كثيرون فوجئوا بخبر انعقاد الاجتماع الوزاري الدولي في باريس حول غزة، الذي لم يخرج إلى العلن إلا في وقت متأخر ليل الجمعة - السبت، حسب مصادر دبلوماسية فرنسية، طلبت عدم الإفصاح عن هويتها.
وحتى وقت متأخر، لم تكن هوية الحاضرين مؤكدة. فقد قيل بداية بأن أمين عام الأمم بان كي مون سيكون حاضرا لكنه لم يحضر. والشيء نفسه قيل عن أمين عام الجامعة العربية نبيل العربي بينما كانت أوساط دبلوماسية في باريس تتساءل عما إذا كان وزير خارجية مصر سامح شكري من بين المدعوين باعتبار أن القاهرة كانت أول من طرح سيناريو لهدنة تعقبها محادثات فلسطينية - إسرائيلية غير رسمية في العاصمة المصرية.
بعد مفاجأة انعقاد الاجتماع، جاءت مفاجأة توقيته إذ أعلن للمرة الأولى التاسعة صباح السبت ثم حصلت بلبلة ليعلن عقده لاحقا في الساعة الحادية عشرة، لكنه لم يفتتح إلا الساعة الحادية عشرة والنصف. وسبب التأخير كما قيل بأن طائرات بعض الوزراء تأخرت.
اللقاء دام ساعتين وعشرين دقيقة كرسها وزراء خارجية سبع دول هي: أميركا وفرنسا وبريطانيا وألمانيا وإيطاليا وقطر وتركيا فضلا عن ممثل المفوضية الأوروبية بيار فيمون، باعتبار أن أحدا لم يعين حتى الآن خليفة للبريطانية كاثرين آشتون بينما يعتقد أن وزيرة خارجية إيطاليا فيديريكا موغيريني، المرأة الشقراء البالغة من العمر 41 عاما مرشحة رسميا للمنصب. لكن يقال عن هذه المرأة التي تنتمي إلى الحزب الديمقراطي أنها ليست «حازمة كفاية» إزاء السياسة الروسية في أوكرانيا وسيد الكرملين بشكل عام. ولما سألت «الشرق الأوسط» الوزيرة الإيطالية عما إذا كانت تتحدث الفرنسية ردت بلكنة قوية: «نعم أتقنها.. ولكن للأسف...». ولم تكمل جملتها لأن أحد أفراد حراستها قادها بعيدا.
كانت الصحافة الضحية الأولى لاجتماع يمكن وصفه بـ«الطارئ» في ظروف «طارئة» هي الأخرى. الخارجية الفرنسية شهدت تلاسنا بين مسؤولة البروتوكول ومسؤولة الوفد الصحافي الأميركي. فهذه الأخيرة تصرفت بفوقية لافتة وأرادت تمرير الوفد الذي يرافق وزير الخارجية الأميركي جون كيري من غير الإجراءات الأمنية المعتادة، التي كان من ضمنها هذه المرة استجلاب كلاب بوليسية للتأكد من عدم وجود متفجرات في حقائب الصحافيين. الأصوات ارتفعت لحد الصراخ وكادت تتسبب بأزمة دبلوماسية بين باريس وواشنطن.
ما بين الانتظار ثم التدافع للحصول على العلامة الدائرية التي تسمح لحاملها بالدخول إلى صالة الأعياد في الخارجية وترقب خروج الوزراء من صالة الاجتماع، نفد صبر كثيرين وجدوا أن الحصاد لم يكن بمستوى الضجيج الإعلامي. كما أن وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس الذي أحاطه الوزراء الستة الآخرون كان الوحيد الذي تكلم ليقرأ بيانا قصيرا يفهم منه أن الاجتماع كان «إيجابيا». أما لماذا؟ فلأن الوزراء السبعة «اتفقوا» على الدعوة لتمديد الهدنة المؤقتة 24 ساعة قابلة للتجديد و«على توجهات مشتركة للعمل الدولي من أجل وقف إطلاق نار دائم ومتفاوض عليه يتجاوب في الوقت عينه مع المطالب الأمنية المشروعة لإسرائيل وللمطالب الفلسطينية المشروعة لجهة حرية التحرك والتنمية الاقتصادية والاجتماعية». باختصار لا يوجد شيء ملموس.
جاء من يقول للصحافيين، تدليلا على جدية الوزراء وعزمهم على التحرك الفوري لحرب «لا يمكن قبول استمرارها» أن الوزير كيري غير خططه وبدل إكمال طريقه إلى بلاده، فإنه قرر العودة إلى منطقة الشرق الأوسط حيث كان أمضى خمسة أيام متنقلا بين عواصمها. لكنه عاد وغير برنامجه وطار إلى واشنطن. لكنه قبل ذلك اجتمع مع نظيريه التركي أحمد داود أوغلو والقطري خالد العطية في منزل السفير التركي في باريس بعدما اعتاد أن يعقد لقاءاته في منزل السفير الأميركي القريب من قصر الإليزيه. لكن في الحالتين، طريقة عمل الأميركيين لا تتغير. فما كاد المصورون يأخذون الصورة التذكارية للوزراء السبعة حتى جاءت مسؤولة الوفد الصحافي الأميركي لاستعجال خروج صحافييها واللحاق بكيري. الأميركيون يتصرفون بشكل غريب على صورة القوة العظمى التي هي الولايات المتحدة.
الحقيقة أن الارتجال الذي رافق الاجتماع يعود بشكل كبير لانشغال الخارجية الفرنسية بمتابعة قضية الطائرة الجزائرية التي وقعت في مالي وأودت بحياة 54 مسافرا فرنسيا. ثم إن كثيرين تركوا مراكزهم وذهبوا لقضاء عطلتهم الصيفية في فرنسا أو خارجها ما يعني نقصا في الموظفين وزيادة في الأعباء إلى درجة أن أحد مسؤوليها اعترف لنا بأنه «لا ينام» على غرار الوزير فابيوس الذي «غط» في النوم قليلا كما ظهر في لقطات فيديو خلال اجتماعه مع نظيره الجزائري ووفد اقتصادي.
فابيوس على كل الجبهات إذ أنه وزير الخارجية والتطور الدولي والتجارة الخارجية والسياحة. هي المرة الأولى التي تتسع فيها الخارجية إلى هذا الحد، إلى درجة أن أحدهم تساءل عما إذا كان الوزير يجد الوقت الكافي للاهتمام بالملفات الدبلوماسية الشائكة بسبب تعدد مشاغله وحاجته للركض يمينا وشمالا ووسطا.
اجتماع باريس الطارئ: كيري يعدل عن العودة للشرق الأوسط ومسؤولة أميركية كادت تحدث أزمة دبلوماسية
عقد في ظروف عاجلة والحصاد لم يكن بمستوى الضجيج الإعلامي
اجتماع باريس الطارئ: كيري يعدل عن العودة للشرق الأوسط ومسؤولة أميركية كادت تحدث أزمة دبلوماسية
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة