انتقدت روسيا التي تتعرض لعقوبات أميركية وأوروبية جديدة بسبب تورطها في الحرب في أوكرانيا، بشدة أمس، واشنطن. وقالت الخارجية الروسية في بيان، إن «مثل هذه القرارات من جانب واشنطن لن تؤدي إلا إلى الإضرار أكثر بالعلاقات الأميركية - الروسية وتخلق بيئة غير مواتية تماما في العلاقات الدولية، حيث يلعب التعاون بين بلدينا دورا حاسما في الغالب». وأضاف البيان، أن «الخسائر الفعلية الناجمة عن هذه السياسة المدمرة قصيرة النظر ستشعر بها واشنطن بطريقة ملموسة». ولم يشر البيان الخارجية الروسية إلى العقوبات التي قررها الاتحاد الأوروبي في اليوم نفسه.
وتزامن هذا مع تكثيف القوات الأوكرانية لحملتها العسكرية في شرق أوكرانيا لعزل الانفصاليين الموالين لروسيا. وتعد العقوبات الجديدة، التي أعلنت عنها واشنطن وبروكسل مساء أول من أمس، الأكثر قسوة ضد موسكو منذ نهاية الحرب الباردة.
وقال محللون إن بورصة موسكو وسعر الروبل سجلا ارتفاعا أمس لأن هذا الأمر كان مرتقبا منذ أيام. أما في روسيا فأعلن البنك المركزي في بيان أنه «ستتخذ كل الإجراءات، عند الحاجة، لدعم البنوك (التي تمسها العقوبات) وزبائنها ودائنيها».
وفرضت واشنطن عقوبات مالية على موسكو عبر إدراج ثلاثة مصارف روسية على اللائحة السوداء، أما الاتحاد الأوروبي فمنع المستثمرين من شراء الأسهم في المصارف الحكومية الروسية. وحسبما أوضحت مؤسسة الاستثمار «في تي بي» في تحليل لها فإن «العقوبات المفروضة على القطاع المالي هي التي سيكون لها التأثير الأكبر على الاقتصاد الشمولي في ظل الخطر المتزايد على النمو من جهة والضغوط التي تؤدي إلى تراجع قيمة الروبل».
وقلل وزير الخارجية سيرغي لافروف من أهمية تأثيرها، وقال: «سنتخطى أي صعوبة قد تظهر في بعض قطاعات اقتصادنا، بل من الممكن أن نستقل أكثر ونثق أكثر بقوتنا الخاصة». وأشار لافروف إلى أن روسيا لا تنوي الرد عبر فرض عقوبات على الغرب.
من جهته، قال مدير معهد التحليل الاستراتيجي في موسكو «إف بي كي» إيغور نيكولاييف، إن «روسيا قد ترغب في الرد على العقوبات، لكن بأي طريقة؟ عبر وقف إمدادات الغاز والنفط؟ وبالتالي كيف تدفع تعويضات التقاعد في روسيا؟». وأضاف نيكولاييف: «إن ذلك لن يؤثر بصورة فورية، ولكنه سيدفع باقتصادنا نحو الركود».
وأعلنت الأجهزة البيطرية الروسية أمس حظر استيراد الفاكهة والخضار من بولندا مشيرة إلى «انتهاكات متكررة» للإجراءات المعمول بها. وبدوره علق نائب رئيس الحكومة الروسي ديميتري راغوزين بسخرية على الإجراءات الغربية، وكتب على حسابه على «تويتر» حول حوض بناء السفن (أو إس كي): «إن عقوبات (الرئيس الأميركي باراك) أوباما ضد أو إس كي ليست سوى دليل على أن الأحواض البحرية العسكرية الروسية تشكل مشكلة لأعداء روسيا».
ولم يقتصر التقليل من أهمية العقوبات على المسؤولين، وإنما عمد الإعلام الروسي أيضا إلى الاستراتيجية ذاتها، بل ذهب أكثر منذ ذلك ليشير إلى أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قد يستفيد منها على صعيد السياسة الداخلية. وتوقعت المجلة الاقتصادية «فيدوموستي»، أن «تفشل العقوبات أو أن يكون تأثيرها على المدى الطويل». وأشارت إلى أن «العقوبات الأميركية ضد كوبا في 1960 لم تضعف نظام كاسترو».
