سنودن في رسالة تلفزيونية: يجب وضع حد للمراقبة الشاملة

إدوارد سنودن
إدوارد سنودن
TT

سنودن في رسالة تلفزيونية: يجب وضع حد للمراقبة الشاملة

إدوارد سنودن
إدوارد سنودن

دعا المستشار السابق لدى وكالة الأمن القومي الأميركية، إدوارد سنودن، في أول ظهور له على التلفزيون منذ حصوله على اللجوء لروسيا، المواطنين إلى «وضع حد للمراقبة الشاملة».
وفي كلمة مسجلة بثت على «القناة الرابعة» البريطانية بمناسبة أعياد الميلاد، دافع سنودن، الذي كان وراء الكشف عن عمليات مراقبة أميركية واسعة، بشدة عن الحرية الفردية، وقال إن «طفلا يولد اليوم سيكبر من دون أي تصور لما هي الحياة الخاصة ولن يعرف أبدا ما يعنيه الحصول على لحظة خصوصية ولن تكون لديه فكرة غير خاضعة للتسجيل أو التحليل». وأضاف أن «هذه مشكلة، فالحياة الخاصة تتيح لنا تحديد من نحن ومن نريد أن نكون». وأكد سنودن في رسالته أمس: «معا، يمكننا أن نجد توازنا أفضل، ووضع حد للمراقبة الشاملة، وتذكير الحكومة بأنه إذا أرادت أن تعرف ما نشعر به، فإن السؤال عن ذلك يكلف أقل من التجسس» لمعرفته. وتابع: «في الآونة الأخيرة، عرفنا أن حكوماتنا، بالتشاور بينها، وضعت نظاما للمراقبة الشاملة في المستوى الكوني يتيح رؤية كل ما نقوم به». وأشار سنودن إلى مؤلف كتاب 1984 جورج ارويل الذي «حذرنا من مخاطر هذا النوع من المعلومات»، موضحا أن «نوعية المعطيات المجمعة التي قدمها الكتاب من خلال أجهزة استماع وكاميرات وشاشات تلفزيون تراقبنا، لا تقارن بالوضع الحالي». وأوضح «لدينا (الآن) أجهزة كشف في جيوبنا تتبعنا في كل مكان نذهب إليه».
وكان هذا الإعلان المسجل والقصير أول ظهور لسنودن على التلفزيون منذ وصوله إلى موسكو في يونيو (حزيران) الماضي. كما أجرى الشاب، البالغ من العمر 30 سنة، أول مقابلة له منذ لجوئه إلى روسيا، وقال لصحيفة «واشنطن بوست»، أول من أمس: «لقد انتصرت. ما إن تمكن الصحافيون من العمل، كل شيء كنت أحاول فعله نشر». وصرح في المقابلة الصحافية أيضا بأنه مرتاح لأن الرأي العام بات يعلم الآن عمليات التجسس على الإنترنت والاتصالات الهاتفية التي قامت بها الحكومة الأميركية على نطاق واسع.
وسرب سنودن لوسائل الإعلام، بينها صحيفتا «واشنطن بوست» الأميركية و«الغارديان» البريطانية، تفاصيل خطيرة عن عمليات مراقبة سرية، ثم فر من الولايات المتحدة ليتجنب توقيفه. وقد وصل إلى روسيا في يونيو وأمضى شهرا في مطار موسكو قبل أن يمنح اللجوء لمدة سنة. ورفع المدعون الفيدراليون الأميركيون دعوى جنائية ضده بتهمة التجسس وسرقة ممتلكات للحكومة.
وأجرى الصحافي في «واشنطن بوست» بارتون غيلمان المقابلة الصحافية مع سنودن بموسكو. وقال غيلمان إن «سنودن كان مرتاحا ومتحمسا خلال اليومين اللذين أمضيتهما معه لإجراء هذا الحديث». وأكد سنودن أنه لا يعد نفسه خائنا. وقال: «لا أحاول تدمير وكالة الأمن القومي، بل أحاول تحسينها. لا أزال أعمل لحساب الوكالة، لكنهم الوحيدون الذين لا يدركون هذا الأمر». وأضاف أن «النظام أخفق بشكل كبير وأخفق المسؤولون على كل المستويات في تحمل مسؤولياتهم ومعالجة هذا الأمر».
وأربكت المعلومات التي سربها إلى حد كبير إدارة الرئيس باراك أوباما بعدما كشف عن جهود تجسسية واسعة تقوم بها الولايات المتحدة، بما في ذلك على دول حليفة مثل ألمانيا ومستشارتها أنجيلا ميركل.
والجمعة، أعلن الرئيس باراك أوباما أنه يرحب بنقاش حول دور وكالة الأمن القومي، في حين كان يدرس إمكانية إجراء تغيير في صلاحياتها إثر الاستياء والاستنكار بشأن الحق في الخصوصية. وقال أوباما إنه «سيصدر بيانا نهائيا» في يناير (كانون الثاني) المقبل حول كيفية عمل وكالة الأمن القومي. وأوصت مجموعة خبراء في الاستخبارات والقانون اختارهم البيت الأبيض بالحد من صلاحيات الوكالة، واقترحوا 46 تعديلا، وحذروا بأن نشاطاتها في إطار الحرب على الإرهاب ذهبت بعيدا. وحذر قاض فيدرالي من أن نشاط الوكالة في التنصت على مكالمات كل الأميركيين مخالف للدستور.



ما دلالة تصنيف باراغواي «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً»؟

محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)
محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)
TT

ما دلالة تصنيف باراغواي «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً»؟

محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)
محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)

دفع تصنيف باراغواي «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً» إلى تساؤلات حول تأثير القرار على مستقبل التنظيم وعناصره. يأتي هذا في ظل تصاعد الصراع بين «قيادات (الإخوان) في الخارج» حول قيادة التنظيم. وقال باحثون في الحركات المتطرفة والإرهاب إن «قرار باراغواي أشار إلى ارتباط (الإخوان) بـ(تنظيمات الإرهاب)، وقد يدفع القرار دولاً أخرى إلى أن تتخذ قرارات مماثلة ضد التنظيم».
ووافقت اللجنة الدائمة بكونغرس باراغواي على «اعتبار (الإخوان) (تنظيماً إرهابياً) يهدد الأمن والاستقرار الدوليين، ويشكل انتهاكاً خطيراً لمقاصد ومبادئ الأمم المتحدة». جاء ذلك في مشروع قرار تقدمت به ليليان سامانيغو، رئيسة لجنة الشؤون الخارجية بالكونغرس المكوّن من 45 عضواً. وقال البرلمان في بيان نشره عبر موقعه الإلكتروني (مساء الخميس) إن «تنظيم (الإخوان) الذي تأسس في مصر عام 1928، يقدم المساعدة الآيديولوجية لمن يستخدم (العنف) ويهدد الاستقرار والأمن في كل من الشرق والغرب». وأضاف البيان أن «باراغواي ترفض رفضاً قاطعاً جميع الأعمال والأساليب والممارسات (الإرهابية)».
ووفق تقارير محلية في باراغواي، فإن باراغواي رأت في وقت سابق أن «(حزب الله)، و(القاعدة)، و(داعش) وغيرها، منظمات (إرهابية)، في إطار مشاركتها في الحرب على (الإرهاب)». وقالت التقارير إن «تصنيف (الإخوان) من شأنه أن يحدّ من قدرة هذه الجماعات على التخطيط لهجمات (إرهابية) وزعزعة استقرار الدول». كما تحدثت التقارير عن دول أخرى أقرت خطوات مماثلة ضد «الإخوان» من بينها، روسيا، والمملكة العربية السعودية، ومصر، والإمارات، والبحرين.
وتصنف دول عربية عدة «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً». وعدّت هيئة كبار العلماء في المملكة العربية السعودية التنظيم «جماعة إرهابية منحرفة» لا تمثل منهج الإسلام. وذكرت الهيئة في بيان لها، نوفمبر (تشرين الثاني) عام 2020، أن «(الإخوان) جماعة إرهابية لا تمثل منهج الإسلام وإنما تتبع أهدافها الحزبية المخالفة لهدي ديننا الحنيف، وتتستر بالدين وتمارس ما يخالفه من الفُرقة، وإثارة الفتنة، والعنف، والإرهاب». وحذّرت حينها من «الانتماء إلى (الإخوان) أو التعاطف مع التنظيم».
كذلك أكد مجلس الإمارات للإفتاء الشرعي أن كل مجموعة أو تنظيم يسعى للفتنة أو يمارس العنف أو يحرّض عليه، هو تنظيم إرهابي مهما كان اسمه أو دعوته، معتبراً «(الإخوان) تنظيماً (إرهابياً)».
