مزوار لـ {الشرق الأوسط} : الجزائر ترهن مستقبل المنطقة المغاربية بسبب نزاع الصحراء

وزير خارجية المغرب: لا مرجعية ثابتة للأمم المتحدة بشأن حله

صلاح الدين مزوار
صلاح الدين مزوار
TT

مزوار لـ {الشرق الأوسط} : الجزائر ترهن مستقبل المنطقة المغاربية بسبب نزاع الصحراء

صلاح الدين مزوار
صلاح الدين مزوار

قال صلاح الدين مزوار، وزير خارجية المغرب، إن تصريحات المسؤولين الجزائريين الأخيرة التي أكدوا فيها أن تطبيع العلاقات بين الجزائر والمغرب وتحقيق حلم الاندماج المغاربي رهين باحترام الموقف الجزائري حول نزاع الصحراء لم تفاجئه، حيث إنها تؤكد مرة أخرى الموقف الجزائري، الذي سبق أن عبرت عنه الجزائر في مناسبات عدة.
وحمل وزير الخارجية المغربي، في حوار مقتضب أجرته معه «الشرق الأوسط» في الرباط، الجزائر مسؤولية استمرار جمود الاتحاد المغاربي، وقال إنها تتحمل أمام التاريخ والأجيال المقبلة والضمير المغاربي مسؤولية استمرار جمود الاتحاد المغاربي وعرقلة بنياته.
وفي ما يلي نص الحوار:

