بعد سقوط مبادرته الأخيرة القائلة بانتخاب رئيس مباشرة من الشعب نتيجة رفض معظم القوى السياسية في الداخل اللبناني السير بها، يبدو أن رئيس تكتل {التغيير والاصلاح}، النائب ميشال عون يسعى بطريقة غير مباشرة ومعلنة الى الترويج لمبادرة جديدة يُعرب فيها استعداده التخلي عما يسميه {حقه} بأن يكون رئيسا للجمهورية، باعتباره يتزعم أكبر كتلة مسيحية في البرلمان، مقابل الاتفاق على قانون جديد، يحقق صحة التمثيل المسيحي وتجري على اساسه الانتخابات النيابية الواجب اتمامها قبل نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل.
وأوضحت مصادر مقربة من عون أن الأخير لا يتمسك بمقولة «أنا أو لا أحد للرئاسة، وهو أبلغ المعنيين بذلك، على أن يكون هناك اتفاق قريب حول قانون جديد تجري على أساسه الانتخابات النيابية». وقالت المصادر لـ{الشرق الأوسط}: {المطلوب انصاف المسيحيين وأفضل وسيلة لذلك اجراء انتخابات وفق قانون يؤمن للناخبين المسيحيين انتخاب نوابهم فلا يستولدون من كنف قوى طائفية أخرى كما حصل في السنوات الماضية}.
ولا تشير المعطيات الحالية الى أن قوى 14 آذار بصدد السير باقتراح عون مع بدء الاستعداد لتمديد ثان لولاية المجلس النيابي الحالي، وهو ما سيشكل سابقة منذ اتفاق الطائف في العام 1989. ويُتوقع أن تتبلور صيغة الأسباب الموجبة التي ستُعتمد هذه المرة لاقرار التمديد قبل 20 أغسطس (آب) المقبل وهو الموعد القانوني المبدئي لاجراء الانتخابات قبل انتهاء ولاية البرلمان الحالي 20 نوفمبر(تشرين الثاني) المقبل.
ورفض النائب في تكتل عون، حكمت ديب، الحديث عن {مقايضة} بالملف الرئاسي، مشددا على ان «ما يطرحه تكتل «التغيير والاصلاح» خارطة طريق تقوم على نقطتين أساسيتين، اقرار قانون جديد للانتخابات يحقق صحة التمثيل، والاتفاق على انتخاب شخصية لها تمثيل شعبي وكتلة وازنة في البرلمان اللبناني، على أن يتم السير بأحد هذه الطرحين أو بالاثنين معا».
وأشار ديب في تصريح لـ{الشرق الأوسط} الى ان {السلبية التي يتعاطى بها التكتل من خلال رفضه المشاركة بجلسات انتخاب الرئيس، هي أشبه باضراب وتعبير حضاري للدفع باتجاه تصحيح الخلل الكامن بالتمثيل المسيحي}. وقال: {لبنان حاليا الدولة الوحيدة في منطقة الشرق الأوسط حيث الرئيس مسيحي، وبالتالي، وفي ظل التطورات الخطيرة التي تشهدها المنطقة وآخرها في الموصل، بات واجبا علينا التمسك أكثر من أي وقت مضى بمطلب انتخاب رئيس قوي وغير تابع لكتل غير مسيحية}.
ولم ينجح البرلمان اللبناني، منذ انتهاء ولاية الرئيس اللبناني السابق ميشال سليمان في 25 مايو (أيار) الماضي، من انتخاب رئيس جديد، نتيجة فشل القوى السياسية الرئيسية في التوافق على مرشح مشترك. وفي حين لا يزال رئيس حزب القوات سمير جعجع مرشح {14 آذار} ويتمسك رئيس كتلة اللقاء الديمقراطي النائب وليد جنبلاط بترشيح النائب هنري حلو، بوصفه توافقيا، يربط النائب ميشال عون خوضه المنافسة الانتخابية بضمان فوزه رئيسا.
