إسرائيل تتهم كيري بـ«الانحياز» لقطر وتركيا.. وتبحث وقف إطلاق نار أحادي الجانب

مسؤول في حماس لـ «الشرق الأوسط»: نحن مع أي جهة إقليمية تحقق مطالبنا

طواقم طبية تساعد فلسطينيا انتشلته من تحت الأنقاض بعد غارة إسرائيلية على غزة أمس (أ.ف.ب)
طواقم طبية تساعد فلسطينيا انتشلته من تحت الأنقاض بعد غارة إسرائيلية على غزة أمس (أ.ف.ب)
TT

إسرائيل تتهم كيري بـ«الانحياز» لقطر وتركيا.. وتبحث وقف إطلاق نار أحادي الجانب

طواقم طبية تساعد فلسطينيا انتشلته من تحت الأنقاض بعد غارة إسرائيلية على غزة أمس (أ.ف.ب)
طواقم طبية تساعد فلسطينيا انتشلته من تحت الأنقاض بعد غارة إسرائيلية على غزة أمس (أ.ف.ب)

بينما تمسكت إسرائيل أمس بالمبادرة المصرية، كحل دبلوماسي وحيد لإنهاء الحرب على قطاع غزة والوصول إلى اتفاق مع حركة حماس، معلنة بذلك فشل مبادرة وزير الخارجية الأميركي جون كيري الأخيرة، اعتبرت حماس مبادرة مصر «في حكم المنتهية»، وقالت إنها ستستجيب فقط للحلول التي تحقق مطالبها في رفع الحصار عن القطاع.
وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، أمس، إن المبادرة المصرية لوقف إطلاق النار هي «المبادرة الوحيدة المطروحة حاليا على بساط البحث»، مؤكدا أن القوات الإسرائيلية ستواصل عملياتها في محاولة لتفكيك شبكة الأنفاق التابعة لحماس عبر الحدود وتدمير مخزونها من الصواريخ كذلك. وأضاف في حديث مع شبكة «سي إن إن» أن «إسرائيل تقوم بما كانت ستفعله أي دولة أخرى، وضمنها الولايات المتحدة». وتابع «نريد أن نوقف إطلاق الصواريخ ونريد تفكيك شبكة الأنفاق التي عثرنا عليها. لا أعلم إذا كنا سننجح بنسبة 100 في المائة أم لا».
وجاء حديث نتنياهو عن المبادرة المصرية إعلانا صريحا لرفضه مبادرة كيري التي وصفها مسؤولون إسرائيليون بمثابة «جائزة للإرهاب»، وقالوا إن وزير الخارجية الأميركي «تبنى بشكل كامل مواقف تركيا وقطر». وكانت السلطة الفلسطينية وجهت انتقادات لكيري ومؤتمر باريس الذي عقد أول من أمس، واتهمت وزير الخارجية الأميركي بـ«الالتفاف» على خطة الرئيس محمود عباس الذي كان طرح إضافة ملاحق للمبادرة المصرية وإجراء تعديلات عليها تتضمن وقف إطلاق النار خمسة أيام بالتزامن مع المفاوضات. وتضمنت مبادرة كيري وقفا لإطلاق النار يستغرق سبعة أيام تجرى مفاوضات خلالها لوقف القتال ورفع الحصار عن القطاع مع ضمانات أميركية.
وأكدت وزير القضاء الإسرائيلي تسيفي ليفني، أمس، رفض مبادرة كيري، وقالت إن «الأفكار التي طرحها وزير الخارجية الأميركي جون كيري بخصوص شروط وقف إطلاق النار لم تتماش مع المتطلبات الإسرائيلية، لأنها عززت المحور المتطرف لـ(الإخوان المسلمين) في المنطقة والذي تشارك فيه تركيا وقطر». ووجهت ليفني انتقادا شديدا إلى قطر بسبب استضافة زعيم حماس خالد مشعل، وقالت إن «مشعل يرسل من قطر أبناء شعبه للقتال من دون أن يدفع هو أي ثمن».
وكان كيري تعرض لأسوأ انتقادات في إسرائيل بسبب خطته التي جاءت بديلة للخطة المصرية، فعمد إلى تعديلها، كما أكدت ليفني نفسها، لكن التعديلات لم ترق لإسرائيل كذلك. وقالت وسائل إعلام إسرائيلية إن اقتراح كيري لوقف إطلاق النار، حتى بعد تعديله، أثار استغراب وزراء المجلس الوزاري الإسرائيلي المصغّر للشؤون السياسية والأمنية «الكابينت» لأنه بقي «يتبنى عمليّا موقف قطر وتركيا».
