رغم الهدنة.. إسرائيل وحماس على أهبة الاستعداد.. وأهالي غزة ينتشلون جثث الضحايا

نجاة 23 عنصرا من الحركة بعد بقائهم أحياء نحو ثلاثة أسابيع في نفق انهار جراء القصف

رغم الهدنة.. إسرائيل وحماس على أهبة الاستعداد.. وأهالي غزة ينتشلون جثث الضحايا
TT

رغم الهدنة.. إسرائيل وحماس على أهبة الاستعداد.. وأهالي غزة ينتشلون جثث الضحايا

رغم الهدنة.. إسرائيل وحماس على أهبة الاستعداد.. وأهالي غزة ينتشلون جثث الضحايا

عزز صمود الهدنة الإنسانية في يومها الثاني في قطاع غزة، أمس، الآمال لدى كثير من الغزيين، بإمكانية انتهاء الحرب الدامية التي حولت القطاع إلى منطقة «منكوبة»، في وقت أبقى فيه الجيش الإسرائيلي ومقاتلو حركة حماس الاحتمال قائما لاستئناف القتال في أي لحظة.
ونشر الجيش الإسرائيلي أمس مجموعات خاصة للتدخل السريع على امتداد حدود غزة إلى حين التوصل إلى اتفاق بتثبيت التهدئة، «ليتسنى لهذه المجموعات التحرك سريعا في حال اقتضت الظروف التوغل الميداني في القطاع أو عند اكتشاف نفق هجومي جديد»، وأبقت حماس رجالها تحت الأرض في حالة «استنفار قصوى» ومستعدين لأي تطور مفاجئ.
وبدأ كثير من الفلسطينيين بمغادرة مراكز الإيواء التابعة للأمم المتحدة، مع التأكد من صمود الهدنة، وعادوا إلى منازلهم التي بقي بعضها واقفا، وبقي أولئك الذين تدمرت منازلهم بشكل كامل في مواقعهم بانتظار تسوية حكومية لأوضاعهم.
ووصف رئيس وفد الصليب الأحمر الدولي جاك دي مايو بعد زيارته لقطاع غزة الوضع في القطاع بالصدمة. وقال: «إن سكان القطاع ما زالوا مصابين بالصدمة». وعبر عن الأمل في صمود وقف إطلاق النار حتى يتسنى مساعدة الناس. وأكد أنه لا يمكن في هذه المرحلة تقدير حجم الأضرار الهائلة التي لحقت بالبنى التحتية والمباني والطرق في القطاع.
وأضاف: «الصليب الأحمر يجري اتصالات مع إسرائيل وحركة حماس وجهات أخرى، في مسعى لاحتواء الأزمة الإنسانية في القطاع».
وفي هذا الوقت، عملت طواقم الإنقاذ والإسعاف لليوم الثاني في البحث عن ناجين أو ضحايا تحت الأنقاض، وتمكنت الطواقم المختصة، من انتشال ثماني جثث لفلسطينيين من بلدة خزاعة إلى الشرق من خان يونس جنوب قطاع غزة.
وكانت هذه الطواقم انتشلت جثامين 15 فلسطينيا من مناطق متفرقة، ويعتقد أن هناك آخرين تحت الأنقاض.
بينما أعلنت كتائب عز الدين القسام التابعة لحماس أن 23 عنصرا من وحدة النخبة التابعة لها نجوا من موت محقق بعد انهيار نفق وهم في داخله على عمق 25 مترا في باطن الأرض، وذلك بداية العدوان البري لقطاع غزة في 17 يوليو (تموز).
وأضافت في بيان أن «طواقم الدفاع المدني عثرت على المقاومين أحياء عقب سريان وقف إطلاق النار، حيث كانت تجري عملية بحث في المكان لانتشال جثامينهم من النفق بعد أن ظن الجميع أنهم استشهدوا».
وعثر على عناصر القسام، الذين بقوا تحت الأرض قرابة ثلاثة أسابيع، شرق القرارة جنوب القطاع داخل نفق طويل بعد أن حوصروا بداخله بسبب تدمير أجزاء منه. واستمر البحث أمس عن ثلاثة مفقودين آخرين من القسام يعتقد أنهم في نفس النفق المنهار.