وتحظر الحكومة المصرية «الإخوان» منذ عام 2014، وقد عدّته «تنظيماً إرهابياً». ويخضع مئات من قادة وأنصار التنظيم حالياً، وعلى رأسهم المرشد العام محمد بديع، لمحاكمات في قضايا يتعلق معظمها بـ«التحريض على العنف»، صدرت في بعضها أحكام بالإعدام، والسجن «المشدد والمؤبد».
وحسب الباحث المصري المتخصص في شؤون الحركات المتطرفة والإرهاب الدولي، منير أديب، فإن «تصنيف باراغواي (الإخوان) يؤكد الاتهامات التي توجَّه إلى التنظيم، بأن تنظيمات العنف خرجت من رحم (الإخوان)، أو أنها نهلت من أفكار التنظيم»، لافتاً إلى أن «قرار باراغواي أشار إلى أن (الإخوان) وفّر الحماية لتنظيمات التطرف التي نشأت في الشرق والغرب». وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن «قرار بعض الدول العربية في وقت سابق حظر (الإخوان) يعود إلى أمرين؛ الأول أن التنظيم مارس العنف، والآخر أن التنظيم وفّر الحماية لجماعات الإرهاب».
وفي وقت سابق أكدت وزارة الأوقاف المصرية «حُرمة الانضمام لـ(الإخوان)»، مشيرةً إلى أن التنظيم يمثل «الخطر الأكبر على الأمن القومي العربي». وفي فبراير (شباط) 2022 قالت دار الإفتاء المصرية إن «جميع الجماعات الإرهابية خرجت من عباءة (الإخوان)». وفي مايو (أيار) الماضي، قام مفتي مصر شوقي علام، بتوزيع تقرير «موثق» باللغة الإنجليزية على أعضاء البرلمان البريطاني يكشف منهج «الإخوان» منذ نشأة التنظيم وارتباطه بـ«التنظيمات الإرهابية». وقدم التقرير كثيراً من الأدلة على علاقة «الإخوان» بـ«داعش» و«القاعدة»، وانضمام عدد كبير من أعضاء «الإخوان» لصفوف «داعش» عقب عزل محمد مرسي عن السلطة في مصر عام 2013، كما لفت إلى أذرع «الإخوان» من الحركات المسلحة مثل «لواء الثورة» و«حسم».
وحول تأثير قرار تصنيف باراغواي «الإخوان» على «قيادات التنظيم في الخارج»، أكد الباحث المصري المتخصص في شؤون الحركات المتطرفة والإرهاب الدولي، أن «قرار باراغواي سوف يؤثر بالقطع على عناصر التنظيم في الخارج، لأن التنظيم يزعم أنه ينتشر في دول كثيرة حول العالم، ومثل هذا القرار يؤثر على عناصر (الإخوان) الموجودة في باراغواي وفي الدول المجاورة لها، كما أن القرار قد يدفع دولاً أخرى إلى اتخاذ قرار مماثل ضد (الإخوان)».
يأتي قرار باراغواي في وقت يتواصل الصراع بين «قيادات الإخوان في الخارج» حول منصب القائم بأعمال مرشد التنظيم. ويرى مراقبون أن «محاولات الصلح بين جبهتي (لندن) و(إسطنبول) لحسم الخلافات لم تنجح لعدم وجود توافق حول ملامح مستقبل التنظيم». والصراع بين جبهتي «لندن» و«إسطنبول» على منصب القائم بأعمال المرشد، سبقته خلافات كثيرة خلال الأشهر الماضية، عقب قيام إبراهيم منير، القائم بأعمال مرشد «الإخوان» السابق، بحلّ المكتب الإداري لشؤون التنظيم في تركيا، وقيامه بتشكيل «هيئة عليا» بديلة عن «مكتب إرشاد الإخوان». وتبع ذلك تشكيل «جبهة لندن»، «مجلس شورى» جديداً، وإعفاء أعضاء «مجلس شورى إسطنبول» الستة، ومحمود حسين (الذي يقود «جبهة إسطنبول»)، من مناصبهم.