ويبدو ان الخلاف بين عون وفريقه السياسي من جهة، والبطريرك الماروني بشارة بطرس الراعي من جهة أخرى يتفاقم من جراء تباعد وجهات النظر حول كيفية وجوب التعاطي مع الملف الرئاسي، مع تجديد الراعي دعوته النواب لحضور جلسات انتخاب الرئيس وممارسة حقهم بالتصويت، مقابل مقاطعة نواب عون بالاتفاق مع نواب حزب الله 8 جلسات انتخاب، داعين للاتفاق على الرئيس المقبل قبل التوجه الى المجلس النيابي واتمام الانتخابات.
واستهجن عضو تكتل عون، النائب زياد اسود اصرار الراعي على {توجيه الملامة الى النواب وصولا الى الإتهام والتحقير، وآخر ما صدر هو أن النواب مرتهنون لمصالحهم ومكبلون في آرائهم وحرياتهم ومرتهنون لمصالح شخصية أو فئوية من الداخل ولإرتباطات مؤسفة مع الخارج}.
وتوجه أسود الى الراعي، في بيان اصدره بالقول: {قد يكون صحيحا يا سيدي ما تقوله ويبقى أن تسمي وتحدد، فنحن لا نقبل منكم مثل هذا الإتهام فلسنا مكبلين ولسنا ضعفاء ولا عملاء بل لنا قرار ورؤية، ويبقى السؤال لماذا تفتشون عن ملء الفراغ بفراغ طالما أنكم تدركون أن العطل الاساسي هو في نظام يستمر ويعمل في ظل فراغ في عاموده الفقري؟}.
وتابع أسود: {الا تدركون يا سيدي أن الحل يجب ان ينصب على تصحيح خلل نشأ في نظام كان بعض من يقف على باب بكركي ويتلطى بها من عرابيه ومن سالخي لحم المسيحيين في لبنان}.
ولم ينجح تيار {المستقبل}حتى الساعة بايجاد آلية دقيقة لتطبيق خارطة الطريق التي طرحها زعيمه سعد الحريري أخيرا لحل أزمة الشغور الرئاسي وباقي الأزمات المرتبطة بها تلقائيا. وظلت الاجتماعات التي عقدها الاسبوع الماضي رئيس كتلة {المستقبل} فؤاد السنيورة مع أقطاب 14 آذار، رئيس حزب «الكتائب» أمين الجميل ورئيس حزب {القوات} سمير جعجع، بمحاولة لبلورة آلية عملية للسير بخارطة الحريري، من دون نتائج تُذكر.
وشدّد أمين عام تيار {المستقبل} أحمد الحريري في كلمة له خلال حفل افطار مساء أول من أمس على ان زعيم التيار سعد الحريري «فصّل خارطة الطريق على مقاس لبنان أول، حيث الأولوية فيها لانتخاب رئيس جديد للجمهورية بأسرع وقت»، معربا عن أمله بأن تجد هذه الخارطة من يلاقيها في منتصف الطريق «لإنقاذ لبنان من نفق الفتنة والفوضى ومن سياسات التعطيل الايرانية إلى عم ينفذها حزب الله».
بدوره، استبعد انطوان سعد، النائب في كتلة «اللقاء الديمقراطي» التي يتزعمها النائب وليد جنبلاط، امكانية {التوصل الى تسوية رئاسية في ظل تمسك عون بترشحه تحت شعار أنا أو لا أحد}. وشدد في حديث اذاعي على أن {المطلوب اليوم رجل معتدل ومقبول من كل الاطراف لقيادة البلاد}، واصفا دعوة عون الى انتخاب رئيس من الشعب بـ{انقلاب على الدستور والطائف}.
عون مستعد لـ{مقايضة} رئاسة الجمهورية بقانون جديد تجري على أساسه الانتخابات النيابية
نائب في كتلته للراعي: لا نقبل اتهامنا بالارتهان لمصالحنا
عون مستعد لـ{مقايضة} رئاسة الجمهورية بقانون جديد تجري على أساسه الانتخابات النيابية
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة