لبنان: «المتحف العلمي للطيور والفراشات» يحمي البيئة ويشبع الفضول

أحد الأجنحة المخصصة لعشرات الأنواع من الفراشات اللبنانية
أحد الأجنحة المخصصة لعشرات الأنواع من الفراشات اللبنانية
TT

لبنان: «المتحف العلمي للطيور والفراشات» يحمي البيئة ويشبع الفضول

أحد الأجنحة المخصصة لعشرات الأنواع من الفراشات اللبنانية
أحد الأجنحة المخصصة لعشرات الأنواع من الفراشات اللبنانية

من شمال لبنان، من بلدة القبيات العكارية، وعلى كتف غاباتها التي تعبق بالصنوبر، يطل متحف فريد من نوعه غريب بفكرته، إنه «المتحف العلمي للطيور والفراشات»، الذي يكاد يكون الأول في نشأته، في لبنان وفي العالم العربي أجمع.
والمتحف هو نتاج مشترك لفكرة راودت مخيلة الأب أيوب يعقوب، ولحلم لدى الأب فرنسوا طنب، ولما اجتمعت الفكرة مع الحلم ولد متحف يجمع في ربوعه أجناسا متنوعة من الطيور والحيوانات، إضافة إلى مجموعة قيمة من أعداد الفراشات المختلفة الأشكال والأنواع والألوان.
أنشئ هذا المتحف في مبنى المدرسة القديمة التابعة لدير مار ضومط للآباء الكرمليين، وهو بناء أثري قديم يرقى إلى أكثر من 146 عاما، تتجلى فيه روعة الهندسة الإيطالية. أما المدرسة القديمة التي حولت إلى متحف فيعود تاريخها إلى عام 1908.
ويقول الأب يعقوب الكرملي في حديث لـ«الشرق الأوسط» التي التقته في المتحف: «الفكرة ولدت سنة 1978 وهي لا تزال تتطور بعد أن تجسدت واقعا سنة 1998، حيث كان لدى الأب فرنسوا طنب مجموعة كبيرة من الفراشات جمعها على مدى أربعين عاما، فقد القسم الأكبر منها خلال الحرب اللبنانية فأعاد جمعها مجددا».
ويتابع: «كان لدي أيضا هواية جمع الطيور والحيوانات وعلى مدى 20 عاما جمعت مختلف أنواعها الموجودة في عكار وفي المناطق اللبنانية الأخرى».
اختيار المكان والموقع جاء بعد أن أحيلت مدرسة مار ضومط للآباء الكرمليين إلى التقاعد وضاقت بأبنائها، فدخلت إلى عالم الآثار هي والدير منذ عام 1982 بعد أن صنفتها المديرية العامة للآثار موقعا تراثيا، وأيضا نظرا لموقعها الذي تحوطه غابات الصنوبر، ما يضفي جمالا طبيعيا عليها.
ويحتضن المتحف بين حناياه ثلاث مجموعات توزعت وفق جدول منظم يساعد في الاطلاع والمعرفة واكتساب المعلومات، بحيث يضم 163 جنسا من طيور لبنان تتوزع على غرف عدة متناسقة، عمل الآباء على المحافظة على قيمتها التاريخية فرممت خصيصا لتحوي هذه الطيور، و25 جنسا من الحيوانات اللبنانية (السنجاب، الحمار، الهر،...) وأربعة آلاف نوع من الفراشات توزعت على 722 نوعا مختلفا (منها 200 من لبنان) موزعة بحسب تصنيفها وكبرها وصغرها وألوانها المتعددة والمميزة.
