القفطان.. قطعة تتجدد في كل صيف لتنعش خزانتك

رغم إيحاءاته الشرقية والعربية يعد قطعة عالمية بكل المقاييس

من مجموعة الـ«كروز» للمصممة أليس تامبرلي  -  بول سميث لربيع وصيف 2014
من مجموعة الـ«كروز» للمصممة أليس تامبرلي - بول سميث لربيع وصيف 2014
TT

القفطان.. قطعة تتجدد في كل صيف لتنعش خزانتك

من مجموعة الـ«كروز» للمصممة أليس تامبرلي  -  بول سميث لربيع وصيف 2014
من مجموعة الـ«كروز» للمصممة أليس تامبرلي - بول سميث لربيع وصيف 2014

ما إن يبدأ الحديث عن موضة الصيف وقطعه الأساسية، حتى يأتي القفطان ضمن اللائحة. والمقصود هنا ليس القفطان المغربي الخاص بالأعراس والمناسبات المهمة بطبقاته المتعددة وتطريزاته الغنية، بل تلك القطعة المنسدلة على شكل فستان طويل أو قميص يصل إلى الركبة، والتي تفوح بالراحة وتوحي بالانطلاق. قطعة ترتبط في الذهن بأجواء البحر والإجازات الصيفية وارتبطت بالطبقات المخملية في الستينات وبالهيبيز في السبعينات لتصبح منذ الثمانينات إلى اليوم عنوانا للأناقة التي لا تعترف بالحدود والجغرافيا أو العمر. فهي تخاطب المرأة الشابة والناضجة، كما تخاطب النحيفة والبدينة، بغض النظر عما إذا كان أسلوبها أيا منهما كلاسيكيا أو بوهيميا. فالقفطان من القطع الديمقراطية التي تتكلم لغة عالمية واحدة لا يفرق بينها سوى نوعية الأقمشة واسم مصممها، والإكسسوارات التي تُنسق معها، والأهم من هذا أسلوبك الخاص. فقد تكونين بوهيمية مثل العارضة وسيدة المجتمع تاليثا غيتي، التي كانت أول من تبنته بشكله الحالي، في السبعينات من القرن الماضي، وكانت تلبسه طويلا. أو قد تكونين كلاسيكية وعصرية مثل جاكي كيندي التي كانت ترتديه قصيرا مع بنطلونات مستقيمة.
ورغم أن تسميته تشير إلى أنه متأثر بالقفطان المغربي، كما رأته عيون إيف سان لوران وترجمه لنا، فإن كتب الموضة تؤكد أن المصمم إيمليو بوتشي سبقه إليه في الستينات حين جعله زيا خاصا بالطبقات المخملية ونجمات هوليوود، وكان حينها على شكل فستان منساب. ما قام به إيف سان لوران أنه نشره ومنحه صبغته الديمقراطية الحالية ما جعله مرتبطا في المخيلة بهذا المصمم.
انتبه مصممون آخرون إلى جمالياته التي تزيد في الصيف تحديدا، ولم يبخلوا علينا بتجديده في كل موسم تقريبا. وزاد اهتمامهم به منذ التسعينات مع تنامي أهمية منطقة الشرق الأوسط كسوق مهمة، ووصل الأمر بهم إلى أنهم بدأوا يخصون المرأة العربية به، ويطرحونه وهي نصب العين. بعضهم استوحاه من العباءة وبعضهم من القفطان كما تصوره الراحل إيف سان لوران وكما ظهرت به العارضة تاليثا غيتي في مدينة مراكش، لكن دائما بلمسات عصرية تجعله متجددا يخاطب كل الأذواق، بانسداله المريح على الجسم. ومع ذلك فإن هذا الانسدال وما يوحيه من انطلاق وراحة قد يكون إما نعمة أو نقمة حسب نوعيته وتصميمه ومدى مناسبته لأسلوبك الشخصي، وبالتالي لا بد من بعض المحاذير:
- على الرغم من أنه يعطي الانطباع بأنه يناسب كل المقاسات، فإنه من الواجب مراعاة بعض التفاصيل التي تتمثل في تجنبه طويلا بشكل كبير يمسح الأرض، أو عريض بشكل مبالغ فيه أو بياقة غير مناسبة. وتذكري دائما أن معايير اختياره هي نفس المعايير لاختيار أي قطعة مفصلة يجب أن تتناسق مع الجسم.
- يفضل اختياره بخامات جيدة مثل القطن أو الحرير، ويجب أن تكون الأولية دائما لنوعية قماشه على الألوان أو التطريزات. السبب أنه عندما يكون بقماش رخيص فإنه لا يعطي إطلالة موفقة، كما لا يمنح الراحة المتوخاة منه.
- عندما تختارينه بطبعات يفضل أن تراعي حجم هذه الطبعات ومدى مناسبتها لمقاييس جسمك من جهة، وتناسقها مع إكسسواراتك من جهة ثانية، حتى لا تشوش على المظهر.
- عند شرائه خذي بعين الاعتبار أنه سيحملك من النهار إلى المساء بسهولة بمجرد تغيير إكسسواراتك، كأن تستبدلي حذاء الباليرينا بحذاء بكعب عال، وأقراط أذنك الناعمة بأخرى متدلية وهكذا. أما إذا كان بطول قصير فيمكن ارتداؤه مع بنطلون جينز بلون أزرق غامق، لأن إضافة حزام ذهبي عليه سترتقي به إلى أجواء المساء والسهرة.
- لمظهر عصري وكلاسيكي، تجنبي التصاميم الإثنية ذات التطريزات المستوحاة من الأزياء الفولكلورية لأن الفكرة أن تلبسينه في أي مكان وأي زمان وليس فقط في فترة الإجازات.
- لمظهر مبتكر ومتميز، نسقيه مع عمامة (توربان) تلف شعرك وفي الوقت ذاته تحميه من أشعة الشمس، أو مع قبعة كبيرة ونظارات شمسية.
- يمكنك أيضا الاستعاضة عن حذاء الباليرينا في النهار أو الصندل بحذاء بتصميم رجالي، لمظهر «روك أند رول» يضج بالحداثة والحيوية.