ودمرت إسرائيل 32 نفقا وفق معطيات الجيش الإسرائيلي إضافة إلى آلاف المنازل والمؤسسات خلال الحرب التي استمرت 29 يوما وراح ضحيتها نحو ألفي قتيل وعشرة آلاف جريح.
ويأتي ذلك بينما يأمل أهالي القطاع الذي لا يعرفون شيئا عن مصير أبنائهم أن يكونوا معتقلين لدى إسرائيل، وليس جثثا تحت الأنقاض. ودعا وزير شؤون الأسرى والمحررين شوقي العيسة، أمس، الصليب الأحمر الدولي وكل المؤسسات الحقوقية والإنسانية، بالتحرك العاجل للكشف عن مصير الأسرى الذين اعتقلوا من قطاع غزة أثناء العدوان، والكشف عن ظروف وأماكن احتجازهم.
وقال العيسة: إن «جيش الاحتلال خلال عدوانه الحالي على قطاع غزة، اعتقل عشرات المواطنين واقتادهم إلى أماكن مجهولة، وألا معلومات دقيقة تردنا بشأن أعدادهم، وأماكن احتجازهم، والظروف الاعتقالية التي يمرون بها، في ظل المخاوف التي تتزايد بأن عددا منهم قد تعرضوا لعمليات إعدام».
وأكد العيسة أن مسؤولية الكشف عن مصير هؤلاء، هي مسؤولية دولية وحقوقية بامتياز، لافتا إلى أن عدم إفصاح الاحتلال عن أماكن احتجازهم وأعدادهم يثير القلق على مصيرهم، ويستدعي تدخل جميع المؤسسات الحقوقية والإنسانية والدولية وعلى رأسها الصليب الأحمر الدولي لإلزام الاحتلال الكشف عن مصيرهم.
وفي سياق متصل، نشرت وزارة الإعلام الفلسطينية أمس أحدث إحصائية للحرب بالأرقام أظهرت أن «عدد الشهداء بلغ 1875 شهيدا، فيما بلغ عدد الجرحى 9563 جريحا. وكان بين الشهداء: 426 طفلا، و79 مسنا، و255 سيدة وفتاة، فيما بلغ إجمالي عدد الجرحى 9563 جريحا، من بينهم: 2877 طفلا، و1972 سيدة وفتاة». كما «بلغ إجمالي عدد المنازل التي استهدفت 10604 منازل، منها 1724 منزلا دمرت بشكل كلي، و8880 بشكل جزئي».
ودمرت إسرائيل أثناء الحرب 12 سيارة إسعاف، وألحقت الضرر في عشرة مراكز رعاية أولية صحية، وتسبب القصف في إغلاق 34 مركزا صحيا، إضافة إلى إلحاق أضرار بسبب قصف قوات الاحتلال الإسرائيلي في 13 مستشفى، وقد قضى 16 عاملا في القطاع الصحي وأصيب 38 آخرون.
أما بخصوص المدارس والجامعات فجرى استهداف 188 مدرسة وبلغ عدد الطلاب الذين تضرروا من استهداف هذه المدارس 152 ألف طالب.
كما استهدفت ست جامعات فلسطينية بغزة، وبلغ عدد الطلبة المتضررين من قصفها عشرة آلاف طالب. كما دمرت قوات الاحتلال الإسرائيلي 22 جمعية خيرية و19 منشأة ما بين كلي وجزئي تابعة لشركة الكهرباء، وثماني منشآت للمياه.
وبلغ إجمالي عدد المساجد التي استهدفت بنيران قوات الاحتلال 132 مسجدا، دمرت منها بشكل جزئي 90 مسجدا، وبشكل كامل 42 مسجدا إضافة إلى كنيسة واحدة
ولم تسلم المقابر من القذائف الإسرائيلي إذ دمر القصف عشرة مقابر إسلامية ومقبرة مسيحية واحدة.
وحسب الإحصائية فقد بلغ إجمالي عدد المشردين نتيجة العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة 475 ألفا.
واستخدمت إسرائيل ضد غزة 59200 قذيفة، منها 15580 أطلقت من السفن الحربية الإسرائيلية و7178 أطلقت من الطائرات الحربية الإسرائيلية و36442 أطلقت من الدبابات الحربية الإسرائيلية. وفي المقابل قتل 46 جنديا إسرائيليا ومستوطنان اثنان وعامل تايلاندي.



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».