ونتعرف في هذا المتحف الفريد على فراشة تطلق أشعة فوق بنفسجية، وأخرى تطوي جناحيها عند الخطر فيصبح شكلها شبيها بأفعى الكوبرا.
محتويات هذا المتحف هي نتاج التقاء هواية الأب طنب الذي دأب مدى 30 سنة متتالية على جمع الفراشات بأنواعها المختلفة من لبنان ومن كل أصقاع العالم، إما بالمراسلة وإما باستبدال الفراشات اللبنانية بغيرها، أو بشراء ما تحتاج إليه مجموعته، مع اهتمام الأب يعقوب بجمع الطيور والحيوانات التي عثر عليها في عكار وفي قرى منجز، والقبيات، والبيرة، وبعضها وجد في عميق (البقاع الغربي) وفي الجنوب وجرود كسروان وفي جسر الباشا (بيروت).
هذا الالتقاء ولد مجموعة غنية بأنواعها وغزيرة بفائدتها العلمية والبحثية والثقافية. مع أن هذه المجموعات، كما يؤكد الأب يعقوب، ليست كاملة وليست ثابتة «لأننا نعمل على توسيعها وإضافة كل الأجناس المتبقية إليها في المستقبل».
افتقار لبنان إلى متحف من هذا النوع كان الهدف الأساس من إنشائه، كما يقول صاحب الفكرة، فهذا المتحف «مشروع مختلف لكنه متكامل، يعرف اللبنانيين على ثروة بلادهم الطبيعية وتنوع طيورها وحيواناتها وفراشاتها، إضافة إلى ما يقدمه للناس من توعية حيال خطورة الصيد العشوائي الذي يقضي على الطيور ويؤذي البيئة».
وردا على سؤالنا المتعلق بدعوته إلى عدم تشجيعه صيد الطيور وهو الذي يجمع في متحفه هذا الكم منها ومن الحيوانات، يجيب الأب يعقوب: «إن الصيد ليس حراما، هناك مواسم مسموح فيها بممارسة هذه الهواية بالصيد، فأنا اصطدت هذه الحيوانات والطيور في هذه المواسم وجمعتها في متحفي، إضافة إلى مجموعة حصلت عليها من الصيادين إما مجانا وإما عن طريق شرائها».
أما عن الطريقة المعتمدة لتحنيط الحيوانات، فهي وفق المبادئ العلمية تبدأ بالسلخ ووضع حامض البوريك - البودرة على جلد الطير أو الحيوان، ثم وضع شريط حديدي بدل العظام والقطن مكان اللحم، وفق الأب يعقوب.
فرادة المتحف بفكرته وتميزه بمحتواه والبراعة في اختيار موقعه، كل ذلك جعل منه مقصدا لكل طالب علم وملجأ لكل متعطش لإغناء ثقافته ولإشباع بحثه، فيتوافد الزوار إليه من كل أنحاء لبنان، بل ويقصده زوار أجانب من جنسيات مختلفة، إضافة إلى طلاب الجامعات والمدارس والمعاهد.
هذا المتحف وإن كان وليد الهواية والموهبة، إلا أن الأبوين دأبا منذ البداية ليصبح حقيقة ملموسة بعد أن كان حلما مرتجى، وحتى تكتمل المجموعة التي يعمل القيمون على تنفيذها وعرضها، يمكننا القول إن هذا المتحف استطاع وبحق أن يعرف اللبنانيين على ثروة بلادهم الطبيعية والأكثر جودة من بينها.
وتجدر الإشارة إلى أن المتحف يمتاز بموقعه الخلاب الذي يشجع محبي غابات الصنوبر والطبيعة الساحرة على زيارته والتمتع بهوائه المنعش.



«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
TT

«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما

في مسعى لتمكين جيل جديد من المحترفين، وإتاحة الفرصة لرسم مسارهم المهني ببراعة واحترافية؛ وعبر إحدى أكبر وأبرز أسواق ومنصات السينما في العالم، عقدت «معامل البحر الأحمر» التابعة لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» شراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»، للمشاركة في إطلاق الدورة الافتتاحية لبرنامج «صنّاع كان»، وتمكين عدد من المواهب السعودية في قطاع السينما، للاستفادة من فرصة ذهبية تتيحها المدينة الفرنسية ضمن مهرجانها الممتد من 16 إلى 27 مايو (أيار) الحالي.
في هذا السياق، اعتبر الرئيس التنفيذي لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» محمد التركي، أنّ الشراكة الثنائية تدخل في إطار «مواصلة دعم جيل من رواة القصص وتدريب المواهب السعودية في قطاع الفن السابع، ومدّ جسور للعلاقة المتينة بينهم وبين مجتمع الخبراء والكفاءات النوعية حول العالم»، معبّراً عن بهجته بتدشين هذه الشراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»؛ التي تعد من أكبر وأبرز أسواق السينما العالمية.
وأكّد التركي أنّ برنامج «صنّاع كان» يساهم في تحقيق أهداف «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» ودعم جيل جديد من المواهب السعودية والاحتفاء بقدراتها وتسويقها خارجياً، وتعزيز وجود القطاع السينمائي السعودي ومساعيه في تسريع وإنضاج عملية التطوّر التي يضطلع بها صنّاع الأفلام في المملكة، مضيفاً: «فخور بحضور ثلاثة من صنّاع الأفلام السعوديين ضمن قائمة الاختيار في هذا البرنامج الذي يمثّل فرصة مثالية لهم للنمو والتعاون مع صانعي الأفلام وخبراء الصناعة من أنحاء العالم».
وفي البرنامج الذي يقام طوال ثلاثة أيام ضمن «سوق الأفلام»، وقع اختيار «صنّاع كان» على ثمانية مشاركين من العالم من بين أكثر من 250 طلباً من 65 دولة، فيما حصل ثلاثة مشاركين من صنّاع الأفلام في السعودية على فرصة الانخراط بهذا التجمّع الدولي، وجرى اختيارهم من بين محترفين شباب في صناعة السينما؛ بالإضافة إلى طلاب أو متدرّبين تقلّ أعمارهم عن 30 عاماً.
ووقع اختيار «معامل البحر الأحمر»، بوصفها منصة تستهدف دعم صانعي الأفلام في تحقيق رؤاهم وإتمام مشروعاتهم من المراحل الأولية وصولاً للإنتاج.
علي رغد باجبع وشهد أبو نامي ومروان الشافعي، من المواهب السعودية والعربية المقيمة في المملكة، لتحقيق الهدف من الشراكة وتمكين جيل جديد من المحترفين الباحثين عن تدريب شخصي يساعد في تنظيم مسارهم المهني، بدءاً من مرحلة مبكرة، مع تعزيز فرصهم في التواصل وتطوير مهاراتهم المهنية والتركيز خصوصاً على مرحلة البيع الدولي.
ويتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما عبر تعزيز التعاون الدولي وربط المشاركين بخبراء الصناعة المخضرمين ودفعهم إلى تحقيق الازدهار في عالم الصناعة السينمائية. وسيُتاح للمشاركين التفاعل الحي مع أصحاب التخصصّات المختلفة، من بيع الأفلام وإطلاقها وتوزيعها، علما بأن ذلك يشمل كل مراحل صناعة الفيلم، من الكتابة والتطوير إلى الإنتاج فالعرض النهائي للجمهور. كما يتناول البرنامج مختلف القضايا المؤثرة في الصناعة، بينها التنوع وصناعة الرأي العام والدعاية والاستدامة.
وبالتزامن مع «مهرجان كان»، يلتئم جميع المشاركين ضمن جلسة ثانية من «صنّاع كان» كجزء من برنامج «معامل البحر الأحمر» عبر الدورة الثالثة من «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» في جدة، ضمن الفترة من 30 نوفمبر (تشرين الثاني) حتى 9 ديسمبر (كانون الأول) المقبلين في المدينة المذكورة، وستركز الدورة المنتظرة على مرحلة البيع الدولي، مع الاهتمام بشكل خاص بمنطقة الشرق الأوسط.