المحلات الشعبية تستعين بالنجوم لاستقطاب الزبائن

تُرسِخ تجربة العارضة كايت موس مع محلات «زارا» التغير الذي طرأ على عالم الموضة (زارا)
تُرسِخ تجربة العارضة كايت موس مع محلات «زارا» التغير الذي طرأ على عالم الموضة (زارا)
TT

المحلات الشعبية تستعين بالنجوم لاستقطاب الزبائن

تُرسِخ تجربة العارضة كايت موس مع محلات «زارا» التغير الذي طرأ على عالم الموضة (زارا)
تُرسِخ تجربة العارضة كايت موس مع محلات «زارا» التغير الذي طرأ على عالم الموضة (زارا)

إذا كنتِ مداومة على التسوق في محلات «زارا» لأسعارها ونوعية ما تطرحه، فإنكِ قد تتفاجئين أن تعاونها الأخير مع العارضة البريطانية المخضرمة كايت موس سيُكلَفكِ أكثر مما تعودت عليه. فهناك معطف قصير على شكل جاكيت من الجلد مثلاً يقدر سعره بـ999 دولاراً أميركياً، هذا عدا عن قطع أخرى تتراوح بين الـ200 و300 دولار.

تفوح من تصاميم كايت موس رائحة السبعينات (زارا)

ليست هذه المرة الأولى التي تخوض فيها كايت موس تجربة التصميم. كانت لها تجربة سابقة مع محلات «توب شوب» في بداية الألفية. لكنها المرة الأولى التي تتعاون فيها مع «زارا». ويبدو أن تعاون المحلات مع المشاهير سيزيد سخونة بالنظر إلى التحركات التي نتابعها منذ أكثر من عقد من الزمن. فعندما عيَنت دار «لوي فويتون» المنتج والمغني والفنان فاريل ويليامز مديراً إبداعياً لخطها الرجالي في شهر فبراير (شباط) من عام 2023، خلفاً لمصممها الراحل فرجيل أبلو؛ كان الخبر مثيراً للجدل والإعجاب في الوقت ذاته. الجدل لأنه لا يتمتع بأي مؤهلات أكاديمية؛ كونه لم يدرس فنون التصميم وتقنياته في معهد خاص ولا تدرب على يد مصمم مخضرم، والإعجاب لشجاعة هذه الخطوة، لا سيما أن دار «لوي فويتون» هي الدجاجة التي تبيض ذهباً لمجموعة «إل في إم إتش».

فاريل ويليامز مع فريق عمله يُحيّي ضيوفه بعد عرضه لربيع وصيف 2024 (أ.ف.ب)

بتعيينه مديراً إبداعياً بشكل رسمي، وصلت التعاونات بين بيوت الأزياء الكبيرة والنجوم المؤثرين إلى درجة غير مسبوقة. السبب الرئيسي بالنسبة لمجموعة «إل في إم إتش» أن جاذبية فاريل تكمن في نجوميته وعدد متابعيه والمعجبين بأسلوبه ونجاحه. فهي تتمتع بماكينة ضخمة وفريق عمل محترف يمكنها أن تُسخِرهما له، لتحقيق المطلوب.

صفقة «لوي فويتون» وفاريل ويليامز ليست الأولى وإن كانت الأكثر جرأة. سبقتها علاقة ناجحة بدأت في عام 2003 بين لاعب كرة السلة الأميركي الشهير مايكل جوردان وشركة «نايكي» أثمرت عدة منتجات لا تزال تثير الرغبة فيها وتحقق إيرادات عالية إلى الآن.

كان من الطبيعي أن تلفت هذه التعاونات شركات أخرى وأيضاً المحلات الشعبية، التي تعاني منذ فترة ركوداً، وتشجعها على خوض التجربة ذاتها. أملها أن تعمَّ الفائدة على الجميع: تحقق لها الأرباح باستقطاب شرائح أكبر من الزبائن، وطبعاً مردوداً مادياً لا يستهان به تحصل عليه النجمات أو عارضات الأزياء المتعاونات، فيما يفوز المستهلك بأزياء وإكسسوارات لا تفتقر للأناقة بأسعار متاحة للغالبية.

الجديد في هذه التعاونات أنها تطورت بشكل كبير. لم يعد يقتصر دور النجم فيها على أنه وجه يُمثلها، أو الظهور في حملات ترويجية، بل أصبح جزءاً من عملية الإبداع، بغضّ النظر عن إنْ كان يُتقن استعمال المقص والإبرة أم لا. المهم أن يكون له أسلوب مميز، ورؤية خاصة يُدلي بها لفريق عمل محترف يقوم بترجمتها على أرض الواقع. أما الأهم فهو أن تكون له شعبية في مجال تخصصه. حتى الآن يُعد التعاون بين شركة «نايكي» ولاعب السلة الشهير مايكل جوردان، الأنجح منذ عام 2003، ليصبح نموذجاً تحتذي به بقية العلامات التجارية والنجوم في الوقت ذاته. معظم النجوم حالياً يحلمون بتحقيق ما حققه جوردان، بعد أن أصبح رجل أعمال من الطراز الأول.

من تصاميم فكتوريا بيكهام لمحلات «مانغو»... (مانغو)

المغنية ريهانا مثلاً تعاونت مع شركة «بوما». وقَّعت عقداً لمدة خمس سنوات جُدِّد العام الماضي، نظراً إلى النقلة التي حققتها للشركة الألمانية. فالشركة كانت تمر بمشكلات لسنوات وبدأ وهجها يخفت، لتأتي ريهانا وترد لها سحرها وأهميتها الثقافية في السوق العالمية.

المغنية ريتا أورا، أيضاً تطرح منذ بضعة مواسم، تصاميم باسمها لمحلات «بريمارك» الشعبية. هذا عدا عن التعاونات السنوية التي بدأتها محلات «إتش آند إم» مع مصممين كبار منذ أكثر من عقد ولم يخفت وهجها لحد الآن. بالعكس لا تزال تحقق للمتاجر السويدية الأرباح. محلات «مانغو» هي الأخرى اتَّبعت هذا التقليد وبدأت التعاون مع أسماء مهمة مثل فيكتوريا بيكهام، التي طرحت في شهر أبريل (نيسان) الماضي تشكيلة تحمل بصماتها، تزامناً مع مرور 40 عاماً على إطلاقها. قبلها، تعاونت العلامة مع كل من SIMONMILLER وكاميل شاريير وبيرنيل تيسبايك.

سترة مخملية مع كنزة من الحرير بياقة على شكل ربطة عنق مزيَّنة بالكشاكش وبنطلون واسع من الدنيم (ماركس آند سبنسر)

سيينا ميلر و«ماركس آند سبنسر»

من هذا المنظور، لم يكن إعلان متاجر «ماركس آند سبنسر» عن تعاونها الثاني مع سيينا ميلر، الممثلة البريطانية وأيقونة الموضة، جديداً أو مفاجئاً. مثل كايت موس، تشتهر بأسلوبها الخاص الذي عشقته مجلات الموضة وتداولته بشكل كبير منذ بداية ظهورها. فهي واحدة ممن كان لهن تأثير في نشر أسلوب «البوهو» في بداية الألفية، كما أن تشكيلتها الأولى في بداية العام الحالي، حققت نجاحاً شجع على إعادة الكرَّة.

فستان طويل من الساتان المزيَّن بثنيات عند محيط الخصر يسهم في نحت الجسم (ماركس آند سبنسر)

موسم الأعياد والحفلات

بينما تزامن طرح تشكيلة «مانغو + فيكتوريا بيكهام» مع مرور 40 عاماً على انطلاقة العلامة، فإن توقيت التشكيلة الثانية لسيينا ميلر التي طُرحت في الأسواق في الأسبوع الأول من شهر نوفمبر (تشرين الثاني)، أيضاً له دلالته، بحكم أننا على أبواب نهاية العام. فهذه تحتاج إلى أزياء وإكسسوارات أنيقة للحفلات. لم يكن الأمر صعباً على سيينا. فإلى جانب أنها تتمتع بأسلوب شخصي متميِز، فإنها تعرف كيف تحتفل بكل المناسبات بحكم شخصيتها المتفتحة على الحياة الاجتماعية.

