يبدو أن «مهرجانات بعلبك الدولية» ستضطر للنزوح من جديد من القلعة التاريخية البهية التي احتفت بالعودة إليها يوم 30 يوليو (تموز) الماضي، مفتتحة موسمها مع الاستعراض الغنائي الراقص «عاصي الحلاني... الحلم»، بعد أن انتظر الحلاني سنة كاملة، آبيا إحياء حفله خارج معابدها.
فقد أعلنت «مهرجانات بعلبك» أمس، وبعد تدهور الأوضاع الأمنية بشكل كبير في البقاع، عن نقل مسرحية «لا دوزيم ميوزيكا» الفرنسية، من بطولة الشهيرين جيرار دوبارديو وفاني أردان، المقررة يوم 31 أغسطس (آب) الحالي، إلى «كازينو لبنان». يأتي هذا بعد أن جرى نقل حفل السوبرانو الرومانية أنجيلا جورجيو، لحسن الحظ، إلى الكازينو أيضا، بناء على طلب سفارة بلادها، رغم رغبة جورجيو في الغناء في بعلبك.
فقد صادف أن الهجوم المباغت على الجيش اللبناني، من قبل الإرهابيين في عرسال، جاء متزامنا يوم السبت الماضي، مع حفل جورجيو، وكذلك حفل فرقة «إبيكا» الهولندية في «مهرجانات بيبلوس» وحفلات أخرى، سارت جميعا كما كان قد رسم لها، ووسط حضور حماسي لجمهور يريد الترفيه ونسيان ما يدور على الحدود من مآس تهدد البلاد. ويمكن القول إن جورجيو بفضل يقظة وحذر سفارة بلادها، نجت من إلغاء حفلها في اللحظة الأخيرة.
ورغم أن لجنة مهرجانات بعلبك، لم تعلن رسميا، حتى كتابة هذه السطور، عن تأجيل بقية الحفلات، خاصة تلك التي يفترض أن يحيها ضافر يوسف والتي ينتظرها كثيرون يوم الأحد المقبل 10 أغسطس الحالي، وتانيا صالح يوم 16 أغسطس، فإنه واقعيا سيكون من المتعذر التمسك بالقلعة مكانا لاستكمال البرنامج، خاصة أن بعلبك التي تقع على بعد نحو 40 كلم من عرسال والحدود السورية، حيث تدور أشرس المعارك، التي لا يعرف لغاية اللحظة ما يمكن أن تكون خواتيمها، وكم ستحتاج من الوقت، لم تعد الموقع المثالي الذي يتمنى أن يقصده الباحثون عن الراحة وسماع الموسيقى.
وبانتظار أن تعلن «مهرجانات بعلبك» رسميا عن قراراتها، فإن بقية المهرجانات البعيدة عن مواقع القتال، مستمرة في برامجها المقرر، حيث سيحيي الشهير وصاحب الشعبية الكاسحة البلجيكي ستروماي حفلا باتت أماكنه كلها شبه محجوزة اليوم في بيبلوس، وتستقبل «مهرجانات بيت الدين» غدا الأربعاء، في القصر الشهابي البديع، التنور خوان ديغو فلوريز الذي يغني بصحبة موسيقى فرقة بودابست السيمفونية بقيادة المايسترو كريستوفر فرانكلين.
وكانت فرقة «إبيكا» الهولندية، مساء السبت الماضي، كما السوبرانو جورجيو، قد أحيتا حفلتيهما في مكانين متقاربين، أي في بيبلوس وادما، بعد مرور ساعات على بدء الهجوم على الحدود.
وبدت فرقة «إبيكا» بأسلوبها المبتكر مغرية لكثير من الشباب الذين جاءوا يستمعون إلى «سيمفونية الميتال». هذا الضرب الموسيقي الذي عرفت به الفرقة خلال مشوارها الذي لا يتجاوز العشر سنوات. واستطاعت مغنية «إبيكا»، سيمون سيمون بحضورها الآسر، أن تقنع جمهور الشباب بأن يرقص على طريقتها مع باقي فرقتها بهز الرأس وتطيير الشعر الطويل في كل اتجاه. خاصة أن طول الشعر هو ما يميز كل أعضاء الفرقة من الموسيقيين باستثناء عازف الأورغ.
ليلة لم يكن قد انقشع خلالها كبر وعظم ما تتعرض له الحدود اللبنانية. لكن لا يتوقع أن يؤثر الوضع الأمني في عرسال بشكل كبير على أي من المهرجانات، باستثناء بعلبك، خاصة أن غالبية الأماكن تحجز سلفا، وبات جمهور هذا النوع من المتع، يعرف قبل وقت طويل أي الفنانين هو الذي يستهويه ويشتري بطاقته.
لبنان ربما يعيش سباقا بين الإرهاب والمهرجانات، ويصر كثيرون حين يسألون عن آرائهم، كهذه السيدة الخارجة مع ابنيها الشابين من حفل «إبيكا» بالقول: «هيدا لبنان، من نحنا وصغار ما تغير. بدنا نعيش».
نزوح تدريجي لحفلات «مهرجانات بعلبك الدولية» من القلعة الرومانية
«إبيكا» غنت في بيبلوس وجورجيو في «الكازينو» رغم معارك «عرسال» الشرسة
نزوح تدريجي لحفلات «مهرجانات بعلبك الدولية» من القلعة الرومانية
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة