كييف مصرة على إبقاء مظاهر الاحتجاجات رغم انتقال الاضطرابات بعيدا

سياح ومتزوجون جدد يتدفقون على «الميدان» لالتقاط الصور وتذكر «ثمن الحرية»

مظاهر الاحتجاجات وسط «الميدان» في كييف لا تزال موجودة رغم مرور أشهر كثيرة على المظاهرات العنيفة (أ.ف.ب)
مظاهر الاحتجاجات وسط «الميدان» في كييف لا تزال موجودة رغم مرور أشهر كثيرة على المظاهرات العنيفة (أ.ف.ب)
TT

كييف مصرة على إبقاء مظاهر الاحتجاجات رغم انتقال الاضطرابات بعيدا

مظاهر الاحتجاجات وسط «الميدان» في كييف لا تزال موجودة رغم مرور أشهر كثيرة على المظاهرات العنيفة (أ.ف.ب)
مظاهر الاحتجاجات وسط «الميدان» في كييف لا تزال موجودة رغم مرور أشهر كثيرة على المظاهرات العنيفة (أ.ف.ب)

يرتدي السياح في الصيف السراويل القصيرة والملابس الواقية من حر الشمس، ويأخذون المنحدر الهابط في شارع انستيتوتسكا، نحو ساحة الاستقلال، ويتوقفون لالتقاط الصور لأنفسهم أمام أكوام الإطارات والحصى والمعادن الملتوية والكتل الخشبية الشبيهة بالقلعة والتي تقف موقف المتاريس، حيث يمكن لشرطة مكافحة الشغب العودة في أي وقت.
وبنزولهم إلى ذلك الشارع، يدقق السياح النظر في أكوام الحطام التي تضم مخلفات شهور العصيان المدني: الدروع الجسدية المعدنية التي اعتلاها الصدأ، وخوذات البناء البلاستيكية برتقالية اللون، وشرائط الضمادات وقطع الملابس الملونة بلون الدماء. تقدم بعضهم لإلقاء نظرة متفحصة على صور القتلى من المتظاهرين التي تبطن الشوارع، محاطة بالزهور والشموع. في حين أن الحرب ضد المتمردين المدعومين من روسيا قد اندلعت في شرق أوكرانيا، ولا تزال العاصمة كييف تحتفظ بهدوئها. مع ذلك، وبوصول السياح إلى ساحة الاستقلال، فإن النصب التذكارية لانتفاضة أوكرانيا المعروفة تعود إليها الحياة مجددا.
يعيش المئات من الناس في خيام تنتشر في وعلى شارع خيشتاتيك، والذي كان يوما من الشوارع الرئيسية التي تمر عبر وسط المدينة. يطهون طعامهم في قدور طهي ضخمة على نيران الأخشاب ويجمعون التبرعات لصالح المتطوعين للمساعدة في قتال الانفصاليين في شرق البلاد، حتى أنهم يلعبون كرة السلة في ساحة مسيجة بناها القوزاق مؤخرا. بعضهم بلا مأوى وليس لديهم مكان يذهبون إليه، لكن معظمهم هنا يشدد على أمر هام: رغم وصول رئيس جديد لسدة الحكم في أوكرانيا، فإن انتخابات العمدة الجديد لكييف والانتخابات البرلمانية ستجري الخريف المقبل، والناس يستعدون للتجمع مرة أخرى لشهود تلك اللحظة.
ويقول بودان زاهورسكين (48 عاما)، الذي وصل إلى كييف في أواخر نوفمبر (تشرين الثاني) من زولوتشيف في غرب أوكرانيا: «ينبغي أن يبقى الميدان كما هو. نحن بحاجة إلى من يراقب أولئك الموجودين في السلطة، حتى لا يتمتعوا بالهدوء أبدا». كما يقول اناتولي لينوف (21 عاما) إنه لن يغادر كييف حتى تتخلى روسيا عن شبه جزيرة القرم، حيث تقع مدينته، يفباتوريا. ويضيف: «لقد غيرنا السياسيين، لكن الوضع العام في البلاد لم يتغير».
بدأت الأزمة الأوكرانية في الخريف الماضي على شكل سلسلة مظاهرات سياسية لصالح الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، ثم تدهورت إلى شتاء طويل من الاحتجاجات ضد حكومة الرئيس فيكتور يانوكوفيتش، الذي قرر في نهاية المطاف الفرار عقب سقوط عشرات المحتجين في مواجهات مع الشرطة. وبدأ فصل الربيع بضم روسيا لشبه جزيرة القرم وبدء التمرد المسلح في شرق البلاد.
حاليا، ودخولا إلى عمق الصيف القائظ، فإن احتلال ساحة الاستقلال – المعروفة لدى الأوكرانيين باسم الميدان – ما زال مستمرا. والميدان، المغلق بعد فترة قصيرة من احتجاجات نوفمبر، تحول إلى نصب تذكاري مفعم بالحياة. وقد لا يتم إعادة افتتاح الشوارع المحيطة به مرة أخرى أبدا.
وعلى العكس من موقع مركز التجارة العالمي في نيويورك، الذي يحتوي على متحف جديد يسمح بالزيارة المنتظمة لقاء تذكرة تبلغ 24 دولارا، فإن ميدان الاستقلال الأوكراني يعد نصبا تذكاريا مجانيا وحرا.
تتناثر الخيام ذات الطابع العسكري التي تؤوي المتظاهرين المتشددين والملونة بألوان زاهية حيث يباع عصير الليمون، والآيس كريم والمشروبات الغازية المحلية المفضلة المسماة (كفاز). وتبدو للعيان أضرحة المتظاهرين القتلى على المدرجات التذكارية.
(تعكس التذكارات الأكثر مبيعا هذه الأيام حالة السخط الأوكراني ضد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، بما فيها القمصان، والقبعات والأكواب التي تحمل الأحرف الأولى للتعبيرات الحانقة على بوتين التي تخبره بالذهاب إلى مكان ليس باللطيف. وهناك أيضا ورق تواليت يحمل صورة الرئيس بوتين).
من جانب البعض، فإن المتاريس، رغم أنها تشبه أكواما من القمامة، فإنها تذكر الناس بالثمن الذي دفعه الأوكرانيون بدمائهم لحماية حريتهم، وتعد تحذيرا للقادة الجدد بالبلاد أن الشعب لا يزال يقظا. ويقول فاسيلي ساموكسكي (41 عاما)، من مدينة ايفانو - فرانكفسيك في غرب أوكرانيا، والذي كان يزور عمه في كييف «كان كل ما حدث هنا وطنيا. أريد منهم أن يحتفظوا بكل شيء حتى يأتي جميع من يعيشون في أوكرانيا إلى هنا ليشاهدوا ما حدث ومن قتل».
وبالنسبة للآخرين، فإن المعسكرات العالقة تعد مصدرا للقلق والإزعاج المستمر. وهم لا يعارضون أن الأحداث التي جرت في «الميدان» تاريخية، لكنهم يقولون: إنهم يريدون لوسط المدينة أن يبدو في صورة أفضل من معسكر للاجئين.
بذل فيتالي كليتشكو، عمدة كييف الجديد، وهو بطل سابق للملاكمة من الوزن الثقيل، بعض الجهود للحد من بصمة مدينة الخيام المنتشرة في وسط العاصمة، ومحاولة تنظيف المنطقة. لكن كليتشكو لم يحاول إزالة الخيام أو المتاريس التي تشكل قلب منطقة الاحتجاجات السابقة أو تلك الموجودة في ميدان الاستقلال، والذي شهد مقتل الكثير من الناس.
وبالنسبة لكثيرين، يعد ميدان الاستقلال حاليا أرضا مقدسة، إذ يأتي المتزوجون الجدد لالتقاط صور الزفاف وسط الخيام وأكوام الإطارات، كما فعلت تاتيانا موروزفا (27 عاما)، ورافائيل غراسيا هرنانديز (36 عاما)، قبل زفافهما في يونيو (حزيران) الماضي. وموروزفا أوكرانية، بينما هرنانديز إسباني وهما يعيشان في منطقة برايتون بإنجلترا، حيث يعملان في مجال التمويل. وتقول موروزفا «يقاتل الناس من أجل الحرية. إنني فخورة ببلادي»، موضحة سبب التقاط صور زفافها في الميدان.
على مقربة من المسرح الرئيسي، كان بافلو هومينوك (52 عاما) وزوجته لاريسا (51 عاما)، اللذان يعملان في الموسيقى من مدينة تشيرنيفتسي في غرب أوكرانيا، يحدقان النظر في اندهاش إلى الحاجز الضخم المبني من الإطارات، والذي أشعلت فيه النار لخلق حاجز مشتعل بين المتظاهرين والشرطة، والحصى، الذي التقط من الطرق وألقي وكأنه أسلحة.
وقال هومينوك «إننا في صدمة. من العسير التفكير في عدد من ماتوا في ذلك المكان في أوقات السلم، حينما كنا نذهب لأعمالنا، ونأكل، وننام». وأضاف: «لقد وقف الوطنيون الحقيقيون هنا، والذين كانوا في حقيقة الأمر يحمون ظهورنا. ذلك هو التاريخ. تلك هي الحواجز الحقيقية كما هي. لقد تركوها حتى يعرف الناس حقيقة الأمر».
* خدمة «نيويورك تايمز»



«الناتو»: مليون قتيل وجريح في أوكرانيا منذ بدء الحرب

من جنازة جندي أوكراني توفي خلال الحرب مع روسيا (أ.ف.ب)
من جنازة جندي أوكراني توفي خلال الحرب مع روسيا (أ.ف.ب)
TT

«الناتو»: مليون قتيل وجريح في أوكرانيا منذ بدء الحرب

من جنازة جندي أوكراني توفي خلال الحرب مع روسيا (أ.ف.ب)
من جنازة جندي أوكراني توفي خلال الحرب مع روسيا (أ.ف.ب)

أعرب حلف شمال الأطلسي (الناتو) عن اعتقاده بأن أكثر من مليون شخص سقطوا بين قتيل وجريح في أوكرانيا منذ شنّت روسيا غزوها الشامل في فبراير (شباط) 2022.

وقال الأمين العام للحلف، مارك روته، في بروكسل، اليوم (الخميس): «كل أسبوع، يسقط ما يربو على 10 آلاف شخص في جميع أنحاء أوكرانيا بين قتيل وجريح».

وأضاف: «إن هذه الحرب تسبب مزيداً من الدمار والموت كل يوم»، وفق ما نقلته وكالة الأنباء الألمانية.

وأعلن الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في وقت سابق أن 43 ألف جندي أوكراني لقوا حتفهم في الحرب. وبالإضافة إلى ذلك، تلقى 370 ألف جندي العلاج من إصابات، وعاد نصفهم إلى الخدمة العسكرية.

وأشار الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب إلى أعداد مشابهة. وكتب عبر مواقع التواصل الاجتماعي أن نحو 600 ألف جندي روسي سقطوا بين قتيل وجريح، وأن نحو 400 ألف جندي أوكراني سقطوا بين قتيل وجريح حتى الآن.