن 6 أطنان»، موضحا كيف يجري توجيه الصواريخ لدى إطلاقها، مشيرا إلى أن سرعة الصاروخ تتجاوز سرعة الصوت وتبلغ 600 متر في الثانية.
وتحدث قائد الطراد بإسهاب عن الأسلحة الأخرى الموجودة على متن الطراد. وخلال الحديث لفت الرئيس بوتين نظر الرئيس السيسي إلى أن الصواريخ «إس - 300» الموجودة على متن الطراد ستستبدل فيما بعد بصواريخ «إس - 400» الأحدث.
كما زار الرئيسان السيسي وبوتين - بعد الانتهاء من زيارة الطراد - الملعب الأولمبي «إيسبرغ» في القرية الأولمبية بمدينة سوتشي، وشاهدا عرضا موسيقيا على الجليد بعنوان «أنوار المدينة الكبيرة» للمخرج إيليا أفيربوخ. وشارك في العرض عدد من نجوم الرياضة الروسية، بينهم خمسة من الفائزين بالميداليات الأولمبية و11 من أبطال العالم.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».