وكتبت صحيفة «هآرتس» الإسرائيلية كيف أصيب أعضاء الكابينت «بالفزع» من نص مبادرة كيري بعدما كانوا سمعوا منه كلاما مختلفا في السابق. وأشارت جهات إسرائيلية إلى حقيقة أن «حليفتي الولايات المتحدة المركزيتين في المنطقة، قطر وتركيا، هما الداعمتان لحماس وهو ما يفسر انحياز كيري».
وكتب المحلل السياسي باراك رافيد في «هآرتس»: «لقد أصاب الاقتراح الذي أوصله كيري لإسرائيل يوم الجمعة الماضي وزراء المجلس المصغّر بصدمة، ليس لأنه كان على عكس ما سمعوا من كيري قبل 24 ساعة قبل ذلك فقط، بل لأنه بدا كأنه اقتراح صاغه خالد مشعل.‎ ‎لقد كان هنالك كل ما حلمت به حماس». وأضاف «يبدو أن كيري كعادته يرى ويسمع كمن يعيش في كون آخر».
وأوضح مسؤولون إسرائيليون سبب رفض خطة كيري، بقولهم إنها «تتضمن كل ما طلبته حماس، فتح المعابر وإدخال البضائع بمختلف أنواعها إلى قطاع غزة، وحرية الحركة للسكان، وتحويل أموال للحركة الإسلامية، فيما تجاهلت الاحتياجات الأمنية لإسرائيل، وكذلك المطلب الإسرائيلي بنزع سلاح قطاع غزة».
وفي هذا الوقت تنتظر حركة حماس كما يبدو مبادرة أخرى جديدة أو أن يستطيع كيري إقناع إسرائيل بمبادرته. وقال مصدر مسؤول في حماس لـ«الشرق الأوسط» ردا على إعلان نتنياهو تمسكه بالمبادرة المصرية، إن «المبادرة المصرية عمليا لم تعد مطروحة على الطاولة». وأضاف «نحن حددنا جملة مطالب اتفقنا عليها مع كل الفصائل وهي مدعومة من قبل الكل الفلسطيني وهذا ما نريده.. ولذلك كل تحرك من أي جهة كان للوصول لتهدئة عليه أن يضمن تحقيق هذه المطالب». وتابع «إنها مطالب إنسانية مشروعة ونحن مع أي جهة إقليمية يمكن أن تلبي لنا هذه المطالب.. نحن على استعداد للتعامل بإيجابية مع طروحات تلبي لنا مطالبنا وتضمن لنا إنهاء العدوان». ورفض المصدر التعقيب على خطة كيري ما دامت رفضت من إسرائيل.
وتضع إسرائيل الآن سيناريو ثانيا لإنهاء الحرب على غزة، ما دامت ترفض هي مبادرة كيري، بينما رفضت حماس مبادرة مصر. وقالت مصادر إسرائيلية، أمس، إن خيار الانسحاب أحادي الجانب بعد انتهاء العمليات في غزة هو خيار قائم.
وكان الكابينت الإسرائيلي ناقش هذا الأمر في اجتماعات سابقة. وقالت القناة الإسرائيلية العاشرة إن إسرائيل «أقرب من أي وقت مضى لانسحاب أحادي من غزة بعد أن تدمر عدة أنفاق أخرى جار البحث عنها». ورد المسؤول في حماس على احتمال الانسحاب الأحادي بقوله إنه «لا يمكن أن تسمح الحركة لكل هذه الدماء بأن تذهب هدرا». وأَضاف «إذا اتخذ الاحتلال أي قرار جديد فسيدرس في حينه مع كل الفصائل، ولكن من حيث المبدأ فإننا لن نسمح له بأن يقرر قتل الشعب الفلسطيني متى شاء ثم يتوقف حين يحلو له ليواصل القتل البطيء لشعبنا عبر الحصار». وتابع «ستتحمل إسرائيل تبعات أي قرار تتخذه، ولا يمكن أن نسمح له بأن يتغول في دماء شعبنا بالطريقة التي يراها».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.