مفاوضات عسيرة حول تمديد وقف النار.. والقسام: إما الميناء أو القتال

اتهامات لحماس بالتصلب.. و«القسام» تقول إنها جاهزة لاستئناف المعارك اليوم

مفاوضات عسيرة حول تمديد وقف النار.. والقسام: إما الميناء أو القتال
TT

مفاوضات عسيرة حول تمديد وقف النار.. والقسام: إما الميناء أو القتال

مفاوضات عسيرة حول تمديد وقف النار.. والقسام: إما الميناء أو القتال

شهدت مفاوضات القاهرة، أمس، خلافات حادة كادت تتسبب بإفشالها، بسبب تأخر إسرائيل في الرد على طلبات الفلسطينيين، وهو الأمر الذي طلبت معه مصر تمديد وقف إطلاق النار في القطاع، فوافقت إسرائيل وجزء من الوفد الفلسطيني ممثلا بعزام الأحمد رئيس الوفد، ورفضت حماس.
وقالت مصادر مطلعة لـ«الشرق الأوسط» إن حماس استشعرت أن إسرائيل تريد أن تدخل المفاوضات في حلقة مفرغة، فرفضت تمديد وقف النار قبل أن تحصل على إجابات واضحة من الطرف الإسرائيلي.
وبحسب المصادر، فإن مصر والأحمد كانا متفقين على ذلك، لكنهما أرادا تمديد وقف النار 48 ساعة لتجنيب القطاع مزيدا من الدماء، ولمحاولة حسم الموقف مع إسرائيل، فرفضت حماس في البداية، وتصلبت في موقفها، وترافق ذلك مع تهديدات من كتائب القسام في غزة باستئناف قصف إسرائيل مع انتهاء مهلة التهدئة، في الساعة الثامنة صباح اليوم بتوقيت فلسطين (الخامسة صباحا بتوقيت غرينتش).
لكن كتائب القسام وضعت إقامة ميناء بحري في غزة سقفا لنجاح أو فشل المفاوضات، وقال أبو عبيدة الناطق باسم القسام في كلمة متلفزة مساء أمس «إننا جاهزون للانطلاق في المعركة من جديد وسنضع الاحتلال أمام خيارات كلها صعبة فإما أن نبدأ بحرب استنزاف طويلة نشل فيها الحياة في مدنه الكبرى ونعطل فيها الحركة في مطار بن غوريون على مدار أشهر طويلة أو أن نستدرجه إلى الحرب البرية الواسعة حيث سنجعلها نهاية جيشه ونوقع فيها آلاف القتلى ومئات الأسرى وسنجعل من أسطورة دباباته الميركافا أضحوكة الكون».
وأضاف: «مقاومتنا جاهزة لدفع الثمن والبدء في مرحلة حرب التحرير».
وتابع بناء عليه «إننا لن نقبل أن تنتهي هذه المعركة دون وقف حقيقي للعدوان وتحقيق رفع الحصار والتعبير الأوضح لذلك هو إنشاء الميناء ودون ذلك هو خداع».
ومضى يقول: «نعتقد جازمين بأن مطالبنا لا تحتاج إلى مفاوضات بل هي حقوق إنسانية تكفلها كل القوانين في الكون لذلك نهيب بالوفد المفاوض أن لا يمدد وقف إطلاق النار إلا بعد الموافقة المبدئية على مطالب شعبنا وعلى رأسها الميناء فإذا تمت الموافقة يمكن التمديد وإذا لم تتم نطالب الوفد بالانسحاب والمقاومة قادرة على فرض شروطها».
وكان وفد إسرائيلي قد عاد لتل أبيب والتقى برئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع موشيه يعالون، قبل أن يعود إلى القاهرة في وقت متأخر، من أجل لقاء مع المصريين يسبق لقاء مصريا فلسطينيا حاسما.
وقالت مصادر إسرائيلية، أمس، إن إسرائيل رفضت نهائيا نقاش طلبات من قبيل بناء ميناء بحري أو مطار، كما رفضت وجود ممر آمن بين غزة والضفة، وعدّت ذلك ممكنا في إطار حل نهائي، ووافقت على فتح معبر رفح، إذا كان بيد الرئيس الفلسطيني محمود عباس، وليس بيد حماس، لكنها وضعت في المقابل طلب تجريد غزة من السلاح شرطا أساسيا، واقترحت إقامة آلية دولية لتنفيذ ذلك، وإيجاد حلول لتفكيك سلاح القطاع ومنع تهريب أو تطوير أي أسلحة جديدة.
