مفاوضات جنوب السودان كلفت 17 مليون دولار.. وسلفا يشارك في قمة واشنطن

قيادي في التمرد لـ {الشرق الأوسط}: من المرجح عرض اتفاق جاهز

مفاوضات جنوب السودان كلفت 17 مليون دولار.. وسلفا يشارك في قمة واشنطن
TT

مفاوضات جنوب السودان كلفت 17 مليون دولار.. وسلفا يشارك في قمة واشنطن

مفاوضات جنوب السودان كلفت 17 مليون دولار.. وسلفا يشارك في قمة واشنطن

كشفت مصادر مطلعة في وساطة «الإيقاد» بين حكومة جنوب السودان والحركة الشعبية المعارضة بقيادة نائب الرئيس السابق رياك مشار عن أن تكلفة المفاوضات بين الطرفين قبل الجولة المقبلة يوم غد (الاثنين) بلغت 17 مليون دولار؛ من تأجير غرف الفنادق وتذاكر سفر الطيران وتحركات الوسطاء بين عواصم دول الإقليم، في وقت يتوجه رئيس جنوب السودان سلفا كير ميارديت إلى واشنطن للمشاركة في القمة الأميركية - الأفريقية، بعد أن أنهى قمة مصغرة في العاصمة الكينية نيروبي خصصت حول مفاوضات السلام في بلاده، ولمحت المصادر إلى أن الجولة المقبلة ستكون الحاسمة والنهائية، فيما رجح المتمردون أن تعرض الوساطة اتفاقا على الطرفين للتوقيع عليه في هذه الجولة.
وقالت مصادر من العاصمة الإثيوبية أديس أبابا، التي تستضيف مفاوضات أطراف النزاع بين جوبا والمتمردين بقيادة رياك مشار بوساطة «الإيقاد»، لـ«الشرق الأوسط»، إن جولات التفاوض السابقة شهدت توقيع اتفاقيتي وقف الأعمال العدائية في يناير (كانون الثاني) الماضي ثم وقف إطلاق النار في مايو (أيار) الماضي، لكن لم يجر تنفيذها على النحو المطلوب، حيث تجدد القتال بين الطرفين، وأشارت إلى المعارك العسكرية العنيفة الأسبوع الماضي في مدينتي (الناصر)، و(إيود) في ولاية جونقلي شرق البلاد، وقالت إن المفاوضات التي تستضيفها أديس أبابا وفي أفخم الفنادق كلفت الممولين من النرويج والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي أكثر من 17 مليون دولار، تمثلت في حجز الفنادق للوفود الضخمة وتذاكر السفر للطيران لوفدي الطرفين، وأضافت أن المجتمع الدولي ودول «الإيقاد» ستمارسان ضغوطا كبيرة في الجولة المقبلة التي حددت بعد غد الاثنين، وشددت المصادر على أن هذه الجولة ستشهد توقيع اتفاق نهائي وتثبيت اتفاق وقف إطلاق النار.
وأعلن وسطاء «الإيقاد» أمس، في بيان، تلقت «الشرق الأوسط» نسخة منه، أن جولة المفاوضات الخامسة بين طرفي النزاع في جنوب السودان ستستأنف غدا الاثنين الرابع من أغسطس (آب) الحالي، فيما تحذر الأمم المتحدة ومنظمات دولية أخرى من خطر المجاعة التي تهدد هذه الدولة التي استقلت قبل ثلاثة أعوام في حال استمرار المعارك العسكرية التي بدأت منذ الخامس عشر من ديسمبر (كانون الأول) الماضي وفشلت اتفاقيات رعتها «الإيقاد» في وقف الاقتتال بصورة فاعلة، كما أن المنظمة الإقليمية لم تنشر قواتها التي أقرتها في قمتها لأخيرة في يونيو (حزيران) الماضي في أديس أبابا لضعف التمويل.
