مقتل 50 عنصرا من «جبهة النصرة» و«داعش» في اشتباكات مع القوات النظامية و«حزب الله» بالقلمون

اغتيال أميرها في إدلب بعد شهر على بدء قتالها مع كتائب المعارضة

أحد عناصر {جبهة النصرة} يتحدث في جهاز لاسلكي على جبهة الخزان في سوريا (رويترز)
أحد عناصر {جبهة النصرة} يتحدث في جهاز لاسلكي على جبهة الخزان في سوريا (رويترز)
TT

مقتل 50 عنصرا من «جبهة النصرة» و«داعش» في اشتباكات مع القوات النظامية و«حزب الله» بالقلمون

أحد عناصر {جبهة النصرة} يتحدث في جهاز لاسلكي على جبهة الخزان في سوريا (رويترز)
أحد عناصر {جبهة النصرة} يتحدث في جهاز لاسلكي على جبهة الخزان في سوريا (رويترز)

تلقت «جبهة النصرة» في محافظة إدلب صفعة بتصفية أميرها السوري يعقوب العمر، نتيجة انفجار عبوة في سيارته، تزامنا مع تمدد مقاتليها في الفترة الأخيرة في المحافظة على حساب كتائب المعارضة العسكرية. وتزامن اغتيال أمير «النصرة»، وهو سوري الجنسية في العقد الرابع من عمره، مع مقتل 50 عنصرا جهاديا على الأقل من تنظيم «الدولة الإسلامية» و«النصرة»، خلال اشتباكات عنيفة مع القوات النظامية السورية وعناصر من «حزب الله» اللبناني في منطقة القلمون السورية، على الحدود مع بلدة عرسال اللبنانية، التي امتد التوتر إليها إثر توقيف الجيش اللبناني أحد قادة «النصرة» على أحد حواجزه.
وأفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان أمس بمقتل العناصر الجهادية في «كمين متقدم نفذته القوات النظامية و(حزب الله) في منطقة الجبة بجرود القلمون»، محصيا مقتل سبعة عناصر نظامية، بينهم عنصران من «حزب الله»، في الاشتباكات التي استمرت حتى فجر أمس. وأشار المرصد إلى إسقاط المقاتلين طائرة حربية تابعة لسلاح الجو السوري، في حين نجا قائدها الذي قفز بالمظلة.
ونقلت وكالة «الصحافة الفرنسية» عن مصدر أمني سوري إشارته إلى أن «مجموعات إرهابية حاولت ليل الجمعة/ السبت التسلل من الأراضي اللبنانية باتجاه جرود القلمون، وتصدت وحدات من الجيش لهذا التسلل وتمكنت من قتل أعداد كبيرة منهم». كما نقل التلفزيون الرسمي عن مصدر عسكري قوله إن قوات الجيش «تتصدى لمحاولة مجموعات إرهابية التسلل من الحدود اللبنانية - جرود عرسال إلى بلدة الجبة بالقلمون في ريف دمشق، وتقضي على العشرات منهم».
وكانت القوات النظامية و«حزب الله» سيطروا منتصف أبريل (نيسان) الماضي بشكل شبه كامل على منطقة القلمون بعد معارك عنيفة استمرت أشهرا. ولجأ الكثير من المقاتلين إلى تلال ومغاور وأودية في جبال القلمون بعد انسحابهم من البلدات والقرى، وهم ينطلقون من هذه المخابئ لتنفيذ عمليات مباغتة على مواقع وحواجز لقوات النظام و«حزب الله» في قرى القلمون.
وأوضح مدير المرصد السوري، رامي عبد الرحمن، أن «المعارك اندلعت يوم الجمعة الماضي إثر هجوم مقاتلين على حاجز للقوات السورية و(حزب الله) في القلمون، مما دفع القوات النظامية إلى قصف المنطقة بالطيران». ومع اشتداد المعارك، نفذت القوات النظامية و«حزب الله» «كمينا استخدمت خلاله المدفعية وسلاح الطيران».