وتريد إسرائيل (بحسب المصادر) رقابة دولية على المواد التي ستدخل غزة، أما في قضية توسيع منطقة الصيد، فيبدو أن إسرائيل ستوافق على ذلك، وهو الموقف نفسه من جمع أموال وعقد مؤتمرات دولية لإعمار غزة، شريطة أن لا تذهب الأموال لأيدي حماس.
ولم تتضح بعد مواقف إسرائيل من طلبات وقف الاغتيالات وإطلاق سراح الأسرى، لكن ذلك سيكون بحكم المنتهي، إذا جرى اتفاق طويل الأمد.
وبينما تبدو مواقف الطرفين متباعدة، فقد تبادلا التهديدات بتصعيد كبير في غزة. وقالت «القسام» إنها لن تقبل بحلول وسط، وستستأنف القصف إذا لم يكن هناك اتفاق، وردت إسرائيل بالتهديد بتوسيع دائرة النار.
وقال أحد وزراء «الكابنيت» الإسرائيلي: «إذا أطلقت حماس النار فسيكون هذا خطأ استراتيجي.. سنرد بإطلاق نار واسع إذا استأنفت حماس إطلاق الصواريخ».
وقال غلعاد أردان، وزير الجبهة الداخلية، وعضو المجلس الوزاري الإسرائيلي المصغر: «إذا استأنفت حركة حماس إطلاق النار على إسرائيل، فسيتصدى لها الجيش، وسيكون ردنا قاسيا، سنرفع سقف الرد».
وأعرب أردان عن اعتقاده بإمكان التوصل إلى تسوية سياسية، مشيرا إلى أن إسرائيل لا تعارض إعادة إعمار قطاع غزة، ولكنه لا يجوز السماح بإعادة تعاظم حماس والجهاد الإسلامي عسكريا.
وأضاف أردان في سياق مقابلة إذاعية: «الولايات المتحدة ومصر ودول أخرى تؤيد فكرة جعل قطاع غزة منطقة منزوعة السلاح».
ووجه أردان الانتقاد إلى الأمين العام للأمم المتحدة، بان كي مون، الذي وجه انتقادات حادة لإسرائيل على خلفية قصف ملاجئ تابعة للأمم المتحدة في غزة خلال الحرب، قائلا: «آسف لعدم إدراك الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون حقيقة الأمور على الأرض».
وهاجمت إسرائيل، أمس، الأمم المتحدة بقوة، ووجه مندوب إسرائيل الدائم لدى الأمم المتحدة رون بروس أور انتقادا شديدا إلى الدول التي شاركت في الجلسة التي عقدتها الجمعية العامة للأمم المتحدة، أول من أمس (الأربعاء)، لمناقشة التطورات الأخيرة في محيط قطاع غزة.
وقال بروس أور: «لو كرست الجمعية العامة نسبة قليلة من الجهود التي تبذلها لمعاتبة إسرائيل للنظر في ممارسات حركة حماس، لكانت اكتشفت أن هذه الحركة ارتكبت عددا لا يحصى من جرائم الحرب المثيرة للاشمئزاز». وأضاف: «المنظمة الدولية قد ضلت طريقها (...) إنها تأسست من أجل النهوض بالأخلاق والحق والعدل، ولكنها لم تنجز هذه المهمة لشدة الأسف».
وعد المندوب الإسرائيلي أن «الطريقة الوحيدة لإعادة الهدوء إلى نصابه هي تجريد حماس من أسلحتها، وجعل قطاع غزة منزوع السلاح».
وكان سكرتير عام الأمم المتحدة بان كي مون قد قال في سياق كلمته إن مدى الدمار والإصابات في قطاع غزة يضع علامة استفهام على مدى تقيد إسرائيل بالقانون الدولي.
ودعا بان إلى تثبيت وقف إطلاق النار ووضع حد لتهريب الأسلحة إلى القطاع، ووقف الاعتداءات الصاروخية الفلسطينية على إسرائيل، ورفع الحصار عن غزة. كما دعا حماس إلى الاعتراف بحق إسرائيل في الوجود.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».