من جهته، كشف المتحدث باسم وزارة الخارجية في جنوب السودان موين كوال لـ«الشرق الأوسط» عن قمة تشاورية على مستوى رؤساء كينيا، جنوب السودان، إثيوبيا وأوغندا بحضور وسطاء «الإيقاد»، عقدت في العاصمة الكينية نيروبي أمس، بحضور رئيس بلاده سلفا كير ميارديت الذي يتوقع أن يتوجه إلى واشنطن للمشاركة في القمة الأميركية - الأفريقية التي ستبدأ الثلاثاء المقبل، وقال إن قمة عدد من دول «الإيقاد» ناقشت بالتفاصيل جولة المفاوضات التي ستبدأ بعد غد في أديس أبابا، مشيرا إلى أن رؤساء «الإيقاد» شددوا على ضرورة توصل الطرفين إلى اتفاق نهائي في هذه الجولة، وقال: «رؤساء المنطقة ناقشوا كيفية إنجاح الجولة الجديدة من المفاوضات، خاصة وقف إطلاق النار وأجندة التفاوض للوصول إلى اتفاق في المهلة التي حددتها قمة (الإيقاد) في يونيو (حزيران) الماضي، وإذا تعذر توقيع الاتفاق ربما تمدد (الإيقاد) الجولة أسبوعا آخر».
وقال كوال إن فريق وساطة «الإيقاد» قد يدعو رؤساء المنظمة إلى أديس أبابا في أي لحظة إذا كانت هناك صعوبات في المفاوضات، وأضاف: «قد تجري الدعوة أيضا في حالة كان هناك توقيع لاتفاق نهائي حتى يشهد هؤلاء الرؤساء التوقيع»، مؤكدا أن حكومته على استعداد للتوقيع على اتفاق السلام وإنهاء الأزمة التي تعيشها البلاد والتحذيرات من أن تتسبب الحرب في مجاعة غير مسبوقة بجنوب السودان، وقال: «لا نعرف مدى جدية التزام المتمردين بالتوقيع على اتفاق، خاصة أن لدينا تجربة كبيرة معهم في اتفاق وقف الأعمال العدائية، حيث ظل المتمردون يخترقون الاتفاق بشكل مستمر»، مشيرا إلى أن رئيس بلاده سلفا كير ميارديت سيتوجه إلى واشنطن للمشاركة في القمة الأميركية - الأفريقية التي دعا إليها الرئيس الأميركي باراك أوباما، وستكون زيارة كير إلى الولايات المتحدة هي الأولى له منذ اندلاع الحرب بجنوب السودان في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، وقد واجه انتقادات لاذعة من أقرب حلفائه في البيت الأبيض والخارجية الأميركية بسبب ما خلفه القتال من ضحايا وتشريد الملايين داخليا وخارجيا، إلى جانب تدمير البنية التحتية.
من جانبه، قال القيادي في الحركة الشعبية المعارضة يوهانس موسى فوك لـ«الشرق الأوسط»، إن من المرجح أن يجري عرض اتفاق جاهز على الطرفين من قبل الوساطة في هذه الجولة، مستبعدا ممارسة ضغوط بالصورة التي يتحدث عنها الإعلام، وقال: «لكن، إذا لم يجر الاتفاق على القضايا الأساسية في موضوعات نظام وشكل الحكم والوقف الشامل لوقف إطلاق النار فلن يكون لاتفاق وقف الأعمال العدائية أي فاعلية على الأرض»، وتابع: «الاتفاق بين الطرفين يأتي عبر تقديم تنازلات عبر رغباتهما وليس بالضغوط من قبل الممولين للمفاوضات أو التهديدات، لأن أي اتفاق تحت هذا النوع لن يثبت على الأرض ويمكن أن ينهار في مرحلة التنفيذ لأنه ليس نابعا من رغبة وإرادة الطرفين».
إلى ذلك، أصيب رئيس تحالف منظمات المجتمع المدني في جنوب السودان، دينق اطواي ماوير، بعد تعرضه لإطلاق نار من قبل مجهول، بحسب شهود عيان، وقال الشهود إن مجهولا أطلق رصاصات على ماوير عند مدخل فندق (جنوب السودان) في جوبا ثم لاذ بالفرار ولم يجر القبض عليه، وجرى نقل المصاب إلى المستشفى وخضع لعملية جراحية لإخراج الطلقات التي أصابته في الفخذ والحوض.
وكان ماوير قد وجه انتقادات إلى الحكومة والمتمردين خلال مشاركته في مؤتمر (أصحاب المصلحة) في جولة المفاوضات الأخيرة في أديس أبابا، وقال إن أطراف النزاع قد نهبت ثروات البلاد، وقد اختطف ماوير من قبل في عام 2012 من قبل مجهولين وعثر عليه في الطريق الرابط بين جوبا ومدينة بور عاصمة ولاية جونقلي.



الشراكة مع فرنسا تثير جدلاً واسعاً في نيجيريا

الرئيس الفرنسي ماكرون مستقبلاً مع عقيلته نظيره النيجيري تينوبو وعقيلته في باحة قصر الإليزيه 28 نوفمبر (إ.ب.أ)
الرئيس الفرنسي ماكرون مستقبلاً مع عقيلته نظيره النيجيري تينوبو وعقيلته في باحة قصر الإليزيه 28 نوفمبر (إ.ب.أ)
TT

الشراكة مع فرنسا تثير جدلاً واسعاً في نيجيريا

الرئيس الفرنسي ماكرون مستقبلاً مع عقيلته نظيره النيجيري تينوبو وعقيلته في باحة قصر الإليزيه 28 نوفمبر (إ.ب.أ)
الرئيس الفرنسي ماكرون مستقبلاً مع عقيلته نظيره النيجيري تينوبو وعقيلته في باحة قصر الإليزيه 28 نوفمبر (إ.ب.أ)

في وقت تسحب فرنسا قواتها من مراكز نفوذها التقليدي في الساحل وغرب أفريقيا، وتبحث عن شركاء «غير تقليديين»، يحتدمُ الجدل في نيجيريا حول السماح للفرنسيين بتشييد قاعدة عسكرية في البلد الأفريقي الغني بالنفط والغاز، ويعاني منذ سنوات من تصاعد وتيرة الإرهاب والجريمة المنظمة.

يأتي هذا الجدل في أعقاب زيارة الرئيس النيجيري بولا تينوبو نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي إلى فرنسا، والتي وصفت بأنها «تاريخية»، لكونها أول زيارة يقوم بها رئيس نيجيري إلى فرنسا منذ ربع قرن، ولكن أيضاً لأنها أسست لما سمّاه البلدان «شراكة استراتيجية» جديدة.

وتمثلت الشراكة في اتفاقيات تعاون هيمنت عليها ملفات الطاقة والاستثمار والمعادن، ولكنّ صحفاً محلية في نيجيريا تحدّثت عن اتفاقية تسمحُ للفرنسيين بإقامة قاعدة عسكرية داخل أراضي نيجيريا، وذلك بالتزامن مع انسحاب القوات الفرنسية من دول الساحل، خصوصاً تشاد والنيجر، البلدين المجاورين لنيجيريا.

لا قواعد أجنبية

ومع تصاعد وتيرة الجدل، تدخل الجيش النيجيري ليؤكد أن ما يجري تداوله بخصوص «قاعدة عسكرية» أجنبية فوق أراضي نيجيريا مجرد «شائعات»، نافياً وجود خطط للسماح لأي قوة أجنبية بإقامة قاعدة عسكرية في نيجيريا.

وتولّى قائد الجيش النيجيري، الجنرال كريستوفر موسى، بنفسه مهمة الرد، فأوضح أن «زيارة الرئيس بولا تينوبو الأخيرة إلى فرنسا، وُقِّعت خلالها عدد من الاتفاقيات الثنائية، لم تشمل السماح بإنشاء قواعد عسكرية أجنبية في نيجيريا».

وكان قائد الجيش يتحدّث خلال حفل عسكري بمقر وزارة الدفاع في العاصمة أبوجا، بمناسبة تغيير شعار القوات المسلحة النيجيرية، وقال إنه يوّد استغلال الفرصة لتوضيح ما جرى تداوله حول «قاعدة عسكرية أجنبية» في نيجيريا. وقال: «لقد أوضح الرئيس بشكل لا لبس فيه أن ما تم توقيعه هو اتفاقيات ثنائية تتعلق بالتجارة، والثقافة، والتقاليد، والتعاون، والاقتصاد، ولا وجود لأي شيء يتعلق بقاعدة عسكرية أجنبية».

وأوضح الجنرال موسى أن الرئيس تينوبو «يدرك تماماً عواقب مثل هذا القرار، ويعلم أن من واجبه حماية نيجيريا، ومن ثم، لن يسمح مطلقاً لأي قوة أجنبية بدخول نيجيريا»، ولكن قائد الجيش أكد: «سنستمر في التعاون بشكل ثنائي من خلال التدريب المشترك وإرسال ضباطنا كما هو معتاد، ولكن إنشاء قاعدة عسكرية أجنبية في نيجيريا ليس ضمن خطط الرئيس».

كراهية فرنسا

ورغم تصريحات قائد الجيش، فإن الجدل لم يتوقف؛ حيث عَبَّر «تحالف جماعات الشمال»، وهو هيئة سياسية ناشطة في نيجيريا، عن إدانته قرار السماح للعسكريين الفرنسيين بدخول أراضي نيجيريا، بل ذهب إلى أبعد من ذلك، حين انتقد بشكل لاذع عقد شراكة مع فرنسا.

وقال التحالف: «إن القرار يتعلق باتفاقية ثنائية جرى توقيعها بين نيجيريا وفرنسا تمنح الأخيرة وصولاً غير مقيد إلى الموارد المعدنية في نيجيريا»، وذلك في إشارة إلى اتفاقية وقعها البلدان للتعاون في مجال المعادن النادرة.

المنسق الوطني لتحالف جماعات الشمال، جميل علي تشارانشي، اتهم الرئيس تينوبو بالسعي نحو «تسليم سيادة نيجيريا إلى فرنسا، والتغطية على ذلك بمبررات مضللة»، ثم وصف ما يقوم به تينوبو بأنه «مناورة دبلوماسية مكشوفة».

الناشط السياسي كان يتحدث بلغة حادة تجاه فرنسا؛ حيث وصفها بأنها «دولة عدوانية؛ تدعم وتمول تفكيك المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا (إيكواس)»، قبل أن يحملها مسؤولية «جو الحرب الذي تعيشه منطقة غرب أفريقيا».

وخلُص الناشط السياسي إلى أنه مصدوم من «إمكانية أن تخضع نيجيريا، بتاريخها الفخور بالدفاع عن السيادة الأفريقية، لتأثير أجنبي، نحن نرفض ذلك، وسنعارضه بشدة»، على حد قوله.

شراكة مفيدة

الرئيس النيجيري بولا تينوبو لدى حضوره حفل تنصيب رئيس تشاد في ندامينا 23 مايو (رويترز)

في المقابل، ارتفعت أصوات في نيجيريا تدافع عن تعزيز التعاون والشراكة مع فرنسا، وعدّت الحديث عن «قاعدة عسكرية» محاولة للتشويش على الطموحات الاقتصادية للبلدين.

في هذا السياق، قال المحلل السياسي النيجيري، نيكسون أوكوارا: «إن العالم يتّجه بسرعة نحو نظام متعدد الأقطاب، وإعادة صياغة التحالفات التقليدية، وهذا الواقع الجديد يتطلب من نيجيريا الاصطفاف مع شركاء يقدمون فوائد استراتيجية دون التنازل عن سيادتها».

وأضاف المحلل السياسي أن «فرنسا، رغم تاريخها غير الجيد في أفريقيا، فإنها تمنح لنيجيريا فرصة إعادة التفاوض على العلاقات من موقع قوة؛ حيث تواجه فرنسا معضلة تراجع نفوذها بشكل مطرد في الساحل وغرب أفريقيا».

وشدّد المحلل السياسي على أن نيجيريا يمكنها أن تربح «مزايا اقتصادية كبيرة» من الشراكة مع فرنسا، كما أكّد أنّه «مع تصاعد التحديات الأمنية في منطقة الساحل، يمكن للخبرات والموارد العسكرية الفرنسية أن تكمل جهود نيجيريا لتحقيق الاستقرار في المنطقة».

تعاون عسكري

التعاون العسكري بين فرنسا ونيجيريا عرف صعوداً مهماً عام 2016، حين وقع البلدان اتفاقية للتعاون العسكري والأمني، خصوصاً في مجالات الاستخبارات، والتدريب والإعداد العملياتي.

في الفترة الأخيرة، بدأ الحديث عن رغبة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في تعزيز هذا التعاون، وهو الذي عمل لستة أشهر في السفارة الفرنسية في أبوجا، حين كان طالباً في المدرسة الوطنية للإدارة. وبوصفها خطوة لتطوير التعاون العسكري بين البلدين، أعلن الجنرال حسن أبو بكر، قائد القوات الجوية النيجيرية، الأسبوع الماضي، أن بلاده تستعد للاستحواذ على 12 طائرة من طراز «ألفاجيت» مستعملة من القوات الجوية الفرنسية، ستتم إعادة تشغيل 6 منها، في حين ستُستخدم الـ6 أخرى مصدراً لقطع الغيار.

ورغم أنه لم تعلن تفاصيل هذه الصفقة، فإن نيجيريا أصبحت خلال السنوات الأخيرة «زبوناً» مهماً للصناعات العسكرية الأوروبية، وسوقاً تتنافس عليها القوى المصنعة للأسلحة، خصوصاً سلاح الجو الذي تراهن عليه نيجيريا لمواجهة خطر الإرهاب في غابات حوض بحيرة تشاد، أقصى شمال شرقي البلاد.