ويقدر المرصد السوري عدد المقاتلين الذين لجأوا إلى جرود القلمون بنحو أربعة آلاف مقاتل، غالبيتهم من تنظيم داعش الجهادي، و«جبهة النصرة»، وبعض الكتائب الإسلامية الصغيرة. ورغم المعارك التي تدور في مناطق سورية أخرى بين «داعش» و«جبهة النصرة»، فإن الطرفين يقاتلان معا في القلمون ضد النظام السوري و«حزب الله»، للحفاظ على مواقعهم والإبقاء على حرية التنقل والإمداد عبر المناطق الجبلية الوعرة والمعابر غير الشرعية.
وفي محافظة إدلب، قتل أمير «جبهة النصرة»، السوري يعقوب العمر، بتفجير عبوة ناسفة في سيارته، منتصف ليل الجمعة/ السبت، في هجوم يأتي وسط تقدم الجبهة في المحافظة على حساب مقاتلي المعارضة السورية، بعد اندلاع مواجهات منذ شهر تقريبا، هي الأولى من نوعها، بين الجبهة التي أعلنت نيتها إنشاء «إمارة إسلامية» خاصة بها، وكتائب من المعارضة المسلحة. وكان الطرفان قاتلا جنبا إلى جنب ضد القوات النظامية و«داعش».
وأوضح المرصد السوري أمس، أن «أمير قاطع إدلب في (جبهة النصرة) يعقوب العمر لقي مصرعه قبيل منتصف ليل الجمعة/ السبت، إثر انفجار عبوة ناسفة في سيارته بالقرب من منزله في بلدة خان السبل شمال مدينة معرة النعمان»، الخاضعة لسيطرة المعارضة. وأدى التفجير إلى إصابة نجلي العمر، الذي تولى مسؤوليات «شرعية وسياسية»، وكان مساعدا للأمير السابق للجبهة في إدلب أبو محمد الأنصاري الذي اغتالته مجموعة من تنظيم «داعش» ببلدة حارم في شهر أبريل الماضي.
ونعت حسابات موالية لـ«النصرة» على مواقع التواصل الاجتماعي، أمير «النصرة»، في وقت أشار مدير المرصد السوري في تصريحات لوكالة الصحافة الفرنسية إلى أن «اغتيال العمر يأتي مع تمدد (جبهة النصرة) في محافظة إدلب على حساب الكتائب المقاتلة، وسيطرتها على مناطق واسعة، أهمها ريف جسر الشغور وحارم وسرمدا».
وسيطرت «النصرة» تباعا على هذه المناطق وآخرها الخميس الماضي حين سيطرت على بلدة سرمدا القريبة من معبر باب الهوى الحدودي مع تركيا، إثر معارك مع مقاتلي المعارضة.
وبدأت المواجهات بين «النصرة» والكتائب المقاتلة إثر إعلان زعيم الجبهة أبو محمد الجولاني في تسجيل صوتي في الحادي عشر من الشهر الماضي، نية تنظيمه إنشاء «إمارة إسلامية» خاصة به، بعد «الخلافة» التي أعلنها تنظيم «داعش» قبل أكثر من شهر في مناطق سيطرته في سوريا والعراق.
وفي القنيطرة، استمرت الاشتباكات بين القوات النظامية ومسلحين موالين لها من جهة، ومقاتلي «جبهة النصرة» والكتائب المقاتلة من جهة أخرى في محيط قرية مجدوليا، وسط قصف نظامي على مناطق الاشتباك، ومناطق أخرى في محيط نبع الصخر.
وفي درعا، قتل أربعة عناصر من الكتائب الإسلامية في اشتباكات مع القوات النظامية في محيط قاعدة تل خضر العسكرية بريف درعا، كما نفذ الطيران الحربي خمس غارات على مناطق في بلدة طفس. وأفاد لمرصد السوري بمقتل خمسة أطفال من عائلة واحدة في قصف للطيران الحربي على مناطق ببلدة بصر الحرير بريف درعا، لافتا إلى أنباء عن قتلى آخرين وعدد من الجرحى.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».