حزب الأمة السوداني يحذر من إسقاط النظام بالقوة

دعا كل الأطراف إلى التخلي عن العصبية الحزبية.. والتطلع لحل يحقق معادلة حكم ديمقراطية

الصادق المهدي
الصادق المهدي
TT

حزب الأمة السوداني يحذر من إسقاط النظام بالقوة

الصادق المهدي
الصادق المهدي

حذر زعيم حزب الأمة القومي الصادق المهدي من أي محاولة للإطاحة بنظام الرئيس عمر البشير بالقوة، ومن تحول الصراع على السلطة في السودان إلى حرب تشبه «الحالة السورية»، ودعا ما سماه انتهاج «تفكير وفاقي» لإخراج البلاد من مفرق الطرق الذي وصلت إليه، وفي ذات الوقت قالت الخارجية السودانية بأن الخرطوم شرعت في إجلاء مواطنيها، ورعايا دول الإيقاد من جنوب السودان.
ويدعو حزب المهدي لإقامة نظام جديد عن طريق التفاوض مع النظام القائم، للحيلولة دون انهيار الدولة السودانية، أو كما يقول.. فيما تقول المعارضة السودانية المدنية المنضوية تحت لواء «قوى الإجماع الوطني»، والمهدي جزء منها، إن الحوار مع النظام غير مجد، وتعمل على إسقاطه بالعمل الجماهيري عبر الانتفاضة الشعبية والعصيان المدني.
وفي ذات الوقت تخوض قوى «الجبهة الثورية» حربا في ولايات دارفور وجنوب كردفان والنيل الأزرق لإسقاط حكم الرئيس البشير عبر العمل المسلح القادم من الريف، ولا تتفق قوى الإجماع الوطني مع ما تطرحه الجبهة الثورية لإسقاط النظام عسكريا، بيد أنها لا ترفضه وتقول: إنها تحترم خيارات الجبهة الثورية في اختيار الطريقة التي تناسب ظروفها لإسقاط النظام.
ووقعت قوى المعارضة المدنية والمعارضة المسلحة وثيقة الفجر الجديد، ووثاق أخرى لتوحيد الجهود لإسقاط حكومة الرئيس البشير.
وقال المهدي للإذاعة السودانية أمس: «السودان الآن في مفترق طريق، ولا بد من الوفاق الوطني، وأي محاولة للإطاحة بهذا النظام بالقوة، ستؤدي إلى معارك لا أول لها ولا آخر، وبالتالي لا بد من التفكير الوفاقي».
وأضاف أنه ضد استخدام العنف لتغيير النظام، ودعا كل الأطراف للتخلي عما سماه العصبية الحزبية، وللتطلع لحل يحقق معادلة حكم ديمقراطية متوازنة وسلام عادل شامل، مشيرا إلى أن السودان يتطلع لتحول ديمقراطي كامل وسلام عادل ممكن التحقق، وفي حال إقامة نظام جديد بالقوة ستحدث مواجهات مسلحة شبيهة بالحالة السورية، ما يجعل من التغيير غير العنيف وعبر القوة الناعمة هو الطريق الوحيد.
ودعا المهدي الأطراف كافة للتخلي عن حزبيتها وعصبيتها الحزبية، والتطلع إلى حل يحقق معادلة حكم ديمقراطية متوازنة وسلام عادل شامل، مشيرا إلى أن ملامح النظام السياسي القومي الجديد، تنطلق من مواجهة ما سماه «الحالة السودانية الحالية»، والاعتراف بها، وتشخيصها التشخيص الصحيح، وفقا لتطلع السودان للديمقراطية والسلام.
وأضاف أن النظام الجديد، حال أقيم بالقوة فسيؤدي لمواجهات مسلحة، تشبه الحالة السورية، وهو الشيء الذي جعل حزبه، يدعو للتغيير بغير عنف وبالقوة الناعمة، مستهديا ومستنسخا لتجربة جنوب أفريقيا «كوديسا» وفقا لخارطة طريق متفق عليها.
وشدد المهدي على أن النظام السياسي القومي الجديد الذي يدعو له، يستوجب الوضع في الحسبان تطوير نظام الحكم، والأحزاب والنقابات ومنظمات المجتمع المدني، ودور المرأة، وأن يكون الدستور آلية لبناء وهندسة الوطن.
وقال المهدي بأنه يرى أن اتفاقيات السلام واتفاقيات سلام الدوحة خطوات على الطريق، وأن هناك خطوات واتفاقيات أخرى ستأتي.
إقليميا، قال المهدي إن هناك ثلاثة مراكز «تركية، إيرانية، إسرائيلية» تلعب دورا مؤثرا في صياغة السياسات في المنطقة، في الوقت الذي تشكل فيه المنطقة العربية أضعف الحلقات، واصفا العرب بـ«الليونة» أمام التحديات التي تواجه المنطقة التي بدأت تتشكل الآن، ودعا الدول العربية للعب دور فاعل في الصراع القائم، للمحافظة على مصالحها وحقوقها، معربا عن ثقته في الشعوب العربية، وقال: إنها ستكتشف دورها، حال وجود حرية.
وتوقع المهدي نشوء ما سماه بـ«وعي جديد»، وبروز قيادات تدرك هذا الوعي، وتقوده باتجاهات تحقيق مصالح المنطقة التي تذخر بالقدرات والكفاءات التي يجب المحافظة عليها لا تذهب هدرا.
من جهة أخرى، قالت الحكومة السودانية إنها شرعت في إجلاء الرعايا السودانيين وعدد من مواطني دول الإيقاد من مدينة «بانتيو» لجنوب السودان إلى مدينة «هجليج» السودانية مستعينة بطائرات قوات «يونسفا» التابعة للأمم المتحدة، وتسيير خمس رحلات في اليوم.
ونقلت وكالة الأنباء الرسمية «سونا» عن مدير إدارة القنصليات والمغتربين بوزارة الخارجية عبد العزيز حسن صالح أن عمليات الإجلاء ستتواصل حتى إكمال إجلاء الرعايا السودانيين ومواطني دول الإيقاد.
وأضاف صالح إن لجنة الأمن في المنطقة شرعت في اتخاذ الإجراءات اللازمة لترحيل العائدين إلى مدينة الأبيض وسط البلاد، ومن ثمّ إلى مناطقهم، والتنسيق مع دول الإيقاد بشأن ترحيل مواطنيها إلى بلدانهم.
وأوضح السفير أن الحكومة تبذل جهودا متواصلة لإجلاء الرعايا السودانيين من مدينة جوبا في أسرع وقت.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».