وتعليقاً على هذا الموضوع، أعربت الممثلة عن سعادتها بالنجاح الذي حققته قائلةً: «أحببت العمل على التشكيلة الأولى ويملؤني الحماس لخوض التجربة مرة أخرى. فالتشكيلة الثانية تتسم بطابع مفعم بالمرح والأجواء الاحتفالية، إذ تضم قطعاً أنيقة بخطوط واضحة وأخرى مزينة بالفرو الاصطناعي، بالإضافة إلى فساتين الحفلات والتصاميم المزينة بالطبعات والنقشات الجريئة والإكسسوارات التي يسهل تنسيق بعضها مع بعض، إلى جانب سراويل الدنيم المفضلة لديّ التي تأتي ضمن لونين مختلفين».

فستان ماركس سهرة طويل من الحرير بأطراف مزينة بالدانتيل (ماركس آند سبنسر)

دمج بين الفينتاج والبوهو

تشمل التشكيلة وهي مخصصة للحفلات 23 قطعة، تستمد إلهامها من أسلوب سيينا الخاص في التنسيق إضافةً إلى أزياء مزينة بالترتر استوحتها من قطع «فينتاج» تمتلكها وجمَعتها عبر السنوات من أسواق «بورتوبيلو» في لندن، استعملت فيها هنا أقمشة كلاسيكية بملمس فاخر. لكن معظمها يتسم بقصَّات انسيابية تستحضر أسلوب «البوهو» الذي اشتهرت به.

مثلاً يبرز فستان طويل من الحرير ومزيَّن بأطراف من الدانتيل من بين القطع المفضلة لدى سيينا، في إشارةٍ إلى ميلها إلى كل ما هو «فينتاج»، كما يبرز فستانٌ بقصة قصيرة مزين بنقشة الشيفرون والترتر اللامع، وهو تصميمٌ يجسد تأثرها بأزياء الشخصية الخيالية التي ابتكرها المغني الراحل ديفيد بوي باسم «زيجي ستاردست» في ذلك الوقت.

طُرحت مجموعة من الإكسسوارات بألوان متنوعة لتكمل الأزياء وتضفي إطلالة متناسقة على صاحبتها (ماركس آند سبنسر)

إلى جانب الفساتين المنسابة، لم يتم تجاهُل شريحة تميل إلى دمج القطع المنفصلة بأسلوب يتماشى مع ذوقها وحياتها. لهؤلاء طُرحت مجموعة من الإكسسوارات والقطع المخصصة للحفلات، مثل كنزة من الدانتيل وبنطلونات واسعة بالأبيض والأسود، هذا عدا عن السترات المفصلة وقمصان الحرير التي يمكن تنسيقها بسهولة لحضور أي مناسبة مع أحذية وصنادل من الساتان بألوان شهية.

أرقام المبيعات تقول إن الإقبال على تشكيلات أيقونات الموضة جيد، بدليل أن ما طرحته كايت موس لمحلات «زارا» منذ أسابيع يشهد إقبالاً مدهشاً؛ كونه يتزامن أيضاً مع قرب حلول أعياد رأس السنة. ما نجحت فيه موس وميلر أنهما ركَزا على بيع أسلوبهما الخاص. رائحة السبعينات والـ«بوهو» يفوح منها، إلا أنها تتوجه إلى شابة في مقتبل العمر، سواء تعلق الأمر بفستان سهرة طويل أو جاكيت «توكسيدو» أو بنطلون واسع أو حذاء من الجلد.

رغم ما لهذه التعاونات من إيجابيات على كل الأطراف إلا أنها لا تخلو من بعض المطبات، عندما يكون النجم مثيراً للجدل. ليس أدلَّ على هذا من علاقة «أديداس» وعلامة «ييزي» لكيني ويست وما تعرضت له من هجوم بسبب تصريحات هذا الأخير، واتهامه بمعاداة السامية. لكن بالنسبة إلى ريهانا وفيكتوريا بيكهام وسيينا ميلر وكايت موس ومثيلاتهن، فإن الأمر مضمون، لعدم وجود أي تصريحات سياسية لهن أو مواقف قد تثير حفيظة أحد. كل اهتمامهن منصبٌّ على الأناقة وبيع الجمال.