تترقب القاهرة خلال ساعات زيارة هامة للرئيس المصري عبد الفتاح السيسي إلى محافظة الإسماعيلية التي تعد المحافظة المركزية في إقليم مصر الشرقي الممتد حول قناة السويس، يقوم خلالها الرئيس بالإعلان رسميا عن تدشين مشروع عالمي لتطوير محور قناة السويس، وهو أحد المشاريع الكبرى التي يراهن عليها الرئيس الجديد للخروج من كبوة الاقتصاد المصري الذي تعثر خلال الأعوام الأخيرة، والتي من المرجح أن تشهد شراكات عربية وغربية في تشكيلها.
ويشير خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط» إلى أن القاهرة تعتمد بشكل كبير على العلاقات الثنائية مع شركائها العرب والإقليميين، وتعدها شراكات غير قابلة للنقاش أو المنافسة.. لكن مراقبين يرون أن القاهرة تتطلع في ذات الوقت إلى إعادة تشكيل وتنويع علاقاتها على المستوى الدولي، بما يخرج عن النطاق النمطي للتعاون السياسي والاستراتيجي والاقتصادي، على غرار العلاقات التقليدية مع الولايات المتحدة والكتلة الأوروبية. وعلى هذا الصعيد، أظهرت الصين اهتماما بالغا بتفعيل تعاون «أكثر عمقا»، ويخرج عن «الحدود الثابتة»، بحسب وصف وزير خارجيتها وانغ إي تشي، الذي التقى خلال اليومين الماضيين نظيره المصري سامح شكري والرئيس السيسي.
وأكد تشي قبيل مغادرته القاهرة اهتمام بلاده بتطوير العلاقات المشتركة مع مصر، مستغربا أنه رغم عمق علاقات الصداقة التاريخية، فإن حجم الاستثمارات الصينية في مصر لم تتجاوز حاجز النصف مليار دولار. مشددا على أنه ناقش مع الجانب المصري سبل تطوير العلاقات على أكثر من مستوى تشمل السياسي والاقتصادي والعسكري. وخلال جلسة الحوار الاستراتيجي بين الجانبين المصري والصيني، تطرق الجانبان إلى فتح آفاق جديدة للتعاون تعود بالمنفعة المتبادلة بين البلدين، خاصة في مجالات الطاقة وإدارة المناطق الاقتصادية، وزيادة الصادرات المصرية للصين لعلاج الخلل الكبير في الميزان التجاري لصالح الصين.
وعلى صعيد متصل، أكدت مصادر مصرية مطلعة لـ«الشرق الأوسط» أن هناك تحضيرات جارية للإعداد لزيارة قمة مرتقبة للرئيس السيسي إلى موسكو. ورجحت المصادر أن تجري الزيارة خلال الشهر الحالي، لكن الموعد لم يتحدد «بدقة» بعد نظرا لانشغال جدول السيسي ونظيره الروسي فلاديمير بوتين بعدد من القضايا المحلية والإقليمية خلال الوقت الحالي. وتوقعت المصادر أن تشهد الزيارة، التي تعد الأولى من نوعها للسيسي بعد تولي منصب الرئاسة، تفعيلا لعدد من الاتفاقات القوية على مستوى التعاون الاستراتيجي والاقتصادي، وبخاصة في إطار الدعم المعلن من بوتين لنظيره المصري، وتطلعه لتفعيل شراكة أكبر مع مصر، من شأنها أن تعيد تشكيل ميزان القوى في الشرق الأوسط.
وتأتي تلك التحركات بالتزامن مع الزيارة الحالية التي يقوم بها رئيس الوزراء المصري المهندس إبراهيم محلب إلى واشنطن، على رأس وفد وزاري للمشاركة في قمة «أميركا - أفريقيا»، وهي القمة التي يرى خبراء أن أهميتها تكمن في تفعيل العديد من أشكال الشراكة بين الجانب الأميركي والدول الأفريقية، بما يشمل الشراكات السياسية والاقتصادية والاستراتيجية.
لكن اعتذار الرئيس السيسي عن قبول الدعوة الأميركية، بالتزامن مع ما تشهده العلاقات الثنائية من توترات منذ أكثر من عام، أوضح بشدة أن القاهرة تريد «على أقل تقدير» أن تنوع من علاقاتها الدولية، خارج العلاقات الحاكمة التي تشهدها مصر وأميركا منذ أكثر من 30 عاما، على المستويات الاقتصادية والسياسية والعسكرية.
وتتقاطع تطلعات القاهرة مع ضغوط كبرى على مستوى الاقتصاد المتدهور، الذي شهد ما وصفه خبراء الاقتصاد بـ«الاستنزاف» على مدار ثلاثة أعوام، بما وصل إلى تهديد الاحتياطي النقدي، وهروب كثير من الاستثمارات الأجنبية والمحلية من السوق. لكن الرئيس السيسي أوضح خلال فترة ترشحه للرئاسة عن رؤى اقتصادية للخروج من الأزمة، وعقب ترشحه وعد بتفعيل عدد من المشروعات التي قد تسهم في دفع عجلة الاقتصاد، وبالتالي إرساء قواعد الدولة على كافة المستويات بما فيها الاجتماعية والسياسية.
وفي هذا الإطار، وبما يحقق مزيدا من الشراكات مع دول إقليمية وغربية، تتأهب مصر خلال ساعات للإعلان عن تفاصيل مشروع تطوير محور قناة السويس، والذي يؤكد خبراء أنه سيكون نقطة حاسمة في تحريك عجلة الاستثمار، إلى جانب الدفع بقوة في ترسيخ العلاقات الثنائية الاستراتيجية. وشهدت محافظات قناة السويس خلال الأيام القليلة الماضية تشديدات وتعزيزات أمنية، كانت ذروتها أمس، بما يشي بأن السيسي سيتوجه إلى هناك اليوم لتدشين المشروع والإعلان عن تفاصيله، في مؤتمر صحافي عالمي. وتشهد تلك التفاصيل تكتما كبيرا من جانب الإدارة المصرية، لكن تسريبات أشارات إلى أن أبرز التفاصيل الخاصة بالمشروع هو العمل على «ازدواجية الملاحة بالقناة»، إلى جانب تنفيذ مشروع عالمي للتنمية بالشراكة مع عدد من الدول الصديقة وذات العلاقة الوثيقة مع القاهرة.
مصر تستعد لإطلاق مشروع محور قناة السويس العالمي
القاهرة تفتح أبواب التعاون مع الشرق.. وأنباء عن زيارة مرتقبة للسيسي إلى موسكو
مصر تستعد لإطلاق مشروع محور قناة السويس العالمي
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة