بحيرة كومو الإيطالية مقصد الأثرياء الهاربين من الأضواء

فيها سيجري عرس جورج كلوني وبفضله أصبحت من أهم الوجهات السياحية

تقدم مطاعم كومو أنواعا من السمك الطازج الذي يجري اصطياده يوميا من البحيرة  -  فيلا جورج كلوني مطلة مباشرة على البحيرة  -  مناظر خلابة تطل على البحيرة
تقدم مطاعم كومو أنواعا من السمك الطازج الذي يجري اصطياده يوميا من البحيرة - فيلا جورج كلوني مطلة مباشرة على البحيرة - مناظر خلابة تطل على البحيرة
TT

بحيرة كومو الإيطالية مقصد الأثرياء الهاربين من الأضواء

تقدم مطاعم كومو أنواعا من السمك الطازج الذي يجري اصطياده يوميا من البحيرة  -  فيلا جورج كلوني مطلة مباشرة على البحيرة  -  مناظر خلابة تطل على البحيرة
تقدم مطاعم كومو أنواعا من السمك الطازج الذي يجري اصطياده يوميا من البحيرة - فيلا جورج كلوني مطلة مباشرة على البحيرة - مناظر خلابة تطل على البحيرة

تعد منطقة بحيرة كومو (ليك كومو) الإيطالية من المناطق السياحية المشهورة في الأوساط الأرستقراطية، بالأخص لدى الأثرياء الذين يقضون عطلاتهم في الفلل الرومانية التي تطل على شواطئ البحيرة. ولكن المنطقة اكتسبت زخما سياحيا جديدا مع قضاء جورج كلوني وخطيبته أمل علم الدين عطلة هذا الصيف في الفيلا الإيطالية التي يملكها كلوني على ضفاف البحيرة. ويساهم أهالي المنطقة في حماية كلوني وعائلته من تطفل الإعلام والغرباء، ويرفضون الإجابة عن أي تساؤلات حول تحركات جورج كلوني أو ما يفضله في المنطقة.
وتختلف شواطئ بحيرة كومو بوصفها منطقة سياحية عن مناطق سياحية أخرى يؤمها الأثرياء، مثل شاطئ الريفييرا الفرنسية، حيث يذهب إلى الجنوب الفرنسي كل من يريد الظهور في الأماكن العامة، ولكن كومو توفر الخصوصية لمن يريد الاسترخاء في مناخ بعيد تماما عن الآخرين وعن الإعلام.
وكل ما يقوله أهل المنطقة عن جورج كلوني هو أنه «يحب كومو وكومو تحبه». وكان كلوني قد اشترى الفيلا الإيطالية، واسمها أوليندرا، التي يعود تاريخها إلى القرن الـ19، نوعا من الاستثمار ولكنه اتخذ منها منزله الثاني الذي يلجأ إليه بين الحين والآخر للاستراحة من عناء مشاغل وضغوط تصوير أفلامه الجديدة.
ويقال إنه في عطلة هذا العام اصطحب معه خطيبته محامية حقوق الإنسان أمل علم الدين لكي يجري التخطيط لحفل الزفاف، الذي تتردد حوله شائعات كثيرة في المنطقة. وفيما يهتم الإعلام العالمي والأميركي خصوصا بالإعداد لهذا الحدث، فإن المزاج السائد بين أهالي كومو الإيطاليين هو حماية خصوصية كلوني والكثير من المشاهير الآخرين الذين يقضون عطلاتهم في المنطقة. ويجري الترحيب بالزوار الأجانب كالعادة، ولكن هذا الترحيب ينقلب إلى صمت تام لدى التساؤل عن مشاهير المنطقة وبالتحديد عن جورج كلوني وتحركاته.
وأخيرا أمر عمدة بلدة لاغليو حيث تقع فيلا كلوني بفرض منطقة حظر تجول حول الفيلا تمتد لمسافة مائة متر حولها مع غرامة تصل إلى مائة يورو لأي شخص يشاهد في المنطقة بلا سبب لوجوده فيها. كما تفرض محاذير أخرى على الزوارق في البحيرة بالقرب من الفيلا.
ويقال إن صحافي إيطالي اضطر للتراجع واللجوء إلى بلدة بيلاجيو التي تقع على الشاطئ المقابل من البحيرة بعد غضب أهالي بلده لاغليو عليه لسؤاله الكثير من الأسئلة غير المرغوب فيها.
وكان كلوني قد اشترى الفيلا الإيطالية التي تحتوي على 25 غرفة في عام 2001 نوعا من الاستثمار على أمل أن يقضي فيها عدة أسابيع سنويا، ولكنه وقع في حب المنطقة ووجد نفسه يقضي المزيد من وقته فيها للاسترخاء من ضغوط العمل، ونظرا للخصوصية والاحترام الذي يوفره له أهل المنطقة، حيث يعدونه من معالم المنطقة ويتعاملون معه كأنه فرد من أفراد العائلة. ويتعامل أهل المنطقة مع المشاهير بشكل عفوي وعادي ولا يضايقونهم بأسئلة أو التقاط الصور لهم.
ويشتهر كلوني في المنطقة بقيادة دراجته النارية من نوع بي إم دبليو بسرعة فائقة وبتردده على مطاعم المدينة الصغيرة. وفي إحدى المناسبات توقف كلوني عند حديقة أطفال وشوهد يتحدث مع بعض الأمهات ثم اشترى آيس كريم لكل الأطفال قبل أن يغادر المكان.
ويشتهر كلوني بالتواضع في التعامل مع الجميع وهو يتحدث الإيطالية ببعض الصعوبة ولكنه يتردد على المنافذ السياحية المتواضعة ويساهم في إنعاش الحركة التجارية مع الجميع وليس فقط مع المطاعم الفاخرة.
ويطير كلوني إلى المنطقة بطائرته الخاصة مباشرة إلى مطار ميلانو، ثم يستقل زورقا سريعا من مدينة كومو إلى مرفأ فيلته المطل على البحيرة. ويزور كلوني في فيلته الإيطالية الكثير من مشاهير هوليوود مثل براد بيت وأنجلينا جولي ومات ديمون وروبرت دي نيرو. ويقال إن بعض هؤلاء يفكر في شراء عقارات محلية بعد استمتاعهم بالبقاء في فيلا كلوني.
ولعل إقبال المشاهير على الشراء في المنطقة ساهم في رفع أسعار العقار المحلي حيث لا يقل ثمن الشقة القريبة من بحيرة كومو عن مليون يورو بينما تصل أسعار الفلل التاريخية المماثلة لفيلا كلوني إلى نحو 45 مليون يورو.
ويقول وسيط عقاري محلي إن توجه عقارات المنطقة هو إلى المزيد من الارتفاع. ولاحظ أن المشترين هم من الأثرياء الذين لا يظهرون ثراءهم علنا عبر ركوب سيارات فاخرة، وإنما ينفقون على الثراء الخاص عبر شراء اللوحات الفنية النادرة للعرض داخل العقارات الخاصة بهم، واستخدام الطهاة وتركيب تجهيزات الغرف الرياضية داخل الفلل.
وتتردد الشائعات حول مكان عقد قران كلوني، حيث يفضل أهل البلدة أن يجري في فيلا كلوني، ولكن جوانب الخصوصية، خصوصا من جانب البحيرة، غير متوفرة فيها. كما أن الكثير من معارف كلوني عقدوا قرانهم فيها، مما يجعل كلوني يفكر في بديل آخر أكثر خصوصية.
وهناك توقعات أن يستعير كلوني فيلا أخرى يملكها ريتشارد برانسون اسمها كاسينيلا تقع على جزيرة خاصة في بحيرة كومو، وهي معزولة تماما عن الإعلام المتطفل وتوفر الخصوصية المطلوبة والموقع الخلاب لأهم حفل زفاف تشهده أوساط هوليوود.

* الوصول إلى البحيرة والإقامة
ورغم وجود الأثرياء والمشاهير في منطقة كومو فإنها تعد أيضا جهة سياحية خلابة للسياح العاديين حيث تتوفر رحلات الطيران الرخيص إلى المنطقة عبر مطار ميلانو ثم رحلات أرضية بالسيارة لمدة 90 دقيقة حتى مشارف البحيرة. ويوجد الكثير من الفنادق معتدلة السعر في المنطقة بالإضافة إلى عشرات المطاعم السريعة التي تتخصص في الأكلات الإيطالية من البيتزا والباستا. ويمكن الإقامة في الفنادق الصغيرة البعيدة نسبيا عن شواطئ البحيرة حيث المواقع معتدلة التكلفة.

* النشاطات
من النشاطات السياحية المشهورة في المنطقة القيام برحلات بحرية في بحيرة كومو تطوف على المدن المحيطة بالبحيرة مع التوقف في بعضها للاستمتاع بالتجول في شوارعها السياحية الضيقة.
وفي المساء تنتشر الفرق الموسيقية التي تعزف أمام السياح في المطاعم المطلة على البحيرة، بينما يتجول الكثير من السياح الأميركيين على أمل مشاهدة جورج كلوني.
ويمكن استئجار زورق سريع للإبحار لعدة ساعات في البحيرة، وبأسعار تبدأ من 40 يورو للساعة. وتصلح هذه الرحلات للمبتدئين في الإبحار حيث من السهولة التحكم في الزوارق، كما أن البحيرة غير مزدحمة بأي نوع من المرور البحري.
وتشتهر المنطقة بأنها الموقع الذي تم فيه اعتقال بينيتو موسوليني أثناء محاولته الهرب إلى سويسرا، حيث أعدمه الجيش الإيطالي في عام 1945 أمام مدخل فيلا بلمونتي، وهو بقعة تشتهر حتى الآن بالسياح الذين يلتقطون لأنفسهم صورا في الموقع نفسه.
ولكن أفضل الأنشطة السياحية على الإطلاق في منطقة بحيرة كومو المشي والتجول بين الشوارع التاريخية واستعراض البوتيكات السياحية التي تقدم مختلف أنواع الهدايا والمنتجات الإيطالية للسياح. وهي منطقة تشتهر بالمناظر الطبيعية الخلابة والفلل الأرستقراطية التاريخية، وأيضا بالمشاهير الذين يقصدونها، وخصوصا جورج كلوني.

* الأكل
هناك مطاعم تشتهر بتقديم أفضل أنواع البيتزا في إيطاليا مثل مطعم بالونيت، كما تنتج المنطقة أحد أفضل أنواع زيت الزيتون الإيطالي من نوع فانيني الذي ينتج بطرق تقليدية تعود إلى منتصف القرن الثامن عشر. وتقدم مطاعم كومو أنواعا من السمك الطازج الذي يجري اصطياده يوميا من البحيرة. كما يشتهر مطعم «الفيلو» بأفضل مشهد على بحيرة كومو يشتهر بين الإيطاليين بالرومانسية.



سوق البحرين العتيقة... روح البلد وعنوان المقاهي القديمة والجلسات التراثية

سوق المنامة القديم (إنستغرام)
سوق المنامة القديم (إنستغرام)
TT

سوق البحرين العتيقة... روح البلد وعنوان المقاهي القديمة والجلسات التراثية

سوق المنامة القديم (إنستغرام)
سوق المنامة القديم (إنستغرام)

«إن أعدنا لك المقاهي القديمة، فمن يُعِد لك الرفاق؟» بهذه العبارة التي تحمل في طياتها حنيناً عميقاً لماضٍ تليد، استهل محمود النامليتي، مالك أحد أقدم المقاهي الشعبية في قلب سوق المنامة، حديثه عن شغف البحرينيين بتراثهم العريق وارتباطهم العاطفي بجذورهم.

فور دخولك بوابة البحرين، والتجول في أزقة السوق العتيقة، حيث تمتزج رائحة القهوة بنكهة الذكريات، تبدو حكايات الأجداد حاضرة في كل زاوية، ويتأكد لك أن الموروث الثقافي ليس مجرد معلم من بين المعالم القديمة، بل روح متجددة تتوارثها الأجيال على مدى عقود.

«مقهى النامليتي» يُعدُّ أيقونة تاريخية ومعلماً شعبياً يُجسّد أصالة البحرين، حيث يقع في قلب سوق المنامة القديمة، نابضاً بروح الماضي وعراقة المكان، مالكه، محمود النامليتي، يحرص على الوجود يومياً، مرحباً بالزبائن بابتسامة دافئة وأسلوب يفيض بكرم الضيافة البحرينية التي تُدهش الزوار بحفاوتها وتميّزها.

مجموعة من الزوار قدموا من دولة الكويت حرصوا على زيارة مقهى النامليتي في سوق المنامة القديمة (الشرق الأوسط)

يؤكد النامليتي في حديثه لـ«الشرق الأوسط» أن سوق المنامة القديمة، الذي يمتد عمره لأكثر من 150 عاماً، يُعد شاهداً حيّاً على تاريخ البحرين وإرثها العريق، حيث تحتضن أزقته العديد من المقاهي الشعبية التي تروي حكايات الأجيال وتُبقي على جذور الهوية البحرينية متأصلة، ويُدلل على أهمية هذا الإرث بالمقولة الشعبية «اللي ما له أول ما له تالي».

عندما سألناه عن المقهى وبداياته، ارتسمت على وجهه ابتسامة وأجاب قائلاً: «مقهى النامليتي تأسس قبل نحو 85 عاماً، وخلال تلك المسيرة أُغلق وأُعيد فتحه 3 مرات تقريباً».

محمود النامليتي مالك المقهى يوجد باستمرار للترحيب بالزبائن بكل بشاشة (الشرق الأوسط)

وأضاف: «في الستينات، كان المقهى مركزاً ثقافياً واجتماعياً، تُوزع فيه المناهج الدراسية القادمة من العراق، والكويت، ومصر، وكان يشكل ملتقى للسكان من مختلف مناطق البلاد، كما أتذكر كيف كان الزبائن يشترون جريدة واحدة فقط، ويتناوبون على قراءتها واحداً تلو الآخر، لم تكن هناك إمكانية لأن يشتري كل شخص جريدة خاصة به، فكانوا يتشاركونها».

وتضم سوق المنامة القديمة، التي تعد واحدة من أقدم الأسواق في الخليج عدة مقاه ومطاعم وأسواق مخصصة قديمة مثل: مثل سوق الطووايش، والبهارات، والحلويات، والأغنام، والطيور، واللحوم، والذهب، والفضة، والساعات وغيرها.

وبينما كان صوت كوكب الشرق أم كلثوم يصدح في أرجاء المكان، استرسل النامليتي بقوله: «الناس تأتي إلى هنا لترتاح، واحتساء استكانة شاي، أو لتجربة أكلات شعبية مثل البليلة والخبيصة وغيرها، الزوار الذين يأتون إلى البحرين غالباً لا يبحثون عن الأماكن الحديثة، فهي موجودة في كل مكان، بل يتوقون لاكتشاف الأماكن الشعبية، تلك التي تحمل روح البلد، مثل المقاهي القديمة، والمطاعم البسيطة، والجلسات التراثية، والمحلات التقليدية».

جانب من السوق القديم (الشرق الاوسط)

في الماضي، كانت المقاهي الشعبية - كما يروي محمود النامليتي - تشكل متنفساً رئيسياً لأهل الخليج والبحرين على وجه الخصوص، في زمن خالٍ من السينما والتلفزيون والإنترنت والهواتف المحمولة. وأضاف: «كانت تلك المقاهي مركزاً للقاء الشعراء والمثقفين والأدباء، حيث يملأون المكان بحواراتهم ونقاشاتهم حول مختلف القضايا الثقافية والاجتماعية».

عندما سألناه عن سر تمسكه بالمقهى العتيق، رغم اتجاه الكثيرين للتخلي عن مقاهي آبائهم لصالح محلات حديثة تواكب متطلبات العصر، أجاب بثقة: «تمسكنا بالمقهى هو حفاظ على ماضينا وماضي آبائنا وأجدادنا، ولإبراز هذه الجوانب للآخرين، الناس اليوم يشتاقون للمقاهي والمجالس القديمة، للسيارات الكلاسيكية، المباني التراثية، الأنتيك، وحتى الأشرطة القديمة، هذه الأشياء ليست مجرد ذكريات، بل هي هوية نحرص على إبقائها حية للأجيال المقبلة».

يحرص العديد من الزوار والدبلوماسيين على زيارة الأماكن التراثية والشعبية في البحرين (الشرق الأوسط)

اليوم، يشهد الإقبال على المقاهي الشعبية ازدياداً لافتاً من الشباب من الجنسين، كما يوضح محمود النامليتي، مشيراً إلى أن بعضهم يتخذ من هذه الأماكن العريقة موضوعاً لأبحاثهم الجامعية، مما يعكس اهتمامهم بالتراث وتوثيقه أكاديمياً.

وأضاف: «كما يحرص العديد من السفراء المعتمدين لدى المنامة على زيارة المقهى باستمرار، للتعرف عن قرب على تراث البحرين العريق وأسواقها الشعبية».