ومن جهتها، أكدت صحيفة إيزفستيا اليومية، إن «العقوبات لن تؤدي سوى إلى تضامن الشعب الروسي مع السلطات إذ سينظر إليها كمحاولة أميركية للفوز على روسيا».
وفرضت واشنطن عقوبات جديدة على قطاعات رئيسة في الاقتصاد الروسي: الطاقة والتسلح والمالية، بينما أعلن الاتحاد الأوروبي عن إجراءات تمنع المؤسسات والمصارف الروسية عن الأسواق المالية الأوروبية كما تمنع بيع الأسلحة والتقنيات الحساسة في قطاع الطاقة. وقرر الأوروبيون أيضا تجميد أرصدة ثمانية أشخاص بينهم أربعة رجال أعمال روس مقربين من بوتين متهمين بالاستفادة من ضم شبه جزيرة القرم أو بأنهم دعموا بشكل ناشط زعزعة الاستقرار في شرق أوكرانيا.
في غضون ذلك، قال مسؤول كبير في وزارة الخارجية الأميركية، إن واشنطن تعمل على حشد تأييد الحكومات الآسيوية للعقوبات التي فرضتها مع الاتحاد الأوروبي على روسيا. وقال المسؤول للصحافيين في سنغافورة: «من الأكيد أننا نأمل انضمام الدول في هذه المنطقة، وبينها عدد من المراكز المالية والتجارية، إلينا في ممارسة مثل هذا الضغط على روسيا». وأشار إلى أنه توجه في وقت سابق من هذا الأسبوع إلى بكين وسيول وتحدث مع مسؤولين حكوميين بارزين ورجال أعمال حول المسألة وسيزور طوكيو غدا (الجمعة). غير أن إقناع بعض الدول الآسيوية بفرض إجراءات مماثلة يمكن أن يكون صعبا، إذ إن اليابان وأستراليا هما الدولتان الوحيدتان في المنطقة اللتان فرضتا عقوبات على روسيا حتى الآن، في حين أن الصين هي حليف سياسي واقتصادي كبير لروسيا وقد وقع البلدان حديثا اتفاقية غاز حجمها 400 مليار دولار.
وميدانيا، واصلت القوات الأوكرانية تقدمها في الشرق الانفصالي وأعلنت استعادة السيطرة على مدينة إفدييفكا على بعد عشرات الكيلومترات من دونيتسك، معقل الانفصاليين. وتحدث الجيش الأوكراني عن إطلاق نار من الأراضي الروسية بالقرب من حاجز دوفجانسكي الحدودي.
كما أسفرت معارك في غورليفكا، القريبة أيضا من دونيتسك، عن مقتل خمسة أشخاص خلال الساعات الـ24 الأخيرة، وفق ما قال مصدر في البلدية لوكالة «إنترفاكس». ويحاول الجيش الأوكراني عزل الانفصاليين والذين يمتد وجودهم بشكل أساسي بين مدينتي دونيتسك ولوغانسك بالقرب من الحدود الروسية.
وقال متحدث باسم رئاسة الأركان الأوكرانية أندري ليسنكو للصحافيين، إنه «في حال جرى قطع الإمدادات الغذائية عنهم، وهذا ما سيحصل قريبا، فإنهم سيتخلون عن أسلحتهم ويرحلون». ولليوم الرابع على التوالي لم يتمكن خبراء في الشرطة الأسترالية والهولندية أمس من التوجه جراء المعارك إلى موقع تحطم الطائرة الماليزية كما أعلن مسؤول هولندي.
موسكو: العقوبات الأميركية قصيرة النظر وستضر بالعلاقات
واشنطن تتطلع إلى تعاون آسيوي لاتخاذ إجراءات ضد روسيا
موسكو: العقوبات الأميركية قصيرة النظر وستضر بالعلاقات
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة