عائلة إيزيدية: قضينا أصعب سبعة أيام على سفح جبل سنجار

روت لـ («الشرق الأوسط») كيف فرت من «داعش»

عائلة إيزيدية: قضينا أصعب   سبعة أيام على سفح جبل سنجار
TT

عائلة إيزيدية: قضينا أصعب سبعة أيام على سفح جبل سنجار

عائلة إيزيدية: قضينا أصعب   سبعة أيام على سفح جبل سنجار

مر الإيزيديون خلال الأيام الماضية بمأساة كبيرة، إذ شرد آلاف منهم وسبيت نساؤهم وخطف أطفالهم وقتل المئات منهم ودفن بعضهم أحياء بعد أن سيطر «داعش» على سنجار وسهل نينوى، فيما تستمر قوات البيشمركة في إجلاء النازحين العالقين في جبل سنجار إلى محافظة دهوك عبر المناطق الكردية في سوريا.
عائلة ملول جامبولند كانت واحدة من آلاف العائلات الإيزيدية التي طالها إرهاب «داعش» وانتهت في مجمع «خانك» للنازحين في دهوك بعد أن مشى أفرادها أياما تلت أخرى عصيبة في جبل سنجار.
ويروي جامبولند لـ«الشرق الأوسط» وهو يبكي: «نهضنا من النوم كانت هناك حركة غير طبيعية في سنجار وبالقرب من مجمعنا، ثم بدأنا نسمع أصوات إطلاق نار قريبة منا واشتباكات عنيفة بين البيشمركة وعناصر (داعش) وأخبرنا من قبل بعض الأقارب بأن (داعش) سيطر على المدينة وعلينا تركها بسرعة فأخذنا بعض المواد الغذائية وتوجهنا نحو جبل سنجار».
وتابع جامبولند حديثه: «هربنا ولم ندافع عن منطقنا لأننا لم نكن مسلحين. لم يكن بمقدورنا فعل شيء سوى الهرب نحو الجبل».
وحول الأيام التي قضوها في الجبل، قال هذا النازح الإيزيدي «لم نستطع بلوغ قمة الجبل فبقينا في سفحه، حيث كانت هناك آلاف العوائل منتشرة على امتداد الجبل. بقينا هناك سبعة أيام أعتبرها أصعب أيام العمر. العشرات من الأطفال وكبار السن والمرضى والنساء الحوامل كانوا يموتون يوميا أمام أعيننا، من الجوع والعطش ولدغ الأفاعي والعقارب، ولم تصلنا أي مساعدات عن طريق الطائرات لأن هذه المساعدات كانت تشمل الذين يوجدون في القمة فقط أما السفح فكان محروما من هذه المساعدات، وكنا بعيدين عنهم نحو 13 كيلومترا. مسلحو داعش هاجمونا عدة مرات فرد المسلحون من بيننا وقتل إثنان منا في هذه المواجهات».
ويضيف جامبولند: «اليوم أخبروني أن خالتي توفيت في طريق النزوح من الجبل إلى سوريا بسبب صعوبة الطريق»، مبينا أنه وصل دهوك قبل يومين بعد أن فتحت قوات البيشمركة طريقا نحو دهوك لإجلاء المحاصرين في الجبل، أما من كانوا في قمة الجبل فإن الطائرات الأميركية وقوات البيشمركة تقوم باجلائهم على دفعات. وصل الكثيرون منهم إلى إقليم كردستان وقسم آخر تمكن بمساعدة حزب العمال الكردستاني من الوصول إلى سوريا».
وتابع: «رغم أنني هنا في مكان آمن، أريد أن يسلحوننا لنذهب إلى سنجار ونحررها من داعش. وصلت مع عائلتي وإخواني وعوائلهم قبل يومين مشيا على الأقدام إلى دهوك بعد أن تم إجلاؤنا من الجبل، لكن المصيبة أن أحد إخواني ما زال عالقا جنوب سنجار، وهو الآن تحت سيطرة داعش، ولا نعلم مصيره».
ومضى جامبولند قائلا: «جمع داعش الرجال وقام بتعرية نسائهم وبناتهم واغتصابهن أمام أعينهم، ومن ثم نفذت حملات إعدام جماعية بحق الرجال وسبيت النساء واختطف الأطفال والبنات إلى جهات مجهولة.. (داعش) أخذ المئات من نسائنا وبناتنا» وأشار إلى أن «قريتي كوجو والحاتمية الإيزيديتين محاصرتان من قبل داعش، وهاتان القريتان تقعان جنوب سنجار. اليوم (أمس) انتهت المهلة التي حددتها لهم «داعش» لاعتناق الإسلام، وإلا فإن داعش ستقتلهم جميعا»، موضحا أن «هؤلاء من أغنى أغنياء الإيزيديين ولهم أراض زراعية واسعة». وبين أن أهالي قرية كوجو «أعلنوا إسلامهم ثم عاد مسلحو داعش ليبلغوهم بأنهم لم يسلموا بشكل حقيقي وأن عليهم أن يزوجوهم بناتهم ليثبتوا إسلامهم، لكن أهالي القرية أبوا لذا أعطوهم هذه المهلة التي تنتهي اليوم (أمس)».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.