* كيف تقيمون التصريحات الإعلامية الأخيرة لمسؤولين جزائريين، والتي أكدوا خلالها على أن تطبيع العلاقات بين الجزائر والمغرب وتحقيق حلم الاندماج المغاربي رهين، من وجهة نظرهم، باحترام الموقف الجزائري حول الصحراء؟
- أشعر بنوع من الأسف إزاء تصريحات من هذا القبيل كما جاءت أخيرا على لسان مسؤولين جزائريين، وهي، على كل، لم تفاجئني إطلاقا، حيث إنها تؤكد مرة أخرى الموقف المتجاهل للحقائق التاريخية والواقعية، الذي سبق أن عبرت عنه الجزائر في مناسبات عدة ضمن إطار حملات إعلامية موجهة لضرب المغرب والمساس بحقوقه التاريخية المشروعة وسيادته الترابية. إنها أسطوانة مشروخة ومتجاوزة يتحدث فيها المسؤولون الجزائريون دائما بمنطق الحرب الباردة، خاصة حين يشددون على أن أي تطبيع للعلاقات المغربية - الجزائرية وبناء صرح المغرب العربي رهين، بحسبهم، باحترام الموقف الانفرادي للجزائر بخصوص النزاع المفتعل حول الصحراء المغربية، رغم أنهم يعلمون جيدا أن هذا الموقف لا أساس له ويتنافى تماما ومنطق التاريخ وقواعد حسن الجوار.
* هل هذا يعني أن الجزائر تضع موقفها حول الوحدة الترابية للمملكة المغربية فوق كل اعتبار؟
- إن السلطات الجزائرية، بسلوكها هذا، تضحي بالروابط التاريخية القوية التي جمعت ولا تزال بين الشعبين المغربي والجزائري، بل ترهن مستقبل المنطقة المغربية وشعوبها. وهي بذلك تعرقل كل آفاق التعاون المثمر الذي من شأنه تمكين المنطقة من مواجهة التحديات المتعددة التي تنتظرها، خاصة تلك المتعلقة بالأمن والتنمية. لذا فإن موقف الجزائر الانفرادي غير مبرر ولا مسوغ له، ما دامت هناك تجمعات إقليمية جرى إرساء أسسها وتفعيل أجهزتها وإنجاح مسارها رغم وجود خلافات عميقة بين أعضائها، ودليلنا على ذلك ما نراه اليوم على مستوى الاتحاد الأوروبي، إذ رغم تباين وجهات النظر بين دوله حول عدد من القضايا فإن ذلك لم يعطله بل إنه يسير في اتجاهه الصحيح.
إن الجزائر تتحمل أمام التاريخ والأجيال المقبلة والضمير المغاربي مسؤولية استمرار جمود الاتحاد المغاربي وعرقلة بنياته.
* لكن الجزائر تطالب بأن يكشف المغرب عن الدور الذي تقوم به لفائدة ما تسميه القضية الصحراوية؟
- أتمنى تصديق مثل هذه الادعاءات التي تصدر عن المسؤولين الجزائريين، بيد أن الوقائع هي بخلاف ذلك، ودعني أوضح لك. من خاض معركة «أمغالا» على المغرب سنة 1976.. أليست الجزائر؟ من دعم ما يُسمى بالجمهورية الوهمية، وقام بتعبئة دبلوماسية لفائدتها طمعا في الاعتراف بها في المحافل الدولية.. أليست الجزائر؟ من كان يُفاوض إلى جانب المغرب بشأن كل القرارات المتعلقة بالصحراء المغربية، في الأمم المتحدة والعديد من المنتظمات الدولية والإقليمية.. أليست الشقيقة الجزائر؟ من يُقدم مساعدات مادية وعسكرية ولوجيستية سخية لجبهة البوليساريو.. أليست الجزائر؟ من يرفض الاستجابة للدعوات المتكررة للمندوبية السامية للاجئين والأمين العام للأمم المتحدة ومجلس الأمن من أجل إحصاء سكان مخيمات تندوف.. أليست الجزائر؟
أكثر من ذلك، ألم تعبئ الجزائر وسائل إعلامها وجمعياتها لمناوأة مبادرة الحكم الذاتي التي تقدمت بها المملكة المغربية سنة 2007؟ أليست الجزائر هي المسؤولة عن جرائم الحرب التي ارتكبتها بحق الأسرى من الجنود المغاربة؟ من غير الجزائر يُعد العرائض ويعبئ لها في أشغال اللجنة الرابعة للجمعية العامة المتحدة من أجل معاكسة الموقف المغربي؟
* ما المطلوب إذن للخروج بالعلاقات المغربية - الجزائرية من حالة الجمود التي طال أمدها؟
- لقد آن الأوان كي تضع الجزائر حدا لمواقفها المزدوجة، لتكشف حقيقة ما تريد، لا ما تريد أن تعطي لنفسها من صور مغلوطة وخادعة. إن مواقف الجزائر وسلوكاتها إزاء قضية الصحراء المغربية جعلت منها طرفا أساسيا في هذا النزاع مهما كذبت ذلك أو أتت بادعاءات تنفي فيها ذلك، لأنها لا أساس لها من الصحة، وبالتالي على الجزائر أن تتحمل مسؤوليتها كاملة في تورطها العسكري والسياسي والدبلوماسي في هذا النزاع المفتعل، بل وتمديد أمده وعرقلة كل جهود الاندماج المغاربي.
* لكن المسؤولين الجزائريين يؤكدون تشبث الجزائر بـ«مرجعية» الأمم المتحدة؟
- أتساءل لماذا يصر المسؤولون الجزائريون على القول بأنهم يستندون إلى مرجعية الأمم المتحدة بخصوص هذا النزاع الإقليمي المفتعل؟ وماذا يقصدون بالضبط؟ دعني أقل إنه لا توجد مرجعية جامدة أو ثابتة لدى الأمم المتحدة في هذا الشأن، لأن هذه الأخيرة تعتمد إجراءات ومقاربات تتسم بالمرونة والدينامية، وتأخذ بعين الاعتبار خصوصية كل حالة وسياقها التاريخي والجيوسياسي.
وإذا ما كانت هناك من حقائق يجب أن يُعتد بها في هذا الشأن فهي أن مسار الأمم المتحدة يكشف عن أن اللجوء إلى خيار الاستفتاء كان محدودا جدا، بدليل أنها أشرفت، منذ إنشائها، على خمس عمليات استفتاء فقط، وفضلت دائما اللجوء إلى المفاوضات من أجل حل سلمي للنزاعات الإقليمية. وحتى لو افترضنا جدلا وجود عقيدة أو مرجعية ثابتة للأمم المتحدة بهذا الشأن، فإنها وبكل تأكيد تتوافق والمقاربة المغربية التي تُفضل خيار المفاوضات من أجل التوصل إلى حل سياسي كما تطمح إلى ذلك الأمم المتحدة والمجتمع الدولي. ما يُؤسف له حقا أن الطاقة والمال المهدوران من طرف الجزائر في هذا الشأن يبقيان على حساب بناء الصرح المغاربي، المعلق إلى حين.



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».